ميرفت عياد
كتبت: ميرفت عياد – خاص الأقباط متحدون
الثقافة هي المخزون الحي في الذاكرة، وهذا المخزون ينمو بطريقة تراكمية فهو محصلة العلوم، والمعارف، والأفكار، والمعتقدات، والفنون، والآداب، والأخلاق، والقوانين، والأعراف، والتقاليد، والمدركات الذهنية والحسية، والموروثات التاريخية، واللغوية، والبيئية.. التي تصوغ فكر الإنسان وتمنحه الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تصوغ سلوكه العملي في الحياة. ولأن الثقافة هي حائط صد عظيم لكل الاعتداءات التي يواجهها المجتمع، فكان لزامًا علينا أن نرصد الحركة الثقافية في مصر خلال هذا العام قبل أن يرحل ببضعة أيام.
ومن أهم الأحداث الثقافية في هذا العام، استقبال مصر كضيف شرف للدورة السادسة عشرة لمعرض طوكيو الدولي للكتاب، حيث شارك وفد كبير من الهيئة المصرية العامة للكتاب في كافة أنشطة المعرض من خلال الندوات وورش العمل التي تتطرقت إلى قضايا النهضة في كل من مصر واليابان، الحضارة المصرية القديمة، والكتابة باللغة الهيروغليفية، والفن التشكيلى في مصر، والترجمة والتفاعل الثقافي، وفن الرواية المصرية، وفنون مصر الإسلامية، والسينما المصرية، ورؤية البلدين لبعضهما البعض. ومثّل مصر في المعرض هيئة الكتاب، ودار الكتب، والمركز القومي للترجمة، وصندوق التنمية الثقافية، ومركز تصدير الفكر العربي، وهيئة قصور الثقافة، بالإضافة إلى تسعة من كبرى دور النشر الخاصة، كل ذلك تحت جناح واحد يحمل اسم مصر التي تعد أول دولة عربية تحل ضيف شرف في تاريخ هذا المعرض.
المهرجان الأول تبادل الكتب المستعملة
وفي محاولة لإثراء الثقافة العربية، أقامت مكتبة الاسكندرية لأول مرة مهرجان "تبادل الكتب المستعملة" بمشاركة العديد من دور النشر، حيث تعد مبادرة موقع دار الكتب المهتمة بتوثيق كافة إصدارات الكتب العربية والمصرية والتي تقدر سنويًا بـ9000 كتاب في المتوسط، وتعد هذه المبادرة هي الأولى من نوعها وذلك لإنشاء جسر بين الكاتب ودور النشر والمكتبات من ناحية، والقراء من ناحية أخرى. ويهدف المشروع إلى إنشاء أكبر قاعدة بيانات للكتب في السوق المصري، ثم العربي مستقبلاً، وصناعة مناخ يتيح للشباب العودة إلى القراءة بأسهل الطرق وأبسطها، والوصول بالكتاب العربي إلى شرائح جديدة لم تكن القراءة تعنيها. كما شهد المهرجان عرض مجموعة من الكتب النادرة التي نفدت طبعاتها من الأسواق، ولم تعد متوافرة في المكتبات، هذا إلى جانب التخفيضات التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجميع إصداراتها، بالإضافة إلى التخفيضات الكبرى التي تقدمها دور النشر.
المؤتمر الأول للثقافة الرقمية
واستمرارًا للدور الريادي الذي تلعبه مكتبة الأسكندرية في الحياة الثقافية، قامت بعقد المؤتمر الأول للثقافة الرقمية بقصر التذوق بسيدي جابر برئاسة الشاعر أحمد فضل شبلول، وتحت رعاية الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة وذلك لمناقشة مستقبل الأدب والثقافة في ظل الثورة أو الطفرة الإليكترونية التي يشهدها العالم، خاصة في ظل الإحصائيات التي تؤكد أن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر يبلغ حوالي 13 مليون مستخدم، ويأتى هذا المؤتمر استمرارًا لريادة مكتبة الإسكندرية في مجال الثقافة الرقمية، فمنها خرجت مجلة "أمواج" أول مجلة ثقافية مصرية على الإنترنت عام 1999، وخرج منها كتاب "أدباء الإنترنت... أدباء المستقبل" لأحمد فضل شبلول مبشرًا بالعصر الرقمي للأدب والثقافة. كما خرج من الإسكندرية أكبر موقع للمخطوطات العربية للدكتور يوسف زيدان.
وتحدث الدكتور يوسف زيدان في هذا المؤتمر عن إشكاليات الثقافة الرقمية، حيث يرى أن ثقافتنا العربية لها مشاكل أخرى مع الإنترنت منها أولاً: أن العرب يعتنون باللغة عناية بالغة، أما الثقافة الحالية فهي ثقافة صورة تطيح باللغة وتضع الصورة في المقدمة، ثانيًا: الثقافة الرقمية سريعة ومتجددة بينما اللغة العربية ثقافتها سلفية، فنحن أمة السند تهتم بالأصول، أما العالم الرقمي فهو استشرافي بطبعه. ثالثًا: عدم تهيئة الأجواء والوجدان لاستقبال العصر الرقمي. رابعًا: التعامل الساذج، أي البساطة في التعاطي مع هذه الثورة، فالدولة وفرت أجهزة كمبيوتر بالمدارس دون جدوى حقيقية، فالتعامل الحكومي ليس رشيدًا بما يكفي حتى الآن، فالقضية فلسفية وتوفير الأدوات فقط ليس هو الحل.
و فجر الدكتور خالد عزب مدير الإعلام بمكتبة الإسكندرية سؤالاً حول شكل دور النشر العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، ومن هذا اتضح للجميع أن العرب كانوا خارج المنافسة، فكانت معظم الكتب الأوروبية والأميركية المعروضة كتبًا إليكترونية سهلة التحميل والعرض، أما دور النشر العربية فمازلت تعتمد على الكتب الورقية.
وأنهى المؤتمر فعالياته بإصدار مجموعة من التوصيات منها تعاون كلٍّ من الهيئة العامة لقصور الثقافة واتحاد كتاب الإنترنت العرب من أجل عقد مؤتمر للثقافة الرقمية بشكل دوري، وإنشاء جائزة مصرية عربية كبرى للإبداع والنقد الرقميين. التعاون مشترك بين اتحاد كتاب الإنترنت العرب والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب لتجسير العلاقة بين الورقي والرقمي، حيث تقوم مكتبة الإسكندرية بتبني مشروع التوثيق الإلكتروني للسرديات في العالم.
الملتقى الدولي الأول للقصة القصيرة
هذا إلى جانب قيام المجلس الأعلى للثقافة بعقد "الملتقى الدولي الأول للقصة القصيرة العربية" الذي يحمل اسم القصاص المصري الراحل "يحيى الطاهر عبد الله" بمشاركة أكثر من 70 قصاصًا وناقدًا عربيًا وأجنبيًا، حيث يسعى الملتقى إلى قراءة الوضع الحالي للقصة القصيرة في الوطن العربي لدراسة جوانبها المتعددة من خلال مجموعة من المحاور منها قضايا النشأة والتطور والانتشار في الثقافات الإنسانية، قواعد الفن القصصي، هذا إلى جانب القصة والصحافة الأدبية، والقصة والفنون الأخرى كالمسرح والسينما والإذاعة.
هذا بالإضافة إلى صدور جريدة "الشروق اليومية" كمنبر للفكر الحر، حيث وافق المجلس الأعلى للثقافة على التصريح لجريدة الشروق اليومية بالصدور، والجدير بالذكر أن مجلس إدارة الجريدة يرأسه المهندس"إبراهيم المعلم" رئيس اتحاد الناشرين العرب وصاحب دار الشروق للطباعة والنشر، ويرأس التحرير "سلامة أحمد سلامة".
جوائز الدولة .. البوكر.. والإنجاز العلمي
كما شهد هذا العام إعلان فاروق حسني وزير الثقافة أسماء الفائزين بجوائز مبارك والتفوق لعام 2009، وقد فاز الروائي بهاء طاهر بجائزة مبارك في الآداب، وفاز الروائي الراحل يوسف أبو رية بجائزة التفوق في الآداب، تلته الدكتورة رجاء ياقوت التي قضت أربعين عامًا في محراب الأدب الفرنسي وأعمال الترجمة من العربية إلي الفرنسية وبالعكس من أجل تفاعل وتقارب وعناق الحضارات.
كما فازت رواية "عزازيل" للكاتب "يوسف زيدان" بجائزة البوكر العربية لعام 2009م، وتقدر قيمة الجائزة بمبلغ 50 ألف دولار بالإضافة إلى ترجمة الرواية للغة الإنجليزية، وتدور أحداث الرواية الفائزة في القرن الخامس الميلادي ما بين صعيد مصر والأسكندرية وشمال سوريا في فترة قلقة من تاريخ الديانة المسيحية عقب تبني الامبراطورية الرومانية للديانة الجديدة وما تلا ذلك من صراع مذهبي داخلي بين آباء الكنيسة من ناحية والمؤمنين "الجدد" والوثنية المتراجعة من جهة ثانية.
هذا بالإضافة إلى فوز الأديب "د. علاء الأسواني" بجائزة الإنجاز العلمي من جامعة إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعطيها الجامعة لخريجيها الذين حققوا إنجازات كبرى في مجالات العمل المختلفة، وسوف يتسلم الأسواني الجائزة في أكتوبر من العام المقبل، كما اختار أيضًا معرض الكتاب الفرنسي الكاتب "علاء الأسواني" لتكريمه ضمن ثلاثين كاتبًا من مختلف أنحاء العالم، ويذكر أن معرض الكتاب الفرنسي يعد من أكبر وأهم معارض الكتاب في العالم، وسوف يقام في شهر مارس من العام المقبل.
اليونسكو خسارة بشرف
وهناك العديد من القضايا الثقافية التي شغلت الرأي العام في هذه السنة، نذكر منها خسارة فاروق حسني وزير الثقافة المصري في انتخابات منصب المدير العام لمنظمة اليونسكو للعلوم والثقافة أمام البلغارية "ايرينا يوكوفا" بعد مارثون انتخابي انتهى بفوز "يوكوفا "، وبهذا أصبحت أول امرأة تتولى منصب مدير عام منظمة اليونسكو منذ إنشائها عام 1945.
هذا إلى جانب صدور قرار مجلس نقابة الصحفيين بإحالة الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام وهالة مصطفى رئيس تحرير مجلة الديمقراطية للتحقيق والتأديب للخروج عن قرارات الجمعية العمومية للنقابة. جاء ذلك على خلفية استقبال الدكتورة هالة مصطفى، رئيس تحرير مجلة الديمقراطية، للسفير الإسرائيلى في القاهرة "شالوم كوهين" داخل مكتبها بالمؤسسة، في زيارة استمرت ساعة كاملة وفي سابقة لم تحدث من قبل، وهذا ما أثار جدلاً كبيرًا وغضبًا شديدًا بين الصحفيين.
الرد على البهتان في رواية يوسف زيدان
ومن القضايا الشائكة التي أثيرت في هذا العام صدور رواية "عزازيل" للكاتب الدكتور"يوسف زيدان" والتي أثارت استياء وشعور المسيحين من كثرة المغالطات الموجودة بها، الأمر الذي جعل نيافة الحبر الجليل "الانبا بيشوي" يصدر كتابًا لتفنيد تلك الادعاءات وهو كتاب "الرد على البهتان في رواية يوسف زيدان .. بحث وثائقي تاريخي وعقائدي لمواجهة عزازيل" ويعد هذا الكتاب ردًا لاهوتيًا وتاريخيًا موثقًا بالبراهين المستندة إلى أقدم المخطوطات الحقيقة غير الزائفة وذلك لتصحيح الأخطاء التي أوردها الدكتور"يوسف زيدان" رئيس قسم المخطوطات بمكتبة الأسكندرية في روايته "عزازيل" والتي مزج فيها الأدب الروائي بالتاريخ والعقيدة والشرح اللاهوتي بنفس الأسلوب الذي كتب به "دان براون" روايته الشهيرة "شفرة دافنشي"، والجدير بالذكر أن رواية "عزازيل" تستعرض جوانب من الحياة الروحية للراهب "هيبا" الذي ولد بأخميم في جنوب مصر، في ذروة الصراع بين الديانة المصرية القديمة والمسيحية التي انتشرت بمصر، حيث يدخل "هيبا" الدير ويتعلم الطب ثم يهرب إلى الأسكندرية، فيرى اضطهاد المسيحيين بالمدينة لليهود والوثنيين، ويرحل "هيبا" عن مصر عبر سيناء إلى فلسطين، ويبقى في القدس فترة ثم ينطلق منها إلى سوريا، ليقيم في حلب ومن هناك يكتب سيرته وذكرياته الذي يغريه "عزازيل" أي الشيطان بكتابتها.
راحلون في وجداني
وقبل أن تغيب شمس هذا العام، رحل عن عالمنا العديد من مشاهير الثقافة والفكر والأدب الذين تركوا بصمات واضحة في مسيرة الثقافة وفي نفوس الملايين من الشعب المصرى، حيث توفي الكاتب والأديب "عبد العال الحمامصي" بعد صراع مع مرض السرطان عن عمر يناهز 77 عامًا، وكان الكاتب الراحل قد عاش حياة أدبية حافلة، بدأها في مجالات عديدة كان أبرزها اختياره عضوًا مؤسسًا في مجلس إدارة اتحاد الكتاب عام 1976، مع الراحلين يوسف السباعي وثروت أباظة، حتى وصل إلى منصب سكرتير عام الاتحاد عام 2003.
والجدير بالذكر أن "عبد العال الحمامصي" من مواليد يونيو عام 1932 بمدينة أخميم بمحافظة سوهاج، وعمل كاتبًا ومشرفًا على القسم الثقافي في مجلات الصباح والعالم العربي والهلال والزهور والقصة، ثم عمل كرئيس تحرير لسلسلة "إشراقات أدبية" التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والتي قدمت عشرات الأدباء من أقاليم مصر وأصبح لمعظمهم وجود حقيقي في الثقافة العربية .
وللراحل العديد من المؤلفات القصصية والدراسات النقدية والأعمال الفكرية والحوارية منها: "للكتاكيت أجنحة"، وهي مجموعة قصصية عام 1968، "هذا الصوت وآخرون"، وهي مجموعة قصصية عام 1968. "بئر الأحباش" ، "البوصيرى .. المادح الأعظم للرسول" ، و"القرآن معجزة كل العصور" ، و"هؤلاء يقولون في السياسة والأدب" ، و"أحاديث حول الأدب والفن والثقافة"، و"أقلام في موكب التنوير"، و"راحلون في وجداني"، و"أفكار لأمتي". وحصل الفقيد على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 1981، وعلى وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عامي 1982 و1993 وجائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2003.
الثقافة المصرية
كما توفي المفكر والناقد "محمود أمين العالم" إثر أزمة قلبية عن عمر يناهز 87 عامًا وهو أحد قيادات اليسار المصري وقيادات الحركة الشيوعية المصرية التي أثرت بعمق في الثقافة المصرية. وقد ولد "محمود أمين العالم" في 18 فبراير عام 1922 في حي الدرب الأحمر بالقاهرة، وحصل على شهادة الليسانس من كلية الآداب قسم الفلسفة، وبعد حصوله على الماجستير تم تعينه مدرسًا مساعدًا للمنطق ومناهج العلوم. وفي نفس العام، أي 1954، قام الضباط الأحرار بفصل الأساتذة اليساريين من الجامعة وكان هو من ضمنهم، وتم اعتقاله من عام 1958 إلى عام 1964، ثم بعد ذلك عمل كاتبًا صحفيًا متفرغًا، ومحررًا أدبيًا في مجلة المصور والهلال، ورئيسًا لهيئة الكتاب ورئيسًا لمؤسسة المسرح والموسيقى، ورئيسًا لمؤسسة أخبار اليوم. وقد لمع اسمه انطلاقًا من المقالات التي كتبها في جريدة "الوفد المصري" مع صديقه عبد العظيم أنيس تحت عنوان "في الثقافة المصرية"، حيث وضعت هذه المقالات لبنات التفسير الواقعي للأدب، والتي رد عليها طه حسين في مقالاته، وبهذا بدأت معركة نظرية في مجال الأدب كان لها تأثير في المستوى العربي بعامة، وفي تنمية الاتجاه الواقعي الجدلي في النقد الأدبي.
حوار على نار هادئة
هذا إلى جانب رحيل الكاتب الصحفي والإعلامى الكبير "محمود فوزي" عن عمر يناهز 51 عامًا إثر نزيف حاد في المخ، والكاتب محمود فوزي من مواليد عام 1958 بحي شبرا بالقاهرة. وتخرج من كلية الحقوق بجامعة الأسكندرية، وعين وكيل نيابة، واستقال منها حبًا في العمل الصحفي. وشغل موقع نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر، وعضو مجلس إدارة دار المعارف، وعضو مؤسس اتحاد كتاب مصر. وحصل الفقيد على عدة جوائز من نقابة الصحفيين في الحوار على مدار عدة أعوام، بالإضافة إلى جائزة على أمين كأحسن صحفي عام 1987، والتي تسلمها من مصطفى أمين شخصيًا. وصدر للكاتب محمود فوزي أكثر من 107 كتابًا على مدار 35 عامًا، منها موسوعة "حكام مصر" في أربعة أجزاء، ووصفته صحيفة "الفيجارو" الفرنسية بأنه أبرز كتاب جيل الوسط السياسيين في مصر. وقدم الراحل عدة برامج من أشهرها برنامج "حوار على نار هادئة " الذي استضاف فيه كبار الشخصيات المصرية في مختلف المجالات.
أفكار ضد الرصاص
ولازلنا نذكر أعلام الفكر والثقافة الذين غابوا عن عالمنا ومنهم الكاتب الصحفي الكبير "محمود عوض" الذي توفي إثر تعرضه لأزمة صحية حادة أودت بحياته، وقد ولد الراحل الكبير بمدينة طلخا المجاورة للمنصورة عاصمة محافظة الدقهلية، وعمل لسنوات طويلة بجريدة أخبار اليوم، ولقبه إحسان عبد القدوس بـ"عندليب الصحافة"، كما كان من نخبة الكتاب المختارين في كبريات الصحف العربية مثل الحياة اللندنية والرياض السعودية والاتحاد الإماراتية واليوم السابع، وكتب للإذاعة المسلسل الوحيد الذي قدمه عبد الحليم حافظ وهو "أرجوك لا تفهمني بسرعة" كما كتب أشهر كتبه "أفكار ضد الرصاص" الذي صدرت منه تسع طبعات كان آخرها عن دار المعارف حيث يعد أكثر الكتب توزيعًا في تاريخ الكتب العربية، ويتناول الكتاب قضية ماتزال مستمرة حتى الآن، وهي فكرة اغتيال الأفكار واغتيال الكتب وحرقها، معنويًا أو ماديًا،مؤكدًا على أنه لا يمكن اغتيال الأفكار بالحرق ولا بالرصاص.
عطش الصبار
كما رحل عن عالمنا الروائي المصري "يوسف أبو رية" في إحدى المستشفيات عن عمر يناهز 53 عامًا بعد صراع طويل مع مرض سرطان الكبد. والروائي يوسف أبو رية من مواليد يناير 1955 بمحافظة الشرقية وحصل على شهادته الجامعية في الإعلام من جامعة القاهرة وعمل في مركز البحوث كمدير عام. وكان أمينًا عامًا لصندوق رابطة القلم المصرية طوال الأعوام الـ 13 الأخيرة من حياته. وللراحل سبع مجموعات قصصية أولها "الضحى العالمي" التي نشرت في عام 1985. ومن مجموعاته أيضًا "طلل النار" و"شتاء العري" و"عكس الريح" و"ترنيمة الدار". كما ألف خمس روايات هي "ليلة عرس" و"صمت الطواحين" و"عطش الصبار" و"الجزيرة البيضاء" و"تل الهوى"، وأربعة كتب للاطفال هي "خبز الصغار" و"أسد السيرك" و"الأيام الأخيرة للجمل" و"طفولة الكلمات".
التعليم في زمن الانفتاح
واستمرارًا لمسلسل الراحلين، رحل عن عالمنا الكاتب والمناضل "عبد العظيم أنيس" عن عمر تجاوز السادسة والثمانين، وقد ولد الراحل عام 1923 في القاهرة وتدرج في مراحل التعليم إلى أن حصل على شهادة الدكتوراة من الكلية الملكية للرياضيات الإحصائية في جامعة لندن عام 1951. ووتم اعتقاله عده مرات وهذا ما دفعه للدراسة في بريطانيا، والعودة منها بعد قيام الضباط الأحرار بالثورة عام 1952 حيث عمل أستاذًا للرياضيات في جامعة القاهرة، لكنه سرعان ما تم طرده في حملة تطهير الجامعات من الأساتذة أصحاب الميول السياسية التي قررتها قيادات حركة الضباط الأحرار. والراحل كان من أبرز علماء الرياضيات والإحصاء في مصر، وناقدًا أدبيًا وكاتبًا سياسيًا، وقدّم العديد من المؤلفات التي تتحدث عن التراث العلمي وتاريخ العلم، ومن مؤلفاته: "مقدمة في تاريخ الرياضيات، إصلاح التعليم أم مزيد من التدهور، التعليم في زمن الانفتاح، التعليم وتحديات الهوية القومية" بالمشاركة مع كمال مغيث، فضلاً عن كتاب تناول فيه تجربة السجن يحمل عنوان "رسائل الحب والحزن والثورة" وهي رسائل تبادلها مع زوجته أثناء اعتقاله في العهد الناصري. كما أحدث كتاب "في الثقافة المصرية" الذي أصدره أنيس والعالم عام 1955 ردود فعل متباينة حيث انتقده فيه بشدة أدباء بارزون آنذاك منهم عباس محمود العقاد وطه حسين الذي رد على الكتاب واصفًا إياه بأنه "يوناني فلا يُقْرَأ"، أما العقاد فاتهمهما في صحيفة "أخبار اليوم" بالشيوعية قائلاً: "أنا لا أناقشهما وإنما أضبطهما. إنهما شيوعيان".
العروبة في مقابل العولمة
هذا بالإضافة إلى وفاة "ناصر الأنصاري" رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب بعد معاناة مع مرض السرطان عن عمر يناهز 63 عامًا، وكان للفقيد العديد من المؤلفات نذكر منها (تاريخ أنظمة الشرطة في مصر من الفراعنة إلى اليوم - المجمل في تاريخ مصر- البلاط الملكي في امبراطوريات غرب إفريقيا القديمة - النقود والبنوك والنظم الضريبية - السلطة المقدسة للفرعون نظريًا وتطبيقيًا- نظام ملكية الاراضي العقارية في مصر من العصور الفرعونية حتى القرن العشرين - المجمل في تاريخ القانون المصري - العروبة في مقابل العولمة.. عناصر لنظرية جديدة). كما له تحت الطبع كتاب عنوانه (تاريخ المراسم في مصر)، والجدير بالذكر أن الأنصاري شغل وظيفة أمين رئاسة الجمهورية منذ عام 1975 كما تولى منصب رئيس الادارة المركزية لأمناء الضيافة عام 1988. ونال الأنصاري دكتوراة الدولة في تاريخ النظم القانونية والسياسية والاجتماعية من جامعة مرسيليا بفرنسا عام 1985 وتولى مناصب منها رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الأوبرا المصرية بين عامي 1991 و1997 ورئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية (1998-1999) ومنها انتقل إلى باريس حيث شغل منصب المدير العام لمعهد العالم العربي بباريس حتى عام 2005 .
العلم والإيمان
وينتهي مسلسل الراحلين بوفاة المفكر الكبير الدكتور "مصطفى محمود" الذي فارق الحياة بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 88 عامًا. ويذكر أن الدكتور مصطفى محمود ولد عام 1921 بمحافظة المنوفية، ودرس الطب وتخرج عام 1953، لكنه تفرغ للكتابة والبحث عام 1960، وبرع الدكتور مصطفى محمود في فنون عديدة منها الفكر والأدب، والفلسفة ، وأحيانًا ما أثارت أفكاره ومقالاته جدلاً واسعًا عبر الصحف ووسائل الإعلام . كما قام بتأليف 89 كتابًا منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة ، ومن أهم كتبه ( الإسلام في خندق - زيارة للجنة والنار - عظماء الدنيا وعظماء الآخرة -علم نفس قرآني جديد - الإسلام السياسي والمعركة القادمة -المؤامرة الكبرى - عالم الأسرار - على حافة الانتحار - الله والإنسان) هذا إلى جانب تقديمه400 حلقة من برنامجه التليفزيوني الشهير "العلم والإيمان".
http://www.copts-united.com/article.php?A=11906&I=305