عماد توماس
أ. صلاح عدلي: الاحتقان الطائفي تحت الرماد الذي لا يهدد فقط النسيج الوطني لكن يهدد كل شيء في مصر.
أ. نبيل زكي: مطلوب قانون لتنظيم بناء الكنائس وترميمها وتوسيعها لا يخضع للجهات الأمنية.
أ. سمير مرقس: أخشى أن تستفيد الأغلبية الدينية من قانون دور العبادة الموحد.
م. عماد عطية: مصر دولة "شبه طائفية" في ظل حالة عدم التسامح الديني.
كتب: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون
عقد مركز آفاق اشتراكية ندوة بعنوان "رؤية وطنية للخروج من نفق الطائفية المظلم" مساء الأربعاء 24 فبراير 2010، تحدث فيها الأستاذ نبيل زكي "الكاتب والمحلل السياسي وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع"، الأستاذ سمير مرقص "الكاتب والباحث في شئون المواطنة"، والمهندس عماد عطية "عضو مؤسس للجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي".
بداية مشكلة الطائفية في مصر
أدار الندوة الأستاذ صلاح عدلي –مدير مركز أفاق اشتراكية-، والذي أكد على أن مشكلة الطائفية قديمة في مصر بدأت تستشري من حوالي 1972 سنة منذ أحداث الخانكة، وازدادت هذه الحوادث في العشر سنين الأخيرة، وخاصة في آخر سنتين وتوجت بحادث نجع حمادي الذي تم فيه القتل على الهوية الدينية.
وأكد عدلي على أن كون الأمور تهدأ قليلاً إلا أن الاحتقان الطائفي تحت الرماد الذي لا يهدد فقط النسيج الوطني لكن يهدد كل شيء في مصر.
المجتمع يتمزق والكيان الوطني يتصدع
قال السيد نبيل زكي في كلمته أنه بعد مرور أكثر من أربعين يوم على حادث نجع حمادي، لا يوجد أي تحرك جدي من الحكومة، مؤكدًا على التحذير المسبق من الإعلام التقدمي -اليساري- من الجماعات الدينية التي تميز بين المواطنين، مضيفًا: إننا اكتشفنا مؤخرًا أن المشكلة في الدولة وسياستها، والإخوان يستخدموا كذريعة للتهديد.
وأكد زكى، على أن الحكومة طائفية ومتعصبة وضد مبدأ المواطنة، فمنذ حادث 1972 تقع جرائم طائفية ولا جديد من الحكومة على أي مستوى سواء قانوني أو ثقافي مجرد خطب إنشائية وتبريرية للجرائم، فلا يوجد فعل في ظل تبويس اللحى والجلسات العرفية إلى أن تتكرر الجريمة مرة أخرى في مكان آخر.
وقال أن المجتمع يتمزق والكيان الوطني يتصدع، فالفكر السائد في المجتمع طائفي ومتعصب.
وشدد زكي على أن العالم العربي به نزعة لا تعترف بالآخر ولا تعترف بالتعددية، نزعة ماضوية -التشبث بالماضي- بأفكار تمس إلى القرون السابقة. مشيرًا إلى أن نصف مسيحيو العراق هاجروها، فالمسيحي في العراق أمامه ثلاثة اختيارات إما القتل أو الأسلمة أو الهجرة، مشيرًا أيضًا لمحاولات تفريغ القدس من المسيحيين.
وأكد زكي، أن المطالب الأساسية التي يرفعها أقباط المهجر -مفضلاً تسميتهم بمصريو المهجر- لا تتجاوز الشعارات والمطالب التي رفعتها اللجنة الوطنية للتصدي في العنف الطائفى أمام مجلس الشعب، داعيًا إلى الاستفادة من أقباط المهجر في عمل "لوبي".
خطة للخروج من نفق الطائفية
لخّص نبيل زكي مقترحاته الخاصة بالخروج من نفق الطائفية المظلم على مرحلتين:
الأولى: خطة قصيرة الأجل "عاجلة"
1- قانون ضد التمييز يعاقب بأشد العقوبات لأي شخص يحرض ضد دين آخر أو يميز في الوظائف بين المواطنين.
2- قانون لتنظيم بناء الكنائس وترميمها وتوسيعها ولا يخضع للجهات الأمنية، وليس قانون بناء الدور الموحد للعبادة.
3- المساواة في التغطية الإعلامية، أو يكون هناك نصيب للمسيحيين في وسائل الإعلام.
الثانية: خطة طويلة الأمد
1- تغيير ثقافة المجتمع، الذي لن يتم إلا بدون تغيير مناهج التعليم.
2- إعادة تأهيل الدعاة وكل من يتصدى لتقديم فتوى وتطوير الخطاب الديني.
3- عودة دور الدولة الغائب التي انسحبت وتركت الجماعات الدينية تسيطر على المناخ العام.
صراع بين مشروعين
قال الأستاذ سمير مرقس، إن مصر وصلت لمرحلة حرجة جدًا، مشيرًا أن المصريين في صراع بين مشروعين، الأول: مشروع الوطنية المصرية، والثاني: مشروع ديني يغطي مصالح نخبة معينة.
وأشار مرقس، إلى أن عام 1979 عندما تقرر فيها تطوير المادة الثانية في الدستور المصري، نقطة مفصلية التي بدأ فيها مشروع الليبرالية الجديدة في عصر ريجان وتاتشر. وهي السنة التي بدأت فيها الثورة الإيرانية ونفس السنة التي تم ضرب حركة لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية، معربًا أن كل هذه الأحداث في هذه السنة ليست صدفة، وأن العلاقات المسيحية الإسلامية نحصد نتائجها الآن.
ونفى مرقس ما يتردد من أن "الوثيقة العمرية" نظمت العلاقات بين المصريين، موضحًا أن مسألة بناء الكنائس في هذا الوقت لم تكن وفق وثيقة مكتوبة، لكن تُبنى الكنائس إذا كان الحاكم عادلاً والمجتمع متقدمًا.
وأبدى مرقس تخوفه من قانون دور العبادة الموحد، أن يكرس ما نريد أن نهرب منه، ويستفيد منه في النهاية الأغلبية الدينية.
وتحدث مرقس عن مرحلة السجال الديني وتحول الحوارات كلها في إطار ديني، لأن المناخ تحول إلى طائفي، مشيرًا إلى فوضى السماح للفضائيات أن تهاجم كل قناة أتباع الدين الآخر، ثم مرحلة استهداف المواطن العادي في الشارع لمواطن آخر.
معتبرًا أن ما حدث في نجع حمادي تجلي كبير للأزمة، فهو تداخل بين القبيلة والطائفة وبين المصالح السياسية والاقتصادية الضيقة للنخبة الحالية.
الاختيارات الثلاثة
وقال مرقس في نهاية كلمته، إننا أمام ثلاثة اختيارات: الاختيار الأول أما الدولة الدينية نافيًا أن تكون شرطًا أن يحكمها الإخوان المسلمين لكن الأسلمة من القاعدة للقمة وهو ما يحدث في مصر حاليًا –بحسب قوله. الاختيار الثاني: الدولة الملية "العثمانية" القائمة على إرضاء المجموعات النوعية وأن تتحول مصر إلى مجموعة من المجموعات "نظام طائفي". أما الاختيار الثالث: دولة المواطنة وهى دولة اندماج أبناء مصر بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو العرق.
الدولة الطائفية
المهندس عماد عطية، عرّف الدولة الطائفية بأنها نظام اجتماعي يفرض نمط علاقات وحياة يومية وله لغة ورموز خاصة، ويتبلور إلى حصص. مستشهدًا بنموذج لبنان.
مؤكدًا إن مصر لحسن الحظ لم تصل إلى مرحلة أنها دولة طائفية، لكنها "شبه طائفية" في ظل حالة عدم التسامح الديني والاستعراض الديني في اللافتات والإشارات الدينية في أماكن كثيرة. وتغيير أسماء الميادين والشوارع إلى أسماء إسلامية. والتي تعزل المواطن المسيحي وتجعله غريبًا.
وأكد عطية على أن الحزب الوطني قاعدته كلها تيار إسلامي ويؤثرون في أصحاب القرار، مستشهدًا بالهجوم على فاروق حسني وزير الثقافة في مسألة تعليقه العابر عن الحجاب من أعضاء الحزب الوطني، وحادث الاعتداء وتهجير البهائيين في قرية الشورانية بسوهاج بتحريض من أمين شباب الحزب الوطني بالقرية. مشيرًا إلى أن النظام الحالي لا أمل في إصلاحه إلا بتغييره.
وأرجع عطية، جوهر المسألة إلى فشل وتعثر مشروح الدولة الحديثة في مصر والفشل في مواجهة الهجمة السلفية الجديدة. التي بدون مواجهتهما لن تخرج مصر من نفق الطائفية المظلم. مع ضرورة استيعاب الأقليات جميعًا في المشروع الوطني.
http://www.copts-united.com/article.php?A=14629&I=366