هل يُمكِن أن يكون جمال مبُارك نائبًا للرئيس ؟؟

جرجس بشرى

بقلم: جرجس بشري
كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن منصب " نائب الرئيس " 00 هذا المنصِب الذي ظل شاغرًا منذ بداية تولي الرئيس المصري مُحمد حُسني مُبارك حُكم مصر عام 1981وحتى يومنا هذا (29 عاماً )!

وإنني كثيرًا ما أشعر بالدهشة والخوف ــ في ذات الوقت ـــ بسبب عدم إقدام الرئيس مُبارك على اتخاذ خطوة جريئة وشجاعة بتعيين نائباً له، خاصة وأنه أصبح مُتقدِماً في السن، وهذه المرحلة العمرية للرئيس تصاحبها بلا شك كثيرًا من أمراض الشيخوخة واعتلال الصحة، ومهما كانت كفاءة الرئيس وقدراته الصحية في هذه المرحلة العمرية فأنها لا يُمكِن ـــ أبدًا ــ أن تكون بنفس كفاءته منذ عدة سنوات مضت.

وهو الأمر الذي يجعل من تعيين نائبًا للرئيس مطلبًا حيويًا ومُلحًا، ولا أكون مُبالغًا إذا قلت أن تعيين نائبًا للرئيس مبارك في هذا التوقيت الحرج أصبح ضرورة وطنية في المقام الأول، خاصة في ظل ما تموج به المنطقة العربية والمجتمع الدولي من تغيرات وتوترات ومشكلات مُتلاحقة.

ومن المُستغرب والمُثير للدهشة بحق أن الدستور المصري في بعض مواده يُعطي الحق لرئيس الجمهورية في تعيين نائبًا له، حيث أن المادة 139 من الدستور المصري تنص على : " لرئيس الجمهورية أن يُعين نائبًا له أو أكثر ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم " كما أن المادة "82 " من الدستور المصري تنص على : "إذا قام مانع مؤقت يحول دون مُباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية ".

وفي رأيي الشخصي أن نص هذه المادة يؤكد تمام التأكيد على أن تعيين نائبًا للرئيس يعتبر مطلبًا دستوريًا وواجبًا وليس جوازيًا كما يعتقد البعض، وحتى من الناحية المنطقية والطبيعية والعقلية فإن عدم تعيين نائبًا للرئيس، حتى هذه اللحظة، يرفع درجة رئيس الجمهورية ومستواه إلى درجة الإلوهية ( استغفر الله العظيم )، لأنه لا يُمكن للإله أن يُصيبه طارئ أو مرض أو مانع ــ سواء مؤقت أو مستديم ــ يمنعه من مُباشرة سلطانه وربوبيته على خليقته، !!

ويرى الكثيرون أن الرئيس مُبارك يخشى تعيين نائبًا له حتى لا يمسك زمام المسئولية بعده أحدًا غير ولده جمال، وفي رأيي الشخصي المتواضع أنه حتى لو كان الرئيس يخشى من هذا الأمر فلا يجب تحت أي ظرف أو مُبرر ــ أيًا كان ـــ أن يكون ذلك على حساب مصلحة الوطن العليا، فمصلحة الوطن في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها تتطلب وبالضرورة أن يتخذ مبارك قرارًا جريئًا وشجاعًا وحاسمًا لتعيين نائبًا له، ومن حق مُبارك أيضًا وفقًا للدستور أن يعين أكثر من نائب، فلا يصح مطلقًا أن يترك الرئيس مبارك مصير مصر معلقًا ورهن المجهول برفضه تعيين نائباً له.

وقد يتهمني البعض بالجنون والشطح السياسي إذا ما طالبت بأن يكون جمال مبارك نائبًا للرئيس بشرط أن يُعين مبارك معه نائبان آخرين، فبرغم تحفظاتي الشديدة حاليًا على جمال، إلا أنني أرى أن يطالب مجلس الشعب بتعيين جمال لهذا المنصب، ويستطيع مجلس الشعب أن ينتزع موافقة وبأغلبية ساحقة وصولًا لهذا المطلب، فجمال مبارك في رأيي يعتبر بحكم كونه ابن الرئيس وبحكم مركزه في أمانه السياسات بالحزب الحاكم، أصبح يتمتع بخبرة سياسية عالية، كما أنه يتمتع بدعم دولي إلى حد ما مقبول خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأوروبا.

وخطورة عدم تعيين نائبًا للرئيس مبارك في هذه الفترة المفصلية التي تمر بها مصر يجعل انتقال السُلطة إلى حد ما آمنًا في حالة الاختفاء المُفاجئ للرئيس مُبارك عن الحُكم بالموت ( والموت مكتوب على الجميع حكامًا ومحكومين ولا مفر منه ).

أما عن اسطوانة التوريث المشروخة التي يرددها ويرفضها البعض فلا يوجد مانع موضوعي أو قانوني يحرم جمال مبارك من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية كمواطن مصري وكأبن للرئيس أيضاً 00 ففي أعظم دولة ديمقراطية وهي الولايات المتحدة الأمريكية رشح "جورج دبليو بوش الابن" نفسه للرئاسة مع أن والده جورج بوش الأب كان رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية 00 فهل هناك توريث أيضاً في أمريكا؟؟، أما قبول الناس لجمال مبارك من عدمه فهذا سيتوقف على برنامجه الانتخابي.

إنني من هنا ومن على هذا المنبر الحقوقي الحُر أطالب الرئيس مبارك بسرعة تعيين ثلاثة نواب له، ولا يتردد في ذلك، فلا يوجد مبرر لهذا التردد، وعلى القوى الوطنية والشعبية في مصر أن تضغط في هذا الاتجاه كي لا يصبح مصير مصر والأجيال القادمة رهن المجهول، فهل سيفعلها الرئيس؟

ليته يفعلها كي لا تعاني مصر من الفوضى والمجهول.