نشأت المصري
بقلم: نشأت المصري
كيف يمكن تقييم المهنية في العالم العربي؟
المهنية عنصر ضمن منظومة متلازمة وتؤثر كل منها على الأخر سواء تأثير مباشر أو غير مباشر, وضمن هذه المنظومة :
مستوى التعليم وجودته , الحالة العامة لنظام الدولة , انتماء الفرد للدولة , مستوى المعيشة , مستوى الثقافة العامة بوسائل الإعلام المحلية والعالمية, العنصرية الطائفية والطبقية والقبلية والدينية, مستوى إيمان النظام الحاكم بقيمة الفرد الذي هو نواة المجتمع المهني,وكذلك المهنية,, كل هذه حلقات في منظومة واحدة يؤثر كل منها على الأخر والمحصلة هي سلوكيات المجتمع عامة,, وبالتالي سلوكيات الأفراد داخل المجتمع.
ومن هذا المنطلق يمكن أن نضع أيدينا على مشكلات عامة للدول العربية تؤثر على المهنية وكيفية أداء العامل لعمله:
• علاقة الأفراد بنظام الحكم والحكام داخل الدول العربية.
الدول العربية كلها بلا استثناء تعتبر المجتمع رعاية وليسوا أصحاب بلد فالأنظمة العربية تخلوا تماماً من مفهوم الديموقراطية الحقيقية , ومع العلم أن أغلب الدول العربية تنادي أن نظامها ديموقراطي ولكن العكس صحيح ,, مما ينتج عنه استياء عام لدى الأفراد داخل هذه المجتمعات وبالتالي يقل الانتماء الفردي لوطنه ومنها ينتج اضمحلال للمهنية في المجتمع, ليس اضمحلال لأنواع المهن ولكن لكيفية الأداء المهني, وهذا راجع لسطوة النظام وتدخله المباشر في الحريات الفردية, وكيفية تقييم القيادات وتوليهم المناصب, أي أن الأنظمة العربية تعمل مجاهدة لتوطيد وحماية الحاكم وحكومته فقط.
• منظومة وكفاءة التعليم.
التعليم من العناصر الحساسة التي تؤثر تأثير مباشر على المهنية, فالتعليم بالدول العربية ليس لديه استراتيجية لتحديد مطالب سوق العمل وتحديد مواهب طلاب العلم وعلى أساس هذا يقوم المعلم بتوجيه مسارهم للدراسة فما يحبون أو ينبغون أو فيما يدر عليهم بالربح في فرصة عمل متاحة.
كما أن المعلم ضمن منظومة المهنية فهو متأثر بباقي المؤثرات الأخرى,, ويحمل في داخله استياء كباقي أفراد المجتمع وينقل هذا بصورة مباشرة أو غير مباشرة لطلاب العلم مما ينتج عنه حالة من الاستياء العام ضد الأنظمة الحاكمة وبالتالي يقل أداء التلقين العلمي للمعلم, والتحصيل الدراسي لدى الأفراد فيقل إيمانهم بأوطانهم, فيتخرج جيل جديد وارث للمشكلات المهنية, والنتيجة تخلف مهني!!.
كما أن منظومة التعليم في الدول العربية متأثرة بمشكلات مجتمعية كثيرة , كالفقر ( في بعض الدول ) والمستوى الثقافي للأسرة , وزيادة النسل , وعدم الاستقرار الأسري, والهوس الديني.
عدم رعاية المواهب والتميز أو عنصرية الرعاية, فهذا يسقط من شأن العملية التعليمية.
• ممارسة العبادات بأسلوب خطأ ومظاهر التدين المريض.
هذه المشكلة مصدر قلقل اجتماعي خطير ومع الأسف تنميه وتستعمله الأنظمة العربية , لتوطيد حكمها وحكومتها, فمظاهر الهوس الديني تؤثر تأثير مباشر على الأداء المهني ومنها:
1. نظرية التواكل بأن يدعي المتدين أنه في قبضة الله والرزق من عنده سبحانه وتعالى لذلك يتراجع عن الأداء الجيد للعمل مستبدلاً هذا بمزيد من مظاهر التدين الخارجي, متناسي أن العمل عبادة, ولا يمكن أن يستقيم فرد أو مجتمع دون الجدية في العمل.
2. الانفجار السكاني راجع إلى سباق الأديان العددي, أو سباق عددي للطوائف داخل الدين الواحد مما ينتج عنه نقص واضح في قيمة الفرد, كما أن الزيادة العددية تلازمها رغبة في السيطرة,, ومن خلال هذا تجد الإرهاب والحرب ضد الأقليات العددية سواء أقلية دينية أو مذهبية أو غيرها من الأقليات, فينشغل المجتمع بالطائفية ويترك العمل أو يؤديه بصورة غير جادة , فيحدث تأخر ملحوظ في مستوى الأداء لدى العامل أو المهني, وهذه المشكلة داخل المجتمع العربي فقط.
3. الأفكار السلفية والتي من خلالها تنمو الطائفية والحرب ضد الأديان الأخرى, فينتج عن هذا إهدار لاقتصاديات المجتمع متمثلة في رؤوس أموال الأقليات والتي يتم تخريبها في منظومة التكفير, فيكون له التأثير المباشر على الأداء المهني والوظيفي لدي الأقليات الدينية أو العرقية, والنتيجة العامة ضعف أو تراجع للأداء المهني في المجتمع.
4. الإنفاق المبالغ فيه على دور العبادة, والطقوس الدينية لدى الأفراد يؤثر تأثير مباشر على اقتصاد البلد والأسرة, أي أن هناك سباق أديان , ضمن منظومة تهدف لهدم الدول العربية, فتقل الأجور وتقل فرص العمل.
• البحث عن المهن السهلة ذات الأرباح الوفيرة, كبديل للمهن التنموية.
المجتمع العربي ضمن كافة المجتمعات العالمية يعاني من بعض المهن المؤثرة على المجتمع, ولكن الاختلاف هنا,, فتجد الوعي الثقافي في الدول العربية أقل , وكذلك الوعي الاجتماعي فتجد هذه المهن رواج أكثر في الدول العربية ومن أمثال تلك المهن:
1. أنواع التجارة الغير أخلاقية والغير مشروعة كالمخدرات, والرقيق, والبلطجة .
2. التسول سواء المباشر ككافة المتسولين في الشوارع ,, والغير مباشر كجميع أنواع الرشوة والإكرامية,, والتسول باسم الدين كتجارة الفتاوى لصالح من يدفع أو من يحكم, والشعوذة باسم الدين, كالسحرة وقراء الطالع والمنجمون والذي يغيبون عقول البسطاء في عالم الجن وما شابه ذلك.
3. التملق والنفاق والهجوم الغير مبرر, نهج تنتهجه الصحافة العربية دون غيرها وهذا أيضاً نوع من أنواع التجارة غير المشروعة.
كل ما سبق يؤثر بالسلب على المهنية والأداء الوظيفي.
ويمكن النهوض بالمهنية والأداء المهني من خلال النقاط التالية:
• التقييم الجيد المحايد للعامل, ومن خلال نظرية الصواب والعقاب يحاسب المقصر ويكافأ المتميز, وتقييم المشروعات الحكومية والخاصة وإغلاق الغير منتج منها والذي لا يدر أربحية للدولة من خلال المنظومة الضريبية.
• دراسة جادة لسوق العمل, ووضع إستراتيجية تعليمية تبعاً لاحتياجات السوق, ووضع مناهج دراسية عملية تخدم المهني في عمله وليس مجرد نظريات عقيمة ليس لها استعمال في الأداء الوظيفي أو المهني.
• القضاء التام على الطائفية والتمييز العنصري.
• القضاء على مظاهر البذخ في دور العبادة,, وتوجيه هذه الأموال للتعليم.
• إعلاء قيمة الفرد ودراسة الثروة البشرية وكيفية الاستفادة الجيدة لها.
• توطيد فكر ممنهج لقومية عربية تقوم على هدف مشترك لكل فرد فيها, مثل السوق العربية المشتركة, أو العملة العربية الموحدة, وليست قومية عربية لمرجعية دينية سلفية, مما يقلل من الطائفية الدينية ويزيد من المهنية والأداء المهني والوظيفي.
• الاهتمام بالعلماء والبحث العلمي ورعاية المتفوقين, بصورة حيادية.
• تقوية إيمان الأفراد بأوطانهم من خلال توفير الأمن والآمان الاجتماعي, وحماية الملكية الفردية, وعدالة الأجور, ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ,, تبعاً لجودة الأداء والخبرة العملية وليس تبعاً لتقييمات أخرى كالواسطة أو المحسوبية أو الرشوة أو المرجعية القبلية أو الدينية.
• الديموقراطية الحقيقية وتطبيق كل مناهج حقوق الإنسان يقف في صف الأداء المهني وإعلاء قيمة الفرد داخل المجتمع.
موضوع المهنية موضوع جاد ومثمر لمن له إيمان للتنمية المجتمعية, وبالتالي النهوض بالدول العربية لملاحقة ركب الدول المتقدمة في رعاية الأفراد.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=13644&I=344