جرجس وهيب
بقلم: جرجس وهيب
كان لكل من الزعيمين، الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق والمناضل الكبير نيلسون مانديلا والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، تأثير كبير في بلادهم بل في المنطقة العربية والإفريقية.
فالرئيس الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا مثال للمناضل والزعيم الوطني المحب لبلاده الذي أفنى حياته من أجل بلاده، فمن أجل تحرير بلاده من التمييز العنصري الذي عانت منه لسنوات طويلة قضى أكثر من 20 عام بالسجن يدافع بدون كلل وأو ملل، وبعدما استطاع أن يحرر بلاده من حكم البيض والقضاء على التفرقة العنصرية تولى حكم البلاد لمدة دورة رئاسية واحدة فقط أرسى خلالها مبادئ الديمقراطية والحرية التي ناضل من أجلها سنوات طويلة وضحى بأحلى سنوات حياته من أجلها وحوّل بلاده خلال الفترة الرئاسية إلى مصاف دول العالم المتقدم والتى تتمتع بالحرية والديمقراطية بالإضافة إلى تقدمها الاقتصادي الكبير، بعدما كانت من مصاف الدول المتأخرة والمنبوذة والديكتاتورية والفقيرة، فلم يكن الوصول إلى الحكم هو الهدف الأساسى وأنما كان يهدف إلى تحرير شعبه من التفرقة العنصرية.
عكس ذلك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي قاد وخطط لثورة الضباط الأحرار في 23 من يوليو عام 1952، ووصل إلى الحكم مع مجموعة من الضباط صغار السن وعديمي الخبرة السياسية والعسكرية باستثناء الرئيس محمد نجيب، فما أن نجحت الثورة وتأكد الرئيس محمد نجيب من نجاحها طالب من مجلس قيادة الثورة العودة إلى الثكنات العسكرية وإجراء انتخابات فظهر الضباط على حقيقتهم، فلم يكونوا يهدفون إلى تحرير بلادهم بل الوصول إلى الحكم فأطاحوا بالرئيس محمد نجيب بل تم سجنه وتحديد اقامته حتى وفاته داخل بدروم أحد المباني، واعتلى الرئيس جمال عبد الناصر مقاليد الأمور في البلاد وحل جميع الأحزاب السياسية وسجن رؤسائها وتولى الرئيس جمال عبد الناصر الحكم في سن مبكرة دون أن يكون لديه دراية بأدنى قواعد السياسة، وكذلك باقي الضباط الأحرار الذين تولوا أماكن ومناصب رفيعة في مقدمتها الجيش والذي تولى رئاسته عبد الحكيم عامر والذي منحه الرئيس جمال عبد الناصر رتبة مشير وهو في سن مبكرة، والجميع يعرف ماذا فعل المشير بالجيش المصري وتسببه في تدمير الجيش المصري في 1967 وقتل عشرات الآلاف من الشباب المصري بسبب قلة خبرة المشير، ويتحمل الرئيس جمال عبد الناصر الجزء الأكبر من مسئولية الهزيمة.
الرئيس نيلسون مانديلا ارتقى ببلاده أما الرئيس جمال عبد الناصر كان له أسوأ الأثر على مصر بل المنطقة العربية، فحول مصر من دولة ديمقراطية تُجرى فيها انتخابات نزيهة إلى دولة ذات حزب واحد واخترعت فى عهده نتائج 99.99%، وورط مصر بقرارته غير المدروسة في عدة حروب لم يتم الغعداد لها بشكل جيد، وأمم الشركات الكبرى والتي تم نهبها وبيعها بعد ذلك بثمن بخس، مما كان له أسوأ الأثر على الاقتصادى المصري، وأصّل فكرة القومية العربية فلم تعد مصر للمصريين بل أصبحت مصر ملك للعرب، فالجيش المصري أصبح تحت أمر الدول العربية فورّط الجيش في حرب الجزائر وكذلك اليمن مما كلّف مصر المليارات من الجنيهات مما انعكس أثره على الاقتصاد المصري والذي نعاني منه حتى الآن.
فالفرق بين نيسلون مانديلا وجمال عبد الناصر أن الأول كان يحب بلاده أكثر من نفسه ومؤمن بأفكاره ومبادئه، والثاني أحب نفسه أكثر من بلاده وكانت النتيجة ما نحن فيه الآن، فلو استمع عبد الناصر لرأي الرئيس المحترم محمد نجيب وأجرى انتخابات وعاد هو زملاءه إلى الجيش لتغير مصير مصر نهائيًا، ولأصبح حال مصر أفضل بكثير مما نحن عليه الآن، ولأصبحت مصر الآن فى مصاف الدول الكبرى بدلاً من تذيل دول العالم.
http://www.copts-united.com/article.php?A=14970&I=374