زهير دعيم
بقلم: زهير دعيم
لا أتأثر كثيرا من البكاء ، وكيف أتأثر وهناك من يبكي لأقلّ سبب ، وهنالك مَنْ تبكي من اجل فستان لم تستطع أن تُقنع زوجها بشرائه لأنه باهظ الثمن.
أمّا أن يبكي الرجال الرجال ...الكبار ...فإنّه يحزّ في نفسي ، ويؤثّر فيَّ عميقًا ، يأخذني بعيدا من ذاتي الى فيافي التفكير والتّأمل.
لستُ خبيرًا في البكاء وأنواعه وأسبابه ، ولكنني أحسّه وأتذوّقه ، وأشعر به بنوعيْه: الضاحك والباكي ...البكاء الحزين !!! والبكاء الفَرِح !!!...ومساء اليوم السبت في التاسع عشر من كانون الأوّل ، بكى أحد الشباب الكبار ...العِظام ..بكى بكاءً حارًّا ، بكى فرحًا ، بكى وهو يحصد مع فريقه الانجاز السادس هذا العام ؛ العام الذي يُهرول نحو الانقضاء.
بكى ولم أصدّق ...بكى جوارديولا مدرّب برشلونة وهو يُقبّل كأس العالم للأندية في كرة القدم في مدينة زايد ، بكى وهو يقبّل الكأس الذي كاد أن يطير من يديه لولا أنّ "الله ستر" وحطّها فدرو برأسه من فوق الحارس قاتلة في الدقيقة التاسعة والثمانين ، مُعلنًا بدايه انتعاش آمال البرشا ، وبداية أحزان المناضل استود يانتس الأرجنتيني.
وتنفّست الصُّعداء كما تنفّس الملايين معي ، وصرخ جوارديولا وقفز وهلّل ، ولكن التهليل جاء صافيًا عاليًا ، واضحًا عندما أعلن ميسي ان استوديانتس قد" ثخّنها" فدقّ المسمار الأخير في نعش المباراة بضربة من صدره صاروخيّة !!!
نعم من صدره !!
هدف رائع.
وبكى جوارديولا ؛ هذا المُدرّب الذي حصد كلّ الانجازات ، فملأ خزائن البرشا بالكؤوس.
بكى جوارديولا ولم أصدِّق عينيّ ؛ بكى هذا الرجل الفولاذيّ الشّاب ولم يصمد أمام هول الفوز !!! وأمام عظيم الانجاز، وأمام سلطان الانتصارمع انه انتصر عشرات المرّات..
إنّه يعشق الفوز ، ويُدمن على قهر المنافسين ، ويهوى أن يُعذِّب الغرماء ، أمثال الاستود يانتس الذي "تواقح " و" استعصى" وكاد ان يسرق الكأس والفوز.
صلف أرعن !!! ...أتتحدّى يا استوديانتس الأسد الجائع؟..أتتحدّاه وتريد ان تُفلت من بين أنيابه؟
أتدغدغه بعنف وتريد أن تبقى سالمًا غانمًا؟
لقد أثرت ميسي يا هذا ، أثرته حتى الغضب القريب من القداسة ، وأثرت معه الكتالونيين ولاعبيهم فثاروا ، وزوبعوا ، وعصفوا ، ولم يهدءوا الا بعد أن انقضى الأمر.
ميسي / انيستا ، فيويل ، ميلتو ، افيدال ، تشابي ، ابراهميوفتش ، هنري وغيرهم ، أسماء لامعة تُسطّر أسماءها بماء الذهب على صفحة التاريخ.
أسماء رسمت البسمة على ثغور البشر ؛ كلّ البشر.
أسماء تتحدّى ، وتعلنها حربًا شعواء.
أسماء تُداعب بفنّ ، وتُرقِّص بفنّ وتملأ الأجواء سحرًا ورعبًا !!!
جوارديولا والبرشا وكرة القدم حبّي الكبير ، بعد الحبّ الأعظم لذاك الذي عُلّق لأجلنا على الصليب.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=11586&I=298