إسحاق إبراهيم
ماجد عطيه: هل هناك ضوء أخضر سياسي يسمح بالإتجاه نحو أسلمة بنوك مصر؟!
د. عبدالله شلبى: الإقتصاد لا يتحرك بمنطق الحلال والحرام.
د. جودة عبدالخالق: يوجد من يرتزقون مما يسمى الإقتصاد الإسلامي.
أشرف راضى: الدول الإسلامية التي تطبق الشريعة تأخذ بالنظام المصرفي الحديث.
تحقيق: إسحق إبراهيم – خاص الأقباط متحدون
تزايد الأصوات التي تدعو إلى "أسلمة" الإقتصاد للخروج من الأزمة العالمية مستندة إلى بعض الكتابات التي نُشرت في لندن والفاتيكان وغيرها من العواصم الغربية تدعو إلى نقل تجربة البنوك الإسلامية، هذه الأصوات تحدثت عن المنهج الإقتصادي الإسلامي الذي ينجي البشرية من الإنحراف وراء أوهام الإشتراكية وجشع الرأسمالية!!، ويرد خبراء الإقتصاد بأنه لا يوجد إقتصاد إسلامي، وأن الأمر لا يعدو إلا مغازلة لأموال الخليج والمتشددين، وأن البنوك والشركات التي تدّعى أنها تأخذ بالمبادئ الإسلامية حققت خسائر كبيرة بل أنها تستغل أموال المواطنين فى ظل غياب الرقابة عليها.
سألنا الدكتور عبد الله شلبى أستاذ الإجتماع بجامعة عين شمس والخبير في الحركات الإسلامية عن تفسير ظاهرة "أسلمة" الإقتصاد فقال: لا يوجد إقتصاد إسلامي أو مسيحي او غيره، فالنظام الإقتصادى تحكمه قوانين وقواعد مختلفة عن القيم الدينية، كما أنه لا يتحرك بمنطق الحلال والحرام لكن تحكمه علاقات المكسب والخسارة، إضافة إلى أن حركة الإنتاج ليس لها دين.
ترجع هذه الظاهرة إلى توظيف الدين، فعندما تحدث مشاكل إجتماعية يلجأ الناس الى أسلمة كل شيء ومن بينها الإقتصاد، وتزيد مظاهر هذه الأسلمة عندما يصاحب هذا السلوك منفعة، وهو ما حدث في فترة الثمانينيات عندما قامت شركات توظيف الأموال بتوظيف الدين لجذب أموال المودعين وسرقة مدخراتهم.
يرى أحمد قورة رئيس مجلس البنك المصري الوطني سابقاً أن «حشر» كلمة الإسلام في كل شيء هو من قبيل «أكل العيش» وأضاف:
اختلاف الصيغ الإسلامية للمعاملات التجارية هو اختلاف في لفظ الصيغة فقط، إنما الجوهر واحد! فلا توجد شيكات إسلامية وأخرى تجارية أو كمبيالات إسلامية وأخرى تجارية.
تلجأ البنوك إلى الإعلان عن معاملات إسلامية من أجل جذب شريحة من العملاء لا أكثر، ولكن العملية تخضع لقواعد تجارية بحتة بل أدى انعدام الضمير لدى المتعاملين مع فروع المعاملات الإسلامية إلى خسارته، خاصة من كانوا يدعون التدين ويجيدون مظاهره.
وأكد الأستاذ ماجد عطيه الكاتب الإقتصادى المعروف على تحقيق البنوك التي تدعى وجود معاملات إسلامية لخسائر باهظة قائلاً:
كل البنوك "المتدينة" خاسرة هذا العام، بنك فيصل الإسلامي خسر 46 مليون جنيه، بنك التنمية الوطني خسر نصف رأس ماله، الشركة التي اشترت عمر افندى لأول مرة تخسر 200 مليون جنيه، بنك المصرف المتحد خسر للعام الثاني على التوالي 216 مليون جنيه، للأسف هذا البنك 18% من رأس ماله كانت مملوكة للأقباط انخفض بشكل كبير، وكان 35% من عملائه غير مسلمين إلا أن حجم الإنسحابات الشديدة هبط بالنسبة إلى 12% ذلك لأن رئيس البنك أعلن أنه سيحوله إلى بنك إسلامي، وقد كتبت منتقداً هذه الخطوة في مقالة نشرت بجريدة الأهالي بعنوان "ملف أسلمة البنوك".
من أعطى «عشماوي» ترخيصاً لأسلمة البنك المتحد..؟ نحن نشهد "هجمة" جديدة علي البنوك تحت مسمى "البنوك الإسلامية" ومن الواضح أنها تحظى بتشجيع ومباركة من البنك المركزي المصري للأسف، بيع البنك الوطني للتنمية لبنك أبوظبي الإسلامي الذي يعلن أنه سيحول هذا البنك إلى بنك إسلامي بفروعه السبعين وشركاته الثلاثة والسبعين وأنه سيخطط لفتح فروع أخرى تسمح باتساع نشاطه.. يحدث هذا دون أن تجتمع الجمعية العمومية للبنك الذي "باعوه رخيصاً" لعرض وحيد اعترض عليه وزير الإستثمار الدكتور محمود محيي الدين وباركه فاروق العقدة محافظ البنك المركزي وأيضاً الذين لهم مصالح في بيع البنك بهذه الطريقة وهذا السعر.
لم يعلن البنك المركزي إن كان لديه ضوء أخضر سياسي يسمح بالإتجاه نحو أسلمة بنوك مصر سواء من رأس المال الخليجي الوافد أو رأس المال المحلي.. يقول رئيس البنك المتحد المدعوم من محافظ البنك المركزي إن 18% من المتعاملين مع البنك مسيحيون ولم يشرح كيفية التعامل معهم، وذلك بعد أن فقد 20% من المساهمين المسيحيين أيضاً في هذه البنوك المندمجة قيمة رؤوس الأموال التي دفعوها بعد أن أهدرها البنك المركزي واعتبر قيمتها "صفراً".
وأضاف عطيه:
توجد دعوة في لندن لنقل تجربة المعاملات الإسلامية، هذه الدعوة قام بالرد عليها رئيس اتحاد البنوك العربية –سعودي الجنسية- وأكد أن هذه الدعوة لا تشكل إلا مصيدة لأموال الخليج، نحن عدنا إلى أيام الثمانينيات وتوظيف الدين في الإقتصاد.
وصف د.جودة عبد الخالق أستاذ الإقتصاد بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية ما يحدث حالياً من الترويج لأسلمة الإقتصاد بأن دعاته يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً موضحاً:
لقد أُصبنا بالآفة الخليجية الوافدة إلينا من دول النفط التي رفعت شعار البنوك الإسلامية ولكنها لا تراعي الإسلام في شيء، وهناك شيوخ يتقاضون الآلاف للترويج لهذه البنوك وإصدار الفتاوى في صالحهم، وقد عملت لمدة عامين في السودان حيث النظام المصرفي بها إسلامي بنسبة 100%، واكتشفت أنها مجرد تغيير مسميات بعد أن ظهرت فجأة فئة "كهنوت" ليقودوا جمهوراً اختلط عليه الأمر في قضايا الدين، فأصبح ينقاد بلا تفكير ويشارك فئة من أساتذة الجامعات في هذا التضليل، حيث أصبحوا يرتزقون مما يسمى بالإقتصاد الإسلامي، وهم على علاقات وثيقة بالسلطات في دول الخليج.. فالأمر لايعدو مجرد لعب بمشاعر الناس ولا علاقة للإقتصاد بالإسلام.
وينفى عبد الخالق نجاة البنوك الإسلامية من الأزمة العالمية: إنها تعمل في حضن البنوك العالمية، وعندما تقع الثانية فسوف تقع الأولى بالتبعية، توجد مصالح مالية كبيرة ترتزق وتتربح باسم الدين، ولذلك لجأوا إلى إقتحام قنوات إقتصادية أخرى مثل التمويل العقاري الإسلامي والتأمين الإسلامي، ولم يفعلوا غير تغيير المسميات فقط.
لقد قال أحد رؤساء البنوك العامة حول أن ما يتم دفعه للناس في فروع التعاملات الإسلامية أقل من الفائدة في البنوك التجارية، وما كانوا يتقاضونه منهم نظير الإقراض أعلى من نظيره فى البنوك التجارية.
ويقول الأستاذ أشرف راضي الكاتب الصحفي والخبير الإقتصادي:
هذا الكلام غير دقيق، المعاملات بين البشر تحكمها ضوابط معينة ليس لها علاقة بالدين، السؤال هل المعاملات المصرفية هي "الربا"؟! هذه القضية شائكة، وأيدت فتاوى كثيرة إيداع المال في البنوك بمختلف أنواعها وقامت بتبرير الفائدة ذلك باعتبارها شكل حديث لتوظيف الأموال.
المال يُعامل كسلعة وعندما يتم توظيفه يدر عائد كما أن حساب الفائدة يستند إلى مؤشرات إقتصادية شديدة التعقيد منها طبيعة النظام المصرفي والعلاقة بين الإدخار والإستثمار والمخاطرة.
الإقتصاد بالمعنى الحديث تحكمه أسس وضوابط ليس لها علاقة بالبعد الديني، وببساطة الدول الإسلامية التي تطبق الشريعة مثل السعودية وإيران تأخذ بالنظام المصرفي الحديث، لقد أدى استغلال الدين في الماضي إلى ظاهرة شركات توظيف الأموال وقاموا بالإدعاء بأنهم يعطون عائد أكبر على رأس المال للناس التي وضعت فلوسها، ولم تسأل عن مصادر المضاربة.
http://www.copts-united.com/article.php?A=1166&I=32