مجدي ملاك
بقلم / مجدي ملاك
النقد الذاتي واحد من أهم مسببات النجاح في أي عمل يريد أن يصل للهدف الذي تم تحديده عند التفكير في بداية العمل وحين يتم التعثر في منتصف الطريق فهذا أمر وارد أن يحدث وهنا علينا التوقف من أجل إعادة النظر في أسباب التعثر ومحاولة الوصول لعلاج يدفع بالمركب إلى الأمام مرة أخرى ويدفع نحو الهدف الذي يسعى الجميع إليه.
هذه المقدمة تحديداً هو ما ينطبق على الواقع القبطي في الوقت الحالي، ففي حين كان الكل سعيد بما يحدق على الساحة القبطية الخارجية تحديداً من نشاط ملحوظ كان الهدف منه هو محاولة لعب دور هام في التعبير عن معاناة أقباط الداخل بهدف التأثير على صانع القرار من أجل اتخاذ خطوات ايجابية لتعديل تلك الأوضاع وهو ما أسفر بالفعل ولعل أكبر دليل على ذلك هو مؤتمر واشنطن الذي عُقِد وأحدث ضجة كبيرة وكان له فضل كبير في لفت نظر الرئاسة المصرية والنظام المصري بشكل خاص ومحاولة بعض الجهات التقرب لبعض من الأقباط لعل ذلك يسمح لهم بتهدئة تلك المؤتمرات التي غطتها وكالات أنباء عالمية كبيرة.
ولكن ما هو الموقف الآن؟ يمكن وصف المرحلة الحالية بأنها مرحلة التخبط التي أصبح الكل يعمل بمعزل عن الآخر وبحيث اختلفت الأهداف ولم يعد الهدف الكبير واضح أو ظاهر كما كان من قبل، وربما هذا الكلام يغضب البعض ولكن الحديث بصراحة ووضح عن هذه المرحلة أمر هو ويتسق مع ضرورة الإصلاح التي يجب أن تعيد المسار القبطي إلى طريقه الصحيح حتى نستطيع أن نحقق ما كان الجميع يسعى إليه حين بدأ هذا الجهد.
ولتصحيح المسار يجب أن نعي بعض من سلبيات المرحلة الحالية التي دفعت إلى هذا الأمر ومنها:
التنافس على القمة حين ظهر القضية القبطية بوضوح، وكما يقال في الأمثال فأن النجاح له ألف رجل والفشل ليس له أحد، هكذا كان الوضع حينما نجح العمل الجماعي للأقباط في التعبير بصدق عن ما يعانيه الأقباط، بدأ الجميع يظهر ويعلن أنه السبب في هذا النجاح وبدأ وكأن هناك سباق نحو عقد المؤتمرات لكي يثبت كل طرف للأطراف الأخرى أنه هو مَن يعقد المؤتمرات وهو مَن يسلط الضوء على تلك القضية وبالتالي أصبح هو المناضل الذي يجب أن يقف الجميع تبجيلاً له ومن ثم يمكن وصف تلك المرحلة بأنها كانت مرحلة الشو الإعلامي على حساب القضية، وهو ما ساعد على ضياع بعض من ملامح القضية القبطية لتبقى ملامح الراغبية في الظهور الإعلامي هي الأكثر وضوحاً وتكراراً من القضية القبطية في حد ذاتها.
النقد والهدم: وهي صفة ظهرت أيضاً بمنتهى الوضوح في تلك المرحلة حيث أصبح النقد والهدم في الآخرين هو السبيل من أجل الظهور وبحيث إن اختلف اثنين من الأقباط في وسيلة التعبير أو في كيفية التعامل مع قضية معينة بدأت ظاهرة النقد بمعنى الهد وليس النقد الايجابي، ولأول مرة ظهرت مفاهيم في الوسط القبطي لم تظهر من قبل مثل (ذلك عميل أمني، وهذا تابع للحكومة والنظام، له أجندة خارجية) وغيرها من المصطلحات التي على ما يبدو أنهم تأثروا بالوقع العربي فيها ولم يستطيعوا أن يفصلوا أنفسهم عنه وبحيث مَن سمع تلك الاتهامات سوف يعتقد أنه يتحدث عن أمر يخص العالم العربي ولكن وبكل أسف كان الحديث يخص الأقباط.
غياب العمل الجماعي: وبحيث لم يعد هناك قبطي يعمل مع آخر بل تحول الأمر إلى مجموعات وربما يكون هذا في حد ذاته أمر حسن إذا كان هناك تعاون وتوحد في الهدف وبصرف النظر عن الأساليب. ولكن المشكلة الكبرى التي يعاني منها الأقباط في الوقت الحالي هو افتقادهم الكبير للعمل الجماعي الذي يساعد على تكوين رؤية واضحة وشاملة عن ما يجب فعله وما نريده تحديداً، وتلك تعتبر أحد أهم العيوب على الإطلاق لأن معظمهم يعيش في الخارج ورأى كيف يعمل الكل من أجل واحد، واحد من أجل ومن ثم فليس هناك ما يبرر عدم القدرة على العمل الجماعي.
هذه بعض عيوب المرحلة الحالية التي لا يجب أن ننكرها بل يجب علينا السعي من أجل وضعها في إطارها الصحيح والعمل على مراجعتها بمنتهى السرعة ذلك لأن قدرتنا على النقد الذاتي في المرحلة القادمة هي التي سوف تحدد مدى نجاحنا وقدرتنا على إقناع غيرنا ولعل ذلك لن يتحقق دون:
*توحيد الرؤية والهدف: وهنا أنا لا أقول توحيد الأسلوب ولكن ضرورة العمل على توحيد ما نريده في المرحلة الحالية وليس بشكل عام لأنه من المهم أن نضح مراحل لتحقيق أهدافنا، فلا يوجد شيء يتحقق مرة واحدة.
*وقف النزاعات والاتهامات: فلا يعقل أن تنحصر القضية في نزاعات شخصية بين مجموعة أو مجموعات كل منها يحاول اتهام الآخر بمجموعة من الاتهامات غير صحيحة على الإطلاق حتى وإن كانت صحيحة فلا يجب أن يكون منبرها الإعلامي هو السبيل لها لأن ذلك يعني استغلال معلومات ليس لصالح القضية ولكن بغرض شخصي، ومن ثم علينا أن نوقف الاتهامات ضد بعضنا البعض ليكون الاحترام هو ما يجمعنا حتى ولو اختلفنا.
*الابتعاد عن الشخصنة: وهي من أهم النقاط فالقضية لا يجب أن ترتبط باسم دون آخر، فشخصنة القضية في شخص ما تضعف منها ولا تخدمها فكل منّا يجب أن يعمل ويضيف للقضية وبذلك تضيف القضية له وليس العكس، فالعمل الذي يعتمد على الشخصنة هو عمل فاشل وسينتهي بمجرد انتهاء الشخص، أما العمل القائم على نظام مؤسسي فسوف تستمر القضية ليعطي لها كل من يستطيع.
تلك بعض من نقاط النقد الذاتي التي يجب أن نلتفت لها ولا يجب علينا أن ندفن رؤوسنا في الرمال حتى لا نرى عيوبنا، فرؤية العيوب وتصحيحها ونقد الذات هو أكبر دليل على الرقي وقدرتنا على فهم أنفسنا وفهم ما نريده في المرحلة المقبلة.
http://www.copts-united.com/article.php?A=1309&I=36