أين صاحب الكريسماس

منير بشاي

ليس هذا المقال إعتراض على الكريسماس، وليست هذه دعوة الى مقاطعته وعدم الإشتراك فى الإحتفال به.   فحقيقة لا أرى كيف يستطيع إنسان أن يعترض على مناسبة تحمل كل هذه المعانى الجميلة من حب وفرح وسلام فى زمن شح فيه الحب وعز فيه الفرح وقل فيه السلام؟ وفى رأيى أنه إن لم يكن هناك كريسماس لتحتم على الإنسان أن يخترعه. فأى شئ مثل الكريسماس يستطيع أن يولد هذا الكم من الفرح فى النفوس ويرسم هذه المشاعر للبهجة فى قلوب الكبار والصغار ويخلق هذا الجو المشبع بالود والأمانى الطيبة بين الناس؟

 فى الخامس والعشرين من ديسمبر من كل عام والأسابيع السابقة له يتبارى الناس فى الغرب فى الإحتفال بالكريسماس.

  تزيين شجرة الكريسماس ووضع الأنوار عليها تكاد تكون طقوسا محببة يشترك فيها الكبار والصغار. هذا بالإضافة إلى تزيين البيت من الداخل والإشتراك فى إعداد الحلويات والبسكوتات والمكسرات أما فى خارج البيوت وفوق سطوحها يتسابق الناس فى إقامة الزينات والأضواء التى تعبر عن هذه المناسبة وتحول كل بيت إلى لوحة جميلة مفرحة وتجعل الشوارع تضئ فى الظلام كشعلة متوهجة من النور. حتى المقابر يزينونها ويقضى الناس أوقاتا ممتعة مع أحبائهم الذين فارقوا الحياة.

 والكريسماس بلا شك هو فرحة الأطفال التى ينتظرونها من العام للعام الذين يعتقدون أن هناك رجل طيب القلب دائما فرحا متهللا إسمه سانتا كلوز يعيش فى القطب الشمالى ويرسل له الأطفال طلباتهم التى يريدونها من اللعب. وفى ليلة الكريسماس يضع سانتا الهدايا فى عربته، والتى يجرها رودولف الغزال ذا الأنف الحمراء اللامعة المضيئة. ويطير سانتا فوق الجليد ثم يحلق فى السماء وبعدها يهبط فوق كل بيت فينزل من المدخنة لكى يوصل لكل طفل الهدية التى طلبها. وفى الصباح يستيقظ الأطفال ليجدوا المفاجأة التى أحضرها لهم سانتا ، وفرحة الأطفال وهم يفتحون الهدايا وما تعكسه على الكبار من سعادة لا تساويها أموال الدنيا.

 والكرم  تجاه الأخرين عادة تظهر بوضوح فى الكريسماس والبخل شىء مكروه يتندر به الناس وينتقدوه. وهناك شخصية خيالية غير محببة فى التراث الأدبى الغربى تعبر عن البخل اسمه سكروج. كثير من الشركات وأصحاب الأعمال يعطون مكافآت سخية للموظفين بالإضافة للأجازات المدفوعة.
 والجيران يقدمون أطباق الحلوى لجيرانهم ولمن يتعاملون معهم مثل ساعى البريد والجناينى وغيرهم. والعائلات يتبادلون الهدايا. وهذا جميل بالنسبة للتعبير عن علاقات الود بين الناس. وبالتالى هى عامل  مهم لازدهار الإقتصاد القومى. ويقال أن الإقتصاد العام فى أى بلد غربى يقوم بالدرجة الأولى على مبيعات موسم الكريسماس.

  فبناء عليه تستمر المصانع فى الإنتاج، والمحلات التجارية فى البيع، ويستمر الموظفون فى الإحتفاظ بوظائفهم، وتستمر الدولة فى الحصول على ضرائبها وتقديم خدماتها. فحتى هذه الناحية التجارية من الموضوع لها أيضا فوائدها.

أفهم هذا وأقدره ولكن كمسيحى لى بعض التحفظ بالنسبة لما آل اليه الكريسماس فى هذه الأيام. فهذا العيد، الذى هو أساسا عيد مسيحى قد قصد منه الإحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح، قد بدا ينفصل تدريجيا عن أساسه.  بل أن هناك إتجاهات تهدف إلى عزلة تماما عن السبب وراء إنشائه. كما أن هناك إتجاهات تسعى إلى عدم إستعمال كلمة كريسماسChristmas  وبدلا منها تستعمل كلمة Season (موسم) أو Holidays(أعياد).  بل وحتى كلمة Christmas  ذاتها أحيانا يشطب بعض الناس منها كلمة Christ (المسيح) وتوضع بدلا منها حرفX  فتصبح Xmas .

 يحز فى نفسى أنه فى عيد ميلاد السيد المسيح يصبح سانتا كلوز أكثر شهرة من السيد المسيح مع أن المسيح هو صاحب العيد والسبب وراء الإحتفالات كلها. ومعظم الأغانى فى الكريسماس قد كتبها أناس غير مسيحيين وهى تتكلم عن الثلج وعن فروستى الرجل الجليدى وعن أجراس جنجل بلز وعن شجرة الميلاد.  وتكاد لا تسمع في الاحتفالات بالكريسماس قصة الميلاد كما جاءت فى الإنجيل إلا داخل الكنائس أو فى برامج الراديو والتلفزيون التى تبثها الكنائس.
        دعنا نحتفل بالكريسماس ولكن دعنا أن نصر على أن يكون السيد المسيح هو مركز الأهتمام فى عيده، فهو صاحب العيد وبدونه لا يكون هناك كريسماس.
        كريسماس سعيد للجميع
Merry Christmas    
Mounir.bishay@sbcglobal.net

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع