لطيف شاكر
بقلم: لطيف شاكر
"أيها الرب إلهنا.. أنت بار لأننا بقيتنا ناجين كهذا اليوم. ها نحن أمامك في آثامنا لأنه ليس لنا ان نقف أمامك من أجل هذا، اللهم إني أخجل وأخزى من أن أرفع يا إلهي وجهي نحوك لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤسنا وآثامنا تعاظمت إلى السماء، لأنك قد جازيتنا يا إلهنا أقل من آثامنا وأعطيتنا نجاة كهذه" (الآيات السابقة من عزرا ص9).
ونحن على أعتاب العام الجديد الذي نترقبه باشتياق.. نرفع عيوننا إلى الرب الحنان أن يعطينا فيه الخير والسعادة الذي افتقدناه في عام أوشك على الانتهاء حاملاً أوجاعنا وأتعابنا وهمومنا وآمال لم تتحقق.. نودعه بسلام في عتاب الأحباء وليس في خصام الأعداء.
فلنجدد الآمال في العام الجديد الذي يدق أبواب عمرنا ويحثنا أن الكل قد صار جديدًا.. فلنخلع إذًا أعمال الظلمة ونسير في النور ما دام لنا النور.
ودعونا مع التاريخ لنتعرف منه قصة التقويم, وكأنه بهذا التقويم يريد التاريخ ان يجدد قلوبنا بسنة جديدة ويفرحنا بأوقات سعيدة, حتى لا نعيش ملل الحياة ورتابة الأيام, ففي رأس كل عام نبوق بالفرح ونهلل بقدومه, ونتضرع إلى الله طالبين أن يبارك إكليل السنة بصلاحه.
عزيزي.. أرجو ان تنسى أحزانك وهمومك في بداية العام وتنفض غبارهما ولو إلى حين لتتمتع ببهجة رأس السنة الجديدة، ولا تخف فالأحزان موجودة دائمة تنتظرنا كلما ابتعدنا عنها، لكن حاول الآن أن تتغلب عليها وتتصالح مع الفرح وتولي ظهرك للأحزان, وامنح لقلبك اجازة وراحة منها وافرح لأن الوقت مقصر.
يقول الرب لموسى "هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور، هو لكم أول شهور السنة.. ويكون لكم هذا اليوم تذكارًا فتعيدونه عيدًا للرب في لأجيالكم تعيدونه فريضة ابدية" خروج13.
التقويم هو الطريقة التي يستخدمها الإنسان لضبط الوقت. ويتكون التقويم عادة من ثلاث وحدات رقمية تمثل ثلاث فترات زمنية هي اليوم والشهر والسنة. ومن الواضح أن الظاهرة التي تفيد لهذا الغرض هي الظاهرة التي تتكرر بفترات متساوية، أي الظاهرة الدورية. ولكنه من الصعب معرفة هل الفترة ثابتة أو متغيرة إلا بالمقارنة بين عدة فترات ليتبين لنا عندها مدى الثبات النسبي لهذه الفترة.
وفي الحقيقة أن التقاويم أنواع عديدة من الصعب ذكرها في هذا المكان. ولكثير من الأمم تقويمها الخاص بها سواءً كان شمسيًا أو قمريا أو خليطًا بينهما أو ربما قمريًا نجميًا أي طبقًا لمنازل القمر. وتختلف أيضًا في أمور أخرى مثل: طريقة الكبس، ومتوسط طول السنة وعدد الأشهر وغير ذلك ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:
-التقاويم المختلفة:
- التقويم المصري (الفرعوني – القبطي)
- التقويم الميلادي (اليولياني – الجريجوري)
- التقويم السرياني
- التقويم الروماني
- التقويم الفارسي
- التقويم الإغريقي
- التقويم البابلي
- التقويم الهجري
-دوران الأرض حول الشمس:
تدور الأرض حول الشمس في مدة متوسطها 365.25 يومًا. ومدة الدوران هذه تختلف حسب النقطة التي تقاس منها بداية الدورة. فمدة دوران الأرض حول الشمس بالنسبة للنجوم تسمى السنة النجمية وتساوي: 365.2564 يومًا شمسيًا = 365 يومًا و 6 ساعات و9 دقائق و10 ثواني = 366.2564 يومًا نجميًا. ومدة دورتها بالنسبة لنقطة رأس الحمل تسمى السنة الفصلية وتساوي: 365.244 يومًا شمسيًا = 365 يومًا و 5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية. ومدة دورتها بالنسبة لنقطة الحضيض (وهي أقرب نقطة للشمس) تسمى السنة الحضيضية وتساوي 365.2596 يومًا شمسيًا = 365 يومًا و6 ساعات و13 دقيقة و53 ثانية.. وهكذا.
وتقسم السنة إلى 12 فترة كلاً منها يسمى شهرًا . وتختلف أسماء الأشهر وطولها من تقويم إلى أخر ولكن أشهرها الإفرنجية (الميلادية) التي تستخدم في معظم بقاع العالم، وكذلك السريانية التي تستخدم في بعض الدول العربية وهي مطابقة للأشهر الإفرنجية تمامًا وتختلف عنها بالاسم فقط . وهناك الشهور الشمسية التي تدل على برج الشمس.
- التقويم الميلادي
كان ميلاد السيد المسيح وما ذكره تلاميذه في بشائرهم من الظروف التي أحاطت بهذا الميلاد، مقترنًا بأحداث تاريخية معروفة ولا سيما في تاريخ الدولة الرومانية التى كانت تسيطر حينذاك على بلاد اليهود، ومن ثم أصبح من الممكن تحديد التاريخ الذى ولد فيه السيد المسيح. بيد أن المسيحيين لم يبدأوا في وضع تقويمهم على أساس ميلاد السيد المسيح, إلا بعد أن توقفت الدولة الرومانية عن اضطهادهم وأوقفت المذابح التي كانت تروي فيها الأرض بدمائهم. ثم أصبحت المسيحية هي الديانة الرسمية للدولة الرومانية.
وكان التقويم الروماني يبدأ بالسنة التي تأسست فيها مدينة روما "حوالي 750 قبل الميلاد". وكانت السنة الرومانية 304 يوما مقسمة إلى عشرة أشهر، ثم أضاف الملك نوما بومبليوس "ثاني ملك بعد روماس الذي أسس روما" شهرين آخرين وبذلك أصبح طول السنة الرومانية 12 شهرًا "365 يوما".
وفي القرن الأول قبل الميلاد لوحظ أن الأعياد الإغريقية لا تقع في موقعها الفلكي, فكلف الأمبراطور يوليوس أحد أشهر علماء الفلك المصريين وهو "سوسيجينيس Sosigene" لتعديل التقويم ليصبح مثل التقويم المصري في وقته، حتى تعود الأعياد الثابتة في مواقعها الفلكية وذلك بإضافة ربع يوم إلى طول السنة الرومانية لتصبح 365 يومًا وربع، وسمي هذا التقويم بالتقويم اليولياني وذلك بإضافة يوم كل رابع سنة "السنة الكبيسة" لتصبح 366 يومًا.
وفي القرن السادس الميلادي نادى الراهب الإيطالي ديونيسيوس أكسيجونوس بوجوب أن تكون السنة "وليس اليوم" التي ولد فيها السيد المسيح هي سنة واحد، وكذلك تغيير اسم التقويم الروماني ليسمى التقويم الميلادي باعتبار أن السيد المسيح ولد عام 754 لتأسيس مدينة روما بحسب نظرية هذا الراهب. وهكذا ففي عام 532 ميلادية "أي 1286 لتأسيس روما" بدأ العالم المسيحي باستخدام التقويم الميلادي بجعل عام 1286 لتأسيس مدينة روما هى سنة 532 ميلادية. "وإن كان العلماء قد اكتشفوا أن المسيح ولد حوالى عام 750 لتأسيس مدينة روما وليس عام 754، ولكنهم لم يغيروا التقويم حفاظًا على استقراره إذ كان قد انتشر في العالم كله حينذاك".
وهكذا أصبح التقويم الميلادي هو السائد في العالم وسميت السنة التي ولد فيها السيد المسيح بسنة الرب, وهذه السنة هى التى تنبأ عنها إشعيا النبي "إش 61: 1 ـ 2" وسماها سنة الرب المقبولة "سنة اليوبيل في العهد القديم" إشارة إلى سنوات العهد الجديد المملوءة خلاصا وفرحا بمجيء الرب متجسدا ليجدد طبيعتنا ويفرح قلوبنا ويشفي المنكسري القلوب، وينادي للمأسورين "روحيًا" بالإطلاق وللعمي "روحيًا" بالبصر، ويرسل المنسحقين في الحرية. وهذه هي سنة الرب التي تكلم عنها السيد المسيح نفسه قائلا لليهود: (إنه اليوم قد تم "بميلاده" هذا المكتوب.. لوقا 4 : 16).
لكن في عام 1582 أيام البابا غريغوريوس، أعلن العلماء أن يوم 25-12 "عيد الميلاد" ليس في موضعه، أي أنه لا يقع في أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفارق عشرة أيام. أي يجب تقديم 25-12 بمقدار عشرة أيام حتى يقع في أطول ليل وأقصر نهار، وقال العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ في حساب طول السنة "السنة = دورة كاملة للأرض حول الشمس"، إذ كانت السنة في التقويم اليولياني تحسب على أنها 365 يومًا و6 ساعات. ولكنهم لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أي أقل من طول السنة السابق حسابها حسب التقويم اليولياني بفارق 11 دقيقة و14 ثانية، ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582م كان حوالى عشرة أيام "تم احتساب الأمر بأثر رجعي"، فأمر البابا غريغوريوس بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادي "اليولياني" حتى يقع 25-12 في موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمي هذا التعديل بالتقويم الغريغوري، إذ أصبح يوم 5 تشرين الثاني 1582 هو يوم 15 تشرين الثاني في جميع أنحاء إيطاليا.
ووضع البابا غريغوريوس قاعدة لضمان وقوع عيد الميلاد "25 كانون الثاني" في موقعه الفلكي "أطول ليلة وأقصر نهار" وذلك بحذف ثلاثة أيام كل 400 سنة "لأن تجميع فرق الـ 11 دقيقة و14 ثانية يساوي ثلاثة أيام كل حوالي 400 سنة"، ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذي وصل الفارق فيه اليوم إلى 13 يومًا.
معنى ذلك أن يكون هناك فرق بين التقويم اليولياني والتقويم الغريغوري ثلاثة أيام كل 400 سنة. وكل هذا لضمان رجوع الاعتدال الربيعي وكذلك الأعياد الثابتة إلى ما كانت عليه أيام مجمع نيقية.
هذا هو السبب الذي جعل عيد الميلاد عند الغرب في 25-12 حسب التقويم الغريغوري الذي احتسب الفارق في طول السنة عند اكتشافه.. بأثر رجعي. وعند الشرق 7-1 حسب هذا التقويم، لكنه يصادف أيضًا 25-12 حسب التقويم اليولياني!
والتقويم الميلادي هو التقويم الشمسي الشائع في معظم دول العالم سواء في حساب مواقيته أو الأسماء الافرنجية التى عرفت بها أشهره، والتقويم الجريجورى هو تصحيح للتقويم الميلادي (اليولياني) قام بها الراهب كريستوفر في عهد البابا جريجوري الثالث بابا الفاتيكان في عام 1582 ميلاديًا.
وفي التقويم الجريجوري نوعين من السنين الأولى بسيطة وعدد أيامها 365 والثانية كبيسة وعدد أيامها 366 وهي السنين التى تقبل القسمة على 4 دون باق، فيما عدا السنين القرنية فهي بسيطة مالم تقبل القسمة على 400 والسنة في التقويم الجريجورى 12 شهر والأشهر وما يقابها باللغة السريانية هي:-
يناير (كانون ثان) – فبراير (شباط) – مارس (آذار) – أبريل (نيسان) – مايو (آيار) - يونيه (حزيران) – يوليه (تموز) – أغسطس (آب) - سبتمبر (أيلول) – أكتوبر (تشرين أول) – نوفمبر (تشرين الثاني) – ديسمبر (كانون الأول).
إن السيد المسيح جاء من أجل العالم كله وانشدت الملائكة بميلاده المجد لله في الاعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.. الملائكة تمجد الله في الأعالي وتسبحه ونحن على الأرض ننشد السلام الذي أعطاه لنا منذ ميلاده المجيد, لكن لم يرضى الآخرين بالسلام المجاني, فاجهزوا عليه لاغتياله, اما المسرة الموعودة والممنوحة من مولود بيت لحم ذبحوها بدم بارد لأنهم يبغضون السلام ويكرهون المسرة, فذهبوا بفتاويهم المسمومة حيث أيد عدد من علماء الدين فتوي الدكتور يوسف القرضاوي -رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- التي أكد فيها عدم جواز احتفال المسلمين بأعياد الميلاد ومشاركة المسيحيين في هذه الاحتفالات، فقد ذكر الشيخ عبدالحميد الأطرش أن هذه الاحتفالات لا يجوز للمسلمين الاحتفال بها والمشاركة فيها لأنه تعالي قال «لكم دينكم ولي دين» وهي ليست أعيادًا للمسلمين وقيامهم بذلك تقليد أعمي مخالفة لتعاليم الإسلام في هذه الاحتفالات و جريمة نكراء وفسق والمسلم الذي يفعل ذلك يكون آثمُا.. ولا تعليق..
وأقول لهم المجانين في نعيم.. والعقل زينة للعقلاء فقط وهم كثر ونحمد الله.. ونحن لا نريد اشتراكهم معنا أو حتى تهنئتهم لنا فلن ينقصوا أو يزيدوا.. فهم قلة جاهلة ضاع العقل من عقولهم والذي أشك أصلاً في وجوده في أجسامهم الذي ترهلت بسموم الكراهية والجهل. التي تغشت فيهم.
أما نحن فدعونا نفرح بميلاد رب المجد ونرنم مع المرنم صاحب المزامير ونهتف، هلليلويا بارك إكليل السنة بصلاحك يا رب الأنهار والينابيع والزروع والأثمار. هلليلويا.....
وأكررها بلغتنا القبطية الجميلة قائلين: الليلويا إزمو إبي إكلوم إنتي تي رومبي هيتين تيك ميت إخرستوس إبشويس ني ياروؤو نيم ني مومي نيم ني سيتي نيم كاربوس الليلويا.
ولنا لقاء في وقت آخر عن التقويم المصري القديم أو التقويم القبطي الحالي.
http://www.copts-united.com/article.php?A=12015&I=308