نبيل المقدس
بقلم : نبيل المقدس
منذ شهرين تقريبا ... كل ما أقرأه في الصحف .... أقوال وأحاديث ومقالات وتخمينات ... لم أجد خط واضح لهذه الإخبار لكي أتخذه دليلا أو إرشادا عما تتكلم عنه هذه الأقلام . دوشة .... صخب ... مفاجآت واهية ... عناوين ... مانشتات ... تعليقات من أفواه جهابذة السياسة المصرية ... كلام حِكم هشة من رؤساء الأحزاب والتي هي وصمة عار علينا وعبء ثقيل علينا , وكأن كل حزب مميّز ببرنامج معين أو حتي له هدف مُحدد ... تكتلات كثيرة ... كل كتلة لها إسم براق وكأن بهذا الإسم المُهيّج والمُثير سوف يهد الدنيا . الكل علي لسانهم كلمة تغيير .... تغيير .. تغيير . انا لم افهم المقصود والهدف من كلمة التغيير ... هل هو لصالح الشعب الفقير ... أو الغني الوفير .... أو من يُقال عنهم أصحاب الفهم المستنير ؟؟؟ . أم هو رزق جه للكتاب ورؤساء التحرير ... و لأصحاب القنوات عبر الأثير ... و لإظهار فتاوي الفلاسفة وهم ماشاءالله الكثير ... ؟؟؟؟
قبل ذلك كانت قوي الشعب تتوجه في إتجاه واحد للتصحيح وليس للتغيير ... كنا ندرك تماما من أين يأتي التصحيح , وتبديل الحياة السياسية السلبية إلي حياة سياسية ايجابية ... الكل وجه نظرهُ إلي صندوق الإنتخابات ... الكل فهم اللعبة ... الكل لم ينظر إلي من يكون الرئيس الآتي في المرحلة المستقبلية ... جميعنا وأخص بالذكر الطبقة المثقفة والتي وصلت نسبتها إلي أدني نسبة عالمية فهموا كيف يعيدون بهذه البلد إلي بر الآمان ... الأقباط اي المسيحييون بدأوا يتحركون بجدية نحو الطريق الصحيح ... نتيجة إصرار ابنائنا المصريين في الخارج علي إعلاء صوت الرفض علي الأحداث التي تحدث لإخوتهم بداخل مصر ... مع إصرار أقباط الداخل التوجه إلي صناديق الإنتخابات بعد حملات تنشيطية قام بها بعض الشباب والشابات لتوعية الشعب القبطي , وأن البطاقات الإنتخابية سوف تحل الكثير من المشاكل ... كما لا أنسي أن هناك الكثيرين من الأخوة المسلمين المعتدلين والذين يشعرون بمشاكلنا بالإضافة إلي جماعة العلمانيين .... فقد كانت تعمل هذه المنظومات طيلة السنوات الماضية في اتجاه واحد ... وكانت تحاول أن توقظ الأحزاب من نومهم العميق ... لكن لا حياة لمن ينادي ... لكن الجو العام كان متحفز إلي مجيء ايام الإقتراع لكي يحاول كل افراد الشعب أن يتأني الإختيار هذه المرة . وكان كل التركيز من جميع الفئات أن تكون عمليات الإنتخاب أو الإقتراع نزيهة وأمينة ... حتي ولو استوجب أن نضغط علي الحكومة بجعل الإنتخابات تحت الملاحظة والمراقبة الدولية , وكان هذا اكبر الآماني لنا في هذا الموضوع .
فجأة وبدون سابق انذار ... نشاهد علي المسرح السياسي حملات إعلامية يقوم بها بعض المجموعات بترشيح الدكتور محمد البرادعي كمرشح مستقل لرئاسة الجمهورية ...
ومن شدة وقوة الخبر أننا أحتسبنا يوم إعلان المجموعات عن ترشيح البرادعي , هو يوم يفصل بين عهدين ... عهد ما قبل البرادعي وعهد ما بعد البرادعي .ثم يأتي البرادعي من فيينا وتستقبله الوفود التي تتبعه إستقبالا شعبيا , وهاتفين له بأنه هو المخلص الذي سوف يخلص البلد من أول مشكلة أزمة الأنابيب حتي مشكلة قيام مصر بإنشاء صرح ذري ونووي في الضبعة . كل هذا يحدث والبرادعي نفسه لم يعلن بترشيح نفسه , لأنه ليس منتسبا لأي حزب , وعليه أن يختار ان يرشح نفسه مستقلا , لكن سوف تقابله بعض العوائق الدستورية ربما توقف من ترشيحه. وصرح سيادته بأنه لن يرشح نفسه إلا بتغيير بعض قوانين الإنتخابات الموجودة في الدستور , كما اعلن أن علي الدولة أن تضمن له إنتخابات نزيهه , وتكون تحت بصر وعيون الأمم المتحدة .
كانت الحياة السياسية قبل البرادعي متوجهه إلي الحماس والإصرار علي المشاركة في الإنتخابات ... لكن بعد البرادعي توجهت عيون الناس إلي ما يُسمي بالتغيير . والتغيير هنا لا يتصل بتغيير السياسة العامة في حياة البلد من جميع انواعها ( التي تهم جموع الشعب ) بل يتصل فقط في تغيير اسلوب الإنتخابات عن طريق تغيير بعض البنود الخاصة بها . تجمعت الأحزاب حول البرادعي و كما إلتفت حوله بعض الحركات ... وإختيارهم هو بالذات أن يقدم نفسه للترشيح , وأنضموا معه للضغط علي الحكومة لكي يتم تغيير بنود الإنتخابات لكي تكون مؤهلة له . وتم عمل إئتلاف مع بعض الأحزاب واعلنوا رسميا انهم يتضامنون معه وتكوين ما سموها بالجمعية الوطنية ... كما أسرعت بعض الحركات بالإنضمام إليه ..
لكن ماذا حدث بعد ذلك ... سافر البرادعي , وكأنه جاء لكي يلقي علينا حجر , ويجري ... فقد سافر البرادعي للخارج لمدة شهر والبعض يقول لمدة شهرين ... وبدأ يُلقي تعليماته من عواصم العالم علي الذين يتبعوه ... إنقسمت الأحزاب التي كانت تنوي القيام بالإئتلاف ... فيضطر البرادعي أن يقول لا مانع من وجود حزب إخواني ... فهو مازال حريصا ان لا يعلن أنه سوف يرشح نفسه ... هو فقط يُعلن بتغيير بنود الإنتخابات من الدستور . ويحذر من إنتفاضة شعبية إذا رفض النظام التغيير. ثم تأتي المشكلة الكبري , وهو أن البرادعي يصطدم مع الإئتلاف الرباعي حول ضم الإخوان إلي الجمعية الوطنية والتي تشكلت بعد مجيئه مباشرة ... كل هذا ولم يعلن انه سوف يرشح نفسه للرياسة القادمة .
وبعد صمت طويل من الحكومة ... يُصرح الرئيس حسني مبارك والسيد / جمال مبارك ( لا تغيير في بنود الدستور) . الان إنشغل الشعب بموضوع البرادعي .. وجلب لنفسه الشقاء ... وعلي راي مثل تعلمته من جدتي يقول : [ كان في راحة ... وجاب لنفسه الحاحا ] ... فنحن كنا فعلا مركزين علي الإنتخابات ... لكن جبنا لنا مهمة شغلتنا عن الإنتخابات التي بدات تظهر في الأفق ..... وما تزال الأحزاب تتناحر مع بعضها عن طريق الضرب تحت الأحزمة ... فاعلن رئيس إحدي الأحزاب ( إذا كان من حق البرادعي الترشح للرئاسة فهذا حقنا أيضا ) .. ويصرح آخر نيابة عن حزبه أنه ليس مع إبعاد الإخوان علي اساس انهم فعلا بيمارسون العمل السياسي.
وها الرئيس سوف يأتي من ألمانيا بعد اجراء العملية والتي تمت بنجاح , ونشكر الرب علي سلامته , وسوف يخرج إليه الشعب يهتفون بحياته وبطيلة العمر والحُكم .. وسوف يعلن بوجود تعديلات , لكنها تعديلات تناسب موضة 2011 .......... !!!!
بصراحة ... إلي الآن لم أفهم شيئا من هذه المشاهد التي آراها يوميا علي المسرح السياسي ... ربما أجد في وسطكم أخا ً علي علم بها ... ولأول مرة أشعر أنني لم استطيع أن افسر هذه الأحداث ... فحببت أن أطمأن علي نفسي , هل أنا لوحدي غير فاهم فسألت واحد من الشعب عن مدي فهمه لموضوع التغيير ... فقال لي ... هو في ايه ؟؟؟؟ ما أحنا عايشين ذي الفل ... أحنا خلاص وصلنا لمرحلة إمتلاكنا للذرة .. ومعانا البرادعي أول من إخترع الذرة .... يبقي عايزين ايه تاني .... ده بطـــــــر ؟؟؟؟؟ !!!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=15283&I=381