أحمد فؤاد نجم الضمير الخشن

اليوم السابع

 لا يدرك نجم إلا أبناء جيلى جيل السبعينيات، جيل «الصابرا»، آخر الأجيال الثورية، حينما لم تكن الثورة «مهنة»، كانت مصر حبلى بالثورة، تتكحل برماد أشلاء شهداء عمال أبو زعبل، وتحمر عيونها بكاء على أطفال بحر البقر، ومن «حوش قدم» ينبع الحب والحزن والثورة، ويفيض نهر عود إمام على هدير كلمات نجم، ونبضات قلب «طبلة» محمد على: «مصر يامه يا بهية، ياأم طرحة وجلابية، الزمن شاب وانتى شابة، هو رايح وانتى جايه». كان الميدان (التحرير) لم يعرف بعد مصطلح (ناشط) - والثورة لم تكن تدرك «التلقيح التمويلى»، ولم تكن الحالة الثورية تدرس فى كورسات، وعلم الثورة لم يكن علما غربيا، والواد عبدالودود الرابض على الحدود هو الأيقونة وليس البرادعى، كنا ندفع الدم من أجل الوصول إلى 6 أكتوبر وليس أن ننزف الدم بالعودة 6 شهور للوراء إلى 6 إبريل، كان فى المقدمة أحمد عبدالله رزة، وأحمد بهاء الدين شعبان، وسهام صبرى، وكانت الجامعة تتزين بالحب لا بالكراهية، كانت الثورة هى الفرح، نتغنى مع نجم وإمام: (تخاصمنى كتير، تصالحنى كتير، كل ده يا حبيبى ملوش تأثير)، تنفرج أسارير الميدان، لا ذقون ولا نقاب، الذقن الوحيدة الجميلة، ذقن الفتى جيفارا، (جيفارا مات، جيفارا مات، آخر خبر فى الراديوهات) كان جيفارا أمين الثورة وليس صفوت حجازى، كان الجيش والشعب إيد واحدة، ودما واحدا، قبل أن يصبح الشهيد عبدالمنعم رياض تمثالا حجريا، وشاهدا على اقتتال «الثوار» الجدد، كانت الشهادة الوحيدة أن تدفع حياتك على شط القناة، وليس أن تدفعها فى محمد محمود أو ماسبيرو، ونجم يكتب: (دول مين ودول مين دول عساكر مصريين) - ولكن الفرحة أجهضت، (وشرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووتر جيت عملولك زيطة وزفة سلاطين الفول والزيت، آه يا عم نجم يا أيقونة الحزن المعتق، ووشم مرسوم على قلبى، سلاما قلمك المرصع، (وقد إية القلب يعشق لو سمع كلمة سلام) أعرف أنك لم تعش لحظة سلام واحدة سوى حينما أغمضت عينيك، وامتطيت ظهر جواد الرحيل، صهيل الحلم المصرى القادم من أعماق الجرح، وأحلام الشعراء العشاق يهدر مع أمواج عود إمام، وطير يا حمام ودى السلام لأحمد فؤاد والشيخ إمام.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع