محمد عبد الفتاح السرورى
بقلم: محمد عبد الفتاح السروري
هناك من الأمثال والمأثورات ما يخص شعب دون غيره كإرث ثقافي واجتماعي له، وهناك أيضًا أمثال ومأثورات تمثل إرثًا عالميًا يخص البشرية جمعاء، بمعنى أن الإنسانية ومنذ أمد بعيد قد استقرت على ما يُعرف بالبديهيات مثل الحكمة القائلة (بوجوب عدم السعي لاختراع الدراجة)، ولكن على يبدو أننا في مجتمعاتنا العربية لا زلنا نعيش في مرحلة ما قبل البديهات، ورصد هذه الحالة من العمى عن بديهات الحياة لا تحتاج الي عين فاحصة ولا إلى خبرة (إستراتيجية)، بل يكفي فقط أن تكون مشاهدًا عاديًا للنشرات الإخبارية أو قارئًا عابرًا لأحداث التاريخ حتى يتسنى لك وبمنتهى السهولة استبيان ما ندعية.
ولكي يكون كلامنا موثقًا وليس مرسلاً على عواهنه نسوق ما نبغي قوله فيما يلي:-
منذ نعومة أظافرنا (السياسية) ونحن نسمع عن المبدأ الاستعماري القائل (فرّق تسد)، ومعناه لا يحتاج إلى بيان، ولكن على ما يبدو أن الأخوة في فلسطين المحتلة لم يسمعوا بعد عن هذا المبدأ الأشهر على الرغم من طول عهدهم بمقاومة مستعمر هو الأمكر من نوعه. وتتجسد هذه الحقيقة التي ندعيها وهي غياب طرح مبدأ فرق تسد عن عقليات القيادات الفلسطينية فيما هو حادث ويحدث.
نظرة عابرة إلى خريطة فلسطين المحتلة نجد أن المساحة الكلية لفلسطين جري تقسيمها ببراعة استعمارية مذهلة –وهذا ليس غريبًا على المستعمر الماكر–، فلم يعطِ المستعمر للفلسطنين مساحة واحدة ليتكوموا فيها كومًا بشريًا واحدًا ولكنه جعلهم على جزئين منفصلين متباعدين (قطاع غزة والصفة الغربية) ويا له من تقسيم. فيا ليت الإسرائيليين وأعوانهم جعلوا الفلسطينيين جميعهم في مساحة واحدة أيًا كانت مساحتها وكثافتها السكانية... فلو كان هذا ما حدث لصار للشعب الفلسطيني أملاً ولو بعيدًا في قيام دولته على هذه المساحة، ولكن لأن فلسطين محتلة بأمكر أهل الأرض فقد جعلوا هؤلاء الماكرين الشعب الفلسطيني يعيش على مساحتين -كما ذكرنا-، وقد فعل هذا التقسيم أفاعليه على مر التاريخ السالف والواقع الشاهد.
ولنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلاً.
• الضفة الغربية لها ظهير أردني تحلم إسرائيل أن يكون هو الملجأ والملاذ للامتداد المكاني لأهل الضفّة.
• وقطاع غزة له ظهير مصري ترغب إسرائيل أن يصبح هو بدوره امتدادًا جغرافيًا للقطاع.
وهنا يبرز تساؤل يطرح نفسه وبقوة.. لماذا لم يجتاح أهالي قطاع عزة ومقاتلي حركة حماس الجانب الآخر من القطاع؟ لماذا لم يتدافعوا نحو الظهير الإسرائيلي؟ هل القوات المسلحة المصرية هي التي تحتل قطاع غزة؟ وهل مصر هي التي تحاصره؟!!
شئ مذهل... إنهم مثل ساكن طرده بلطجي من شقته ثم قذف به إلى السلم فإذا بهذا الساكن المطرود يندفع نحو شقة جاره محاولاً إقتحامها بدلاً من أن يندفع نحو سكنه المحتل وأن يحاول تحرير ملكه.
هذا بالفعل ما أقدم عليه سكان القطاع وعلى رأسهم حركة حماس ذات الرايات الخضراء والتي يملكون مهارة في التلويح بها يجسدهم عليها جماهير الكرة.
مصر ليست هي السبب فيما يعانية سكان قطاع غزة بل على العكس مصر تتحمل من جراء هذه المعاناة الكثير، إن أسوأ ما يبتلي به شعب هو أن تحكمة قيادة خطابية يحكمها نسق غير عقلاني يعشق الهتاف ويقدس الرايات الرفرافة. إن اسوأ ما يبتلي به شعب هو ان تحكمه قيادة غير واعية بمقتضيات الواقع وسنة الحياة.
لقد أخطأت حركة حماس خطأ كبير عندما لم تنقاد تحت لواء الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا في الضفة الغربية لقد أجرمت حركة حماس جرمًا كبيرًا في حق القضية الفلسطينية عندما لم تخضع للرئيس محمود عباس –أيًا كان رأيها فيه– لكي يصبح الفلسطينيون جميعهم على قلب رجل واحد خاصة بعد المبادة العربية المعروفة.
لقد تجسد المبدأ الاستعماري القديم فرق تسد –كأفضل ما يكون- فيما حدث بين فتح وحماس، ولكن حماس هي التي تتحمل المسئولية لأن حركة فتح مقبولة عربيًا ودوليًا، أما حركة حماس فلا هي مقبولة لا دوليًا ولا عربيًا، وبهذا أوجدت إسرائيل داخل فلسطين كيانًا فوضويًا لا ضابط له.
وتظل المعضلة الكبرى في القضية الفلسطينية هي هذه الآفه اللعينة التي ما إن تبتلي بها قيادة من القيادات إلا ويكون مصير قيادتها الفشل والانحدار، وما هذه الآفه إلا الرغبة في إرضاء الجماهير والطرب لسماع هتافهم الهادر..
وعن دور الجماهير والرغبة في إرضائهم الحديث يطول هم مكمن الداء وفي مخالفتهم الدواء ولكن من يستطيع ومن يقدر ومن يقبل أن يتلقي هو الرصاصة الأولى.
http://www.copts-united.com/article.php?A=13193&I=335