النقاب هل سيدخل لجان الإمتحانات بحكم القضاء؟

مادلين نادر

أمنة نصير – النقاب اندس تحته كثير من الفسقة
خالد منتصر – المحامون بالجامعات لم يحركوا ساكنًا؟!
عادل رمضان – منع النقاب يمثل انتهاكًا للحقوق الشخصية
عكاشة – أصبحنا نتحدث عن الشكل والمظهر و تركنا جوهر الدين
تحقيق: مادلين نادر - خاص الأقباط متحدون


هناك حيرة بالمجتمع حول قضية ارتداء النقاب بالجامعة، وأي حكم سيطبق في النهايةهل سيطبق حكم الدستورية العليا أم القضاء الإداري؟؟ فلقد أصدرت محكمة القضاء الإداري بمصر مؤخرًا الحكم الثاني بإلغاء قرار وزير التعليم العالي ورئيس جامعة عين شمس، بمنع دخول المنتقبات المدينة الجامعية للإقامة. وكانت المحكمة قد أصدرت أول أحكامها في قضايا النقاب في الأسبوعين الماضيين، وقضت فيه بإلغاء قرار منع دخول طالبة أخرى للإقامة في المدينة الجامعية.
وبالرغم من أن شيخ الازهر جدد التزام المؤسسة الدينية بقرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بمنع ارتداء النقاب داخل كليات جامعة الأزهر والمدينة الجامعية للبنات وأثناء الامتحانات، إلا أن الجدل لا يزال مستمرًا وهناك العديد من القضايا التي يتم رفعها من قبل بعض المنتقبات ضد قرار وزير التعليم العالي.

تحدثنا إلى بعض المتخصصين لنتعرف على آرائهم في هذه القضية. 
 د . أمنة نصير "أستاذ العقيدة والفلسفة الاسلامية بجامعة الأزهر " تقول: هناك فهم خاطىء على أن النقاب فرضه الإسلام ولكن هذا غير صحيح فالنقاب وفد إلينا، وكان أصل وجوده في  اليهودية. وفي التلمود " الشريعة اليهودية "نجد التأكيد على النقاب وعلى غطاء الرأس وأن المرأة اليهودية التي تخرج بدون غطاء الرأس تخرج من الشريعة اليهودية"، وهناك العديد من الشروح لأسفار التوراة تؤكد ذلك.
وجاء الإسلام لم يرفض النقاب ولكنه لم يفرضه في ذات الوقت، لأن استخدام النقاب كان موجودًا، ولكنه وضع ضوابط أخرى للزي المحتشم الذي لا يصف ولا يشف. ثم جاء القرآن الكريم يوصي المرأة والرجل على حد سواء بغض البصر، وهذا ليس معناه غلق العين بل معناه عفة النفس التي يتبعها النظرة النقية. ولو اراد الله سبحانه وتعالى أن يفرض النقاب على المرأة المسلمة لقال: "وليضربن بخمورهن على وجوههن" بدلاً من جيوبهن. فتحديد الجيب معناه أن الوجه غير مغطى.

خلاصه الأمر أن النقاب ثقافة وردت إلينا ثمار لذهاب العمالة المصرية إلى دول الجوار، وعادوا يحملون هذه الثقافة الممتزجه بثقافة المنطقة وعرفها وتقاليدها. ومن هنا أصبح هناك حالة من الصراع والبلبلة من جراء استخدام النقاب خصوصًا عندما اندس تحته الكثير من الفسقة في المجتمع. لذلك، فإنى أرى درءًا للفساد أن يقنن النقاب، لأن دفع المضرة مقدم على جلب المنفعة. وثقافة الشعب المصرى طوال حياته ثقافة وسطية بطبيعة وسطية وأمر مألوف أن يرى الناس وجوه بعضهم البعض، لأن الوجه عنوان الإنسان سواء المرأة أو الرجل. وأذكر هنا قول الإمام الطبري عندما يقول: " إن مخالفة زي القوم ليس من المروءة مالم يكن به إثم، والمخالفة تكون على سبيل الشهرة ".

إذن فلقد زحف النقاب على المجتمع المصري ووجود هذه الفضائيات التي تحارب من أجله هو ثقافة غير مألوفة لدينا خاصة وأنه ليس فريضة إسلامية.
 ويختلف معها في الرأي عادل رمضان المسئول القانوني بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فيقول: موقفنا واضح في هذا المجال فنحن ضد المنع أو الحظر الكلي للنقاب، وإهدار حقوق هؤلاء الفتيات المنتقبات في التعليم وفي السكن بالمدينة الجامعية. ونعتبر ذلك نوعًا من انتهاك الحقوق الشخصية، والحق في الخصوصية. طالما لا يوجد به إخلال بالأخلاق العامة فهذا انتهاك شديد لحرية الدين والمعتقد. فلكل فرد حقه في أن يكون معتقده الديني كما يشاء، فإذا اعتقدت المرأة المسلمة في أهمية أن ترتدي مثلاً زيًا معينًا فمن حقها أن ترتدي ما تشاء دون أن تفرض الدولة عليها شيئًا في هذا الأمر. أو أن تقييم الدولة معتقداتها وتقول إنها معتقدات إيجابية أو مسيئة فهذا ليس من حقها. وعلى الدولة احترام معتقدات الفرد، وألا تفرض عليه شيئًا في ذلك.
و لقد قمنا في المبادرة المصرية برفع دعاوى قضائية لبعض المنتقبات للقضاء الإداري للمطالبة بحق دخول هؤلاء الفتيات إلى امتحانات الجامعة في منتصف العام .

و يحدثنا د . خالد منتصر  عن رأيه في هذه القضية ويقول: هناك نقطة هامة أثرت على تدهور الوضع في هذه القضية بالنسبة للجامعة، حيث إن المحامين العاملين بالجامعة يعملون بروح الموظف الحكومي ولا يوجد لديهم حماس مثل المحامين في القطاع الخاص، وإن كان لديهم روح المبادرة مثلهم والعمل الإيجابي، كان يجدر بهم أن يتحركوا ويرفعوا قضايا في هذا المجال منذ بداية إثارة هذا الموقف، ولكنهم لم يحركوا ساكنًا؟ 
يضيفد . منتصر: لقد أصبح الآن لدى الجامعة حكمان قضائيان، أحدهما صادر هذا العام من القضاء الإداري يقول إن النقاب حرية شخصية وليس من حق ولي الأمر منعه تحت أي ظروف، والحكم الثاني صادر من المحكمة الدستورية العليا عام  ١٩٩٦ يؤكد أنه من حق ولي الأمر منع ارتداء النقاب لظروف الصالح العام مثل الظروف الأمنية وتسهيل الرقابة الاجتماعية وتواصلها مع الناس.

و يؤكد منتصر على أنه لا يعلق على أحكام قضائية ولكنه فقط يتساءل حيث يوجد الآن أمامنا وأمام مسؤولي الجامعات حكمان قضائيان كلاهما صادر عن قضاة محترمين أجلاء، أيهما نطبق؟! وهل لنا حرية الاختيار كما نشاء؟ أم أن القضاء يحكمه الترتيب الهرمي بحيث توجد أحكام ملزمة من هيئة قضائية لهيئة أخرى من غير المسموح أن تتعداها أو تتجاوزها؟، والسؤال الذي أطرحه على أساتذتنا القضاة الأجلاء هنا: ما هو الحكم الذي يشمل ويجب الآخر؟ هو حكم الدستورية العليا أم هو حكم القضاء الإداري؟
هناك جانب آخر من السلبيات التي يؤدي إليها التمسك بهذا الزي أشار إليها د.أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي، فيقول: من الناحية النفسية، فإن الفصل بين الجنسين بارتداء زي معين وتبني أفكار عدم الاختلاط بين الجنسيين طوال الوقت  يتسبب في مشكلات وأعراض نفسية سلبية، ونوع من الشعور بالدونية أكثر لدى المرأة من أن يكون له أي جوانب إيجابية.

 فهناك تفشي لبعض التيارات السلفية المتشددة في الدول العربية مؤخرًا، فأصبح متاحًا أحيانًا حتى للإعلام أن يحلل ويحرم ما يشاء.
أصبحنا نتحدث الآن عن الشكل والمظهر، وليس في جوهر الدين فنتكلم، في الحلال والحرام، في الجنس والسيدات والفتيات، فلقد اختزلنا الدين في هذا المجال. وهذا الأمر يتسبب في غسل مخ للشباب بحيث يكونون سلبيين ويطيعون كل شىء دون أي إعمال للعقل، وغير مبدعين وهذا يؤثر بشكل مباشر على عدم تقدم المجتمع والبلد بشكل عام.  فطالما نحن ننظر إلى المراة على أنها مجرد جسد وعورة وأن الرجل يريد أن يلتهمها فهذا المجتمع أبدًا لن ينتج. فالمرأة مثل الرجل تستطيع أن تعمل مثله بل أحيانًا يكون لديها طاقة احتمال أكثر من الرجل. فالله خلقها قوية فلا يصح أبدًا أن نختزلها في كونها عورة. 

 و في هذا المجال أيضًا كانت المستشارة تهاني الجبالي القاضية بالمحكمة الدستورية العليا قد علقت من قبل في مقال سابق للأحكام الصادرة من القضاء الإداري مؤخرًا على قضية النقاب التي تم إثارتها. كان عنوان المقال هو "النقاب جهل بصحيح الدين" وأشارت فيه إلى أن القضاء قد حسم هذا الأمر منذ سنوات في حكمها الشهير الصادر بجلسة 18 مايو لسنه 1996 في الدعوى المحالة من محكمة القضاء الإداري رقم 21 لسنة 49 قضائية والمقيدة دستوريًا برقم 8 لسنة 17، وأكدت في حيثيات حكمها وضع قيود على ارتداء النقاب بعد أن نزعت عنه صفة الشرعى خاصة إذا ما تعارض مع مصلحة اجتماعية معتبرة، وهو ما كان يجب أن يكون وفقا للحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية مانعًا من العودة لمناقشته أو إعادة طرحه. لكن شيئًا غير مفهوم في علاقة مؤسساتنا الوطنية ببعضها البعض عطل بشكل ضمني نفاذ هذا الحكم بحيثياته في مواجهه سلطات الدولة وأفرادها التي تملك تحريك دعوى التنازع أمام المحكمة الدستورية لإزالة أي عائق أمام نفاذ حكمها السابق ذكره وهو اختصاصها الأصيل طبقا للدستور وتملك وفقا لسلطاتها إبطال وإزالة هذا العائق سواء كان تشريعيًا أو حكمًا قضائيًا أو قرارًا تنفيذيًا يتعارض مع ما حكمت به احترامًا للمسئولية الدستورية لمؤسسات الدولة.