سحر غريب
بقلم: سحر غريب
في مصر كله ينجد نفسه ... واللي مش عاجبه يسافر برة وهناك سيجد ألف مين ينجده وياخد بيده .
لقد احتجت مرتان إلي استخدام بوليس النجدة رغم إني ست مسالمة وماشية بجوار الحائط وكأني جزء لا يتجزأ منه، أول مرة اضطررت للاتصال بدليل التليفونات اللي الدقيقة فيه أصبحت بخمسين قرش.
وهذا الرقم أستخدمه كثيرًا جدًا لأنه رقم الناس التايهين وأنا والحمد لله واحدة تايهة من مدة طويلة...
وعندما هممت باستخدام الذاكرة التي أثبتت إن ماعندهاش وقود غير رقم 911 وهو رقم تليفونات نجدة أمريكا والذي يعتبر قريباً إلي ذهني من كتر سماعي له في الأفلام الأمريكاني التي يشاهدها الكبير والصغير في بلدي، ثم تعرفت علي رقم تليفونات النجدة في مصر وهو رقم حليوة وصغير 122.
المهم اتصلت بالنجدة أول مرة وكانت في اليوم الذي غرقت فيه مصر تحت سيولها وبين بلاعاتها التي أكملت سيناريو فيلم مصر بلد الغريق الذي غرق في شبر مية.
انتظرت ساعتها رد النجدة لمدة ربع ساعة، أخذ فيها مخي يودي ويجيب ويشيل ويحط فماذا كان سيحدث لو أني أتصل لأمر لا يمكن السكوت عليه، مثل وجود حرامي في الشقة مثلاً، بعيد عن السامعين كلهم وأنا منهم، هل أقول ساعتها للحرامي، لسة بدري خليك مآنسنا شوية يادلعدي أصل تليفونات النجدة مشغولة يا أخينا.
عارفة أن اتصالي بالنجدة لم يكن في محله ولكني حاولت الاتصال بمحله هذا، فلم يرد فقد اتصلت بالحي ومرفق الصرف الصحي وتليفوناتهم ساعتها كانت خارج نطاق الخدمة، بلا هم ووجع قلب يعني يقطعوا نفسهم يعني؟
المهم جاءني الرد بعد ربع ساعة طويلة مرت وكأنها ربع قرنًا من الزمان، ثم قال من رد عليا أنه قد جاءه بلاغ من منطقتي منذ فترة بالفعل وسيتم التنسيق مع هيئة الصرف الصحي في أسرع وقت ممكن، وجاء الصرف الصحي بالفعل ولكن بعد أن أصبحت المنطقة في خبر كان، وبعد أن خرج سكان الحي لنجدة أنفسهم ووضع أحجار عملاقة فوق البلاعات التي أخرجت ما في جوفها مساهمة منها في لغوصة حياتنا بهم مايتلم.
وبعد التجربة الأولى المريرة مع تليفونات النجدة قلت أجربها مرة أخرى، فيه تفاؤل وتسامح أكتر من كدة، فقد حدث أن حاول بواب العمارة التي تجاورنا أن ينقل بلاعة الصرف الصحي الخاص بعمارته لتصبح بجوار عمارتنا مع ما يرافقها من رائحة ترد الروح وقرف ما بعده قرف مع إمكانية اختلاط مياه المجاري الجميلة بمياه الشرب لو لم يسعف البواب الحظ ويبتعد عن ماسورة المياه العذبة( كما حدث في منطقة البرادعة من قبل).
المهم هددت البواب ببوليس النجدة فوجدت الجميع يضحكون ويقولون : أتصلي بالبوليس وان شاء الله هاييجي السنة الجاية وساعتها تكون البلاعة كبرت وجوزناها وفرحنا بعيالها.
لم أتردد وأخدت المسألة تحدي واتصلت بالنجدة التي لا تنجد ويا للحظ فقد ردت النجدة ساعتها سريعًا وجاءت سيارة بوليس النجدة على جناح السرعة بصورة غريبة جعلت جميع من في المنطقة يعاتبون ظابط النجدة ويسألونه كنتم فين لما احتجناكم؟ ثم نظروا ناحيتي نظرات شك وريبة فقد اعتبروني واحدة مسنودة وسرها باتع لأن البوليس عبرني وجاء.
وعملت محضر للبواب ما هو مش معقولة أمشور النجدة على الفاضي، وأخذت صورة سميتها صورة المحروم لما يلاقي سوق العيش، ولكن فرحتي بالصورة لم تكتمل فقد صمم الظابط علي مسحها بنفسه بحجة أنه ممنوع، مش مشكلة الصورة مطبوعة داخل عقلي وستظل دائماً محفورة داخله.
المشكلة بقي إني ندمت في وقت لا ينفع فيه الندم علي اتصالي بالنجدة عارفين ليه لأني خايفة احتاجهم مرة أخرى فيقولوا مثلاً أن عملهم يقتضي الزيارة المنزلية لمرة واحدة في العُمر فلا يسعفونني ساعتها.
ثم فكرت أن أمر البواب كان مقدورًا عليه، ديته رصاصة أو طوبة وأخلص منه ومن بلاعته لكن الغيب أكيد فيه كتير ومين عالم، المشكلة بقي إن سياسة الدراع دي سياسة منتشرة عندنا في البلد لأن الأمن نايم معظم الوقت ولا يتحرك إلا حسب أوقات فراغه.
http://www.copts-united.com/article.php?A=15613&I=389