جرجس وهيب
بقلم: جرجس وهيب
مشكلة مصر المزمنة هي اتخاذ القرارات العنترية وغير المدروسة.. فمنذ فترة كبيره أعلنت وزارة الاستثمارعن توزيع صكوك بملكية شركات قطاع الأعمال على المواطنين وكان هناك حماس كبير لتنفيذ المشروع من الدكتورمحمود محي الدين وزير الاستثمار وحدد له شهر فبراير من العام الماضي للانتهاء من توزيع الصكوك، وها نحن في شهر فيراير من العام الحالي، "ولا حس ولا خبر"، قرارات غير مدروسة تكون نهايتها قبل أن تبدأ ونحمد الله أن كثيرًا من هذه القرارات لا تنفذ وإلا كانت عاقبتها غير معروفة ولكن الدولة لا تتعظ.
فمنذ أيام قليلة خرج علينا وكيل وزراة التضامن بتصريح مفاده أن وزراة التضامن قررت توزيع اسطوانات البوتاجاز اعتبارًا من ألاول من شهر يوليو من العام الحالي عن طرق كوبنات توزع بمحلات صرف السلع التمونية، وطبقا للأفراد المقيدين ببطاقات التموين، وتحصل الأسرة الأقل من ثلاثة أفراد على اسطوانة واحدة، والأسر الأكبر من أربعة أفراد على اسطوانتين، مهما زاد عددها، للحد من تسرب الاسطوانات المدعومة لمزارع الدواجن والمطاعم والتي تقدر بحوالي 30% من الكمية التي تطرح بالأسوق.
طبعًا هذا القرار متسرع وخاطىء 100 % لماذا؟ لأن أعدادًا كبيرة من الأسر وخاصة الأسر الحديثة الزواج ليس لديها بطاقات تموين، فبالتالي لن تحصل على اسطوانات بوتاجاز مدعومة وعليها شراء البوتاجاز الحر والتي تبلغ تكلفة الأسطوانة الواحدة منه حسب تصريحات المهندس سامح فهمي وزير البترول بحوالي 70 جنيهًا، بمعنى أن أسرة مكونة من أربعة أفراد تستهلك اسطوانتين، عليها أن تدبر 140 جنيهًا مصاريف إضافية اعتبارًا من يوليو القادم أو الاستعانة "بوبور" الجاز والعودة للأفران البلدي!!.
فكان لابد قبل إصدار هذا القرار العنتري بحثه على الأقل في مجلس الحكومة، (الشعب سابقًا)، وهو لن يرفض قرار الحكومة وسيوافق عليه بالإجماع كالعادة، ولكن على الأقل يلفت الأعضاء نظر وزير التضامن أن هناك ملايين من الأسر ليس لديها بطاقات تموين وهناك ملايين أخرى مقيدة ببطاقة الجد، وقد تكون ثلاث أسر على الأقل في المنزل الواحد، وتصل أعداد أفراد هذه الأسر حوالي 10 أفراد على الأقل.. فهل ستكفي اسطوانتان لعشرة أفراد، كما أن مواليد ما بعد عام 2005 غير مقيدة ببطاقات التموين.
فكان يلزم قبل إصدار مثل هذه القرارات المصيرية والتي تخص الملايين من محدودي الدخل أن يتم دراستها بشكل دقيق وتعرض على الرأي العام والأحزاب لإدخال بعض التعديلات عليها ولكن الدولة قررت التخلي عن محدودي الدخل.
وأصبحوا خارج حسابتها تمامًا وخاصة وسط غياب تام لمجلس الشعب والذي انشغل أعضاؤه بالبيزنس الخاص و"التربيط" للانتخابات القادمة ونسوا من أتوا بهم إلى المجلس الموقر!!.
كما لابد من بحث بدائل للأسر غير المقيدة ببطاقات التموين فيمكن إضافتها في الفترة المتبقية لتنفيذ القرار أو تقديم قسيمة الزواج وشهادات ميلاد الأطفال إلى وزارة التضامن ليتمكنوا من صرف الحصص الخاصة بالتوجاز وخاصة أن الدولة عازمة بشكل فعلي على إلغاء الدعم العيني واستبداله بدعم مادي وإلغاء دعم الخبز ودعم السولار والبنزين بالإضافة إلى السلع التمونية، فلابد من إيجاد حل لمن لا يملكون بطاقات تمونية.
http://www.copts-united.com/article.php?A=13581&I=343