عماد توماس
كتب: عماد توماس- خاص الأقباط متحدون
انعقد بالقاهرة في 20 – 21 ديسمبر 2009، مؤتمر المراجعة الأول لإعلان حقوق المواطنة الصادر في 25 نوفمبر 2007 عن المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى المصرية وشخصيات من الجاليات المصرية بالخارج. وقد أعرب المشاركون عن تقديرهم للإعداد الجيد والتعاون المتميز بين المجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في تنظيم هذا المؤتمر.
استرجع المشاركون الآراء والتوصيات التي عبر عنها إعلان المواطنة وسبل تعزيز وتفعيل حقوق المواطنة التي أقرها التعديل الدستوري للعام 2007. وأصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، بيانًا ختاميًا في هذا الصدد يرصد التطورات الايجابية والسلبية وآليات المتابعة وعدد من التوصيات كالتالي:
التطورات الإيجابية :
1. أعرب المشاركون عن ترحيبهم بالتطورات الإيجابية وأهمها استمرار التحسن في مجال حرية الرأي والتعبير للمجتمع المدني في مصر وهو ما سمح – على سبيل المثال – بتوسيع دائرة المشاركة في أعمال مؤتمر المراجعة لإعلان المواطنة من جانب منظمات وشخصيات مدنية مستقلة من داخل مصر وخارجها على حد سواء.
2. كذلك أعرب المشاركون عن ارتياحهم للعملية التشاورية التي أجرتها الحكومة المصرية لدى إعداد تقرير مصر الدوري الأول أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان في سياق عملية المراجعة الدورية الشاملة لحالة حقوق الإنسان في مصر، وهو التقرير الذي سوف تتم مناقشته في إطار الأمم المتحدة بجنيف في فبراير 2010.
3. كما رحب المشاركون بتطور آخر إيجابي وهو تبني الحكومة المصرية عددًا من التعهدات الطوعية من بينها أحد أهم توصيات "إعلان حقوق المواطنة" لعام 2007، وهو القانون الموحد لبناء دور العبادة.
4. كما أعرب المشاركون عن ارتياحهم بأن موضوعات حقوق الإنسان وجدت طريقها للمرة الأولى على جدول أعمال بعض المؤتمرات الحزبية مؤخرًا بما في ذلك المؤتمر الدوري للحزب الوطني الديمقراطي في نوفمبر 2009، وهي بداية محمودة تستوجب التشجيع.
5. لاحظ المشاركون أن بعض توصيات إعلان حقوق المواطنة لعام 2007 قد تم أخذها على محمل الجد – وإن كان بشكل محدود – وذلك فيما يتعلق بالآتي:
أ. الفقرة 30 من إعلان حقوق المواطنة لعام 2007 (رفع اهتمام وزارة الداخلية بحسن معاملة المواطنين واعتباره معيار التقييم لكفاءة رجال الشرطة).
ب. الفقرة 39 ( مطالبة وزارة الخارجية بعقد مؤتمر دوري سنوي يضم كافة الوزارات المعنية ومنظمات المجتمع المدني لتدارس أهم التطورات والتجارب الدولية المتصلة بحقوق المواطنة وعدم التمييز". حيث إن وزارة الخارجية قد قامت ببعض الأنشطة الإيجابية في هذا المجال، بالتعاون مع وزارة الشئون القانونية والمجالس النيابية. في سياق عملية المراجعة الدورية الشاملة. ويأمل المشاركون أن تستمر هذه الممارسة بشكل منتظم في المستقبل.
السلبيات:
1. من ناحية أخرى أعرب المشاركون عن أسفهم للتأخر في تطبيق معظم التوصيات التي تضمنها إعلان حقوق المواطنة لعام 2007 حتى الآن وهو ما ينطبق على شقي هذا الإعلان سواء فيما يتعلق بالتوصيات الخاصة بعملية الحوار الوطني ذاتها ( الفقرات من 8 إلى 14 من الإعلان ) أو فيما يخص التوصيات المتعلقة بمضمون التعديلات التشريعية والسياسية والثقافية المقدمة لتعزيز هذا المبدأ وتحويله من تعديل دستوري نظري إلى واقع عملي ملموس ( الفقرات من 15 إلى 41 من الإعلان ) وذلك مع استثناءات محدودة هي ما تم ذكره في البند السابق الخاص بالإيجابيات.
2. وعلى وجه التحديد، فإن أهم توصيات إعلان حقوق المواطنة التي لم يتم تحقيق تقدم بشأنها هي ما يلي:
أ. دراسة مجلسي الشعب والشورى لإعلان حقوق المواطنة وإبداء أرائهما بشأنه خاصة فيما يتعلق بما يوافقون عليه ويدفعونه صوب التنفيذ من واقع دورهما التشريعي وكذلك مسئولياتهما الرقابية على سياسات الحكومة بحكم الدستور.
ب. إتمام ما تقدم في إطار زمني معلن ومعقول.
ج. وضع نظم معلنة وشفافة لتحقيق تكافؤ الفرص في شغل الوظائف الحكومية بناءًا على الكفاءة وليس الواسطة.
د. إصدار قانون لمناهضة التمييز وضمان تكافؤ الفرص.
ه. تعديل التعريف القانونى لجريمة التعذيب ليتوافق مع المادة "2" من اتفاقية مناهضة التعذيب.
و. إنشاء ألية وطنية حكومية يشارك فيها المجتمع المدني لتنفيذ توصيات اللجان التعاهدية الدولية التي صدقت عليها مصر.
ز. الدعوة لانضمام مصر للبروتوكولات الإضافية لاتفاقيات حقوق الإنسان الخاصة بتقديم الشكاوى الفردية باعتبارها مظهرًا مهمًا لمصداقية مصر في الاضطلاع بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
ح. سرعة إصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة.
ط. سرعة إعادة النظر في قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2004.
ي. سرعة إنهاء العمل بحالة الطواريء.
التوصيات:
1. أكد المشاركون أن إعمال كافة التوصيات المتضمنه في "إعلان حقوق المواطنة في العام 2007 "، بات أكثر إلحافًا وأهمية حتى مما كان عليه وقت صدور هذا الإعلان.
2. أوصى المشاركون بإرسال هذا البيان الختامى إلى السادة رؤساء مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى والوزارات المعنية بالحوار حول تنفيذه وخاصة وزارة الشئون القانونية والمجالس النيابية والعدل والداخلية والخارجية لتنفيذ الفقرة "9" من إعلان حقوق المواطنة والتي تتضمن اقتراحًا لوزارة الشئون القانونية والمجالس النيابية بتولي مهمة تنسيق حوار برلماني شعبي حول إعلان حقوق المواطنة بغية وضع برنامج تنفيذي له.
3. أهمية إعداد ميثاق شرف إعلامي يستند على مباديء حقوق الإنسان في ضوء عدد من التطورات السلبية والخطيرة والتى جرت مؤخرًا، وجوهرها الخلط بين حرية التعبير والحض على الكراهية، وهو ما يمثل في مظهرين تابعهما المشاركون في المؤتمر بقلق بالغ.
المظهر الأول هو عودة الخطاب الطائفي للظهور في الأداء السياسي والإعلامي والثقافي المصري، والمظهر الثاني هو سوء الأداء الحزبي والإعلامي والشعبي في الأحداث المؤسفة بين مصر والجزائر بمناسبة مباريات التأهيل لكأس العالم.
4. كما يرى المشاركون أن مساهمة المجتمع المدني المصري في صياغة هذا الميثاق من شأنها ليس فقط الحفاظ على مصالح مصر وعلاقاتها الدولية فيما يتعلق بالعلاقات التاريخية والروابط المستقبيلة بين مصر والجزائر ولكنه ميثاق مهم أيضًا لتصويب الخطاب العام سواء كان حزبيًا أو إعلاميًا أو شعبيًا بحيث يكون الحوار الوطني والدور الإعلامي أدوات حقيقية لتعزيز قيم التسامح والديمقراطية والعمل الإيجابي المشترك البنّاء وليست أدوات لإشاعة الفرقة وخطاب الكراهية والتمييز سواء كان عنصريًا أو طبقيًا أو ثقافيًا.
5. أولى المشاركون اهتمامًا بالغًا لقضية الوحدة الوطنية في مصر وأهمية التذكير الضروري بما هو مسموح وما هو غير جائز تحت مظلة حرية التعبير التي كثيرًا ما أصبحت كلمة حق يراد بها باطلاً ومعول هدم للانتماء والمساواة والكرامة الإنسانية المتأصلة في سائر البشر كجوهر لحقوق الإنسان.
6. وأوصى المشاركون أيضًا بضرورة مراجعة السياسات وممارسات التصالح والتسويات العرفية للمشكلات ذات الطابع الطائف. فالمصالحات لا ينبغي أن تصبح بديلاً عن حكم القانون المجرد والعادل. وإنفاذ العدالة هو السبيل الحقيقي لوأد نذر الفتنة وتحقيق التصالح. ونبه المشاركون إلى الحاجة لصياغة قواعد استرشادية لرجال الشرطة والإعلام والمحافظين والبرلمانين في شكل مجموعة مباديء شفافة يتفق عليها للتعامل مع الأحداث الطائفية. يكون من بين مبادئها ما يلي:
أ. الكف عن استخدام مصطلح مسلم ومسيحى في التغطية الإعلامية لأي أحداث طائفية، وأن يصبح هذا الأمر التزامًا مهنيًا يحاسب من لا يلتزم به.
ب. البدء بإجراءات إنفاذ العدالة بغير أدنى تمييز قبل الشروع في أية إجراءات تصالح عرفية يقوم بها المحافظون أو رجال الأمن أو أعضاء المجالس الشعبية.
ج. ضرورة النظر في إدراج جريمة "الحض على الكراهية" بشكل أكثر إحكامًا في النظام القانونى المصري بما لا ينتقص من حرية التعبير كما أقرتها المواثيق الدولية.
7. واتصالاً بالمحور الثاني لأعمال مؤتمر المراجعة وهو قضية الفقر. لاحظ المشاركون أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية قد فاقمت من التأثيرات السلبية على الطبقات الأضعف في المجتمع المصري. وأستخلصوا أن هذه التداعيات لا تبرر وحدها تردي أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وإنما يرجع هذا التردي بشكل أساسي لبعض السياسات الحكومية وأهمها تغليب سياسات النمو الاقتصادي على التنمية الشاملة، وتقليص دور الدولة بشكل لا يتناسب مع حقيقة أوضاع المجتمع، بالإضافة إلى السياسات الضريبية غير العادلة، خاصة الضريبة العقارية الأخيرة، وعدم عدالة توزيع الأعباء. ولذلك أوصى المشاركون بما يلي:
أ. اعتماد التنمية القائمة على حقوق الإنسان بما يعني الالتزام بحقوق الفقراء كإلتزام قانوني وليس كشعار سياسي.
ب. إعادة النظر في السياسة الضريبية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية على أساس حقوق الإنسان.
ج. إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور والمعاشات ليتناسب مع متطلبات المعيشة الكريمة وربطه بسلة أسعار السلع والخدمات الأساسية.
د. التأكيد على ضرورة تكثيف جهود مكافحة الفساد، وتجريم المحسوبية والوساطة بنصوص قانونية واضحة ورادعة.
ه. ضرورة الإقرار بالحق في المعرفة، وإتاحة كافة المعلومات والإحصائيات بما له من آثار على التنمية والمشاركة والشفافية.
10- ضرورة التعامل مع التعليم والصحة في مصر من منظور الحق في المساواة الذي يستلزم توفير هذه الحقوق بنفس القدر من الجودة والمساواة وهو أمر يتزايد بعيدًا عن واقع الحال في مصر. وتفعيل الحقوق الواردة في الاتفاقية الدولية لحقوق الأفراد ذوي الاحتياجات وغيرها من أحكام القانون الوطني غير المطبقة.
12- ضرورة الاهتمام بمعالجة مشكلة العشوائيات التي تمس حياة ملايين المواطنين لتلبية احتياجاتهم، وترسيخ مشاعر المواطنة لديهم، والقضاء على ما تفرزه العشوائيات من توترات اجتماعية.
13- واتصالاً بالمحور الثالث المتعلق بالمصريين المغتربين، أكد المشاركون على أهمية دور هذه الجاليات كجسر للتفاعل الحضاري بين الوطن الأم والمجتمعات المستقبلة، واستمع إلى التقارير والملاحظات المقدمة من ممثلي تجمعاتهم في عدد من بلدان المهجر. وأوصى المشاركون بما يلي:
أ. مطالبة الحكومة المصرية بتعزيز دورها في العمل على تحقيق عالمية اتفاقية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
ب. مطالبة الحكومة المصرية بالعمل على توقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول التي يوجد بها كثافة عمالية من المصريين.
ج. تلبية المطلب المشروع للمصريين في الخارج لممارسة حقوقهم السياسية في الانتخاب والترشيح.
د. دعوة البعثات الدبلوماسية في الخارج لبذل المزيد من الجهد لتوفير الرعاية للمهاجرين والعاملين في الخارج، وتعزيز التعاون مع المنظمات والروابط التي تمثلهم، وتوفير المعلومات والبيانات حول المستجدات التشريعية وغيرها من التطورات التي تتعلق بالأوضاع في بلدهم.
هـ. دعوة الحكومة للدخول في تفاوضات على دول الخليج المطبقة لنظام الكفيل الذي يتناقض على نحو فادح مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعايير الدولية للعمل وذلك لضمان حقوق العاملين.
و. التأكيد على توصية إعلان المواطنة 2007 بإنشاء وزارة تختص بشئون المصريين في الخارج وتوفير الإمكانيات اللازمة بها.
ز. كذلك تنفيذ التوصية الواردة في إعلان المواطنة بعقد مؤتمر موسع للمغتربين لمناقشة قضاياهم واحتياجاتهم ودورهم في التواصل مع مجتمعهم والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية لمجتمعهم.
ح. خظر كافة أشكال التمييز إزاء المصريين المغتربين فيما يتعلق بالرسوم المفروضة عليهم في تقديم الخدمات، وخاصة في مجال تعليم الطلاب المصريين الوافدين.
ط. دعم مطالب المصريين المهاجرين في بحث إمكانية الإبقاء على ازدواجية الجنسية للاحتفاظ بجنسية وطنهم الأم حفاظًا على حقوق هؤلاء المهاجرين وربطهم بالوطن الأم.
ي. مناشدة الجاليات المصرية في الخارج إلى أهمية دعم تنظيماتهم الزائدة بشكل شفاف وفعال يتيح تعاونهم مع الوطن الأم.
آليات المتابعة:
أولاً: استمرار عملية المراجعة الدورية لآلية تنفيذ إعلان حقوق المواطنة لعام 2007، عن طريق مؤتمر مراجعة سنوي في شهر ديسمبر من كل عام نظرًا لمركزية مبدأ المواطنة في صلب قضية حقوق الإنسان في مصر.
ثانيًا: تعزيز التواصل من خلال إنشاء صفحة بيانات وحوار تفاعلي الكترونية على الموقع الالكتروني للمجلس القومي لحقوق الإنسان.
ثالثًا: تعميم استبيان الرأي الذي تم استخدامه في مؤتمر المراجعة الأول في إطار محدود ونشره على نطاق أوسع بين كافة منظمات المجتمع المدني وكذلك إتاحته بشكل الكتروني على الصفحة الخاصة بعملية المراجعة الدورية لإعلان حقوق المواطنة على الموقع الالكتروني للمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان.
وذلك بهدف نشر وتعميق الوعي بقضية المواطنة، واستمرار وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية في حوار وطني جاد ومستمر حول هذه القضية، ومتابعة تطورات قضية المواطنة، وتكريس أسلوب استبيان الرأي في العمل العام في مصر بوصفه من أدوات قياس الرأي العام وترشيد القرارات.
رابعًا: مناشدة منظمات المجتمع المدني المصري أن تدرج قضية المواطنة وما يتفرع عنها من موضوعات على برامج عملها بشكل دائم وذلك لتوسيع دائرة المشاركة الوطنية بالرأي والتجارب والمقترحات.
خامسًا: مطالبة المجلس القومي لحقوق الإنسان بمواصلة ظهوره، بالتعاون مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون وغيره من وسائل الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة وتعزيز قيمة التسامح والمساواة.
http://www.copts-united.com/article.php?A=11857&I=304