عساسي عبد الحميد
بقلم: عساسي عبد الحميد
كان حرياً بحكومتنا الحكيمة أن لا تندفع وتقطع علاقاتها مع جمهورية إيران كما تسرعت وأغلقت الحدود مع الجارة الجزائر سنة 1994 عقب أحداث إيسني الإرهابية، وها هي اليوم تتوسل للنظام الجزائري لكي يفتح معبر "جوج بغال" لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين كما يقول الناطق الرسمي، كان على حكومتنا أن تكتفي بالتصدي للتشيع كما تدعي هي وتواجه من يمس عقيدة المغاربة الغراء كما صرح الناطق الرسمي بالحوار البناء ومقارعة الفكر بالفكر والحجة بالحجة، فلديها من العلماء الجهابذة والمشايخ الأفذاذ الذين تسطع صناطحهم من شدة الإيمان والنور، ما يجعلها تحبط كل مخططات أبي لؤلؤة المجوسي وحملة فكر عبد الله ابن سبأ وإقناع المواطن بعدمية وبطلان عقيدة الصليب.
ولدى حكومتنا كذلك ست فضائيات كبرى (الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة) لتحصين المغاربة روحياً وتحفظ لهم الإرث المالكي من الاندثار والبوار.
إذاً قام المغرب بقطع شعرة علي مع إيران تحت ذريعة ضلوع مراجع "قم" في استمالة واستدراج المغاربة، ونشر التشيع بين أوساط الشعب المغربي والتي تسعى حكومتنا الرشيدة جاهدة من أجل تحصينه روحياً من كل شائبة وسائبة قد تهزه هزاً و ترجه رجاً وعلى رأسها التشيع والتنصير، لأن حكومتنا حريصة كل الحرص على سلامة فكر المواطن من التلوث والزيغ كحرصها على محاربة البطالة والجريمة والشذوذ والرشوة والهجرة السرية والشطط في استعمال السلطة ومتابعة القياد والباشاوت ورجال الدرك وعمداء الشرطة المتربصين بالمواطنين، للتذكير فرجال السلطة الكبار يأتيهم كل شيء بالمجان حتى بيوتهم من حليب ومونادا ودانون ولحوم طرية وسمك وبهارات وكبش العيد المخضب بالحناء إلخ إلخ إلخ... بينما يرزح الملايين من أبناء المغرب تحت عتبة الفقر.
وفعلاً فقد قطعت حكومتنا أشواطاً في القضاء على كل هذه المفاسد ((برافو للا حكوم برافو حكومة النجاة))، وبعدها بأيام وفي إطار تحصين المغاربة عقائدياً قام المغرب بطرد خمسة أجانب من التراب الوطني بتهمة الترويج للدين المسيحي مستغلين خصاص وعوز ومعاناة المغاربة، وفعلاً فإن المغاربة مخصوصين ومكلومين ومنكوبين ووفقاً للمنطق يجب على المغرب قطع علاقاته كذلك مع حظيرة الفاتيكان ومع البلدان الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بالذات التي تنشط كنائسها وقساوستها في مجال التبشير بالمغرب ولهم مخطط تنصير 10 في المائة من المغاربة في أفق 2020 حسب تصريحات رسمية، هذا هو المنطق لكي لا نكون متناقضين ولو أن قطع العلاقات ليس بالموقف الرزين والحكيم من حكومة حكيمة تدّعي حرية الفكر وحق الإنسان في التعبير والإنفتاح الإيجابي على المحيط الكوني..
وكما قام المغرب بقطع علاقاته مع فنزويلا التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية الوهم فعلية قطعها كذلك مع النظام الجزائري الذي يرعى الإنفصاليين فوق تراب مغربي تسيطر عليه الجزائر..
هذا هو المنطق، فبدلاً من فعل هذا نصب جام غضبنا على "هيغو تشافيز" ونغازل بوتفليقة الحقود ونترجاه لكي يبادر بفتح الحدود بعدما أغلقناها نحن على خلفية أحداث إيسني الإرهابية سنة 1994.
إن حرية الإعتقاد مسألة تهم الشخص نفسه ولا يمكن فرضها بالقوة على المواطن لأنها تدخل في إطار حرية الفكر وحقوق الإنسان، وما التشيع والتنصر والتهود والتمجس والتبهأ والإلحاد والتمركس إلا حالة صحية من حركية الفكر وتلاقح الثقافات الإنسانية لفتح الباب على مصراعيه أمام الإبداع والخلق وتربية الناشئة على الإنفتاح الإيجابي وتدبير الإختلاف... وإلا فستكون مجتمعاتنا على الشاكلة الوهابية، السعودية نموذجاً حيث لا عقيدة إلا عقيدة بني وهاب ولا كلمة تعلو فوق كلمة سيد الغرانيق الشيء الذي يصيب الأمة بالشلل الفكري.
لماذا لا تقاوم فرنسا مثلاً بناء المساجد في عقر دارها وتتابع الجمعيات الإسلامية وتتصدى للمشروع الدعوي الوهابي لأسلمة الفرنسيين، بينما نمتلك نحن هذا الكم من الحساسية المفرطة من التنصير والتشيع ؟؟
قام رجال الشرطة المغاوير بمداهمة البيوت ومقرات العمل ورفوف المكتبات بحثاً عن الكتب والأشرطة الشيعية واقتياد أصحابها للإستنطاق في مخافرها المضيافة، والغريب أن من قام بالتحقيق مع المشتبهين أشباه أميين لا علم له بفقه وأدبيات الشيعة حتى يتمكنوا من التحقيق بطريقة عملية وعلمية، فقد قاموا بحجز كتب ابن قيم الجوزية وابن تيمية وأدبيات وهابية على أنها شيعية وأثناء البحث اقتيد السني والملحد والإشتراكي والليبرالي على أساس أنهم شيعة ((الحاصول المخزن تلف واختلطت عليه شامة بطامة)).
صحيح أن هناك مغاربة بمئات الآلاف يتعاطفون مع إيران ويتفاعلون مع خطاب خامينائي ومحمود نجادي وهذا واقع لا يمكن نكرانه، لأنه حسب نظرتهم يرون في طهران رمزاً للمنعة والعزة و التحدي للجبروت الأمريكي والإسرائيلي، ويتعاطفون مع زعيم حزب الله لأنه استطاع أن يقنعهم أنه انتصر على إسرائيل ولأنهم يقارنون بين إيران التي ترعى المذهب الشيعي والسعودية المتبنية للمذهب السني، والإختلاف واضح ففي البرلمان الإيراني تجد جميع الإثنيات والديانات ممثلة بما فيهم اليهود والزرادشت والأرمن والكلدان والسنة وعرب الأهواز، بينما شيعة السعودية يعاملون كالبعير الجرباء ويمنع المسيحيين المقيمين من إظهار شعائرهم الدينية ((قام رجال الهيئة المعروفين بالمطاوعية بتكسير زجاج نافذة سيارة لإخراج صليب صغير لا يتعدى طول عشر سنتيمترات وقاموا بتكسيره و تقطيعه إرباً إرباً في حادثة تظهر قمة الجهل والعنصرية والحقد))، في إيران تعمل الدولة على تشجيع البحث العلمي وحض الشباب على المعرفة بينما البحث العلمي لا يهم أمراء آل سعود بقدر ما تهمهم بطونهم وقصورهم بلبنان والمغرب وفيينا وإسبانيا.
لقد أصبح المتشيع ينظر أنه من يوالي آل سعود كمن يتعلم الإسلام في سبعة أيام بدون معلم.
الرئيس الإيراني ينام أربع ساعات ويجوب البلاد طولاً وعرضاً ببذلته المعتادة جاكيت بسيط وسروال عادي ثمنهما لا يتعدى 9 دولارات، بينما وزيرنا الأول يكون آخر من يعلم ويسافر صحبة أم البنين في زيارة رسمية للتايلاند على حساب الشعب المغربي، الخميني الشيعي كان يستقبل ضيوفه في بيت متواضع وهو يجلس القرفصاء في حين يبدر أمراء آل سعود حماة المذهب السني تريليونات الدولارات في رحلات الليالي الملاح، فالأمير تصحبه في رحلته قافلة من الطائرات المحملة بالخدم والحشم والممرضات والمدلكات ومصففات الشعور ولا ينسى الصباغة السوداء لكي يطلي بها لحيته وشاربيه وحبوبه الزرقاء التي تعطيه الفحولة.
أنا لست هنا بصدد الترويج للفكر الشيعي لأني لست بمعتنقه بقدر ما أقرأ الواقع بعين محايدة ومجردة...
تصبحون على خير...
عساسي عبدالحميد – المغرب
Assassi_64@hotmail.com
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=1479&I=40