ماجد سمير
بقلم: ماجد سمير
ليلة الجمعة من كل أسبوع يوم مقدس للشلة، بنتجمع على قهوة أبو نادم ندردش ونتكلم تقريباً في كل حاجة، الجلسة الأسبوعية دي إبتدت من حوالي 13 سنة بعد ما إتعرفت على أمجد الساكت وإتفقنا إننا نتقابل كتير، وزي ماقالي أمجد مش معقول نبقى ساكنين في شارع واحد ومانعرفش بعض، وعلى طول إختارنا الجمعة باليل لأن أمجد أجازته من البنك الجمعة والسبت، وأنا السبت بيبقى عندي الشغل في الجريدة متأخر فنقدر نسهر، ومن خلال اللقاء الأسبوعي إتعرفت على بقيت الشلة أسامة ميخائيل زميل أمجد من أيام المدرسة وإنضم لنا عبد الله تاجر الحدايد والبويات وكمان المعلم مسعد صاحب القهوة، وأحيانا كان بيقعد معانا أبو مختار والأستاذ حليم الساكت والد أمجد، لكن في الفترة الأخيرة بعد ما نقلنا القعدة للدور التاني من القهوة ما بقوش بيجوا لأنهم مش بيقدروا يطلعوا السلم.
الهدوء والبعد عن إزعاج زباين القهوة سبب نقل القعدة للدور التاني، الدور دا حاول "أبو نادم" إنو يطلع له ترخيض رسمي من الحي لكنه فشل فعمله قعدة خاصة بنقعد فيها ونسمع أغاني قديمة بيشرف هو شخصياً على إختيارها.
وصلت القهوة بدري شوية قبل أمجد وبقية الشلة، ومعي زميل كان بيعمل تحقيق صحفي عن الجيزة، لاقيت أبو نادم قاعد جنب "كلكع" إللي واضح النهاردة إنو إنتصر في خناقة المسلسل والماتش بتاعت كل يوم، وهايتفرج على التمثلية وكانت إبتسامة النصر واضحة جداً على وشه وأبو نادم بيقول لي أصل النهاردة مافيش ماتشات لا للأهلي ولا للزمالك وعلشان كدا شغلنا التمثلية، رد كلكع دا غصب عنك وعن الأهلي والزمالك مع بعض أنا مزاجي أهم وراح باصص لي وقالي والله يا أستاذ أنا كل مرة بسيبهم بمزاجي، ضحك سعيد "ميسد كول" اللي كان واقف على باب محل الموبايلات بتاعه وقال ياعم أبو مختار أنت مُرعب، رد كلكع خش جوة محلك ياواد أنت، وبص لأبو نادم وقال دا واد بخيل جداً زي أبوه تصدق مش بيرضى يخليني أتكلم من الموبايلات بتاعته رغم إنو عنده عدد تشغل خطين، إياكش تجيلوا فاتورتين يفلسوه.
وصل أسامة وقعد جنبي، وبعده بشوية أمجد، أبو نادم قال الصحبة إكتملت يالا نطلع فوق وعبد الله لما يخلص شغله يطلع لنا، طلعنا ورا بعض وقعدنا، أمجد كان قابل يسري صاحبي كذا مرة عند كشك "أبو العريف"، وعرّفت الناس على بعض، أبو نادم قال لأمجد عايزين نشوف حل "لعبده على ماتفرج" دا الراجل تقريباً مش بتكلم مع حد، والست بتاعته وعياله هايتجننوا، رد أمجد المفروض إن في دكتور زميل المدام في المستشفى هايستناه يروح له بس مين هايقنعه، أبو نادم قال مافيش غير عبد الله وفتحي هما اللي يقدروا على الحكاية دي، تدخّل يسري في الحوار وقال لازم نعرف الراجل دا كان فين وإيه اللي حصل له، قلت لهم أصل أنا حكيت ليسري على القصة الغربية دي، أسامة قال أنا ماشفتوش لما رجع لكن الكل بيقول أنو كان مضروب جامد قوي أكيد في حاجة خطيرة حصلت له، يسري قال لأبو نادم إسمح لي يا معلم أقوم بدورك النهاردة وأسمعكم حاجة أكيد ماسمعتوهاش، وبص لي وضحك قلت له يبقا الشيخ إمام.
أبو نادم إستغرب، أمجد وأسامة بصوا لبعض ومعلقوش، ويسري طلّع اللاب توب بتاعه وشغل أغنية الممنوعات، أول ما ابتدى الشيخ إمام يعزف على العود أبو نادم قال غُنا على العود الله، المجموعة كان بيجمعها حب الغُنا الأصيل، بدأت الأغنية:
ممنوع من السفر، ممنوع من الغُنى، ممنوع من الكلام، ممنوع من الإشتياق، ممنوع من الإستياء، ممنوع من الإبتسام، وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات، وكل يوم بحبك أكتر من اللي فات.
واستمرت الأغنية ومعها زاد تركيز الشلة......
حبيبتي يا سفينة متشوقة وسجينة، مخبر في كل عقدة، عسكر في كل مينا، يمنعني لو أغير، عليكي أو أطير، ليكي واستجير، بحضنك أو أنام، فى حجرك الوسيع، وقلبك الربيع، أعود كما الرضيع، بحرقه الفطام، حبيبتي يا مدينة، متزوقة وحزينة، في كل حارة حسرة، وف كل قصر زينة، ممنوع من إني أصبّح بعشقك.. أو أبات، ممنوع من المناقشة، ممنوع من السكات، وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات، وكل يوم بحبك أكتر من إللي فات.
مع نهاية الأغنية بان على ملامح أسامة تأثر شديد وأرسل زفرة قوية من صدره مع نهايتها، وقال ليسري حرام عليك يا أخي وراح قايم ماشي حاولت أمسكه من إيده زق إيدي ونزل، أبونادم نادى عليه يا أستاذ أسامة ماردش عليه، بصيت لأمجد وقلت له فيه إيه أسامه ماله، قال لي سيبوه هو هايروق، بكرة الصبح هايبقى كويس، يسري سأل أنا مش فاهم حاجة إيه اللي حصل، أمجد قال إن أغاني الشيخ إمام كانت من أسباب عدم قبول أسامة في كلية الشرطة وكمان عدم تعينه معيد في كلية تربية.
يسري أغلق اللاب توب وأنا وأبونادم وعبد الله اللي كان دخل في لحظة نزول أسامة بصينا لأمجد، اللي قال أبو أسامة الأستاذ ميخائيل رزق الله كان مدرس فلسفة زي ماتنو عارفين وكان ليه نشاط سياسي وكان يساري، وإتقبض عليه بتهمة غريبة جداً وهي سماع أغاني الشيخ إمام، اللي كانت متصنفة أغاني تحض على قلب نظام الحكم، رد أبو نادم أنا أول مرة أسمع الحكاية دي، أستاذ ميخائيل الله يرحمه كان راجل ولا كل الرجالة وخيره وأفضاله على الحتة والمنطقة دي إزاي ماعرفناش حكاية المعتقل دي، أمجد قال مش فاكرين في فترة قالوا إنو جات لو إعارة للجزائر رد عبد الله أيوة قعد هناك حوالي أربع سنين، فرد أمجد ماكانش في الجزائر ولا حاجة دا كان في المعتقل.
قال يسري فيه فعلاً ناس إتحبست بسبب الأغاني دي، عبد الله قال أنا شايف إن الحكومة إللي تخاف من أغاني تبقا حكومة نهاوند، وقانونها "سيكا" وكمل كلامه والله أنا خايف لا يكون الأسبوع اللي غابوه عبده على ماتفرج بسبب أغنية، رد أبو نادم ممكن وطالما أسبوع واحد بس يبقا كانت أغنية شابية، ضحكنا كلنا لكن بمرارة.
يسري قال لأمجد طبعاً رفض أسامة في كلية الشرطة ليه علاقة بالموضوع دا، رد أمجد أكيد إزاي هايقبلوا واحد فيها أبوه كان معتقل، وكمان لما طلع الأول في كلية التربية كان رد الأمن لإدارة الكلية إن والده معتقل سياسي سابق وتعينه إترفضت، وكمل أمجد كلامه وقال وموظف في شئون الطلبة واضح إنو "أمنجي" قديم قال لأسامة عايز تبقا معيد وأنت مسيحي وكمان أبوك كان مسجون، علشان كدا الأغنية إتسببت في اللي حصل.
ساد صمت كئيب جداً على القعدة قطعه يسري اللي قال وهو بيقف وهايمشي أنا آسف جداً عكننت عليكم الليلة، رد أبو نادم بسرعة انت رايح فين يا أستاذ وعكننت علينا إيه ماهو زي ما بتقول الأغنية ممنوع من الإستياء وممنوع من الإبتسام وكل حاجة ممنوعة يبقا برضه أنت مكان مالكش ذنب في حاجة، ومسك إيد يسري كمل يا أستاذ الأغاني وضحك وقال..... وممنوع الإعتذار.
http://www.copts-united.com/article.php?A=1252&I=34