جرجس وهيب
بقلم: جرجس وهيب
غريب أمر بلدنا الحبيبة مصر، فمنذ سنوات طويلة يطالب الأقباط بعمل كوتة لهم في المجالس الشعبية، وخاصة مجلسي الشعب والشورى، لضمان تمثيلهم داخل هذه المجالس عن طريق الانتخاب وليس بالتعيين، فقامت الدنيا ولم تقعد وخرج علينا جهابذة القانون، يحذرون من خطورة هذه الخطوة، وأنها ستقسم المجتمع المصري إلى فئات، وأن الأقباط والمسلمين نسيج واحد، ولكن على النقيض من ذلك، كان الموقف مغايرًا تمامًا عندما أعلن أن الدولة ستخصص 56 مقعدًا للمرأة بمجلس الشعب لمدة دورتين، بواقع مقعدين بكل محافظة لضمان تمثيل المرأة داخل مجلس الشعب.
فأشادت بالقرار كافة فئات المجتمع المصري، وبخاصة النخبة الحاكمة وأصحاب القرار والفضائيات، والقنوات الأرضية المصرية،وأكدوا أن هذه الخطوة هامة في طريق منح المرأة حقوقها في مصر، وهم نفس الأشخاص الذين رفضوا عمل كوتة للأقباط مع أن وضع الأقباط هو نفس وضع المرأة، فكلاهما مهمش داخل المجتمع المصري، فالأقباط يعانون معاناة مرة من تجاهل الدولة لهم، وقلة عدد مرشحي الحزب الوطني من الأقباط، وإذا ترشح الأقباط على قوائم الأحزاب الأخرى، أو كمستقلين، كان نصيبهم الهزيمة بسبب حالة الاحتقان الطائفي الكبيرة الموجودة بمصر، واستحالة تصويت عدد كبير من الأخوة المسلمين لأي مسيحي، حتى لو كان من الشخصيات الطيبة المشهود لها بالكفاءة وطهارة اليد والسمعة الطيبة.
فمنذ عامين أجريت انتخابات الوحدات الحزبية للحزب الوطني بإحدى القرى، ونجحتُ في دخول قاعة الانتخاب، وكان عدد المرشحين 22 مرشحًا، بينهم اثنان من الأقباط، وتم إعداد قائمة تحوى 20 اسمًا، هم المطلوب اختيارهم، بينهم اثنان مسيحيان، فما كان من عدد كبير من أعضاء الجمعية للوحدة الحزبية من اختيار الـ 18 الموجودين بالقائمة المتفق عليها، واستبعاد الاثنين المسيحيين، فلفت أنا نظر أمين الوحدة الحزبية بذلك، والذي نفى لي هذا الكلام نهائيًا، وأعلنت النتيجة ورسب الاثنان المسيحيان كما قلت.
كما قامت الدنيا خلال الفترة الماضية بسبب رفض تعيين مجلس الدولة المرأة كقاضية، فعمت المظاهرات والاحتجاجات كافة المحافظات، وشارك فيها عدد كبير من المجالس القومية للمرأة، والأحزاب السياسية والشخصيات العامة من الدولة وكبار المسئولين، بل إن الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء تقدم بطلب إلى المحكمة الدستورية العليا، لتفسير المادتين 73 و 83 من القانون 47 لسنة 1972 المنظمتين لتعيين الأعضاء الجدد بمجلس الدولة، لاستبيان مدى أحقية المرأة في التعيين بالمجلس، وما إذا كانت سلطة قرار التعيين من حق المجلس الخاص أم الجمعية العمومية لمجلس الدولة.
وتقدم بالمذكرة إلى الدستورية العليا المستشار ممدوح مرعى وزير العدل، لطلب تفسير العبارة الخاصة بجنسية المتقدمين للعمل بمجلس الدولة، والتي تشترط أن يكون المتقدم مصريا، وما إذا كان المقصود بهذا اللفظ الذكور والإناث على حد سواء، أم أن اللفظ ينحصر معناه في الذكور دون الإناث.
فالدنيا قامت عندما استبعدت المرأة من جهة واحدة هي مجلس الدولة، مع هذا لا تتحرك كل هذه الجهات للدفاع عن الأقباط، رغم استبعادهم من كافة قطاعات الدولة الهامة والحيوية، في مقدمتها أمن الدولة والمخابرات، كما يندر وجود الأقباط في سلك القضاء، كما لا يوجد مسيحي واحد رئيس لجامعة أو عميدًا لكلية أو مدير أمن.
ويقل عدد الأقباط جدًا في مجال السلك الدبلوماسي، ولا يوجد سفير واحد مسيحي، كما يقل عدد الأقباط في التعيينات الجديدة للنيابة والشرطة ومعيدو الكليات، فلماذا لا تتحرك أجهزة الدولة لمنح المسيحيين حقوقهم كما تحركت هذه الجهات لدعم المرأة وحصلت على 56 مقعدًا، والآن تحارب هذه الجهات لتعيين المرأة في مجلس الدولة وسوف يتحقق ما تصبو إليه، مادامت تلقى دعم غير عادي من كافة جهات الدولة، ولكن الأقباط "ولاد البطة السودا" أصبح الأمل الوحيد لهم المنظمات القبطية المصرية التي تعمل داخل مصر، ومنظمات المجتمع المدني، التي يجب أن تتكاتف، ويكون هناك تنسيق بينهما للقيام ببعض الوقفات الاحتجاجية السليمة، للمطالبة بحقوق الأقباط والفاء الضوء على مشاكل الأقباط.
http://www.copts-united.com/article.php?A=15553&I=388