أنا...الله

مايكل فارس

بقلم: مايكل فارس
قررت بعد تفكير عميق أن أشتغل بمهنة أخرى غير التي أشتغلها فهي تؤرقني كثيراً، وظللت أبحث عن مهنة تريحني.. مهنة تجعل آرائي هي الحق المطلق، تجعل كلماتي هي الصواب الأبدي الأزلي، مهنة تجعل تفكيري هو الخط المستقيم الذي يجب أن يسري عليه كل البشر الذين يختلفون على ما لا يعرفون، مهنة تجعلني السلطان في ذاك العصر والأوان، تجعلني أختار بكامل إرادتي من البشر ما أريد وألفظ منهم مَن ألفظ دون حساب من أحد.
مهنة تجعلني أختار ديانة البشر الرئيسية وأحددها وأستبعد باقي الديانات وأقصيها رغماً عن أنفهم بل وأذلهم وأجعل أقصى حلم للفرد منم هو أن يضمن أنه سينام هذه الليلة دون أذى مني أو من أتباعي فتصبح كامل سعادته هو أنه نام ليلاً واستيقظ بخير دون كارثة.
مهنة تجعلني السيد على البشر وتجعل الدين الذي اخترته هو السيد التابع لي وباقي الأديان الأخرى العبيد لنا ولاتباعنا، وغير مسموح لأي أحد منهم بمزاولة أي نشاط وأخذ أي حقوق إلا عن طريق هبة مني وتفضل وعطف مني عليهم.
قررت أنا الموقع أدناه أن أكون الله.. الجبار.. القهار.. القوي.. وسآخذ قراراتي دون من يحاسبني، واخترت الدين الذي سأجعله السيد على البشر واخترت مكان سيطرتي..سيكون (مصر) ومنها.. سيكون الويل وكل الويل على كل أتباع الديانات الأخرى.. خاصة المسيحيين واليهود والبهائيين..
هؤلاء الذين يعيشون في مصر والذين يدعون كذباً أن لهم حقوق، فالحقوق لديني فقط الذي اخترته، أما أديانهم فهي عبيد لديني فنحن الأسياد وهم العبيد، ونحن الآلهة وهم البشر، ونحن المطلق وهم النسبي الخاضع لنا، ونحن الذين نعطي وقتما شئنا، فحقوقهم هي عطايانا التي نختار أن نعطيها فهم ليسو بشراً أحرار.. بل هم عبيدنا.. نقتل منهم من نريد.. ونحرق منازلهم كيفما شئنا ونحتقرهم دون رادع... فهل من أحد يردع إله؟
وعليهم الخيار لكي يتركوا فئة العبيد التي يعيشون فيها وينضموا لفئة البشر الأحرار.. أن يتركوا أديانهم الزائفة الفاسقة وأن ينضموا لديني الذي هو (خير دين لكل زمان ومكان).
وبصفتي الجديدة.. حيث نصّبت نفسي إله... اتخذت عدة قرارات إستثنائية في شهر أبريل االجاري.. وهي:
•    أعطيت أتباعي في كل أنحاء مصرالحق في إزدراء كل الأديان الأخرى بل البحث عن أتباعهم في مصر وحرق منازلهم وتشريد أهاليهم وتيتيم أطفالهم.
•    من حق أتباعي في كل الأرجاء.. إذلال وقمع وقهر كل أتباع باقي الديانات الأخرى.
•    من حق أتباعي أن يكونوا أسياد للعبيد الموجودين وعدم إعطائهم حقوقهم.. وهل للعبد حقوق... وأن أرادوا -هؤلاء العبيد- حقوق فليغادروا مصر.
•    إن أخطأ أحد من أتباعي ذات يوم وأعطاهم حقاً من حقوقهم بحجة إنه بشر وأنسان.. سيكون الويل وكل الويل لذلك الشخص.
هذا الإله الذي نصّب نفسه إله على البشر.. كان بشراً ولكنه لم يقتنع بأنه بشر، هو شخص متعصب.. يرى أن دينه فقط هو الحق المطلق وباقي الأديان هي الفسق الملطق، لذا نصّب نفسه إله ليزدري كيفما شاء في أديان الناس، ليكفر من يشاء، ويفحص نوايا الناس وقلوبهم.. جعل نفسه إله لينقص الناس حقوقها، ولم يراعي ذاك المتعصب أنهم مخلوقات الله مثله والله يحب البشر سواء، ولكنه أنقصهم حقوقهم لأنهم لا يؤمنون بما يؤمن به..
لذا نصب نفسه...الله.. ليكون كلامه المطلق ونحن الخطأ المطلق.
فألى متى نقول ما نجهل... ونجهل ما نقول؟