الصليب الأحمر: عدد ضحايا زلزال هاييتي قد يصل إلى 50 ألف

BBC Arabic

قدَّرت منظمة الصليب الأحمر الدولية أن يتجاوز عدد ضحايا الزلزال المدمِّر الذي ضرب هاييتي الثلاثاء الماضي الـ 50 ألف شخص، بينما تواصل فرق الإنقاذ البحث عن ناجين وسط الأنقاض.

كما قالت المنظمة إنها تخمِّن أن يكون أكثر من ثلاثة ملايين شخص قد تأثروا بالزلزال، بين قتلى ومصابين، ومشردين، أو غيرهم.

فيالصليب الأحمر: عدد ضحايا زلزال هاييتي قد يصل إلى 50 ألف غضون ذلك، أفاد شهود عيان بأن عددا من سكان هاييتي الغاضبين أقاموا حواجز من جثث الضحايا في شوارع العاصمة بورت أوبرينس احتجاجا على تأخر وصول المساعدات إليهم، وذلك بعد أكثر من يومين على حدوث الزلزال المدمِّر.

وقال شاؤول شوارتز، مصوِّر مجلة تايم الأمريكية، إنه رأى اثنين على الأقل من تلك الحواجز التي أُقيمت من مزيج من الصخور وجثث الضحايا الذين سقطوا في الزلزال.
وقال شوارتز في مقابلة أجرتها معه وكالة رويترز للأنباء: "لقد شرعوا بسدِّ الطرقات بالجثث، فالوضع هناك يزداد بشاعة حقا، إذ يئس الناس من الحصول على المساعدة."

جاءت تلك التطورات في أعقاب الدعوة التي وجَّهها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرئيسين السابقين، جورج دبليو بوش وبيل كلينتون، وطلب منهما فيها المساعدة بالجهود التي تبذلها بلاده حاليا لإغاثة الناجين من الزلزال.

دعوة مماثلة
وتعيد دعوة أوباما هذه إلى الأذهان دعوة مماثلة كان قد وجهها بوش نفسه في عام 2004 عندما ضرب زلزال تسونامي مناطق عدة في آسيا، إذ قدَّم عندئذ الرئيسان السابقان بيل كلينتون وبوش الأب مساعدتهما في جهود الإنقاذ.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت جيبس، اليوم الخميس إن الرئيس أوباما يعتقد أن دعوة سلفه جورج دبليو بوش للرئيسين السابقين كلينتون وبوش الأب كانت ثمة مبادرة جيدة.

قد كشف جيبس أن أوباما كان قد اتصل بالرئيسين كلينتون وبوش يوم أمس الأربعاء لمناقشة إمكانية تدخلهما لتعزيز جهود الإغاثة التي تقوم بها واشنطن في هاييتي.

تفاصيل التحرك
وقال المتحدث إن النقاب سوف يُكشف خلال الأيام القليلة المقبلة عن تفاصيل التحرك المحتمل للرئيسين السابقين في هذا المجال.

وبشأن انتقادات إدارة أوباما لسلفه حول ما قام به حيال إعصار كاترينا الذي ضرب مدينة نيو أورليانز بولاية لويزيا الأمريكية في عام 2005، قال جيبس إن ذلك يُعدُّ أمرا منفصلا ولا علاقة له بما يجري الآن في هاييتي.

وأضاف قائلا: "أعتقد أنك لو سألت جورج بوش نفسه عمَّا إذا كانت الحكومة قد فعلت ما بوسعها استجابة لإعصار كاترينا، فسوف يكون الجوب لا. أما الإجراءات التي اتُّخذت للتعامل مع الأزمة الإنسانية الناجمة عن زلزال تسونامي، فقد سارت على ما يُرام، بحسب اعتقادي.

إرسال الجنود
وكان أوباما قد أمر اليوم الخميس أيضا بإرسال حوالي 3500 جندي و2200 عنصر من قوات المارينز للمساعدة بجهود الإغاثة في هاييتي، وذلك في أكبر عملية إغاثة وإنقاذ خلال التاريخ الأمريكي الحديث.

ففي كلمة أدلى بها الخميس، ونُقلت على الهواء مباشرة، قال أوباما: "إن هاييتي لن تُنسى في ساعات محنتها."
وتعهَّد الرئيس الأمريكي بتقديم مبلغ 100 مليون دولار كمساعدة عاجلة تقدَّم مباشرة لهاييتي، مشيرا إلى ان استثمارات بلاده في تلك البلاد سوف تزداد خلال العام المقبل كنوع من المساهمة بإنعاش اقتصاد الجزيرة المتضرر من جرَّاء الزلزال.

يُشار إلى أن الآلاف من مواطني هاييتي يقضون ليلتهم الثالثة في العراء بعد الزلزال المدمِّر الذي ضرب بلادهم وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف وإصابة وتشريد مئات آلاف الآخرين.

عيادت مؤقتة
وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن العيادات المؤقتة والمستشفيات المتنقلة التي أقامتها قد شهدت ازدحاما كبيرا عليها من قبل المصابين، إذ أن إصابات العديد منهم خطيرة.
في غضون ذلك، قالت منظمات الإغاثة والسلطات المحلية إن البحث عن الناجين من الزلزال لا يزال مستمرا، ومن المقرر أن يبدأ وصول المزيد من المساعدات الأجنبية العاجلة إلى البلاد خلال الساعات القليلة المقبلة.

وكانت أولى طائرات الإغاثة الأمريكية قد بدأت بالفعل بالوصول إلى مطار عاصمة هاييتي، بورت أوبرينس، كما أن السفن الحربية الأمريكية في طريقها للجزيرة.

فرق إنقاذ
كما أعلنت دول الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا أنها سترسل فرق إنقاذ وطواقم طبية إضافية إلى هاييتي، فيما تعهدت دول في أمريكا اللاتينية أيضا بإرسال معونات.

وقد تم نشر قوات حفظ السلام الدولية التي كانت تقوم بهذه المهام قبل الزلزال في الجزيرة للسيطرة على أعمال العنف في حال اندلاعها، فيما أخذت تقارير ترد عن عمليات سلب ونهب في المناطق التي ضربها الزلزال.

وقال آندرو جالجن، مراسل بي بي سي في بورت أوبرينس، إن الوضع في المدينة يزداد بؤسا حيث ليس هنالك ثمة دلائل على وجود تنسيق في أعمال الإنقاذ، كما أن الخدمات الطبية المُقدمة لا تكاد تُذكر والمعونات قليلة للغاية.

تقييم رسمي
وأضاف المراسل قائلا: "لم يتمكن رئيس البلاد، ريني بريفال، من إعطاء تقييم رسمي لعدد القتلى. لا أدري. حتى الآن سمعت عن 30 ألف... 50 ألف قتيل".

بدوره، روى بريفال كيف كان يمر فوق جثث الموتى ويسمع صرخات المحتجزين تحت أنقاض مبنى البرلمان.

من جهته، قال ماثيو برايس، مراسل بي بي سي الذي قام بزيارة ساحة أحد المستشفيات في المدينة المنكوبة، إنه وجد نحو مائة جثة ملقاة في المكان. كما رأى أحياء يفترشون الأرض بين جثث الموتى.

معدات ثقيلة
ويقول خبراء الإنقاذ إن عدم وجود معدات ثقيلة تحت تصرفهم يعيق جهود إنقاذ المحتجزين، حيث يبحث الناس عن المفقودين بين الركام، مستخدمين بذلك أيديهم أو آلات بسيطة.
وفي حديث مع وكالة رويترز للأنباء، قال أحد أفراد قوة حفظ السلام: "نحن لا ندري ما نفعل، إذ لم نتمكن من الوصول إلى كافة المناطق المنكوبة".

في غضون ذلك، قال بول مكفان، المتحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود، إن عددا كبيرا من المصابين بصدمات عنيفة أو بجروح خطيرة في الرأس أو بأطراف محطمة تدفق على العيادات المؤقتة التي أقامتها المنظمة، "لكننا غير قادرين على تقديم سوى الرعاية الطبية البسيطة".

وقد انهارت إحدى عيادات الطوارئ التابعة للمنظمة بفعل الزلزال، فيما تضررت الاثنتان الباقيتان بشدة بحيث يستحيل استخدامهما.

انفجار اسطوانات الغاز
وقد لجأ نحو ألف شخص إلى هذه العيادات المتنقلة، من بينهم نحو 50 شخصا تلقوا علاجا بسبب إصابتهم بحروق بعد انفجار أسطوانات الغاز المنزلية التي كانت موجودة في المباني المدمرة.

وقال هانس فان ديلين، أحد العاملين في المنظمة: "إن هناك مئات الآلاف ينامون في العراء لأنهم بلا مأوى".
وأضاف قائلا على الموقع الإلكتروني التابع للمنظمة على شبكة الإنترنت: "نحن نرى كسورا واضحة في الجسم، ونرى إصابات في الرأس. المشكلة أننا لا نستطيع تحويل الناس للجراحة في هذه المرحلة".

انقطاع الاتصالات
ومع انقطاع الاتصالات تقريبا مع هاييتي، يصارع أبناء الجزيرة للاتصال بأقربائهم.

ويتجمع الناس في مركز هاييتي الاجتماعي في مدينة ميامي الأمريكية للصلاة وجمع التبرعات لعمال الإغاثة.

ووقع الزلزال، وهو الأشد الذي يضرب المنطقة خلال قرنين وكان بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، جنوب غربي بور أو برنس، وكان مركزه يقع على بعد 15 كيلومترا من المدينة.

وقال روجر سيرل، الأستاذ في قسم علوم الأرض بجامعة درهام البريطانية: "تعادل قوة زلزال هاييتي الطاقة الناجمة عن انفجار نصف ميجا طن من مادة الـ تي إن تي".