وجدي شحات
بقلم: وجدي شحات
في الوقت الذي يبحث العالم أجمع فيه عن كيفيه تكريم الأمهات نظرًا لما يتمتعن به من كرامة، إلا أننا في مصر نختلف عن شتى بقاع العالم أجمع، ففي مصر نحتفل بعيد للأم كل عام في الحادي والعشرون من مارس ونهديها أرق الهدايا وأطيب الأمنيات، وفي كل عام نكرم الأم ونبحث عن أم مثالية لنعطيها جائزة بكل فخر واعتزاز بها.
كل هذا شيء جميل ورائع ولكن!!!!
تلك الأم التي نغني لها أجمل الكلمات وأرق الألحان وندعوها "ست الحبايب" ندعوها "أغلى الحبايب"، تقف الآن تمسك بيديها "مقشة" على كورنيش النيل تنظفه "كعاملة نظافة"!! هل يُعقل ذلك؟؟ واللافت للنظر أنهن كلهن سيدات مسنات!!
قد يقول قائل وما العيب في ذلك؟ فمهنة "عامل النظافة" مهنة محترمة... نعم تلك المهنة محترمة جدًا، حتى أن القانون الفرنسي يمنع أن يشتغل بها غير الفرنسيين "الأجانب"، نعم فرنسا المتقدمة وأنظف بلدان العالم أدركت أن من يعتني بالبلد يجب أن يكونوا من أبناء أرضها، أما نحن فقد أعطينا المرأة المسنة "مكنسة" لتنظف بلادنا المتسخة!! هل تقبل أن تكون "أمك" في مثل هذا الموقف؟؟
ثم إنهن يعملن تحت مظلة شركات النظافة بالطبع!! فهل إلى هذا الحد وصل الامتهان لأمهاتنا المسنات أن يعملن بمهن صعبة وبصورة قانونية؟ أليس هناك قانون للعمل يمنع عمل الأطفال، ولما لا يوجد قانون يمنع اشتغال المرأة بتلك المهنة "عاملة نظافة"؟ فالأذى النفسي الذي تتعرض له المرأة من تلك المهنة خطير ويحتاج إلى مراعاته.
أيها المشرع: رفقًا بأمهاتنا المسنات!! من يتبنى فكرة هذا القانون ويقدمه هدية للأم المصرية في احتفالية عيد الأم القادم؟! مَن؟؟
المرأة التي كانت سابقًا ملكة لمصر "نفرتيتي" و"كيلوباترا"، لم يستطع المجتمع المصري توفير وظيفة مناسبة للأمهات اللاتي كبرن وحملن ذلك المجتمع بتربيتهن لأجيال وأجيال.. تلك الأم التي قدمت للبشرية قاطبة ولمصر خصيصًا أشهر العلماء وأبرعهم أمثال كل من:
الطبيب الماهر بل الأمهر في العالم أجمع "مجدي يعقوب".
العالم الفذ "أحمد زويل".
الدكتور "محمد مصطفي البرادعي".
الدكتور "مصطفي السيد".
الدكتور "فاروق الباز".
ويعوزنى الوقت عندما أذكر كل من ابن الشاطر وابن المجدي وابن يونس الفلكي وشهاب الدين الكوم ريشى وداود بن أبي البيان وعلي بن رضوان وكمال الدين الدميري وغيرهم وغيرهم..
هؤلاء جميعًا أنجبتهم الأم المصرية التي بعد كل ذلك تكافئها الدولة بوظيفة لا يصح للعين أن ترها على الإطلاق.. "عاملة نظافة".
كلما أمر على ضفاف النيل بالسيارة وأشاهد تلك "الأم" تمسك بيديها المكنسه وتقوم بتنظيف الشارع يخفق قلبي ويتعصره الألم.
أين اللجنة القومية للمرأة؟
أين المجلس القومي للمرأة؟
أين المجلس القومي للطفولة والأمومة؟
أين الجمعيات الأهلية المعنية بوضع المرأة؟
أين منظمة المرأة العربية؟
أين المسئولية الاجتماعية تجاه المرأة من المجتمع المصري ككل؟
غاب كل هؤلاء وبقى فقط منظر اليم وحيد "امرأة مسنه تمسك بمقشه على كورنيش النيل وتكنس وتنظف"، بعد أن أصبحت المرأة في مصر قاضية واستطاعت أن تتبوأ أعلى المناصب كانت المكافأه لها من المجتمع أيضا تبوءها أصعب المناصب.. "عاملة نظافة".
http://www.copts-united.com/article.php?A=13907&I=350