هوذا البرادعى... فأين القبطى المنتظر

هاني رمسيس

بقلم: هاني رمسيس
كثيراً ما تساءلت ، لماذا لا يوجد مكرم عبيد آخر ؟  و سريعاً ما كانت تأتى الإجابة ، لأنه لا يوجد سعد زغلول آخر ، لكن الإجابة لم تكن لتقنعنى أحياناً كثيرة ، فليس من الضرورى أن يكون هناك سعد زغلول ليتواجد مكرم عبيد ، أو من المفترض كذلك .
البرادعى الذى رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، و الذى بدأ حياته موظفاً فى الخارجية المصرية  و عاش خارج مصر معظم فترة حياته العملية ، و حصل على نوبل للسلام ثم قلادة النيل من النظام المصرى ، و الذى لم يعارض النظام فى مصر و لم يعمل بالسياسة ، يُنظر إليه الآن كالمنقذ و المُخلّص ، و كقادة حركات الإستقلال .

وبالمقارنة بشخصيات مثل رفعت السعيد  و أسامة الغزالى حرب ، الأكثر دراية وعملاً بالسياسة المصرية ، و الأسهل فى تحقيق شروط الترشيح ، حيث أن كُلاً منهما رئيس حزب معارض . أتساءل لماذا البرادعى بالذات ، والذى لم تلاحقه – بعيداً عن إعلام الحكومة – أى إتهامات مثل ازدواج الإنتماء و العلمانية  و الإستقواء بالخارج  و غيرها ، مما يطلقه القوميون و العروبيون و الإسلاميون . فهل فقد المصريون الأمل فى كل من بالداخل ، أم هى الحاجة إلى تغيير كل شئ ، ليس فقط النظام الحاكم بل حتى قوى المعارضة ، أم تراها عقدة الخواجة ؟
البرادعى الذى أُستقبل إستقبال الفاتحين ، والذى صار بيته قبلة كل أطياف المعارضة المصرية ، بدأ يكتب أيضاً بيده شهادة وفاة تأييد الأقباط للحزب الوطنى (أحسن الوحشين) ، الذى كان يطرح نفسه البديل الوحيد للإخوان .

البرادعى و منذ أن أعلن نيته الترشيح لرئاسة مصر تحت شروط معينة ، ومصر كلها فى حالة جعجعة - بغض النظر عن نتيجة هذه الجعجة .
هذا هو البرادعى ، فأين القبطى المنتظر ، السياسى أو القانونى أو الحقوقى القبطى ، الذى يجتمع حوله الأقباط ، بعيداً و بدون إنتظار رأى الكنيسة ، ليكون لهم رأيهم الذى يُثمّن غالياً ؟
هذا هو البرادعى الذى إلتف حوله الشباب ، ويحاول أن يختطفه الإسلاميون والحنجوريون و مدعوّ الليبرالية ، فأين الأقباط ؟

هذا هو البرادعى ، الرجل الحالم بعالم (اليوتوبيا) ، الذى يحاول الإخوان إستخدامه كحصان طروادة ، والذين لا مانع لديهم من تأييده حتى لو إختلفوا معه حول أحقية القبطى والمرأة فى رئاسة الجمهورية ، و لا مانع لديهم من التنازل له خمس أو حتى عشر سنوات حُكم ليبرالى ديمقراطى ، فى سبيل الوصول للكرسى و إعلان دولتهم المتوهمة .
هذا هو البرادعى ، الذى تقابل معه كل ألوان القوى السياسية ، إلا الأقباط الذين مازالت حالة التوجس تسيطر عليهم ، والذى أخشى أن تستمر طويلاً ، برغم تحمس شباب القبط له .
هذا هو البرادعى ، فأين القبطى المنتظر ؟ فإن لم يوجد هذا القبطى فعلينا خلقه وإبتكاره وإختراعه ، وإلا فستظل دماء إخوتنا تهرق متفرقة بين الحزب الوطنى والإسلام السياسى  ، فهل من مبتكرين و مخترعين ؟ 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع