مهـــارات النشء والشباب.. وتسخير التعليم لسوق العمل

عزة العشماوي

 بقلم عزة العشماوي

 حددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) منذ عام 2000 في داكار بالسنغال، ستة أهداف أساسية لتحقيق التعليم للجميع، والتي يبرز منها الهدف الثالث "تعزيز التعلم واكتساب المهارات الحياتية لدى النشء والكبار".

 
وفي ضوء ما نشهده من ارتفاع معدلات البطالة، وتردي أوضاع التعليم، وانتشار العنف بالمدارس، وما ينجم عنه من ارتفاع معدلات التسرب، والترهل الإداري وسوء الأداء في العديد من مؤسسات الدولة كحلقة مفرغة، ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى الالتزام بحق النشء والشباب في تعليم وفق معايير الجودة العالمية، من أجل مواطن مصري منتج، قادر على العمل، والعطاء الحقيقي للارتقاء بوطنه على جميع الأصعدة.
 
وقد نسأل أنفسنا بعد ثورتين قامتا من أجل إعادة بناء الدولة المصرية، هل تسير مصر في الطريق الصحيح لتحقيق هدف التعليم للجميع؟ وهل هناك مساواة بين الجميع لتحقيق ذلك؟ لاسيما في ضوء التحديات المتمثلة، في التباين الواضح بمنظومة التعليم الحكومي قبل الجامعي والجامعي، وعلى وجه الخصوص بمقارنة خريجي المدارس، أو الجامعات البريطانية والأمريكية، مع نظرائهم من خريجي المدارس والجامعات الحكومية بجميع أنواعها على مستوى الجمهورية.
 
هذا التباين في مجمله، نتيجة عدم تسخير التعليم لمقتضيات العمل، ومواءمة ذلك مع الهدف الثالث لمنظمة اليونسكو من أهداف التعليم للجميع، والذي يتعلق بضمان توافر فرص للجميع من أجل أن يكتسبوا المهارات، وينخرطوا في سوق العمل، ومدى تلبية حاجتهم إلى المهارات التي يمكن أن يكتسبوها عن طريق التعليم والتدريب، مما يوفر لهم فرصا مناسبة للعمل.
 
ومن أسباب ضعف منظومة التعليم، ضعف مهارات المعلم ومعاونيه، وهم الركيزة الأساسية للتعليم، وعدم الاهتمام بتنمية كفاءتهم العلمية، والمهنية باستمرار، ومتابعة وتقييم أدائهم، وكذلك رعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه.
 
ومن الأسباب الأخرى لضعف منظومة التعليم والتعلم، هو انخفاض الميزانية المخصصة للتعليم، ناهيك عن عدم مراعاة أن يرتبط الحق في التعليم، ببناء الشخصية المصرية المبتكرة، وعدم تشجيع ورعاية الموهبة والابتكار، والاعتماد على التلقين، وعدم رعاية الباحثين والمخترعين من أجل النهوض بالبحث العلمي. 
 
يحتاج النشء والشباب إلى ثلاثة أنواع من المهارات لخلق المزيد من فرص العمل المستقبلي أمامهم وهى: المهارات الأساسية، والمهارات القابلة للنقل، والمهارات التقنية والمهنية، وكذلك سبل اكتساب تلك المهارات.
 
وتشمل المهارات الأساسية، إتقان مهارات القراءة والكتابة باللغة العربية كحد أدنى، واللغة الإنجليزية التي تعد ضرورية في يومنا هذا، ومن التحديات التي تعوق الشباب هى دخول سوق العمل بدون لغات، ونصادف في العمل من هو ضعيف في كل من اللغتين العربية والإنجليزية، نتيجة عدم الممارسة، أو قراءة الكتب، والدوريات والاطلاع والتعلم المستمر، وتعد هذه المهارات ركيزة أساسية في مواصلة التعليم، والتدريب لاكتساب المهارات القابلة للنقل، وكذلك المهنية والتقنية.
 
أما المهارات القابلة للنقل فهى تلك المهارات التي تركز على حل المشكلات، والتفاوض، والعمل الجماعي، والتعبير عن الأفكار، التواصل، الإبداع، القيادة وتحسين الأداء، ويحتاج الشباب لمثل هذه المهارات، للتأقلم مع مختلف بيئات العمل الحكومي وغير الحكومي، و التي تتيح لهم فرصاً وظيفية أفضل.
 
ولا ننسى أهمية إجادة وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل إجادة الكمبيوتر والدخول على شبكة الإنترنت، وتعد إجادة الكمبيوتر من الأساسيات في يومنا هذا، وإجادته ليست كما يعتقد البعض أن تكون القدرة على المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتحميل الأغاني والأفلام والأخبار، ولكن المطلوب هو إجادة الكتابة على الكمبيوتر بحرفيه، واستخدام عدة برامج لإعداد المشروعات المختلقة، والميزانيات، وكتابة التقارير والمشروعات، وأيضا القدرة على توظيف الكمبيوتر في العروض التقديمية، بشكل يخدم أهداف المؤسسة، ويرتقي بالأداء.
 
في حين أن المهارات التقنية والمهنية، تتسق مع بعض المهن والوظائف، التي تتطلب اكتساب مثل تلك المهارات، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية والتقنية، ويمكن اكتساب جميع المهارات السابقة من خلال التعليم والتدريب النظامي، وكذلك التعليم والتدريب التقني والمهني، وفي حالة ضياع فرص مثل ذلك التعليم يمكن تعويضه من خلال التدريب على المهارات سواء أكان ذلك من خلال برامج التأهيل أو التدريب في مواقع العمل.
 
وبمناسبة أننا تقترب من موعد الاستفتاء على مشروع دستور مصر الجديدة، أود أن أشير إلى أهمية قراءة المواد الخاصة بالتعليم "19- 20-21- 22- 23- 24" والتي تحتوي على حقوق من شأنها تحقيق تعزيز التعلم واكتساب المهارات الحياتية لدى النشء والشباب، والاهتمام بالمعلم والبحث العلمي، وحقوق الإنسان، والقيم والأخلاق، وأذكر منها المادة 19 والتي تنص على الآتي: 
 
"التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية.
 
والتعليم إلزامي حتى نهاية الثانوية أوما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون.
 
وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
 
وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها".
المزيد من أعمدة عزة العشماوي
نقلأ عن صدي البلد

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع