جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى
في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشها المسيحيون المصريون في وطنهم ووطن أجدادهم الفراعنة مصر بات الحديث عن وجود حركة أو تنظيم أو تكتُل باسم المصريين المسيحيين من أحد أهم الخيارات المطروحة وبشدة الآن على الساحة، لأنه من الأمور غير المعقولة ولا المقبولة والتي لا يُصدقها عقل –أبداً- أن يوجد بمصر حوالي 15 مليون مسيحي -غير المُتنصرين- الذين قد يصل تعدادهم إلى 3 مليون نسمة على أقل تقدير!، ويُمارَس ضدهم هذا الكم الهائل من الإضطهاد والإقصاء والتغييب!!
فليس من المعقول مثلاً ونحن في عصر حقوق الإنسان أن يوجد برلمان بمصر ولا يُمثل فيه سوى ثلاثة أشخاص مسيحيين ومنهم إثنتان بالتعيين، ومن الظُلم البَيّن أن لا يوجد مسيحي مصري بالمناصب الحساسة بالدولة كالمُخابرات العامة وجهاز الأمن القومي ورؤوساء الجامعات و.. و..!!، فهذه المُمارسات الحكومية ضد المسيحيين المصريين تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على أن الحكومة المصرية تنظر للمسيحية (كدين) على أنها تُشكل تهديداً للأمن القومي!!!، الأمر الذي يؤكد على تعصُبها وتطرُفها.
ومع أنني من الرافضين بشدة لفكرة وجود حزب ديني أو جماعة تتخذ من الدين شعاراً لتحقيق أهدافاً سياسية في مصر، إلا أنني وفي ظل هذا الوضع المُزري والمأساوي وفي ظل الإستخفاف الحكومي بحقوق المسيحيين المصريين أقبل بفكرة وجود جماعة أو حركة أو تنظيم مصري ديني مصر، وهذا المطلب ليس بالمطلب الغريب ولا أراه شاذاً ولا طائفياً بالمرة في ظل سماح الحكومات المصرية المُتعاقبة بوجود جماعة إسلامية تتخذ من الإسلام شعاراً وستاراً للوصول للحكم، فلقد سمحت الحكومات المصرية المُتتالية على تمكين هذه الجماعات وتغلغُلها في المجتمع حتى أصبحت جماعات شرعية ولها قوتها وإقتصادياتها الضخمة وإعلامها الفسيح وتأثيرها الواضح وقدرتها الفائقة والعجيبة على إستقطاب رجل الشارع البسيط لها مُستغلة في ذلك فقره وحاجته، حتى لبى ندائها وأصبح مديناً بالولاء لها، لأنها عوضَته تعويضاً كافياً عن إحتياجاته وضرورياته التي حرمته منها الحكومات المصرية المُستبدة وتحديداً من بعد قيام ثورة 1952!!!
وبالتالي فوجود جماعة يُمكن أن نُطلق عليها "جماعة الإخوان المصريون المسيحيون" في مواجهة "جماعة الإخوان المسلمين" سوف يكون لها دوراً بالغ الأثر في إحداث التوازن المطلوب لإرجاع أو إسترجاع الحقوق المسلوبة للمسيحيين المصريين، فوجود مثل هذه الجماعة سوف يُغير من المراكز القانونية في المصالح والوزارت والمؤسسات الحكومية المصرية بالطريقة التي تجعل هناك تمثيل أكثر فعالية للمسيحيين المصريين في البرلمان والمناصب الحساسة بالدولة، وقد تضمن على الأقل تمثيل 20% من المسيحيين بأجهزة الدولة، وسوف تُصَعّد هذه الفكرة نسبة المسيحيين بالبرلمان ووقتها سيجدون صوتاً يُعبر عنهم ويلتقط همومهم والآمهم وتطلعاتهم الوطنية التي تخدم مصر في المقام الأول، فالمسيحيين المصريين الآن لا يوجد من يُعبر عنهم وعن هموهم بالبرلمان، فكيف يحصلون على حقوقهم دون وجود من يُمثلهم؟!!!
وأعود هُنا وأؤكد على أن تنظيم أوجماعة الإخوان المصريون المسيحيون لا بد أن تنطلق لتُعبر عن الهوية المصرية لأصحاب القضية نفسها، وتؤكد على فكرة الوطن التي هي فكرة غائبة عن فكر جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك قصدت أن اطلق عليها "جماعة أو تنظيم الإخوان المصريون المسيحيون"، فاسم الجماعة يؤكد على الهوية المصرية التي تُدافع عن كل المصريين دون استثناء، وكذلك الهوية الدينية المسيحية التي يجب أن يُناضل المسيحيين المصريين للحفاظ عليها بكل الطُرق السلمية والمشروعة.
ولست أدعي أبداً بأنني صاحب فكرة هذه الجماعة بل أن هناك من نادوا بها قبلي مثل الدكتور القس ناجي يوسف "رئيس اتحاد الكنائس الإنجيلية بأمريكا الشمالية ورئيس جريدة الطريق والحق المصرية المُستقلة" وغيره، فقد دعا يوسف مُنذ فترة إلى تأسيس جماعة أطلق عليها "جماعة الإخوان المسيحيون"، وأكد على أن هذه الجماعة يجب أن تقوم على تعاليم ومبادئ المسيح والتي تُنادي بالحب والتسامح، وأشار إلى أن هذه الجماعة يجب أن تتخذ شعار "المسيح هو الحل" وتُعلم المسيحيين الفهم الصحيح لبعض الآيات الكتابية، وأنا مع فكرة د. ناجي يوسف وأوؤيدها بشدة ولكن بشرط التأكيد على الهوية المصرية البحتة للجماعة وعدم تغييب فكرة الوطن عن الجماعة وهو ما وقع فيه الإخوان المسلمين،فجماعة "الإخوان المصريون المسيحيون" بدلاً من "جماعة الإخوان المسيحيون" أقوى وأشمل.
وأوكد للمرة الثانية على أن وجود جماعة باسم "الإخوان المصريون المسيحيون" ستكون خياراً مطروحاً في حالة استمرار الحكومة المصرية على حالة إضطهاد المسيحيين المصريين لدوافع دينية، ومتى تفاعلت الحكومة المصرية وإستجابت لمطلب المسيحيين المصريين العادلة والمشروعة فأنني أعتقد أن وجود مثل هذه الجماعة وقتها سيكون بلا معنى!.
ليت المسيحيون المصريون يستفيقون من نومهم العميق ويناضلوا بكافة الطُرق المشروعة والسلمية، لأنه ليس من الصعب كما هو واضح الآن أن نُفاجأ بوصول جماعة الإخوان المسلمين للحُكم بعد أن قرأنا تصريحات صادرة عن الإدارة الأمريكية نفسها وهي إدارة الرئيس أوباما بضرورة إدماج جماعة الإخوان المسلمين في العملية السياسية في مصر، وهذا مؤشر خطير لا هزل فيه لأن التصريحات صادرة من الإدارة الأمريكية، وهو ما يؤكد على تنامي حدة وسطوة وتأثير جماعة الإخوان المسلمين المشروعة.
وأؤكد أيضاً في مقالي هذا على أن مبادئ وتعاليم "جماعة الإخوان المصريون المسيحيون" لا بد أن تستند في تحركاتها على تعاليم السيد المسيح وتؤكد في ذات الوقت على الهوية المصرية والحضارية لمصر والمصريين.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=1350&I=36