محمود الزهيري
بقلم: محمود الزهيري
من جديد ستكلل مجهودات الأجهزة الأمنية بكافة أنواعها في شد إنتباه الشارع المصري , بل وبعض من الشارع العربي , في صرف الأنظار , وتغييب العقول , عن القضايا المصيرية المتعلقة بالإنسان المصري , المفقور والمريض , والبائس في عجزه عن تصاريف شئون حياته المعيشية , وهذا النجاح هذه المرة سيصرف الأنظار عن مجزرة نجع حمادي , والمجازر الأخري التي ترتكب بدون سكاكين أو مطاوي قرن غزال , أو سنج , أو أسلحة نارية . وهكذا سيتم لفت الأنظار عن الجدار الفولاذي بين النظام المصري , وبين المجتمع المصري بمطالبه الإجتماعية / الإقتصادية المتعلقة بمصيره وحرياته , وكذا العازل بين النظام المصري , وبين غزة المعزولة عن فلسطينيتها , وبين المجتمع المصري , بل وسيتم صرف الأنظار عن مبادرة الدكتور محمد مصطفي البرادعي الراغب في ترشيح نفسه لوظيفة رئيس جمهورية , وذلك بمطالبه بتعديل المادة 76 , 77 , 88 من الدستور المصري تلك المواد العازلة بين إرادة المجتمع المصري في إختيار من يمثله في وظيفة رئيس الجمهورية في المادة 77 , والتي تحول بين رحيل النظام الحاكم في المادة 77 , والتي تبيح التزوير والبلطجة والإرهاب في المادة 88 .
سيأتي الدور الباهر للإخوان المسلمين , في الشارع , وفي مجلس الشعب , ومعهم الجماعات الدينية في مصر , ويشاركهم في ذلك المؤسسة الدينية الرسمية ممثلة في الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء ومجمع الشئون الإسلامية , ومعهم خطباء الجمعة , ليعلنوا الرفض الجامح , ويحرزوا إنتصارات مبهرة , سيكون المجال متاحاً لكل عاقل , ولكل مجنون , وكذلك لكل زاعق وناهق ..
إنه طعم لذيذ سيلوكه المغفلون بلاقصد , والمأمورون سيمضغوه بهوادة وقصد , واصحاب اللحي والجلاليب وزجاجة العطر والمسواك ,سيبلعوه بلعاً , حيث لاعقل .
إنه الطعم الموضوع بسنارة الأجهزة الأمنية التي رامت أن ينشغل المجتمع المصري عن همومه وقضاياه , إلي الإنشغال بقضية زواج مثلي بين إثنين من الفنانين المصرين , وهنا في البداية نقول قبل أن يقولها آخرين : أستغفر الله العظيم ..
وموضوع هذه الجريمة النكراء , والمصيبة الشنعاء , ترجع إلي ماصرح به وائل الإبراشي رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة , حيث أكد الابراشي أن قضية الفنانين الثلاثة نور الشريف وحمدي الوزير وخالد ابوالنجا حسمها القضاء وصدرت أحكام بالحبس على الصحفيين وغرامات مالية وقد تصدر أحكام "خراب بيوت" ضد عبده مغربي رئيس تحرير جريدة البلاغ الجديد والمحرر ايهاب العجمي بسبب دعاوى التعويض المقامة من الفنانين والفندق ..
والكلام مازال للإبراشي : هذا عن الصحفيين لكن كان الأحرى بالفنانين أن يعلموا بأن حياتهم الخاصة ليست ملكا لهم وأنها جزء من حياتهم التي يعرفها الجمهور وعندما يعلن فنان زفافه على صديقه في حفل شذوذ علني فالأمر يتطلب وقفة وحساب .
وكان هذا الكلام الصادر من وائل الإبراشي مرجعه إلي ماتم علمه به من أن أحد الفنانين الثلاثة , من أنه أقام حفل زواج علي صديقه بشاطئ العجمي بالأسكندرية .
والغريب في الأمر أن يقال أن : بعض الحاضرين لحفل زواج هذا الفنان بزميله , اثار إشمئزاز الحاضرين من المدعوين , اثناء حفلة الزفاف هذه , والمتوجب أن يكون لديهم علم بهذه الإحتفالية الخاصة بالزواج المثلي بين فنان وزميله , حيث أنهم مدعوون مسبقاً !!
والغريب في الأمر كذلك ماصرح به وائل الإبراشي لصحيفة البشاير من أن :
عدد كبير من الذين حضروا زفاف هذا الفنان "رفض ذكر اسمه" انزعجوا جدا من الوضع الذي وجدوا نفسهم به ليلة العرس وقرروا الظهور معه في برنامجه"الحقيقة" على شاشة دريم 2 ليكشفوا كل التفاصيل التي عاشوها لحظة بلحظة لكنه لأسباب كثيرة أبسطها عدم الخوض في الحياة الخاصة رفض كشف الأمر!!
وهذه أضحوكة , أو أعجوبة , أن لايتم ذكر هذه الواقعة وذكر أسماء من فيها , وتحرير محضر بذلك , ويتم تحريك القضية , علي أساس أنه يوجد زملاء في مهنة الصحافة لوائل الإبراشي , وقد صدرت ضدهما أحكام بالحبس , والغرامة , والتعويضات المالية التي علي حد قول وائل الإبراشي ( خراب بيوت )
أليس كان من الأحري بوائل الإبراشي بصفته الصحافية والإعلامية كما قال هو عن نفسه , أن يتم تحرير محضر بالواقعة والكشف عن أسماء الفنانين المتهمين , أو غيرهم , وسماع شهود الواقعة هذه , بإعتبار أن هذا المحضر بمثابة طريق لفتح باب التحقيق من جديد لظهور أدلة جديدة تبرأ ساحة عبده مغربي , وإيهاب العجمي , من السجن والغرامات والتعويض , بدلاً من أن يقول وائل الإبراشي : بأن عبده مغربي راح ضحية تهوره وتسرعه لكن "الثوب الابيض" للفنانين ليس كله بريئا !!!!
وإذا كان الأمر كذلك , فلماذا الإعلان عن هذه الجريمة الحقيقية أو المزعومة , وفي هذا التوقيت بالذات , خاصة وأن عبده مغربي , وإيهاب العجمي قد صدرت ضدهم أحكام بالحبس والغرامة والتعويضات المالية في الإنتظار؟!
أعتقد أن الأجهزة الأمنية لها غرض , من ورائه مرض , هو تهييج الغرائز السياسية , وتصريفها في الإتجاه الذي تريده , إبقاءاً منها علي الوضع المأساوي للمجتمع المصري , والجرائم التي طالت وجه النظام الحاكم , حيث إنعدم الحياء من الوجوه !!
وفي النهاية من لديه غرائز سياسية , فليوظفها في السر , أفضل من توظيفها في العلن , حيث مازال حلم التغيير , والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان , ودولة المواطنة , والدولة المدنية بعيدة المنال , بسبب أصحاب الغرائز السياسية , والنزوات الدينية !!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=12837&I=328