مذبحة نجع حمادي جريمة طائفية عقائدية إرهابية!

جرجس بشرى

بقلم: جرجس بشرى
من المؤكد أن تأكيد المسئولين في الحكومة المصرية والبرلمان والمُتسلقين من بعض الأقباط الطامعين في السلطة أو الشهرة أو المركز على جثث إخوتهم الأقباط على أن حادث نجع حمادي حادث جنائي وليس طائفي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على مدى فداحة وبشاعة المذبحة التي وقعت ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد 2010 م، الأمر الذي يجعلها بمثابة جريمة تندرج تحت بند العقوبات الدولية التي تستوجب مُساءلة الحكومة المصرية بل ومُعاقبتها دوليًا.
الغريب بل والمُدهش أنه برغم من أن المذبحة دافعها عقائدي أولاً وطائفي ثانيًا، وهذا أمر يلحظه طفل صغير لم يتعدى بعد سن الرشد إلا أن الحكومة والمحسوبين على الحزب الحاكم والأقباط المهووسين بالشو الإعلامي والمُغرمين بالكراسي ما زالوا حتى لحظة كتابة هذه السطور ينفون الطائفية عن هذه الجريمة!!

وهناك دلائل منطقية ومادية وعقلية ملموسة ومحسوسة تؤكد على طائفية الحادث، ليس طائفتيه فحسب بل وارتكابه لدافع عقائدي ديني بحت، وأبسط الأدلة على ذلك هي التحذيرات التي أطلقها نيافة الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي ليس قبيل وقوع المذبحة فحسب بل وقت الجريمة البشعة التي ارتكبت ضد الأقباط في مدينة فرشوط والتي أسفرت عن تدمير وتخريب سلب ممتلكات أقباط وتهجيرهم قسريًا من منازلهم دون رادع من الدولة ودون حماية للأقباط (هل يتذكر أحدُكم آخِر أخبار جريمة فرشوط؟!!!) حيث حذر نيافة الأنبا كيرلس وقتها بأن هناك ناراً ما زالت تسري تحت الرماد!
أما ما يؤكد على الدافع المزدوج (العقائدي والطائفي) هو أن المحرضون على المذبحة بدلاً من أن يرتكبوها بشكلاً مباشرًا أطلقوا ما يمكن أن نسميه بالمُجرم العقائدي على أقباط نجع حمادي في توقيت حساس وهو وقت خروجهم من صلاة القداس وبشكل عشوائي ليضمن أن كل ضحاياه من الأقباط -فليس معقولاً أن يخرج من صلاة القداس مسلمين وفي نجع حمادي بالذات-!!
والأخطر من ذلك أن المحرضين على المذبحة دفعوا بالمُجرم الذي تحول من ليلة إلى ضحاها إلى مجرم عقائدي (وكله بثوابه طبعًا) ليطلق النيران في بمقربة من الكنيسة تحسبًا لإصابة أي مواطنين مُسلمين يكونون متواجدين بالصدفة في مسرح العملية الإرهابية، وبالتالي فالجريمة بلا شك جريمة عقائدية طائفية بحتة وسُتدين الحكومة وتلاحقها دوليًا فيما بعد.

إن مذبحة نجع حمادي أنتجت نوعًا جديدًا بالفعل من المُجرمين الذين نسميهم بالمجرمين العقائديين الذين قد تستعين بهم الحكومة أو الجماعات المتطرفة دينيًا ضد الأقباط، وهذا النوع الجديد من الإجرام ظهر على السطح بعد أن تم حوادث إرهابية كثيرة تواطئت فيها الحكومة المصرية المسلمين والمتطرفين المعتدين على الأقباط في وقائع كثيرة موثقة، وأحيانًا كانت تقوم الحكومة المصرية بدعم ومساندة الإرهابيين من الجماعات المتطرفة ضد الأقباط (لا تستغربوا) فهناك ما يبرهن على ذلك ومن الحكومة نفسها!
حيث أثبتت دراسة مهمة صادرة عن مركز بحوث الشرطة بالتعاون مع معهد التخطيط القومي على وقع أكثر من حالة استقطاب لضباط شرطة وتورطهم في أعمال إرهابية لصالح بعض الجماعات المتطرفة، وقد أوضحت نفس الدراسة إلى أن أغلب الضباط المتطرفين الذين تم استقطابهم بشكل عام تم في الفترة ما بين 25 : 30 سنة، ومعظمهم في الرتب ما بين نقيب ورائد، وهؤلاء الآن أصبحوا لواءات شرطة وأغلبهم يميلون إلى العنف، و 8% منهم سقطوا في هوة التطرف خلال عملهم في محافظات الصعيد، وقد انتقلوا أكثر من 3 مرات خلال عملهم ما جعلهم يشعرون بالاضطهاد والظلم فاستجابوا سريعًا لنداءات التطرف، وقام نحو 60 % منهم بتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية.

ومن هنا فأنني أعاود التأكيد على أن مذبحة نجع حمادي ارتكبت بدافع مزدوج "عقائدي وطائفي"، ومما يسترعي الانتباه أيضًا ويدل على طائفية الحادث أن هناك محامون مشهورين بالحسبة ويتدخلون كخصوم في قضايا الحريات الدينية والعقائدية قد أعلنوا انضمامهم للدفاع عن المجرمين.
إن الحكومة المصرية الآن قد أصبحت في مأزق حقيقي ولو ثبت وتم المماطلة في إجراءات مذبحة نجع حمادي وفرض  الحكومة جلسات عرفية لتبرئة الجناة، فأن الحكومة ستصبح وقتها من الحكومات التي من الممكن أن تدرج في قائمة الحكومات الراعية للإرهاب.