د. عاطف نوار
بقلم: عاطف نوار
سأل الإعلامي محمود سعد قداسة البابا شنودة عن سبب اندلاع نار ما يُسمى بالفتنة الطائفية منذ السبيعنات، حيث لم يكن لها ذكر من قبل ذلك الحقبة، وكأنه لا يعلم الإجابة، وهو أحد أعضاء الإعلام الحكومي الأوفياء.. لذا أود أن أؤكد حقائق معروفة له وللجميع.. أن إضافة المادة الثانية والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع الوحيد، وذلك بدءًا من السبعينات، كان بمثابة العربة الجرار التي تقود قطار اضطهاد الأقباط ليجوب ربوع مصر باتجاهتها الأصلية والفرعية.. وقبل ركوب ذلك القطار، أود أن أمكث قليلاً في محطته الأخيرة، أقصد مذبحته الأخيرة في نجع حمادى (صابرا وشاتيلا المصرية).. فلقد صُورت للرأي العام على أنها، وكالمعتاد، حادث فردي لا يمت بصلة للطائفية، في حين أن إخراجه وتنفيذه المُحكم، يؤكد أنه طائفي بامتياز (كما قال أ. صلاح عيسى).. فالمذبحة تتحدث عن نفسها.. تهديد يصل لأسقف المدينة، وبعد أيامٍ، سيارة تتربص بالمصلين الخارجين من الكنيسة ليلة عيد الميلاد المجيد، ويُُمطر قائدها عليهم وابل نيران من رشاش آلي، في حين يستوقف أحد الجناة سيارة أجرة، ويأمر سائقها بالنزول لأنه مسلم ويُمطر على ركابها رصاص رشاشه الآلي لمعرفته أنهم مسيحيون بما فيهم الجندي المسلم على أنه مسيحي حيث كان غير معروف لدى القاتل أنه مسلم، وبعدها تتم مُقايضة الأسقف على أبنائه المُعتقلين للضغط عليه كي لا يستمر في كشف حقيقة المذبحة والضالعين فيها، وفي الوقت ذاته تخرج القيادات بالتصريحات السابقة التجهيز فيما يتعلق بأسباب المذبحة وهذه المرة وقع الاختيار على جريمة اغتصاب مُلفقة تمامًا، والنهاية معروفة للجميع في مصير الجناة والمُحرضين،، وكله تمام!!..
لقد تشابهت هذه المذبحة مع إخواتها المائة والستين، ففي اللحظات الأولى، وقبل بدء التحقيقات فيها، تعالت أصوات المسئولين، ينفون كعادتهم كونها طائفية، مُطلقين صافرة إنذار بأنه لابد أن تكون نتيجة التحقيق جنائية فردية، ويحيا الهلال محتضنًا الصليب،، "وكله تمام يافندم".. وهذا ما حدث في محطة الأسكندرية، فبعد لحظات من حدوث المذبحة المقررة لها، خرج محافظها عبد السلام المحجوب بتصريح فوري أن الجانى مُختل (في حين لا يستطيع الطب النفسي ذاته أن يقر ذلك إلا بعد 15 يومًا من الملاحظة المستمرة للمريض)، وفعلاً جاءت نتيجة التحقيق كما لوّح المحافظ أن الجاني مختل وانتهى الأمر دون قصاص.. رجوعًا لقطار اضطهاد الأقباط، فهذا القطار مُنظم بدقة بما يخدم أهدافه السياسية والدينية والمادية دون إدانة مُدبري ومُنفذي المذابح القبطية، يتكون القطار من العربة الجرار، وهي المادة الثانية من الدستور التي تقود عربات القطار، العربة الأولى، هي عقل القطار، حيث يتربع سيادة الرئيس وحكومته، والعربة الثانية، هي القوى التنفيذية، حيث يحتلها نواب الشعب التنفذيون وأعوانهم وعزوتهم، وفي الجزء الأخير منها، يتواجد قضاة مصر العادلون، والثالثة هي عربة الأمن والأمان، التي تحمي وتعتني وأيضًا تسحق كل من تسول له نفسه المُطالبة بحقوقه، أما الرابعة، فهي عربة الإعلام الحكومي، لزوم التعتييم والتلفيق والتهديد والتحييد وقلب المنضدة ومعهم الشيوخ والآئمة لزوم الإثارة الدينية والفتاوى باستحلال دم ومال ونساء الأقباط، ونجد العربة الخامسة مُكتظة بالمحاسيب الأقباط المُداهنين والمُجاملين، أما العربة الأخيرة.. فيتشبث بها رجال الكنيسة والحقوقيون.. وعجبًا.. فهي العربة الوحيدة التي بلا سقف ولا جدران..
ونجد فوق هذا القطار طائرة تُحلق فوقه تحمل أبناء الكنيسة في المهجر ينادون بحقوق إخوتهم في مصر وينددون بجرائم هذ القطار اللعين.. عزيزى القارئ، مازال القطار قابعًا أمام نجع حمادي.. فهيا بنا نتعرف على رواده قبل أن يُقلع إلى مكان آخر حيث مذبحة جديدة.. لندخل العربة الأولى، حيث سيادة الرئيس والحكومة الرشيدة، التي لم تحرك ساكنًا أمام هذه المذبحة ولا غيرها ولم تتخذ أي إجراء رادع تُعاقب به المُقصرين، مُعلنة بهذا موافقتها ومُباركتها لأي عمل إجرامي ضد الأقباط، تنفيذًا للمادة الثانية من السادة الدستور والقانون..
جميعُنا يتذكر مذبحة السائحين في الأقصر، حيث قام السيد الرئيس بتفقد موقع الحادث في اليوم التالي للمذبحة مُصدرًا قرارًا فوريًا بإقالة حسن الألفي وزير الداخلية وقتها، كما قاد حفل تأبين بالورود للقتلى يرافقه ممدوح البلتاجي وزير السياحة وقتئذ، مُعلنا للعالم أجمع عمليًا شجب ورفض الحكومة المصرية لهذا العمل الإرهابي.. ولكن مذابح الأقباط في مصر حيثما يقف القطار، تؤكد اتجاه العربة الأولى منه نحو تصفية الأقباط.. فعلى مدى 40 عامًا لم تتخذ الحكومة إجراءًا ردعيًا واحدًا.. وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ لم تُحرك الحكومة ساكنًا في محطة الكُشح الأولى والثانية، حتى الجناة أنعم عليهم القضاء بالبراءة.. وفي محطة أبو فانا، عذب البربر المصريون رهبان الدير طارحين إياهم بين الموت والحياة، وذلك بقيادة ضياء الدين محافظ المنيا، ومرت بلا ردع من الحكومة، بل وتمت مقايضة رهبان الدير بقطع المياه عن الدير والقبض على شباب مسيحي دون سبب في مقابل التنازل عن محاضر إبلاغهم بالوقائع.. وها هي محطة نجع حمادي تؤكد ذلك الاتجاه.. فمازالت الحكومة معتزة بوزير داخليتها ومحافظ قنا حتى مدير أمنها.. وبهذا تُعلن أمام العالم أجمع خطتها ونوايها تجاه الأقباط في مصر وموافقتها بل ومباركتها لما يحدث لهم على أرض الكنانة مُحتمية بمظلة مصنوعة من الشعارات الجوفاء الكاذبة عن الوحدة الوطنية وتعانق عنصري الأمة وتلك اليد الحديدية التي ستضرب يومًا من الأيام على من يمس وحدة الشعب.. إلى اللقاء في العربة الثانية من القطار.
http://www.copts-united.com/article.php?A=13722&I=346