د. ناجي يوسف يؤكد التغيير سيأتي من الشعب وليس الكنيسة (2-2)

عماد توماس

د.ناجى يوسف
الإخوان المسيحيون على نمط الإخوان المسلمين لكنهم لايقتلون في النهاية
أمريكا لاتحميني فحصانتي من عند الله.
المصريين صامتين"غصب عنهم".
المتطرفون هم من يغيرون العالم.
المسيحيين منعزلين بالطبع.
سياسة أمريكا يحددها الشعب وليس الرئيس.
أمنياتي للكنيسة أن تتحد وللمصريين أن يتحابوا ويتعايشوا.

خاص الأقباط متحدون - حاوره : عماد توماس
قبل الكلام
حوارنا اليوم مع صاحب فكرة إنشاء "جماعة الإخوان المسيحيون" والتي أثارت جدلاً شديداً في وسائل الإعلام المصرية والعربية في الفترة الماضية، وهو يرأس تحرير جريدة "الطريق والحق" الشهرية المستقلة، رئيس اتحاد الكنائس الإنجيلية بأمريكا الشمالية، ورئيس رابطة "إتحاد الشباب المسيحي" وكاتب له العديد من المقالات النارية والصادمة، لا يخشى في الحق لومة لائم، تعود أن يسير ضد التيار، اختار منذ زمن بعيد أن يقود الأوركسترا ويعطي ظهره للجمهور من أجل الجمهور، له عدة كتب أخرها كتاب "أطلق شعبي ليعبدني".
كتب عن "نشر الغسيل الوسخ" وطالب بإنهاض الكنيسة في مقالة "صباح الخير يا كنيسة" ووصف حالة التعصب الديني في مصر والبلاد العربية بـ "روح الغى" كتبت إحدى الصحف تعليقاً على مقالة "جماعة الإخوان المسيحيون" بأنها: "مقالة متطرفة لكاتب أكثر تطرفاً فرد بمقال جديد بعنوان "المتطرفون يغيرون العالم"!!
في عام 1985 جاءته فكرة جديدة أن يعقد مؤتمراً مصرياً عربياً مسيحياً تحت عنوان "الكنيسة العربية سنة 2000" لدراسة مستقبل الكنيسة العربية والتخطيط له فاعتبر البعض دعوته بأنها جريئة والبعض اعتبرها مستوردة وخطيرة على أمن الكنيسة وأمانها في مصر.
استطاع "الأقباط متحدون" أن يلتقي بالدكتور ناجي يوسف أثناء زيارته الأخيرة لمصر في أول حوار له بعد الضجة التي أثيرت حول العديد من أفكاره... وكان معه هذا الحوار.

**يقولون أن جرأتك في الكتابة تنبع من أنك تحمل جواز سفر أمريكي وتعيش معظم وقتك خارج مصر؟د.ناجي يوسف صاحب فكرة إنشاء "جماعة الإخوان المسيحيون"

أنا أعيش في مصر أكثر من أمريكا، فأنا أحضر لمصر تقريباً 4 مرات سنوياً وعندما بدأت نشاطي لم أكن قد سافرت لأمريكا، في ذروة الأحداث التي تلت مقتل السادات في1981 والقيادات الدينية كانت في السجن أنشأت اتحاد الشباب المسيحي مثلما قلت لك.
أمريكا لا تعطيني أي حصانة وحماية، حمايتي ليس من أمريكا بل من الله، فأنا أظهر في التليفزيون الأمريكي وأنتقد الرئيس الأمريكي وتصرفاته، وجودي في أمريكا عنصر غير موجود في كتاباتي.

**في مقالك الأخير طالبت الكنيسة والأمن بحماية المتنصرين وطالبت الأزهر أن يكون له دور في حماية العقيدة؟ وطالبت الأمن أن يحمى الرعايا المصريين المتنصرين من التعذيب والاضطهاد والملاحقة والتمكين؟ هل تعتقد أن المسيحيين في مصر رعايا أم مواطنين؟
الحقيقة أنا أنظر لهم على أنهم مواطنين مصريين، كنت أقصد بكلمة "الرعايا" ليس بالمفهوم اللغوي لكنها تأتي من معنى "من ترعاهم الحكومة وتسهر علي رعايتهم".

**في رأيك هل ترى أن المسيحيين مازالوا سلبيين أم أن هناك حالة من الحراك على المستوى الاجتماعي والسياسي؟
بالطبع المسيحيين منعزلين، عددياً المسيحيين كما أعتقد عددهم لا يقل عن 12 مليون -تواجدهم في الساحة غير فعال-، الذي يتحدث اليوم في وسائل الإعلام 3 أو 4 أشخاص ومؤسستين أو ثلاثة وليتهم متحدين معاً!! وهذا غير كاف للتواجد المسيحي، المسيحيين يحتاجون لـ 10 صُحف مسيحية، ويحتاجون لأكثر من قناة فضائية وبرامج تبث من مصر ولا نضطر أن نرسلها من قبرص أو دولة أخرى لأنه غير مسموح لنا في مصر أن نفعل ذلك.
12 مليون يحتاجوا أن يكونوا مؤثرين، وصوتهم مسموع ويصل صوتهم لأعلى القيادات ويجلسوا مع القيادات في دوائر مستديرة للتحاور حول مشاكلهم.

**هل تعتقد أن التغيير سيأتي من أعلى "القيادات الدينية" أم من أسفل "عامة الشعب"؟
أرى أن التغيير 20% من القيادات الكنسية و 80% من عامة الشعب.

**لكن عامة الشعب صامت؟
"غصب عنه" لأنه عندما يتحدث يُضرب، فماذا يفعل؟ ليت الـ 20% أن يتحدثوا ويحركوا الشعب.

**مقالك عن إنشاء  "جماعة الإخوان المسيحيون" آثار جدلاً كبيراً في الأوساط الصحفية، دعوت فيه  إلى "إعادة قراءة الإنجيل والتوراة بعقل متفتح ورؤية جديدة تتناسب مع روح العصر الذي نعيش فيه..." حدثنا أكثر عن هذه الفكرة؟ وردود الأفعال حولها؟ وما تعليقك على قول د. نبيل لوقا بباوي في مقاله بجريدة الجمهورية 22-1-2008  أن إنشاء هذه الجماعة "تعني الحرب الأهلية بين المسلمين والمسيحيين علي أرض مصر وجعل مصر لبنان أخري" هل كنت تقصد جماعة مسيحية على نمط جماعة الإخوان المسلمين؟

طبعاً كنت اقصد جماعة مسيحية على نمط جماعة الإخوان المسلمين، ماعدا شيء واحد هو قتل الآخرين واستخدام العنف، فالمسيحية لا تعرف العنف ولا الكراهية لكن كل ما يمارسه جماعة الإخوان المسلمين، من حق جماعة "الإخوان المسيحيون" أن تمارسه ليس أنا وحدي أقول ذلك بل يشترك معي في ذلك جماعة من العلمانيين والمثقفين، نحن نريد جماعة تقف أمام الجماعات التي تعبث في الأرض فساداً.
فكرة جماعة الإخوان المسيحيون هي أننا نستطيع أن نعمل "تنظيم"، المشكلة أن الصحافة عندما كتبت ذكرت كلمة "تنظيم"، والتنظيم يعني شيء محظور ومسلح لكن تنظيم يعني System المسيحيين وغيرهم يعلمون أننا لا نعمل تنظيمات مسلحة، لكننا نحتاج لجماعة اسمها "الإخوان المسيحيون" باتحاد معين بصرف النظر عن الطائفة، والموضوع لم يمت والفكرة مازلت قائمة، ويمكن الإعلان عنها قريباً بأنها أصبحت جماعة موجودة، وهي جماعة تضم كل مسيحي يؤمن بالقضية القبطية فهو عضو في "جماعة الإخوان المسيحيون".

**هل شعرت بخيبة أمل عندما تخلى عنك بعض القيادات الكنسية بعد الهجوم عليك؟
لم أشعر بخيبة أمل لأني كتبت ذلك في المقال وقلت للقيادات الكنيسة إذا سألكم أحد فقولوا أن "ناجي" هو المسئول ولا ألومهم على ذلك. ما يصعب عليَّ قول أحد الأصدقاء "نعشيه عشوة ونشربه كوباية شاي وهينسى الموضوع" شعرت هنا أنه ليس من اللائق أن يكون الحديث هكذا.

**إحدى الصحف كتبت تعليقاً على مقالك "جماعة الإخوان المسيحيون" بأنها "مقالة متطرفة لكاتب أكثر تطرفاً...ما تعليقك؟
المتطرفون هم الذين يغيرون العالم، نظرة الناس لأنبياء الله الصالحين في كل وقت وعصر كانت على أنهم متطرفون, فنبي الله نوح كان متطرفاً حينما نادي منذراً الأشرار أن المولى تبارك اسمه غاضب على الأرض ومن فيها وسيهلك الظالمين العتاة الذين لا يخافون الله ولا اليوم الآخر، كذلك نبي الله إيليا والمتطرف تعني ضمن ما تعني الشخص الذي يميل إلى الإصلاح الديني أو السياسي بطرق غير مألوفة، الشخص الذي يحاول أن يغير الموروثات أو الشخص الذي يتمسك بغير المألوف من العادات والتقاليد. فإن كان هذا ما قصده الذين نعتوني بالتطرف، فنعم ما وصفون.

**في رأيك اتجاه مصر مستقبلاً هل تتجه نحو الدولة المدنية أم الدولة الدينية؟ أين ستذهب الكفة؟
الكفة يمكن أن تتعادل، لا نستطيع أن نقول أن مصر متجه نحو الدولة الدينية، لأن مصر غير مستعدة للدولة الدينية بالرغم من الانطباع الذي تعطيه جماعة الإخوان المسلمين في تحكمهم في الأمور فهذا ليس حقيقة فحجمهم ليس بالطريقة التي يصوروها في الواقع.
في الوقت نفسه لن نتجه للدولة العلمانية الصرف "الجماعات موجودة وعاملة شغل لذلك هيسيطروا على الساحة كقوة مؤثرة" لكن مصر لن تتغير لن تكون علمانية بلا جماعات ولا بها جماعات بدون علمانية، الاثنين سيكونا موجودين إلى ما شاء الله.

**ما هي رؤيتك لوصول رئيس أسود ليحكم العالم من أمريكا؟ هل تتوقع تغيير في السياسات؟
سياسة أمريكا لا تتوقف على الرئيس الأمريكي سياسة أمريكا يحددها الشعب، الشعب له كلمة فيقدر ألا يجعل الرئيس يفعل ما لا يريده الشعب، سياسة أمريكا تقف على أسس قديمة وثابتة لا تتغير بسهولة من الممكن أن يخطأ أحد باتخاذ قرار حرب.
فخر لأمريكا أن تختار رئيس أسود وهذا موضوع مقال كتبته بعنوان "بن حسين الأسود في البيت الأبيض" بغض النظر عن من هو هذا الأسود وهل هو صادق أم كاذب وهل يقدر أن يفي بما وعد به، لكن هذا يعني أن أمريكا التي يعتبرها البعض "الشيطان الأعظم" ممكن تصل من الحرية والديمقراطية أن تختار رجلاً أسود اللون ليحكمها.

**اندهش البعض من كون أوباما مسيحياً لكن لم يعتبره المسلمون "مرتداً عن الإسلام"؟
هذا يرجعنا لفكرة الصراع والحرب، فعندما يكون عضو مسلم في الكونجرس وعندما يصل أحد المسلمين لمنصب مرموق حتى لو كان "جد جده" مسلم فالمسلمين يعتبروه نصراً، أوباما قال أنه مسيحي وأن الوصول للسماء عن طريق السيد المسيح، لكن المسلم يحاول أن يقنع نفسه أنه وصل إلى أمريكا فيهلل لوصول شخص من خلفية إسلامية لحكم أمريكا.

**بعد صدور حكم المحكمة الجنائية بالقبض على الرئيس السوداني تردد كلام عن طلب بعض المنظمات الحقوقية المصرية بالولايات المتحدة الأمريكية للمحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الرئيس مبارك.. ما تعليقك؟
لا أوافق على هذا، مبارك لم يفعل ما فعله البشير ولكل رئيس سيئاته وإيجابياته، كون أن جماعات إسلامية حرقت كنائس وقتلت مسيحيين فهذا لا يعني أن الرئيس يشجع على ذلك، لا يجب وضع مبارك في صف البشير، الفكرة أن المجتمع الدولي هو من يُحاكم الرئيس لكن الوعي عند المصريين أن يحاكموا أنفسهم ويحاكموا أي قيادة تخرج عن إطار عملها.

**دائماً يثور الجدل عند أسلمة فتاة قبطية وغيابها عن المنزل... هل تعتقد السبب هو الحب والعاطفة أم الاختفاء القسري "الخطف"؟
كل الأنواع موجودة، كون أن بنت يغرر بها موجود في كل دين لكن الفكرة الأعمق أن يكون هناك تنظيم إسلامي للتغرير بالبنات.

**هل هناك ما يثبت ذلك؟
الواقع يؤكد ذلك، ما نراه يثبت ذلك لأن هناك بنات غير محتمل أن يذهبوا وعند محاولة أهاليهم طلب  رجوعهم، بعض القيادات الأمنية ترفض عودتهم، فالموضوع تعدىَ مجرد أن تغرر فتاة من قبل شاب، وقد نشرنا في "الطريق والحق" تحقيقاً صحفياً في أحد الأعداد يحتوى على  بعض الأسماء والصور.
لا استطيع تحميل المسئولية على من غرر بها لأن البنت عليها دور أيضاً لكن الأخطر من أن يغرر بها، أن يكون هناك خطة للتأثير على القاصرات وأسلمتهم.

**في مقال سابق لك طالبت أن تتحول الكنيسة من كنيسة مقهورة إلى كنيسة قاهرة، كيف يمكن تحقيق ذلك في خطوات عميلة؟
يمكن أن يتحقق ذلك عن طريق عدة خطوات:
أولاً: أن تعرف الكنيسة أنها في شر عظيم وعار وإذا لم تعلم الكنيسة أن هناك مشكلة فلن تتغير وتتقدم.
ثانياً: لابد أن تؤمن الكنيسة أنه لا بالقوة ولا بالقدرة، لكن الله يقدر أن يسند الكنيسة لأن الكنيسة هي جسد المسيح والله يقدر أن يقف بجوار هذا الجسد ويجعله يتحرر من القهر الذي فيه ويجعله قاهر.
ثالثاً: القيادات لابد أن تفهم أن الله وضعها في الأماكن التي هم فيها لحماية الكنيسة وأن هناك أرواح شريرة تحاول المحافظة على  الكنيسة كونها مقهورة، هناك فرق بين الكنيسة أن تكون محاربة أو مقهورة، فالكنيسة محاربة منذ اليوم الأول لتأسيس الكنيسة، وإله الكنيسة قال "في العالم سيكون لكم ضيق" وقال أيضاً "تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله" لكن المشكلة أن الكنيسة لا تستطيع أن تدرك حجم المشكلة وبالتالي فهي تشكر الله من أجل الحرية التي هي فيها وهي لا تدري أنها تعيش في كبت وقهر مستمر.

**في رأيك كيف يمكن للكنائس المسيحية أن تصل إلى حالة من الوحدة أو قبول واحترام بعضهم البعض؟
الله قادر على كل شيء، الوحدة تحتاج لتواضع ومعرفة خطورة الموقف الذي نعيش فيه، التواضع يجعلني أقبل الآخر، يجعلنا نتحد وننسى خلافتنا لأن روح المسيح هي روح إتحاد، وهناك آمل في إتحاد الكنيسة.

**دائما تردد في عظاتك أن نعود للكنيسة الأولى والبعض ينادي بالعودة لفكر الآباء، هل يمكنك توضيح الأمر أكثر؟
كتابنا هو كتاب حي لا نستطيع أن نقول أنه كتاب قديم لا يصلح للوقت الحالي، الكلام الذي قاله المسيح هو روح وحياة ففي كل مشكلة تواجهنا لابد أن نرى ماذا يقول الكتاب وما هو الحل الذي قدمه، رجوعي للكنيسة الأولى والاستشهاد بها لا يعني الرجوع للماضي لكني أستمد القوة من الحياة التي في كلمة الله  حتى أستطيع أن أتقدم  للحاضر والمستقبل.

**ما هي أمنياتك للقيادات الكنسية وأمنياتك للكنيسة؟
أمنياتي للقيادات الكنيسة أن تعرف أن لها إله يحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة.
امنياتي للكنيسة في مصر أن تتحد، وأن تعرف أن المسيح قال أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وهذا يعني أن تتقدم الكنيسة لأبواب الجحيم وتفتح أبواب الجحيم وتختطف المحبوسين والمقيدين، لكن سواء حدث ذلك أو لم يحدث فسيأتي يوم يعترف فيه كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب.

** د.ناجي.. ونحن في نهاية حوارنا ما هي أحلامك لمصر وللمصريين؟
أحلم باليوم الذي أرى فيه المسيحيين والمسلمين وقد تحاببوا وانتفت من بينهم أسباب الصراع والخلاف، أحلم بوطن يحترم فيه كل الآخر، ويتمتع فيه الجميع بالحرية التي خلقنا الله لنستمتع بها دون ترغيب أو ترهيب، أحلم باليوم الذي فيه نترك الصغار يلعبون معاً في الشارع والحارة دون أن يسأل أحدهم الآخر عن دينه واسمه وهويته، أحلم باليوم الذي تلغى فيه خانة الديانة من البطاقة وجواز السفر، أحلم برجوع الحب المفقود بين أبناء الوطن الواحد بعد أن قتله من نصبوا أنفسهم أوصياء وأولياء وكبار للعائلة المصرية.

لقراءة الجزء الأول من الحوار
لقراءة مقال جماعة الاخوان المسيحيون انقر على هذا الرابط
http://www.cyuegypt.com/cyu/with_youth_more.asp?SubjectID=501