الإعلام الغربي يظلم السعوديات ويختزلهن في نقاب

ميدل ايست اونلاين - مها عقيل

الغرب يرسم صورة نمطية سيئة عن المرأة السعودية مبرزا ما يغطي رأسها ومتجاهلا ما برأسها من أفكار خلاقة.
قد تكون المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر الدول في العالم التي يساء فهمها ويتم تصويرها بشكل نمطي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمرأة السعودية.

للمرأة السعودية ما هو أكثر من النقابمن الممكن تبرير بعض التصورات السلبية المحيطة بالمرأة السعودية. فنحن في نهاية المطاف الدولة الوحيدة في العالم التي لا يُسمح فيها للمرأة بقيادة السيارة، رغم أن الحكومة أعلنت مرات عديدة أنه لا مانع لها من إعطاء النساء رخص قيادة. كما يتم حرمان المرأة السعودية من العديد من حقوقهن في الإسلام.

فحسب النظام السعودي يسيطر أولياء الأمور الذكور على كافة القرارات المتعلقة بتعليم المرأة وتوظيفها وسفرها وزواجها وطلاقها والعناية بأطفالها والقضايا القانونية والرعاية الصحية، أي كل ناحية من نواحي حياتها. إنه نظام يجعل من نصف عدد سكان المملكة تابعين لا حول لهم ولا قوة.

رغم ذلك هناك تصورات غربية للمرأة السعودية تستوجب التعامل معها بموضوعية. يقابل الصحفيون الغربيون عند زيارتهم المملكة العربية السعودية نساء سعوديات مثقفات موظفات ناجحات وقائدات بارزات في مجتمعاتهن. ويطرحون عليهن كافة أنواع الأسئلة ويحصلون على إجابات صادقة وشفافة. إلا أن هؤلاء الصحفيين لا يكتبون في الغالب إلا عن الصور النمطية: الحجاب أو النقاب، والفصل بين الرجال والنساء في معظم المؤسسات العامة والخاصة، وبالطبع، المنع من قيادة السيارات.

يعيق التمييز النشاطات اليومية للمرأة وتقدمها في مجال العمل، إلا أنه متأصل بصورة أكبر في العادات والتقاليد المحلية، وكذلك في بعض وليس كل التفسيرات الدينية داخل الدولة. لذا فهو لا يطبق بحزم أو بشكل مثابر.


يشكّل الحجاب والنقاب قضية دينية واجتماعية ليست مقتصرة على المملكة العربية السعودية. يُتوقع من المرأة في الإسلام أن تلبس باحتشام، ولدى كل مجتمع مسلم وجهات نظر مختلفة حول ما يعني ذلك. ولأن السعودية هي المكان الذي ولد فيه الدين الإسلامي، والمكان الذي توجد فيه أقدس مدينتين، وهي مكة المكرمة والمدينة المنورة، يميل الناس لأن يحترموا اللباس المحتشم في الأماكن العامة.

إلا أن هذا الجانب من حياة المرأة السعودية يُساء فهمه في الغالب. استشاطت صديقة لي تتبوأ منصباً حكومياً رفيعاً غضباً عندما تحدّثت إلى صحفي أميركي لمدة ساعتين حول إنجازات المرأة السعودية وتقدمها، والمصاعب والمعوقات والتحديات التي تواجهها، لتكتشف بعد ذلك أنه أشار لها بشكل عابر في تقريره، ليصف كيف قامت بتغطية شعرها عندما طلب أخذ صورة لها.

عندما يتم نشر صورة لنساء سعوديات في الإعلام الغربي، فإنها في العادة تُظهرهن وهن يلبسن النقاب، رغم أن هناك الكثيرات اللواتي لا يغطين وجوههن أو شعرهن، ولا يمانعن أن تؤخذ صورهن دون غطاء الوجه. يخلق هذا الإصرار على تعزيز صور معينة للنساء السعوديات عدم الثقة والتشاؤم تجاه الإعلام الغربي.

وكما قالت صديقة أخرى لصحفي أوروبي، يجب ألا يهم ما يوجد على رأسي وإنما ما يوجد في رأسي.

تحمل العديد من النساء السعوديات العاملات اللواتي يخترن لبس الحجاب أو النقاب شهادات علمية عالية ويتمتعن بذكاء ونجاح. فلا يمنعنا الحجاب أو النقاب من تحقيق أهدافنا وغاياتنا.

يجب ألا يكون قراري بتغطية شعري أو عدم تغطيته مقياساً للحكم علي. يجب ألا يعرّفني كمحافظة أو ليبرالية. يجب ألا يدّل على ما إذا كنت مقموعة أو متحررة، لأن هناك عوامل عديدة تؤثر على قراري بلبس الحجاب أو النقاب.

يستطيع المرء فهم أن عدم قيادة السيارة يشكل رمزاً لنقص الحرية عند المرأة السعودية. إلا أنه وفيما يتعلق بالحقوق، لدينا الكثير من القضايا الأخرى الخطيرة والجادة لأخذها بعين الاعتبار. وإلى أن يتم الاعتراف بنا كراشدات نتمتع بوضع مماثل في المجتمع كالرجال، فسوف نستمر بكوننا مهمّشات ومميز ضدنا بطرق مختلفة.

ورغم الصور التي يُروجها الإعلام الغربي، فقد قطعت المرأة السعودية شوطاً بعيداً، وأصبح الاعتراف بها متزايداً نتيجة لإنجازاتنا رغم المعوقات التي نواجهها. نحن مديرات لشركات قيمتها عدة مليارات من الدولارات، وعالمات ذوات سمعة عالمية وعميدات كليات جامعية ومديرات رئيسيات في بنوك ووكيلات لوزارات، إضافة إلى مديرة صندوق السكان التابع للأمم المتحدة.

يتوجب على الإعلام الغربي عدم جعل قضايانا تبدو تافهة من خلال التركيز فقط على أسلوب لبسنا أو على حقوقنا في قيادة السيارة. نحن نحقق تقدماً كل يوم. ومثلنا مثل بقية النساء في العالم، يعتبر تحقيق استقلالنا كفاحاً مستمراً يستحق الاعتراف به في الإعلام وغيره.