عاطف الفرماوى
بقلم: عاطف الفرماوي
ليه كل الصراع ده .. ليه كل الحروب دى .. ليه ننشر ثقافة الكراهية بدلا من ثقافة الحب .. كل واحد عمال يفتش فى معتقدات الآخر ويحقرها .. هو عشان أنا باعتقد ان طريقتى صح يبقى غيرى غلط .. ليه منبقاش احنا الاثنين صح .. هى الحقيقة لها وجه واحد .. طبعا لا .. هو ربنا خلقنا متساوين فى الفهم والتصور والادراك .. طبعا لا .. ولاثبات هذه الحقيقة تابع معى المثال التالى :
لو طلبنا من مجموعة من المكفوفين وصف الفيل واطلقناهم على الفيل فمنهم من تحسس الذيل ومنهم من تحسس الرأس ومنهم من تحسس قمة الجسد ومنهم من تحسس أسفل الجسد ومنهم من تحسس الأرجل ومنهم من تحسس الخرطوم ....................... الخ
ثم اجتمعنا بهم وطلبنا منهم وصف الفيل .. فقام كل واحد بوصف الجزء الذى تحسسه باعتباره الفيل .. يبدو من الظاهر أن هناك اختلافات بينهم وكل منهم يدافع عن وجهة نظره بحرارة وتعصب .. فى الحقيقة ليست هناك اختلافات لأن الفيل هو مجموعة التصورات لكل منهم فكل فرد بامكانياته المحدودة تصور حقيقة الفيل من الجزء الذى تحسسه واعتقد انه الفيل واعتقد انه يمتلك كل الحقيقة ..
فنحن مثل هؤلاء العميان ندرك جزء من الحقيقة معتقدين أننا نمتلك الحقيقة وننظر لرؤية الآخر باعتبارها خطأ .. نفترض أن الآخر خطأ .. هل نناقشه أم نحاربه أو نقتله .. طبعاً المنطق المتحضر يقول بالحوار مع الاحتفاظ بالمحبة والود وفى النهاية نحترم فكر الآخر حتى لى اعتبرنا أنه على خطأ .
الأديان ذاتها لم تجيب عن الألوهية بشكل واضح فقد قال حضرة المسيح فى الانجيل : الله غيب .. الله لم بره أحد قط .. والابن خبر هذه الحقيقة وعلمها
وقال القرءان عن الذات الألهية :
قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولن يولد ولم يكن له كفواً أحد
وفى موضع أخر يقول :
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير
ليس عدم توضيح حقيقة الألوهية تقصير من الأديان أو الأنبياء بل قد يكون أن قدرات الأنسان غير مهيأة لفهم الغيب والمطلق والله هو الغيب المطلق وهو علام الغيوب .والله هو اللانهائى وعقل الأنسان غير مهيأ لفهم اللانهائى .
والله هو الحقيقة المطلقة وحقيقة الحقائق التى ندركها بالاحساس اذا كانت القلوب مهيأة لاستقبال الروح . وهى مسائل روحانية بحتة لا مجال فيها للماديات التى هى مجال العقل البشرى فنحن نكافح فى اكتشاف قوانين المادة ونتفنن فى استخدامها لتحقيق فوائد للآنسان تحقق له رفاهية
وبالرغم من عجز الانسان الواضح فى الاحاطة بكل ما يدور حوله الا انه يظهر بيننا من يدعى انه العالم ببواطن الامور وهذا تعبير عن الجهل المفرط لانه يجب على الانسان ان يعلم عن ذاته وقدراته أولاً . وخطورة هذه النوعيات انهم يطلقون الفتاوى والاحكام ويعطى أمير الجماعة لنفسه اختصاصات الله فيكفر هذا ويسفه افكار ذاك بل يحكم بالعذاب والجحيم للمعارضين والمخالفين لافكارهم العاطلة الباطلة ويبشر بالجنة والنعيم للمؤيدين المناصرين وكأنه يمتلك مفاتيح الجنة والنار .
بالتأكيد الديان هو الله وليس البشر .الله وحده من يملك مفاتيح الجنة والنار . الله هو الغفور الرحيم الحنان المنان الرحمن الرحيم الودود الشفوق الرؤوف المعطى .
يقول حضرة المسيح : ان عذبتهم فانهم عبادك وان غفرت لهم فانك انت الغفور الرحيم .
لو اشتغل كل فرد بالتفتيش عن اخطائه لن يتسع وقته للتفتيش فى عقائد الآخرين واخطائهم .. لاتنظر للقشة التى فى عين اخيك بل انظر للخشبة التى فى عينك
من يدرى ان الله لن يغفر للخطاه والمذنبين ؟ هل هناك من يدعى انه يعلم علم الله ولا الانبياء والرسل يدعون ذلك .
جهود الانسان فى اصلاح نفسه هو الجهاد المحمود ولو استطاع كل فرد اصلاح ذاته سينعكس ذلك على الاسرة والمجتمع .. نفتش عن عيوبنا بدلا من التفتيش فى عيوب الاخرين .
ويقول حضرة محمد لتلاميذه : رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر .. فقالوا له : ماهو الجهاد الأكبر يا رسول الله فقال حضرته : جهاد النفس .
ونتساءل هل عاد مجتمعنا القهقرى للوراء .. لماذا اختفت قيم التسامح والمحبة وقبول الآخر ؟
لماذا تشتعل بين الفينة والفينة نار الفتنة الطائفية ؟ لماذا بات قتل الأبرياء وتفجير المنشات عملاً مشروعاً ؟ لماذا أصبح العنف الدموى هو دستور ومنهج البعض ؟ لماذا يضيق صدور وقلوب بعض المسلمين اذا شرع المسيحيين فى بناء كنيسة يعبدون فيها الله ؟ وللأسف صدرت فتوى من دار الافتاء بأن بناء الكنيسة مرادف لبناء البارات والخمارات وحظائر الكلاب والخنازير .
طبعاً مثل هذه الفتاوىتتعارض مع صريح القران ولا قال بها الرسول الكريم .
اذن مثل هؤلاء الذين يصدرون هذه الفتاوى هم رواد البلطجة الذين يشجعون العنف وتهديد السلام الاجتماعى للمجتمع .. وكان مثل هؤلاء شيوخ الفتنة والضلال يبثون افكارهم فى الكتب الدراسية حتى بات التعليم ومنظومة الثقافة والاعلام تخلق جيل متعصب يتسم بالجهل والانغلاق وعدم قبول الآخر .
منذ مدة اخبرتنى زوجتى عن احد زملائها من المهندسين الذى اهداها كتاب وحاول ان يشرح لها محتواه وطلب منها قراءته باعتباره دستور سلوكى اسلامى يجب ان يلتزم به كل مسلم فوجدتها غير متحمسه لقراءة الكتاب فتصفحت الكتاب ووجدت أنه يتعارض مع الفطرة السليمة والعقول المتفتحة والنفوس المتحضرة بل يتفق مع المرضى المصابين بعقد نفسية وما أكثرهم فى مجتمعنا الذين يجدون ضالتهم فى الجماعات التى تروج للارهاب والفتنة الطائفية واشعال الحروب والخراب والدمار .
ويتناول الكتاب موضوعين أساسيين الأول يتناول موضوع :
تحريم الاحتفال بعيد الحب لأنهم دعاة للكراهية وعدم الاحتفال بعيد الأم لأنهم لا يعرفون معنى الود والتراحم واطلاق المشاعر الجميلة والبشر والسرور فالأعياد التى حرموها تسبب الفرح والبهجة والمودة والمحبة والصفاء وتكون فرصة للتنفيس الايجابى والتحرر من الرواسب السلبية التى تتراكم على النفس البشرية نتيجة ضغوط الحياة ومشاكلها فنجد فى مناسبات الاعياد فرصة للتغيير والتجديد للمشاعر الانسانية
بينما هؤلاء المتشددين يظلون واقعين تحت ضغوط الحياة اليومية فيختارون التنفيس السلبى بنشر السموم بين الناس ينشرون التزمت والكراهية والانغلاق والارهاب
وكذلك يرى المؤلف بالطبع عدم الاحتفال بالكريسماس ومولد النبى وشم النسيم ولا يجوز للمسلم الاحتفال سوى بالعيدين الأعظمين عيد الفطر وعيد الأضحى ومابينهما تسود قيم الجمود والتحجر والتشنج العصبى والعنف والارهاب .
وللأسف لم أجد أى أسانيد من القران والسنة ما يؤكد هذا الزعم الباطل لمؤلف الكتاب الذى يعبر عن تركيبته النفسية المنغلقة المتحجرة المريضة الصحراوية الرافضة للحضارة والتقدم وربما تنطلى هذه الأ فكار على رعاة الاغنام الذين يعيشون بمعزل عن تيار الحضارة الحديثة . وقد تفهمت من خلال قراءتى لهذا الكتيب سبب الاكتئاب الذى نراه على وجوه المتشددين لأنهم حرموا أنفسهم من مشاعر الفرح والبهجة وسقطوا فى بئر الحزن والعنف والعصبية وبالفعل معظم رجال الدين الاسلامى الذين يظهرون فى برامج حوارية يتسمون بهذه الصفات بجانب الجهل المفرط حيث يعجزون عن تبرير بعض ما ذكر فى القران عن الأيكولوجيا الاجتماعية والعادات والتقاليد التى لا تعد بالضرورة من أحكام الدين حيث يخلطون بين العادات والتقاليد التى تتغير وفق قوانين التطور الاجتماعى وفق الزمان والمكان وأسس العقيدة التى لا تتغير .
ونتناول الموضوع الثانى وهو أشد خطورة من الموضوع الأول وهو :
يتناول علاقة المسلم بالمسيحى فى الوطن .
يحض الكاتب المسلم ألا يبدأ المسيحى بالسلام ولا يقوم بتهنئته فى أعياده الدينية أو مشاركته مناسباته الخاصة ويعد ذلك تكريساً للكراهية وتقسيم الناس على أساس دينى طائفى وهذا مدخل الفتنة الطائفية التى تظهر من وقت لآخر .
وقلت فى نفسى بالله عليك أيها العاقل هل هناك دين يدعو للكراهية والفرقة والتشاحن والاعتداء على الآخرين وقتلهم .. قطعاً لا .
وقمت بمراجعة القران الكريم الكتاب المقدس لدى المسلمين فوجدت الآيات المقدسة تنص على البروالمودة والرحمة ولا تنص على الكراهية والعدوان حيث يقول الله عزوجل فى القران الكريم :
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الله لا ينهاكم عن الذين لم يقاتلوكم فى دينكم ولم يخرجوكم من دياركم . أن تبروهم وتقسطوا اليهم . ان الله يحب المقسطين . صدق الله العظيم
القيم الجميلة التى نص عليها القران تمثل شهادة براءة من الأفكار الجاهلة التى يرددها المتطرفون المتشددون الارهابيون الذين نسخوا دين الله الاسلام دين المحبة والسلام واطلقوا دينا جديدا يتعارض مع كتاب الله . فهؤلاء الجماعات فئة من البلطجية المجرمون ولا علاقة بينهم وبين دين الاسلام الذى يتسم بالسماحة حيث يقرب بين المسلم والمسيحى حيث يقول القران :
بسم الله الرحمن الرحيم
وطعام أهل الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم صدق الله العظيم
وهذه الآية الكريمة تدعو ان يتشارك المسلم والمسيحى واليهودى الطعام فى المناسبات الجميلة حيث يسود الود والتراحم والمحبة بمشاركة الجميع أعيادهم ومناسباتهم الخاصة حيث يقدمون الطعام للضيوف والأقارب والمحبين .
وهذه القيم عكس ما قال به مؤلف الكتاب الذى يستند لخيالاته المريضة وليس الكتب المقدسة
الآيات واضحة أن الاسلام ضد العنف ولا يكون العنف الا دفاعا عن النفس والعرض والمال والوطن ويقول القران قاتلوا الذين يقاتلونكم .. ومن الواضح من نص الآية المقدسة أن القتال يكون دفاعا عن النفس لمن بدءوا العنف والقتال أولاً . وهذه قيم الاسلام أما الارهابيون الذين يقتلون المدنيين العزل ولا يتورعون عن اقتحام دور العبادة لتنفيذ جرائمهم فبالتأكيد الاسلام برئ منهم وأفعالهم وسوف يحاسبهم الديان يوم الدينونة حيث يلقون سوء أعمالهم .
أما الأفكار المريضة التى ينشرها المذهب الوهابى السعودى فهى ضد الاسلام وتشويه للدين الحنيف ومفرخة للارهاب ومن السعودية خرج القائد الأعلى للارهاب الدولى تنظيم القاعدة المهندس أسامة بن لادن ومما يشعرنى بالخجل أن الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة مصرى الجنسية هو الدكتور الظواهرى سليل المدرسة الوهابية .
ولم يكن محمد بن عبد الوهاب يوما ما مفكرا مستقلا بل كل جهوده تنحصر فى اعادة صياغة الأفكار المنغلقة لابن تيمية وخلطها بالعادات والتقاليد البدوية الصحراوية المنغلقة التى هى بعيدة عن تيار الحياة المعاصرة وتيار الحضارة الحديثة وقد تحمس لافكار محمد ابن عبد الوهاب وسار على نهجه فى تهميش المرأة ومناصرة الارهاب ابى الأعلى المودودى وتخرج على يديه جماعات ارهابية فى الهند والباكستلن وبنحلاديش وكشمير حتى باتت هذه الجماعات تهدد السلام العالمى والحضارة الانسانية .
فلازلت السعودية تمنع المرأة من قيادة السيارة والحصول على الرخصة أسوة بالرجال والمرأة السعودية المهمشة تكافح فى الحصول على حقوقها أمام قوى الظلام والتخلف وجماعة الأمر بالمعروف والنهى هن المنكر ولازالت حقوق الانسان فى الحرية وحق التعبير واحترام الآخر واحترام حقوق الأقليات وحرية العقيدة غير وارد فى قوانين المملكة حتى أن السعودية هى الأولى فى العالم فى اضطهاد الأقليات ومصادرة الحريات الدينية .
أما لماذا فسدت النخبة الاسلامية فى مصر ؟
ليس خافيا علينا تورط مفتى الجمهورية بأن دس فى كتابه موضوعات اسرائلية حول تبرك الصحابة بشرب بول الرسول وهذا كلام ترفضه الفطرة السليمة والعلم والمنطق .
وقد عجز وكيل الأزهر السابق فى برنامج حوارى عن تبرير موضوع الاستمتاع بملكات اليمين والاصطدام مع شيخ أزهرى على الهواء مباشرة وقال وكيل الأزهر قبل انسحابه ليس لدى رد حول موضوع الحوار لهذا رأيت الانسحاب من البرنامج .
وتورط مفتى الجمهورية السابق فى فتوى تقول بأن الطين الارمنى من المفطرات ولا يجوز للصائم تناوله .. هل هناك من يأكل الطين يا حضرة المفتى ؟ كلام اخر هلوسة من شيوخ كبار .
ونعود للرد على موضوع أسباب فساد النخبة الدينية فى مصر .. اذا كان الراعى فاسداً فكيف يكون حال من يرعاه ؟
تغلغل الفكر الوهابى فى مصر ذات الكثافة السكانية العالية والتى هى مطمع السعودية الوهابية
وايران الشيعية فالسيطرة على مصر يرجح ميزان أحد الطرفين السنة والشيعة .
تاريخ مصر الدينى متذبذب بين المذهب السنى والشيعى وان كانت السيطرة الآن للمذهب السنى الا هناك شيعة مصريين محرومون من حقوق المواطنة الكاملة مثل غيرهم من الأقليات التى تعيش على أرض المحروسة بفعل النظام البوليسى الذى يحكمنا .
ويقوم النظام الشيعى الايرانى بمحاصرة السعودية بالهلال الشيعى حيث يبدأ من حزب الله فى لبنلن والصدر فى العراق وشيعة جنوب العراق على حدود السعودية وينتشر الشيعة فى الكويت والبحرين والامارات واليمن وفى بسالة غير متوقعة يحارب الحوثيين الجيش السعودى واليمنى فى وقت واحد ومعظم الحماعات الشيعية التى تحاصر السعودية مسلحة وتتلقى دعم ايرانى ويتولى الحرس الثورى الايرانى تدريب الكوادر العسكرية لهذه التنظيمات ويمدهم بالمال والسلاح ويخاطب النظام الايرانى ود حماس والاخوان المسلمين فى مصر للتأثير على الموقف العربى ويستخدم السوريون العلويين للتأثير على قادة المنظمات الفلسطينية وتقدم لهم الدعم المالى واللوجستى حتى بات الموقف السعودى فى ورطة حقيقية .
فكما ترى النظام الايرانى يحاصر النظام السعودى الوهابي تماماً فاتجهت السعودية بكل ثقلها الى مصر بالاستثمارات وتوجيه رجال الاعمال بالاستثمار فى مصر واسقطاب العمالة المصرية حتى أن العمالة المصرية بالسعودية تمثل 80 % من العمالة الاحنبية الوافدة للسعودية وهذه العمالة المصرية من السهل امتصاصها للفكر السعودى الوهابى ونشره فى مصر .بل اصبح رجال الدين بوق دعاية للمذهب الوهابى ويدرس الازهر كتب تم تأليفها منذ 400 سنة تتعارض مع العلم والمنطق والفطرة السوية فكانت النتيجة جيل متزمت منغلق عقليا مشوه نفسيا لا يملك رؤية التحرر والمرونة وقبول الآخر .
لم تكتفى السعودية بالعمالة المصرية بل اتجهوا للتعليم والاعلام وسيطروا على منابع الثقافة التى تشكل وجدان وشخصية الانسان المصرى فاشتروا عديد من القنوات الفضائية التى تبث سموم المذهب الوهابى متفهمين ما للاعلام من تأثير بالغ على شخصية المشاهدين المتابعين لبرامجة .
وشجعوا عديد من رجال الأعمال المصريين بشراء المدارس التى لها صبغة دينية ومن خلالها يتم نشر الافكار الوهابية باعتبارها الدين الاسلامى .
وبعد أن شجعوا الفنانات على الاعتزال وارتداء النقاب ففكروا فى التراجع عن الفكرة وشجعوهم على خلع النقاب والاكتفاء بالحجاب والعودة للفن والتمثيل ليكون الفن فى خدمة نشر الوهابية وهم يعلمون ما للفن من تأثير بالغ الدلالة على المصريين ومثال على ذلك حنان ترك وحسن يوسف .
وبالطبع هناك شيوخ يتم توظيفهم لتنفيذ هذه الألاعيب فى مقابل المال وعقود عمل بالسعودية .
وقد بدأت هذه الأفكار الوهابية تغزو مصر منذ السبعينات حقبة ظهور البترول فى السعودية حيث ذهبت العمالة المصرية ودول الخليج طلبا للرزق بعد أن ضاقت بهم السبل فى وطنهم لعجز النظام عن تحقيق التنمية والرخاء وفرص العمل فاتجهوا لخارج الوطن ولكن الجانب السلبى كان فى اصطحاب العادات والتقاليد من هذه البلدان لوطنهم . فلم تكن الفتاة المصرية محجبة أو منقبة قبل السبعينات فقد كانت هذه العادات منتشرة بين القبائل العربية التى تعيش فى الصحراء يرعون الاغنام الذين لم يختلطوا بتيار الحضارة الحديثة ولم يكن لهم نصيب من العلم والثقافة .
الغريب أن رجال الدين الذين يسعون لتهميش المرأة والغاء شخصيتها هللوا لمثل هذه الأفكار وأقنعوا المرأة المسلمة بأن هذه العادات من أسس العقيدة والدين والتفريط فيها تفريط فى الدين وهم يعلمون أن أركان العقيدة الاسلامية ليس بينها حجاب ولا نقاب ولكنهم يكذبون على الرعية .
باتت المنظومة الاعلامية الثقافية التعليمية مريضة ولكن لها سيطرة كبيرة على الشارع المصرى حتى بات الاصلاح أمر فى غاية الصعوبة يحتاج الى بطل يحكم مصر يشفى عللها .
وعلى الجانب المسيحى بدأظهور رد فعل ينشر التعصب والكراهية ضد المسلمين والسخرية والتسفيه للدين الاسلامى وشحن الرعية فى المواعظ الكنيسة التى تؤكد على المحبة والصلاة من أجل الأعداء كما يقول حضرة المسيح من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الآخر .. وطالبنا بأن نصلى من أجل الضالين المبغضين والمسيئين الينا .. ومن مسك طرف ردائك فاخلع له الرداء كله .. ولا تكون المحبة كاملة الا اذا احببت من يبغضك وهذه جرعة تتطلب السمو الروحى رفيع المستوى للمسيحى الحقيقى ..
بعد اذ قال حضرة المسيح اعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله نشاهد الشحن السياسى على يد رجال دين مسيحيين مثل راعى الكنيسة المعلقة وراعى كنيسة البابا كيرلس بعزبة النخل وقساوسة فى الخصوص والاسكندرية وزكريا بطرس ومنيس عبد النور راعى كنيسة قصر الدوبارة بعضهم يكتب فى الكتيبة الطيبية والبعض يتلقى دعم من الكنيسة الانجيلية فى امريكا .
كتب ومواعظ ومسرحيات على اقراص مدمجة .
صحيحاً كان ذلك رد فعل لظهور الشيخ كشك والشعراوى وعمارة وهداية والنجار الذين يلعبون نفس الدور فى الفتنة الطائفية وتقويض السلام الاجتماعى والوحدة الوطنية وتدمير الود والمحبة بين أبناء الوطن الواحد فتشيع بينهم الكراهية والحروب .
وفى مواجهة عزازيل ظهرت رواية عزازيل تيس مكة وهى تتفوق فى السخرية من رواية يوسف زيدان .
وحينما ننظر للطرفين المتصارعين نجد العقل غائبا تماما وعدم تقدير المسؤلية الاجتماعية وما ينتجه هذا الصراع العقيم من تدمير الانسان والوطن مع أن الأديان تدعو للمحبة والتسامح .
فاذا وجدت فى طريقك أحد السوقة الدهماء يقول لشخص الله يلعن أبوك فرد عليه الآخر الله يلعن أبوك وأبو أبوك . ينطبق هذا المثال على الطرفين المتصارعين فقد غاب العقل بينهم وأصبحوا وحوش وحيوانات ضارية تريد أن تفتك ببعضها بعضاً . ولم يحاول أى طرف الترفع عن المهاترات ويتسامى بالأخلاق الفاضلة الرفيعة المتحضرة عن الرد على مهاترات الطرف الآخر وفى النهاية سيشعر الطرف المهاجم بتفاهته وانحطاط اسلوبه ولن يترك هجومه أى أثر اللهم أثر سلبى يضر بصاحبه ويفقد احترام الناس وهو مكسب كبير لمن لم يشارك فى المهاترات .
والحقيقة المطلقة لها طرق عديدة لتواصل البشر معها . فالله هو اله العالمين ليس اله الشرق الأوسط فقط وعلى ذلك يجب أن ننفتح على عقائد الآخرين كالهند زارادشت والمجوس والبوذيين وغيرهم فهذا يتطلب الكتابة عنه فى موضوع مستقل .
اعمال نظرية الاحتمالات يفتح الباب للمرونة العقلية واحترام الآخر والتسامح نحن فى حاجة لمنهج تربوى جديد وتغيير المنظومة التعليمية الاعلامية والثقافية لبناء جيل جديد خال من أمراض الأجيال السابقة لبناء مجتمع يتسم بالاحترام والتحضر .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=14661&I=367