بقلم: إبراهيم عيسي
من أول السطر
ظهرت مؤخرًا بيانات واجتماعات واتحادات لأقباط المهجر في أوروبا وأمريكا تطالب النظام المصري والرئيس مبارك بعدة مطالب مكررة ومعروفة لإنهاء التمييز الحكومي ضد الأقباط في مصر، وبصرف النظر عن مطالبهم وعن لهجتهم وعن رأيك في الواقع القبطي في مصر وسواء أكان الأقباط من وجهة نظرك في عز وفخفخة ومنجهة أو في حالة اضطهاد وتمييز ومحل كراهية فهذا أمر يعود إلي مدي موضوعيتك وقدرتك علي رؤية الحقيقة، وسط العمي الحثي الذي تعيشه بلدنا لكن ما يهمني هنا هو أن أؤكد عدة أمور سبق أن قلتها وهي فرصة طيبة لتأكيدها وتلخيصها شاء من شاء وأبَي من أبَي..
1-الطعن في وطنية أقباط المهجر يشعل ضرره ويفجر أضراره علي الصعيد الداخلي والمحلي في مصر نفسها؛ فأقباط المهجر ليسوا إلا أبناء وإخوة وأهل أقباط الداخل. أقباط المهجر لم يهبطوا كائنات فضائية من السماء علي أمريكا وكندا وأوروبا بل جاءوا من أحضان وطنهم مصر ومن أحضان آبائهم وأبنائهم وأمهاتهم في شبرا أو أسيوط أو الإسكندرية.. فما الذي يمكن أن يشعر به مصري قبطي في شارع شبرا مثلاً وهو يقرأ اتهامات لأقباط المهجر ومنهم صموئيل ابن عمته من درنكة في الصعيد ومايكل خال مراته من العطارين في إسكندرية وجورج صاحبه وجاره في الترعة البولاقية؟ إن هذا الاتهام الموجه إلي أقباط «المهجر» يثير الضغينة والغيظ وربما العند مع أقباط «الموطن».
2- ألم يفكر أي منا أن هؤلاء الأقباط الذين سافروا إلي أمريكا وكندا بينهم العلماء العظام، الأطباء الكبار والأساتذة الخبراء، وقد استقبلهم العالم الغربي الذي لا يسمح بالعيش فيه حياة كريمة أو محتملة إلا للموهوب أو الثري أو صاحب الكفاءة فكيف نغفل عن هؤلاء وهم الغالبية فمن أقباط المهجر التجار، رجال الأعمال، أصحاب الشركات، الدكاترة، الأساتذة والعلماء؟ لابد أن نشعر في الحقيقة بالفخر بهؤلاء؛ بل نسعد بأن أرضنا أنبتت شخصيات تكافح في عملها هناك، تساهم في حضارة العالم المتقدم، تعطي للإنسانية الكثير، وهؤلاء لا ينتظرون منا أبدًا أن نلعن فيهم أو نسيء إليهم أو لسمعتهم ولذويهم وأهليهم هناك.
3- أقباط المهجر يتحدثون عن أحوال أقباط مصر أو أحوال مصر عموما وذلك معناه- واصبر معي في هذه النقطة قليلا - أنهم يشعرون بالانتماء إلي هذا الوطن والاهتمام بقضاياه، يتابعون أحواله وأحوال ناسه، يقرأون أخباره، يسمعون نشراته، يدققون في المعلومات، يتصلون بالأهل والمعارف لتبيان الحقائق، يقرأون الجرائد ويضعون آذانهم علي الحوادث والمشاكل في بلدهم؛ بل تتحرك مشاعرهم وتستثار عواطفهم فيما يخص وطنهم. يتابعون تحركات حكامه ومهمة حكوماته ونتائج انتخاباته، وهذا في ظني عين الانتماء. كان لهؤلاء أن يعتبروا أنفسهم أمريكان أو خواجات وخلاص، كان لهؤلاء أن يتمتعوا بالحياة الرغدة الفخمة والهنيهة هناك، كان لهؤلاء أن يعتبروا أمريكا أو كندا أو أستراليا وطنهم، دولتهم وأهلهم.. لكنهم لم يفعلوا ذلك، ولا فكروا فيه. بل صار كل اهتمامهم بل نشاطهم مركزًا علي مصر، أهل مصر. بماذا تسمي ذلك؟! إنهم لم يقتلعوا جذورهم، لم ينزعوا فروعهم من مصر، لم يتخلصوا من ذاكرتهم وذكرياتهم، لم يفقدوا تواصلهم واتصالهم ببلدهم. ماذا يمكن أن يكون هذا إلا انتماء يا سادة؟!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=1413&I=38