مادلين نادر
بقلم: مادلين نادر
عمرو موسى من أبرز أمناء الجامعة العربية، وكان من أكثر وزراء خارجية مصر قربًا من نفوس الناس. تصدر عمرو موسى- الأمين العام لجامعة الدول العربية- في الفترة الأخيرة المشهد السياسي والإعلامي، فهو من أهم الشخصيات التي يطمح الكثيرون من الشعب المصرى في أن يقوموا بالترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة. ولذلك بدأ بعض المواطنيين في استخراج توكيلات لتفويض عمرو موسى بتعديل الدستور.
لكن يبدو أن عمرو موسى أراد أن يبقى الجدل حول إمكانية ترشحه لرئاسة الجمهورية قائمًا، فرغم تأكيده السابق على موقفة من الانتخابات الرئاسية القادمة بكلمة "مغلقة" في حواره لجريدة "المصري اليوم" مؤخرًا معتبرًا ترشيح نفسه من خلال حزب "انتهازية سياسية"، إلا أنه فتح المجال مجددًا للحديث مرة أخرى عن إمكانية ترشحه للرئاسة وإن كان بطريقة غير مباشرة بإعلانه في مؤتمر صحفي أن نظامًا مثل الجامعة العربية لا يعتمد على شخص بعينه، وألا يكون هناك عيب في نظام المؤسسة نفسها، وأن الوضع العربى ربما يحتاج إلى دم جديد يدخل إلى العمل العربي المشترك، وهو ما قد يفهم البعض منه أن موسى قرر الاكتفاء بالسنوات العشر كأمين عام للجامعة العربية، وأن هناك فرصة للحديث عن دور لموسى في السياسة الداخلية المصرية خلال الفترة المقبلة.
لقد أشار موسى في حواره مع "المصري اليوم" مؤخرًا إلى عدة قضايا هامة في مصر و كان يتحدث بدقة الدبلوماسي المحنك وابتعد عن العبارات الرنانة أو المثيرة، وكانت أكثر المشكلات التي تحدث عنها هي قضية التعليم، حيث رأى أنه إذا استمر حال التعليم على ما هو عليه من تدمير، فإن المستقبل كله سيكون مهددًا. فقال: "يجب أن نعيد دراسة ما هي طرق التعليم الحديثة، وما هو الكتاب الذي يجب أن يقرأه الطالب، والأجهزة التي يتدرب عليها، واللغة الأجنبية التي يجدر أن يجيدها، نحن لا نستطيع الآن أن ننافس إلا بمن حصلوا على فرصة ربما تكون استثنائية أو لظروف خاصة وأصبحوا متميزين وقادرين على المنافسة، إنما هذا عدد قليل ولا يمثل الـ ٨٠ مليون مواطن الذين يجب أن تتاح لهم ولأبنائهم فرصة التميز، إذن المجتمع إذا استمر حال التعليم على ما هو عليه أو تعرض فقط لعملية إصلاح شكلى وسد فجوات أو خانات فسوف يكون مهددًا في مستقبله، فالتعليم موضوع يجب أن نظل نثيره ونناقشه، فهو هم من الهموم الرئيسية لمجتمعنا، ويتصل بذلك ما يتعلق بالبحث العلمي الذي تراجع نشاطه وإسهامه في رفاهة المجتمع، وكذلك مستوى الجامعات التي خرجت عن قائمة الجامعات ذات القيمة، وكم كنت أتمنى أن نستفيد من زخم وعلم العالم العظيم أحمد زويل، وكذلك الدكتور مصطفى السيد ومن هم في مثل علمهما وإنجازهما من المصريين".
كما يُطالب عمرو موسى بأهمية أن يكون هناك مشروعًا لنهضة شاملة، وأن هذه النهضة يجب أن تكون شاغلنا جميعًا، فنحن جميعًا مسؤولون عن هذا البلد، والأجيال القادمة ستكون في موقف أسوأ مما نحن عليه إذا لم نعالج المشاكل الرئيسية معالجة جادة وعلمية وبنظرة موضوعية مستقبلية.
وعن الانتخابات سواء التشريعية أو الرئاسية، فإنه يرى ضرورة الإشراف القضائي، بل لا يرى في وجود مراقبين دوليين أي مساس بسيادة الدولة ، ذلك أن هؤلاء المراقبين الدوليين يشاهدون ويعلنون ما يشاهدون، ولكنهم لا يتدخلون في عملية الانتخابات ولا حتى في فرزها، إن دورهم يقتصر على الملاحظة وعلى الإعلام بما شاهدوه وليس في هذا أي مساس بسيادة الدولة.
يعتقد أيضًا موسى أن هناك حاجة ملحة لتعديل بعض مواد الدستور، خاصة المادة ٧٦ التي تحدد إجراءات الترشيح لمنصب الرئاسة وتضع قيودًا غلاظًا- يتعذر بل يستحيل- اختراقها والمادة ٧٧ التي تؤبد السلطة والمادة الخاصة بالإشراف القضائي، والتي عدلها التعديل المشوه الذي أُدخل على المادة ٧٦ التي وضعت - في تقديري - لكي تمنع أي أحد من الترشيح إلا رئيس الحزب الوطني، ولكي تجعل من العملية الانتخابية عملية صورية لا ضمان فيها قط.
لقد أشار بعض الخبراء و المحللون السياسيون أن تصريحات موسى مؤخرًا تعتبر بمثابة «رسالة قوية للنظام»، إن موسى رجل من داخل النظام، ووزير خارجية سابق وأمين عام لجامعة الدول العربية، ووصل به الموقف أنه غير قادر على الترشح، الأمر الذي يُظهر أن هناك أزمة في العملية السياسية وغلقًا أمام الترشح لمقعد الرئاسة، فضلاً عن أن المادتين ٧٦ و٧٧ تم تفصيلها لشخص معين. لذلك رأى الخبراء أن تصريحات موسى ستؤدي إلى حالة من الحراك داخل النخبة الحاكمة المصرية، وليس في الشارع.
و عن الأسباب الرئيسية في استمرار مشاكل التعليم والصحة وغيرها في مصر يقول موسى:
"ما دامت الحكومة لا تخضع للمساءلة البرلمانية الكاملة، فإن الحكومة تستطيع أن تفعل أو لا تفعل، ولن ينصلح هذا إلا بالمشاركة، والمشاركة لن تتحقق إلا بالديمقراطية، هناك شيئان رئيسيان في حياة الأمم هما المواطن والقانون، إذا كان المواطن العادى بسبب عجزه وفقره وقلة حيلته لا يستطيع أن يفعل شيئًا، إذن لن يخشاه أحد، وإذا كان القانون به دهاليز ومنافذ فلن يخشاه أحد أيضًا، المجتمع في حالة اضطراب بسبب هذا".
تواريخ في حياته:
عمرو موسى 73 عامًا من مواليد أكتوبر 1936 بالقاهرة، وتنتمي عائلته إلى محافظتي القليوبية والغربية، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة 1957، والتحق بالعمل في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية عام 1958. عمل مديرًا لإدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية عام 1977 ومندوبًا دائمًا لمصر لدى الأمم المتحدة عام 1990 ووزيرًا للخارجية عام 1991 وأمينًا عامًا للجامعة العربية عام 2001.
و سبق موسى خمسة من الأمناء السابقين وأولهم كان: عبد الرحمن عزام أول أمين عام للجامعة، فيما كان محمد عبد الخالق حسونه ثاني الأمناء منذ الفترة من 1952 إلى 1972، وكان أحمد عصمت عبد المجيد هو خامس أمين لجامعة الدول العربية في الفترة من 1991 إلى 2001، ومن ثمَ عمرو موسى انتخب في عام 2001 حتى الآن.
عمل موسى كوزير للخارجية في مصر من 1991 إلى 2001 ثم شغل منصب أمين عام لجامعة الدول العربية ومازال قائمًا بهذا المنصب إلى يومنا هذا.
* مجرد موقف... ولكن؟
في عام 2008 رفض عمرو موسى الحديث لمذيعة بقناة المنار بعد رفضها مصافحته باليد، فحين مد يده لمصافحتها في بداية حوارهما، بادرت المذيعة بالاعتذارله قائلة: «لا أسلم باليد».
فانفعل موسى وسحب يده قائلاً: «لا سلام ولا كلام»، وتدخل عمرو ناصف، المذيع المصري في «المنار» لتهدئة موسي، لكنه أكد لناصف أنه لن يدلي بأي تصريح للمراسلة، رغم أن ناصف شرح له موقف مراسلة القناة ومبرراتها الدينية. وتدخل مساعدو موسي، وطلبوا من المراسلة اعتبار كلامه مجرد «مزحة»، وعندما استجابت لطلبهم، ووجهت سؤالها لموسي، أصر علي موقفه ورد عليها: «ولا كلمة».
http://www.copts-united.com/article.php?A=12058&I=312