ماجد سمير
بقلم: ماجد سمير
مضى أكثر من أربعين يومًا على حادثة نجع حمادي التي راح ضحيتها سبعة شهداء ظل خلالها هم الحادث يؤرقني بشكل كئيب يثير القلق والخوف، صورة الشهداء السبعة لم تترك عيني لم أستطيع أن أنسى دمائهم التي شهدتها بعيني على أسفلت شارع بورسعيد بنجع حمادي أثناء زيارتي مع وفد نقابة الصحفيين لتقديم واجب العزاء لأهالي الضحايا، سأظل طالما حييت أتذكر أرملة العريف وأطفاله الذي استشهد وصديقه واختلطت دمائهما معًا وكل ما جناه احتفاله مع صديقه ليلة عيد الميلاد مثلما يحتفلا معًا باعياد الميلاد والفطر والأضحى والقيامة كل عام.
أحاديث لا تنقطع مع كل الأقارب والأصدقاء عن الحادث وأثناء زيارتي وزوجتي وأولادي لأحد الأقارب، رن جرس الموبايل وجاء من الطرف الآخر للمكالمة صوت هشام فاروق صديقي منذ أيام الجامعة أخبرني أن "ليمو" عضو شلة الجامعة القديمة موجود في القاهرة في أجازة قصيرة من عمله بالإمارات ويريد أن يحدثني.
وبعد حديث شيق مع ليمو اتفقنا على اللقاء قبل سفره وفعلاً تقابلنا وجلسنا معًا على مقهى بشارع المنيل، وتذكرنا أيام الدراسة الجميلة وإقامة كل الشلة معي شبه الدائمة في شقة "المنيل" التي كنت أقيم فيها أثناء الدراسة والقريبة جدًا من منازلهم جميعًا، لقائي مع أصدقاء العمر أزاح عن صدري اكتئاب شديد أعاد لنفسي الثقة التامة في أن مصر لن تنهار لن يأتي يوم لتكون مصر لبنان أخرى ويتم تصينف مواطنيها على أساس طائفي، حتى لو نجح أحد بشكل مؤقت ستظهر "شلل" جديدة مثل "شلة المنيل" ترفض التقسيم، حتمًا سيكون هناك وائل راشد وليمو وأشرف زمراوي وتيفا ومحمود صلاح وهشام فاروق ومصطفي فؤاد ومحمد عبد القادر آخرون يقبلوا أن يكون بينهم ماجد سمير جديد سيقفوا معًا ضد أي تفرقة.
"ليمو" الذي فقد حرف الراء في ظروف غامضة وكنا نضحك جميعًا عند مناداته لصديقنا "أشرف زمرواي" فيبدو كأنه يتكلم لغة جديدة قريبة نوعًا ما من اللغة العربية، ذكرني باحتفالنا معًا بليلة رأس السنة يوم 1 3 ديسمبر 1985، يومها "خلصنا" على نحو ستة كراتين بيض دون أن نأكل بيضة واحدة لأننا بكل بساطة ضربنا بعضنا البعض بها، وقام هو بإخفاء "بيضة" في جيبه ليضربني بها في تمام منتصف الليل لأستقبل بها عام 1986، ووقتها خانه نظره الضعيف وأصاب عيني اليسرى بضربة قوية جعلتني أرى كل شىء أًصفر نحو يومين، وشكرنا جميعًا الله لأنها لم تكن "بصفارين".
تذكرنا معًا يوم أن أستيقظت منزعجًا في فجر أحد الأيام لأجد "زمراوي" يجلس على الكرسي المجاور لسريري في شقة المنيل التي كنا نقوم بإخراج حبل من شراعة الباب مربوط "بالكالون" حتى يتمكن أعضاء الشلة من الدخول في أي وقت، كان "زمراوي" يدخن سيجارة بشراهة وعند سؤالي عن ما حدث قال لي: أبدًا كنت عند "عبد القادر" في عين الصيرة، قلت اتمشى "للمنيل" علشان آخذ تاكسي من "الجيزة" لبين السرايات –حيث يسكن-.
تذكرنا مبارايات كرة القدم التي كنا نلعبها في ملاعب جامعة القاهرة أو في نادي النيل بالمنيل، ومبارايات الأهلي والزمالك التي كنا ننقسم لفريقين كل يشجع ناديه، لم ننسَ بطولة الأمم الافريقية 1986 التي شجعنا فيها المنتخب المصري وفاز بكأسها وخروجنا للشوراع نحتفل معًا بالفوز الغالي، لم نتحدث عن أحداث نجع حمادي لم يكن أي منا يحتاج أن يثبت حبه للآخر، كنا معنا منذ نحو ربع قرن وسنظل معًا دائمًا، ربما مشاغل الحياة تباعد بين لقاءتنا لكن لن نفترق ولن نختلف وصداقتنا هي الأمل الوحيد لأن مصر مثلما أنجبت "الكموني" وأمثاله أنجبت "شلة المنيل".
http://www.copts-united.com/article.php?A=14173&I=356