جرجس وهيب
أجرى الحوار: جرجس وهيب- خاص الأقباط متحدون
عندما تهمِّش الدولة دور الأحزاب السياسية، ولا تصغي من الأساس لاقتراحتها، بل وتتعامل مع ممثلي الأحزاب الشرعية وكأنهم عملاء وأعداء للوطن، لابد وأن تخسر كثيرًا.. ولا أخفي سرًا أن هذا ما دفعني للقاء الأستاذ أحمد يوسف، رئيس اللجنة العامة لحزب الوفد بمحافظة بني سويف، وعضو محلي شعبي المحافظة، لمحاورته ومناقشته ببعض الأمور المتعلقة بالشأن المصري الداخلي، وبعض القضايا الهامة الشائكة، كالانتخابات الرئاسية القادمة، ودور الأحزاب في الحياة السياسية، بما في ذلك حزب الوفد الذي ينتمي إليه، وقد أسعدني جدًا هذا اللقاء، لأن الأستاذ أحمد يوسف، جذبني بشدة بآرائه الموضوعية الخالية من التعصب والتحيز، فكان لنا معه هذا الحوار..
في البداية سألته:
- هل سيخوض حزب الوفد انتخابات مجلس الشورى بمحافظة بني سويف؟
- لم نستقر إلى الآن على ترشيح أحد، وأغلب الظن أنه لن يكون لنا مرشحون هذه المرة، لأن التجارب السابقة خلال السنوات الماضية، كانت حقا مريرة، بسبب تزوير الانتخابات، فكان آخر تمثيل لحزب الوفد بمحافظة بني سويف بنائبين فقط هما: محمد لبيب ومحمد تمام، عام 1987، وأنا حزين جدًا على ما آلت إليه الأوضاع بمصرنا العزيزة العريقة التي تستحق أفضل بكثير مما هي عليه الآن.
- بتقديرك الشخصي؛ كيف وصلت مصر، وعلى كافة الصعدة، لما هي عليه الآن؟
- قبل الثورة؛ كانت مصر من أغنى ثلاث دول على مستوى العالم، وكانت قيمة الجنيه المصري تعادل قيمة الجنيه الذهب، أما الآن، فقيمة الجنيه الذهب تساوي ما يُعادل 1460 جنيهًا مصريًا، بل كان هناك رصيد ذهبي للعملة المصرية يُقدر بـحوالي 1510 طن ذهب، وكان يشغل منصب وزير المالية آنذاك الراحل فؤاد سرج الدين، رئيس حزب الوفد الأسبق، ولقد كان السياسيون قبل الثورة يُحبون مصر، ويعملون من أجلها، والأمثلة كثيرة، فطلعت حرب باشا قد أنشأ مثلاً بنك مصر، ومن خلاله، أي بنك مصر، تم إنشاء العديد من الشركات والمصانع، في مقدمتها شركة مصر للطيران، ومصانع النسيج، واستوديو مصر، وشركة للبواخر، والكثير من الشركات العملاقة الأخرى، أما الآن؛ فأغلب السياسيين يعملون من أجل مصالحهم الخاصة، بل يسنون قوانين خاصة لخدمة أهدافهم ومصالحهم، وقد تم ويتم بيع هذه الشركات بعد أن تم نهبها، فالغاز الطبيعي يُباع في جميع أنحاء العالم بسعر 11 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية، ومصر تبيعه لأسبانيا وفرنسا وإسرائيل 1.25 دولارًا!!، هذا فضلاً عن أن الاقتصاد المصري يسيطر عليه مجموعة من المحتكرين الذين يتلاعبون بالأسعار، لدرجة أن الأسعار في مصر ترتفع فقط مع الارتفاع العالمي، ولكنها لا تنحفض مع الانخفاض العالمي!!.
- برأيك؛ ما هي الشروط الواجب توافرها في المرشحين؟
- كما يقول القران الكريم: "إن لله رجالاً اختصهم بقضاء حوائج الناس"، إذن أول شروط العمل السياسي، طهارة اليد، والسمعة الطيبة، وأن يكون ممتهن هذا العمل محبًا لخدمة المواطنين، وليس من المتسلقين الوصوليين الذين بمجرد نجاحهم بالانتخابات يتخلون عمن انتخبوهم.
- ما هو النظام الأمثل لتمثيل الأقباط في الحياة السياسية؟
- برأيي؛ نظام القائمة هو أفضل الطرق لتمثيل الأقباط، فهذا النظام يقضي على سيطرة المال على العملية الانتخابية، ويضمن تمثيلاً مناسبًا للأقباط في الحياة السياسية، فقديمًا كان الأقباط ينجحون، سواءً داخل الوفد أوخارجه، فمثلاً ويصا واصف، كان قد ترشح بدائرة مركز ببا بمحافظة بني سويف، وكان حينها ضمن الوفد المصري المفاوض لخروج الإنجليز من مصر، ونجح في الانتخابات، دون أن يقوم بعمل دعاية انتخابية، أو يكون موجودًا أثناء الانتخابات.
- إذًا فلماذا وصلت أوضاع الأقباط إلى هذا الحد من التردي والتراجع؟
- لم يُسجل حادث طائفي واحد قبل الثورة، ولم يكن هناك فرق إطلاقا بين المسلم والمسيحيى، بل كانت هذه الكلمات لا تستخدم تمامًا، فالجميع كانوا مصريين، بل إن المواطن كان لا يُسأل عن دينه، فمثلاً أثناء زيارة النحاس باشا لمحافظة المنصورة، حاول أحد الجنود قتل النحاس باشا بإيعاز من صدقي باشا، فحاول سينوت حنا إبعاد الطعنة عن النحاس باشا، فتلقى الطعنة بدلاً منه، ومات مدافعًا عن النحاس باشا.. للأسف الشديد الفتنة الطائفية صناعة حكومية، فأذكر على سبيل المثال، وأثناء عملي بالمدرسة الثانوية العسكرية بمدينة بني سويف، منذ فترة طويلة، أن منشورًا قد أُرسل لي ثلاث مرات خلال ثلاثة أيام، ويشير هذا المنشور إلى أن طلاب جامعة الأسكندرية المسييحين يقومون باغتصاب الفتيات المسلمات، ثم يعرضون عليهن الزواج بشرط أن يتنصرن!!.. فهل لم تكن الأجهزة الأمنية على علم بهذا المنشور، الذى كان يُوزع من أسوان إلى الأسكندرية؟!.
- هل أنت مع صدور قانون موحد لبناء دور العبادة؟
- لماذا يصدر قانون لتنظيم بناء دور العبادة، فطالما تسمح الدولة ببناء مساجد بكل سهولة، لابد أن تسمح ببناء الكنائس أيضًا بهذه السهولة، وأنا مع بناء كنائس، طالما أن الكنائس تراعي الاشتراطات الهندسية، ولا أعرف سببًا لتضييق الدولة على بناء الكنائس، فموضوع بناء الكنائس جُرحٌ لم يندمل ودائمًا ما تضغط الدولة على هذا الجُرح فيزداد الوجع!.
- هل أضعفت الصراعات حزب الوفد؟
- بلا شك كان لهذه الصراعات أثر كبير في إضعاف قوة الحزب، ولكن من وجهة نظري، أرى أن لها جانبًا إيجابيًا، فقد أرست هذه الصراعات مبدأ هامًا، وهو أن حزب الوفد لا يحكمه شخص واحد، وإنما يُحكم من خلال الجمعية العمومية.
- ما هي مصادر دخل الحزب؟
- حزب الوفد هو الحزب الوحيد الذي لا يحصل على دعم من الدولة، ودخل الحزب من تبرعات واشتراكات الأعضاء، وقد أنفق الحزب 9 مليون جنيه على الحملة الانتخابية لرئيس الحزب السابق في انتخابات رئاسة الجمهورية السابقة.
- هل سيرشح حزب الوفد أحد قياداته لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة؟
- الهيئة العليا للحزب فقط هي من يمكنها البت في هذا الأمر واتخاذ القرار المناسب بشأنه.
- هل سيرشح حزب الوفد الدكتور البرداعى في انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة؟
- الدكتور البرادعي شخصية عالمية مرموقة، من أسرة "وفدية" عريقة، ووالده كان نقيب المحامين لثلاث دورات متتالية، والقرار الأخير للهيئة العليا للحزب.
- وما موقف حزب الوفد في حال ترشيح جمال مبارك لنفسه في انتخابات الرئاسة؟
- أنا شخصيًا مع السيد جمال مبارك، بشرط أن يتخلص من مجموعة رجال الأعمال المحيطين به ممن يستغلون السلطة لتحقيق مصالحهم الشخصية.
- هل يمكن أن نرى يومًا تحالفًا بين حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين؟
- هذه الكلام انتهى إلى الأبد.. وأنا مع انخراط الإخوان المسلمين في الحياة السياسية بشرط عدم استخدامهم للدين.. وهذا أمر مستحيل!!.
- ما هي أهم المشاكل التي تواجهها محافظة بني سويف؟
- مشاكل محافظة بني سويف كثيرة، أهمها أنه لا يستمر بها محافظون لفترات طويلة، وخاصة من يثبتون كفاءة، كما أن قرب المحافظة من القاهرة قد أثر عليها بالسلب، وقضى على النشاط الاقتصادي الصغير بها، ونقل إليها الصناعات التي تسبب أضرارًا بيئية كبيرة، مثل مصانع السيراميك والأسمنت.
- وختامًا.. نحن بانتظار ما سوف تسفر عنه الأشهر القليلة القادمة، وما سوف تؤول إليه الأوضاع بمصرنا الغالية..
http://www.copts-united.com/article.php?A=14759&I=369