إرهابية.. إرهابية.. لا مصرية.. ولا وطنية

مجدى نجيب وهبة

بقلم: مجدي نجيب وهبة
 ليس غريبًا أن ينسى الشعب المصري ما لديه من مشاكل عديدة.. بطالة، وعنوسة، وفقر، وفساد، وزحمة، واستبداد، وقهر سياسي وإجتماعي.. بالإضافة دولة تستدين بمئات الملايين والمليارات، وأقول أيضًا ليس غريبًا أن ينسى الشعب المصري كل تلك الأكوام من مشاكله وهمومه، ليظل قابعًا في قضايا الوحل والتطرف والإرهاب..
دعونا نعود قليلاً إلى الوراء لمتابعة تلك الحوادث الإرهابية، وهل هناك سلوكيات تغيرت، أم ظل الإرهاب يسير على وتيرة واحدة بل ويتزايد؟، وهل الإرهاب مازال جاثمًا فوق الصدور؟، وهل ظل كامنًا وموجودًا وشبحًا يلوِّح بالأحداث الدموية؟!!، هل ستظل تربة المجتمع جاهزة لاستقبال مزيدٍ من الأعمال الإرهابية؟، وهل ستظل الدولة في حالة استرخاءٍ وفقدان ذاكرة وترهل حتى لا تتخلى عن تراخيها وتخاذلها رغم أن المستقبل مرعب والدمار سوف يلحق بالجميع؟!.
منذ أحداث عديدة إجرامية مضت روعت أمن الوطن والمواطن، جرت منذ أعوام ليست بالبعيدة، ونحن مازلنا نعايش هذه الأحداث الإرهابية حتى مطلع عام 2010، فهل نأمل أن يكف نزيف تلك الأحداث الإرهابية ليعود لنا الوطن نظيفًا طاهرًا بعد أن نتخلص من تلك القاذورات والأفاعي والحيات التي تتوالد وتتكاثر في البرك والمستنقعات وتختفي في الجحور حتى تعاود الظهور مع كل أحداث إرهابية... دعونا نعود للوراء قليلاً لنتذكر أن هذه الأحداث هي سلسلة مترابطة، ونتساءل متى نستطيع أن ندوس تلك الحيات والعقارب، وإليكم بعض نماذج الإرهاب التي حدثت والتي لا نستطيع أن نذكرها جميعها بالكامل.

• ففي مذابح عام 1992: استهدف الإرهاب "أتوبيسًا" سياحيًا أمام أحد فنادق شارع الهرم وكان به عدد من السائحين اليونانيين وسقط عديد من الضحايا.. في نفس العام، حدثت مذبحة قرية المنشية في أسيوط، والتي راح ضحيتها 14 مسيحيًا.. أيضًا مقتل 4 من الأقباط ونهب وسرقة محلاتهم وحرق منازلهم  بمركز طما الأعمدة.
• مذابح عام 1993: استهداف أتوبيس آخر للسائحين وهو ما أدى إلى احتراق الأتوبيس بالكامل، واحتراق عدد من السائحين، بالإضافة إلى الرصاصات الإرهابية العشوائية التى أطلقت على قطار الصعيد الذي كان يقل عددًا من السياح، مما أدى إلى إصابة بعض المواطنين المصريين، ثم شهدت السياحة أزمة خانقة نتيجة تلك الأحداث!! بعد أن كانت نسبة السياحة قد وصلت إلى 3.2 مليون سائح.
• مذابح عام 1994: الاعتداء الإرهابي على دير العذراء مريم بالقوصية وقتل 5 رهبان بالمدافع الرشاشة.
• مذابح عام 1996: اعتداءات إرهابية على الأقباط في كفر دميانة في الشرقية وسقط على أثرها قتلى ومئات الجرحى.
• مذابح عام 1997: في أحداث الدير البحرى عام 1997، ومافعله الإرهاب الأسود بالسائحين في مدينة الأقصر حيث قتل أكثر من 66 سائحًا ومُثلت بجثثهم وبرر الإرهابيون جرائمهم بأنهم يطبقون شرع الله، ثم قتل بعضهم البعض جميعًا داخل أحد المغارات بالجبل وأغلق الملف، وعقب هذه الأحداث أقيل وزير الداخلية حيث وصفه رئيس الدولة بأنه أسوأ وزير للداخلية... وفي نفس العام قتل 9 أقباط أمام كنيسة مار جرجس بقرية الفكرية أبو قرقاص، ثم قتل 13 قبطيًا وأصيب ستة بجراح في عزبة كامل التابعة لقرية بهجورة مركز نجع حمادي، كذلك حدثت مذبحة عزبة داوود بنجع حمادي.

• مذابح عام 1998: مذبحة الكشح الأولى في سوهاج وقتل قبطيين ومُثل بجثثهم وطرحوا على مشارف القرية.
• مذابح عام 1999: الاعتداء على حافلة تقل شبابًا وشاباتٍ من المسيحيين بكنيسة مارجرجس هليوبوليس، بينما هم في طريقهم لزيارة أحد الأديرة، حيث أدت هذه المجزرة إلى سقوط عديد من الشهداء.
• مذابح عام 2000: حيث تُرِكَت أحداث الكشح الأولى ولم تعالج أمنيًا أو قانونيًا، فقد حدثت مجزرة الكشح (2)، حيث قتل وحرق ما يقرب من 22 مواطنًا مسيحيًا أمام أسرهم ونهبت جميع بيوتهم وممتلكاتهم.
• مذابح عام 2003: هجوم عصابات مسلحة إسلامية على قرية جرزا مركز العياط وسقوط العديد من الضحايا.
• مذابح عام 2005: في أحداث الأسكندرية ومحرم بك، الاعتداء على الكنائس وإصابة العشرات من الأقباط من قِبل الغوغاء والإرهابيين وقتل المحامي القبطي صبري ذكي وإلقائه من شرفة منزله.. الاعتداءات الهمجية على محلات ومنازل الأقباط قرية "كفر سلامة إبراهيم"، "كنيسة أبي سيفين" مركز منيا القمح.
• مذابح عام 2006: تكرار الاعتداء على الكنائس بمحافظة الأسكندرية، والاستيلاء على أراضي الأقباط بقرية الحمام مركز أبنوب محافظة أسيوط، تهجير 15 عائلة قبطية من قرية حجارة قبلي مركز قوص محافظة قنا، حوادث دموية بقرية كفر سلامة بالشرقية، قطع رأس أحد الأقباط في أسوان، وذبح موظفة قبطية في قنا، مقتل الشاب ممدوح حنا النمر في صفت اللبن، احتلال المسلمون لمنزل قبطي في نجع حمادي وسرقة كل ممتلكاته، اغتيال الشماس ثابت يوسف إسحاق من عزبة شريف التابعة لمحافظة المنيا بعد تهديدة حتى لا يتوجه إلى صلاة القداس، الاعتداء على المسيحيين في دير مواس، واضطهاد دموي ضدهم مع تواطؤ رجال الشرطة وعدم محاسبة الجناة.

• مذابح عام 2007: تدمير منازل ومتاجر الأقباط بقرية بمها العياط، الاعتداء على الأقباط أثناء خروجهم عقب صلاة الجمعة بالعليقات الأقصر، قتل شاب قبطي بالمحلة، يدعى أمير عبدالله أندراوس بسكينة حادة والمتهم ابن إمام مسجد، الهجوم على كنيسة العذراء بالدخيلة، الهجوم على مسيحيين في قرية كوم أمبو بأسوان، اعتداء المسلمين على الأقباط بمولد العذراء بالسلامية، قتل اثنين من الأقباط بخمسين طلقة في الرقبة في قرية أبو طوق بسوهاج، اعتداءات على منازل الأقباط وسرقة ممتلكاتهم في قرية بني منصور بمركز البلينا بسوهاج، الاعتداء بالأسلحة البيضاء على الكهنة في دير مواس، مقتل قبطيين برصاص مواطنين مسلمين بمنطقة إمبابة.
• مذابح عام 2008: تم العديد من ارتكاب الجرائم التي يصعب حصرها في قرى ونجوع المحروسة.
• مذابح عام 2009: الاعتداء على مسيحيين أثناء خروجهم بعد صلاة العيد من عدة كنائس مختلفة، رشق منازل الأقباط في حي الأزهرى بمدينة بني سويف بالحجارة، الاعتداء على محامية قبطية أمام محكمة أبو قرقاص وتركوها غارقة في دمائها، إصابة 7 مسيحيين بقرية نزلة درمان مركز أبو قرقاص، قتل مواطن قبطي بقرية دماس مركز ميت غمر محافظة الدقهلية، الاعتداء على المسيحيين في منطقة عين شمس، وتكررت الاعتداءات في منطقة الوراق، ذبح قبطي على الطريقة الإسلامية في سوهاج، قتل قبطيين ليلة عيد الميلاد "هدرا عزيز سعيد، وأمير إسطفانوس" بقنا، الاعتداء على الأقباط في مركز وقرى ديروط، الاعتداء الأخير على الأقباط في مركز فرشوط بزعم اغتصاب شاب مسيحي فتاة قاصر مسلمة، ومازالت الأحداث جارية بمحافظة قنا.

 • مذابح عام 2010: قتل 6 شباب أقباط ومسلم تواجد بطريقة الخطأ معهم في استمرارٍ لحوادث الإرهاب ضد الأقباط بمركز نجع حمادي وقبض على الفاعل ولم يتم بعد القبض على المحرضين، عوددة الإرهاب لقرية "بوق" مركز القوصية محافظة أسيوط، بالاعتداء على الأطفال والتلاميذ والتلميذات الأقباط وقذفهم بالطوب أثناء خروجهم من المدرسة، والأمن كالعادة يظل صامتًا حتى تندلع النيران لأتفه الأسباب.
 ورغم كل ذلك، فما زال هناك من يبررون تلك الأعمال الإرهابية في محاولة لإعطاء الضوء الأخضر لتكرارها، فحين يُصرِّح الرئيس محمد حسني مبارك واصفًا هذه الجرائم وأحداث نجع حمادى بأنها جرائم إرهابية طائفية.. وقد أمر النيابة بسرعة ضبط الجناة، حيث روعت هذه الجرائم الشارع المصري، يخرج علينا السيد رئيس مجلس الشورى ليؤكد أنها حادث إجرامى بحت ويؤكد هذا الكلام د. مفيد شهاب، وتبدأ نغمة التهوين من الحادث للتقليل منه وإفلات الجناة الأصليين، وهو ما كرره د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب بل إنه حاول أن يزايد على أحداث فرشوط بالحديث عن الفتاة التي هُتك عرضها بأنها ماتت وحينما هاجمه البعض عدل عن أقواله وقال إنه يقصد أنها ماتت نفسيًا ولم يقل أنها ماتت جسديًا، وتناسى أستاذ القانون أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته وأن الجريمة هتك عرض وليست اغتصابًا كما وصفتها النيابة، وهناك آلاف من جرائم هتك العرض تحدث في الشارع والمواصلات، ولم يسمع عنها أحد.

ثم يأتي الدور على فريق الفراعنة وإطلاق منتخب "الساجدين" في محاولة رخيصة بدعم من الإرهاب الخليجي لأسلمة الكورة، حتى تتحول الشوارع والمقاهي لحلبة صراع بين الأديان، كما يسعى إلى ذلك بعض الإرهابيين والمتطرفين، وتناسى هؤلاء الموتورون أننا نلعب لعبة رياضية تحتمل الفوز والخسارة، ولأن هناك من يحاول أن يجر الدولة إلى منعطف الإسلام السياسي، فلا مانع من أسلمة الكورة ويقود هذا الفكر "المايسترو" حسن شحاتة بدعم من بعض الخبثاء الذين يشجعون على كلمة فريق "الساجدين"، فغدًا بفضل تراخى الدولة، سنجد لقب الملالي حسن شحاتة والشيخ أحمد حسن والحاج أبو تريكة.

المصيبة الكبرى أن هذه المزايدات الشيطانية تستغل الجماهيرية التي تتمتع بها الكورة في مصر لتدخل تلك المناطق الخطرة وتشعل النار، ولو ما استمر المايسترو حسن شحاتة وبعض الآفاقين للترويج لفكرة فريق الساجدين لاستغلالها، فسوف يؤدي ذلك إلى مزيد من الاحتقان الطائفي، لقد وجدنا محاولات مستميتة لإسقاط كلمة فريق الفراعنة كخطوة تمهيدية لإسقاطه عن مصر وتحويلها إلى مصر الإسلامية إسوة بحكومة طالبان التي دمرت تماثيل عديدة في محاولة لطمس تاريخ الدولة الأفغانية.
لقد احتفل جميع المصريين بتلقائية وبحبهم لهذا الوطن بفريق الفراعنة في الشوارع والميادين والحوارى والأزقة في المدن الكبرى والصغرى، لم يخروا ساجدين كما فعل المايسترو والفريق القومي بل استخدموا تعبيرات أكثر عفوية بعيدًا عن التمييز الديني للتعبير عن البهجة والسرور والرقص والأغاني حتى اللعب بالنيران حتى الصباح في المقاهي والمنازل، ولم نجد أحدًا منهم يرفع المصاحف كما فعل أحمد سليمان مدرب حراس مرمى المنتخب في مباراة ربع النهائي أمام الكاميرون، بل رفع الجميع علم مصر وهتفوا جميعًا مصر ... مصر...، نحن ندق ناقوس الخطر فقد فاض بنا الكيل وهناك محاولات من البعض لطمس الهوية المصرية وأسلمة مصر... فهل نظل نردد إرهابية ... إرهابية ... لا مصرية ... ولا وطنية.

رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
elnahr_elkhaled2009@yahoo.com