انتشار السلفية الأصولية في أوساط الشباب المسلم يثير القلق بهولندا

أمستردام- آفاق

مسلمة هولندية منقبة تسير وخلفها ابنها في منتزه عام 
أثارت مجموعة من نحو عشرة آلاف من الشباب المسلم في هولندا الذين يعتنقون المذهب السلفي الأصولي من الإسلام بعض الجدل والرفض بسبب إطلاق الرجال لحاهم وامتناعهم عن مصافحة النساء، وارتداء بعض النساء منهم البرقع الذي يغطي جميع أجزاء الجسد باستثناء العيون.
ولا يُعرف الكثير عن معتقداتهم عدا هذه الأمور الشكلية، لهذا قامت إذاعة هولندا العالمية "في بي أر أو" بإعداد برنامج وثائقي بعنوان "إن شاء الله" عن المجموعة والحديث مع عدد من هؤلاء السلفيين.مسلمة هولندية منقبة تسير وخلفها ابنها في منتزه عام!!!!
وتقول الطالبة تامي وهي ترتدي جلبابا طويل لا يظهر إلا يديها ووجهها" لا أرتدي البرقع لأني أرغمت على ذلك بل لأني حرة في ارتداء ما أرغب أرتدي ما أرغب به"، وتوضح قائلة "المرأة في المجتمع الغربي مضطهدة من قبل هذا المجتمع الذي يتوقع منها أن تظهر جسدها ليحكم عليها من مظهرها الخارجي فقط".

وترى تامي وكثير من الشبان السلفيين في الفيلم الوثائقي بأن تحولهم إلى "الإسلام السلفي" أغنى حياتهم وساعدهم على التركيز، وتقول تامي بصوت خافت أنها "تريد عبادة الله في كل ما تفعله وكل ما جاء في كتابه".
ويعتقد مخرج الفيلم هانز أوتن أن هؤلاء الشباب يحملون مرآة أمامنا لكي نرى نحن أيضا حقيقة المجتمع الذي نعيش فيه، ويوضح اوتن قائلا: "إنهم يقاومون المظاهر الشكلية الفارغة التي تسود المجتمع"، ويتتبع أوتن في فيلمه خمسة عشر شابا وشابة سلفية معظمهم من أصول مغربية بالإضافة إلى اثنين من الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام.

ويبدو أن الكثير من الشباب المسلم تحول للاتجاه السلفي في أعقاب أحداث 11 سبتمبر عام 2001، ويوضح سعيد والذي يعمل محاسبا في شركة، شعوره عندما وجه الكثير من زملاءه وأصدقائه إصبع الاتهام نحو الإسلام والمسلمين وسألوه: إذن هل هذا هو دينكم، أن تقتلوا الأبرياء؟ يقول سعيد: "وقفت مذهولا ولم أعرف بماذا أجيبهم. كان هذا دافع لي لكي أتعمق أكثر في ديانتي".
لكن اعتناق السلفية له ثمنه ايضا. يتعرض الكثير منهم للمضايقة أو الشتيمة في الشارع بسبب اللباس الإسلامي. يشعرون أن عليهم دائما تبرير موقفهم عندما تُرتكب الأعمال الإرهابية، فقد فوجأت الطبيبة فهيمة عندما انتهت من دراستها وبدأت في البحث عن وظيفة. في أحد مقابلات العمل وجه لها المسئول أسئلة ليس حول كفاءاتها وطموحاتها العملية بل حول غطاء رأسها قائلاً: كم من مرة تذهبين للمسجد، ما هو رأيك في أيان هرسي على البرلمانية الهولندية المسلمة السابقة التي انتقدت الإسلام والمسلمين؟ لأي الأحزاب تصوتين؟ شعرت حينها أن هنالك مؤامرة ضد المسلمين، تقول فيهمة.

وليس لدى الشباب في الفيلم الوثائقي أي طموحات سياسية إلا أنهم يشاركون جميع المسلمين المضطهدين في أرجاء العالم الشعور نفسه، وخصوصا ما يمر به الفلسطينيون في الوقت الحاضر. يقول المخرج أوتن أنه غالبا ما يُستخف بحالة الإحباط التي تصيب هؤلاء الشباب الذين يعتقدون أن هنالك ازدواجية في المعايير عندما يتعلق الأمر بالمسلمين.
ويتساءل أحد الدعاة السلفيين عبد الجبار فان دي فين: لماذا يتوجب علينا أن نقف دقيقة صمت على أرواح ضحايا 11 سبتمبر بينما يذبح آلاف المسلمين في أماكن أخرى؟ اعتراضا على هذا تجول عبد الجبار بين الحشود خلال دقيقة الصمت التي عقدت في حفل إحياء ذكرى الضحايا الأمريكان في محطة القطارات في مدينة أوترخت الهولندية.
هنالك بالطبع سلفيون يستخدمون لغة العنف على الإنترنت، يسمون غالبا "جهاديو الانترنت". وحسب ما يراه طالب إدارة الأعمال ياسين فلا يفترض التقليل من شأن هذه التهديدات. ويرى ياسين أن المساجد أمثال مسجد السنة في مدينة لاهاي تلعب دورا هاما في مساعدة الشباب التخلص من هذه الأفكار وإيجاد وسائل أخرى للتعبير عن إحباطهم. 

ينتقد هؤلاء الشباب السلفيين المجتمع الهولندي لكن هذا لا يعني أنهم يرغبون في فرض أرائهم على الهولنديين. إنهم يحترمون القوانين والعادات السائدة في هولندا لكنهم في الوقت نفسه يطالبون المجتمع الهولندي بتقبلهم كما هم
يذكر أن تقرير صادر عن جهاز الاستخبارات والأمن الهولندي، لاحظ صعود تيار الدعوة السلفية المنظمة جيداً، وهي تيار سني يتبنى تفسيراً أصولياً للإسلام، وتشكل السعودية الحاضن الأساسي لهذا التيار، ولا يدعو هذا التيار إلى استخدام العنف، وفقاً للاستخبارات الهولندية، مع ذلك فإن الجهاز لا يخفي قلقه من تأثيرات هذا "المدّ" السلفي في هولندا، وأنشطته الدعوية.
ويعرف جهاز الاستخبارات في التقرير "الدعوة" بالسعي لنشر إيديولوجيا إسلامية سلفية متشددة، ترفض بوضوح استخدام العنف، ومن دلائل صعود هذا المدّ الدعوي ارتفاع عدد المحاضرات الدينية السلفية إلى الضعف خلال سنتين.

وكما في تقريريها السابقين، ابتكرت الاستخبارات الهولندية هذه المرة أيضاً مصطلحاً لوصف التطورات الجديدة، حيث أطلقت عليها تسمية "نيو راديكاليزم" ويمكن وصف الناشطين فيها بـ "المتطرفين الجدد".
وفقاً لجهاز الاستخبارات والأمن ينشط حالياً جيل جديد من الدعاة السلفيين، لا يتلقون تقريباً أي دعم أجنبي، ويعمل هؤلاء الدعاة الجدد بشكل احترافي عالٍ وينتهجون أساليب "تسويق" ذكية، ويحرصون على عدم تجاوز الهامش الذي تتيحه لهم القوانين الهولندية، ولم تعد الإنترنت هي القناة الرئيسية للتواصل بين السلفيين.
بدلاً من ذلك يتواصل السلفيون الجدد مع بعضهم بشكل مباشر في المساجد وفي قاعات للاجتماعات، حيث لا يعاني الدعاى من سلبيات التواصل عبر الإنترتت، مثل دخول أعضاء غير معروفين إلى منتديات الحوار على الشبكة، بما فيهم منتقدون ومعارضون وساخرون، إضافة إلى التشويش الذي قد يحدث لأسباب تقنية أو بشرية.

ويهدف "المتطرفون الجدد" وفقاً لتحليلات الاستخبارات الهولندية إلى "تأسيس جيوب إسلامية مغلقة، داخل المجتمع الهولندي، لا يكون فيها مكان لمن يحمل فكراً مغايراً." وبالرغم من تجنب الدعاة الجدد كل ما له علاقة باستخدام العنف، فإن جهاز الاستخبارات والأمن يؤشر مجموعة مخاطر تهدد مبادئ الديمقراطية ودولة القانون الهولندية، تستبطنها الدعوة السلفية الجديدة.
أهم تلك المخاطر هي الضغوط الشديدة التي سيتعرض لها المسلمون الآخرون من قبل هذه الجماعات، ورفض أسس العدالة القضائية الهولندية، التوترات المحتملة داخل الجاليات المسلمة، وبين المسلمين وغيرهم. إضافة إلى ذلك فإن تقرير الاستخبارات يؤكد أنه ليس من المستبعد أن يتبنى "المتطرفون الجدد" سياسة الجمع بين "الدعوة السلمية" و"الجهاد العنيف".