سامي المصري
بقلم : سامي المصري
حلقة جديدة في مسلسل الفزع الذي تقوده الحكومة المصرية بسلطاتها الثلاث ضد شعب مصر من مسيحيين ومسلمين. وتُشرِك معها صحافتها الصفراء (السلطة الرابعة) وبذلك تكون أجهزة الدولة قد حشدت إمكانيتها لمؤازرة العمل الإرهابي، إنها جريمة مرسى مطروح التي تأتي بعد مسلسل الفزع في الصعيد!!!
سأحاول في هذا الطرح أن أتبع منهجا تحليليا مع سرد الأحداث من أبعاد متعددة بدقة ووضوح بقدر الممكن. ومن خلال ذلك يمكن أن تتضح الأمور الغامضة ليظهر عمق وخطورة الوضع في مصر، نتيجة لجرائم الأمن ضد الآمنين. حديثي يشمل النقاط التالية:
أولا الخسائر
ثانيا سيناريو سير الأحداث
ثالثا تصريحات المسئولين الرسمية وغير المسئولة
رابعا: موقف الإعلاميين والجرائد المصرية
خامسا: تعليقات ومواقف رجال الكنيسة
سادسا: مواقف المثقفين وصفوة الأقباط
أولا: الخسائر نتيجة للعدوان الإرهابي ضد المسييحيين بمرسى مطروح:
5 ورش للبلاط ملك مسيحيين
ورشة ميكانيكي ملك مسيحي
تدمير 14منزلا لمسيحيين
تدمير14 سيارة أحرقت ثلاث منهم سيارة الكاهن و 3 موتوسيكلات كلهم ملك مسيحيين
المصابين 23 مسيحي ، 2 مسلم من المعتدين، 7 من رجال الأمن بمطروح.
المعتقلين12 مسيحي!!! و9 مسلمين ثم ارتفع عدد المسلمين إلى 18، ثم تم القبض على مالكي العقارات المسيحيين بتهمة إحداث فتنة طائفية!!!! وعجبي
علما بأنه لم يتم القبض على المجرم الأول المتسبب في كل هذا الشغب وهو شيخ الجامع الذي بدأ صيحة "الله وأكبر" لبدء الهجوم على الكنيسة بحسب تصريح المحافظ على الهواء للإعلامي المتميز الأستاذ محمود سعد في برنامج القاهرة النهارده.
ثانيا: سيناريو الأحداث كما هو واضح من وسائل الإعلام مجتمعة:
مسيحيان كانا يملكان قطعتين من الأرض غير متجاورتين أهديا القطعتين للكنيسة بمحاضر رسمية حيث تم نقل ملكيتهما لعمل مبنى خدمي يتبع الكنيسة. بعد استخراج التصريحات اللازمة للبناء قامت الكنيسة بإنشاء المباني وقبل الافتتاح قام محافظ مطروح السابق اللواء سعد خليل بإصدار قرارا بإزالة المباني بحجة أنه يلزم إثبات ملكية الأرض للكنيسة رغم كل التراخيص الرسمية للبناء!!! وقامت أجهزة الأمن بإزالة المبنى بطريقة همجية تعسفية بحسب قرار الإزالة رقم 37 لسنة 2009. وبعد عدة مقابلات مع السيد المحافظ اقتنع سيادته أن الأرض ملكا للكنيسة بالمستندات الرسمية واعترف بأن كل إجراءات الكنيسة للبناء كانت صحيحة!!! فأصدر سيادته (مشكورا) تصريحا جديدا بإعادة بناء المبنى الذي أمر بهدمه تعسفا وجورا وظلما غير مبررا أو مسبوقا في مصرنا الحبيبة التي تعيش زمن الكآبة والجور، الذي يسميه السيد الفقي من باب المضادات، العصر الذهبي للأقباط !!!
أعيد بناء المبنى مرة أخرى كما كان بحسب الرسومات السابقة (طبعا على نفقات الكنيسة) طبقا لتصريح مكتوب من المحافظ شخصيا مما يحمل اعترفا ضمنيا من سيادته بالخطأ الذي ارتكبه في حق الكنيسة بهدم المباني!!! و بعد إعادة إقامة المبنى، وقبل أن تكتمل اللمسات الأخيرة من أعمال الدهانات في المبنى الجديد، افتتحت فصول محو الأمية للمسيحيين والمسلمين معا وكذلك المستوصف. وتم تشجير الشارع وتنظيف المنطقة بشكل لائق. وكانت الكنيسة قد نجحت في شراء قطعة الأرض التي تقع بين القطعتين السابقتين ومساحتها 180 مترا بحسب تصريح الأنبا باخوميوس مطران البحيرة. فقامت الكنيسة ببناء سور لحماية الأرض من محاولات الاستيلاء عليها وأقامت بوابة حديدة كمدخل لمجمع الخدمات داخل حدود أراضيها، وليس كما يدعي المحافظ كذبا أن السور يغلق شارعا أو ممرا.
من جانب الكنيسة، فمن الواضح أن هناك خطة لإقامة كنيسة جديدة على تلك الأرض لخدمة 300 عائلة في المنطقة، بعد أن استحالت التصريحات الرسمية لقيامها كالعادة. فقيام كنيسة يعتبر أخطر جريمة ترتكب في عصر الرئيس مبارك.
اللواء أحمد حسين المحافظ الجديد لمطروح (من مدرسة حبيب العادلي) رأى أن في قيام سور للكنيسة فرصة من اللازم أن يستغلها ليضيف آلاما جديدة للمسيحيين بالمنطقة، فلم تكفه التصرفات التعسفية للمحافظ السابق. وفي يوم الخميس مساءا طلب المحافظ القس بيجيمي تليفونيا وطلب منه سرعة هدم السور وإزالة البوابة دون مبرر أو سبب معقول. الكاهن الذي استشعر نوايا الشر للمحافظ الجديد، وحتى يتجنب الصدام لم يعترض على قراره التعسفي فوافقه وقام بهدم السور في الحال -قبل يوم الجمعة يوم الصلاة ويوم الشر- ومع الإسراع الشديد في تلبية طلب المحافظ ليضيع عليه فرصة الأذى، إلا أن سيادته قبل أن يطلب الكاهن مساء الخميس كان قد رتب كل شيء مع البلطجية للتحرك يوم الجمعة بعد الصلاة. فالإسراع بهدم السور لم يكن ليعوق سيادته عن قيامه بتنفيذ مخططه الإجرامي ضد المسيحيين. فالمسألة ليست سور لكنها سياسة دولة تبحث عن ثغرة للقيام بأعمال إرهابية ضد شعب أعزل. فبالرغم من هدم السور الذي هو مجرد حجة تافهة فقد قام بتنفيذ مخططه بكل بشاعته.
الأقباط في فترة الصوم الكبير تتأخر صلواتهم عن موعدها في بعض الأحيان حتى الغروب. لذلك تقرر تأخير مهاجمة الكنيسة للعصر بهدف تحقيق أكبر قدر من الخسائر عندما يكون الشعب القبطي مجتمعا في الداخل للصلاة. ليس ذلك مجرد انفعال للدهماء بل هو تخطيط حكومي دقيق رأى أن وقت صلاة الجمعة ليس وقتا مناسبا لبدء الهجوم، حيث لا يوجد تجمعا قبطيا، فتأجلت ساعة الصفر لبدء العمل الإرهابي حتى صلاة العصر حين يكون الأقباط قد تجمعوا للصلاة. مرت صلاة الجمعة دون أن يحدث أي شيء غير طبيعي مما يؤكد أن الحدث ليس هو مجرد غضب الدهماء بسبب سور- كان قد هدم فعلا- أو مثل تلك المبررات الواهية التي يلوكونها لتبرير جرائمهم لكن الهدف هو تحقيق أكبر قدر من الأذى للمسيحيين كصورة مسفة من التعصب والعنصرية والفاشية المكشوفة لحكومة عنصرية.
وجاءت ساعة الصفر بعد صلاة العصر، حين قام الشيخ خميس خطيب جامع الريفية القريب من الكنيسة بتوجيه الشتائم والاتهامات للأقباط الكفار في الميكروفون سمعها كل الشارع وقام بإعلان الغزوة الجديدة على أعداء الإسلام ومن خلال صيحته "الله وأكبر" -بحسب اعتراف المحافظ على الهواء في برنامج "القاهرة النهارده"- بدأ الغزو فحاصر الدهماء الكنيسة مكبرين الإله المعطش لمزيد من الدماء. فقاموا بمحاصرة الكنيسة وقذفها بالحجارة واقتحام مساكن المسيحيين المجاورة وإشعال الحرائق بها وتدميرها كما قاموا بتدمير وحرق سيارات ومحلات المسيحيين فنتجت الخسائر كما عرضناها في أولا.
يمكنك مشاهده بعض من تلك الحوادث هنا او هنا او هنا
الأخطر من ذلك أن 400 شخص من بينهم أطفال وشيوخ ونساء مع أربعة من الكهنة ظلوا محاصرين داخل الكنيسة تحت ذلك الإرهاب والترويع من العصر وحتى الساعة الثانية والنصف صباحا -ما يقرب من عشر ساعات- بحسب ما ذكره الأستاذ محمود سعد الذي كان يتابع الأمر على التليفون مع أحد المحاصرين داخل الكنيسة. ولقد اتصل الإعلامي المحترم بالمحافظ حوالي السعة الواحدة بعد منتصف الليل، حيث طمأنه أن تعزيزات لقوات الأمن في طريقها لفك الحصار عن الكنيسة!!!
ذئاب هائجة متعطشة للافتراس والدم والنار أمام قوات الأمن التي وصلت في ساعة متأخرة من الليل فلا بد من الاشتباك بينهما وحدوث خسائر من الطرفين. وبعد أن قام رجال الأمن بتأمين مدخل الكنيسة حدثت المفاجأة التي لم يتصورها أحد. مدير الأمن أقنع الكهنة بصرف الأقباط من الكنيسة وتوصيلهم لمنازلهم بسيارات الأمن المركزي حتى لا يتعرض لهم أحد عند الخروج لكنهم قاموا باحتجاز بعض الشباب المسيحي بحجة تأمينهم وتم القبض عليهم واتخاذهم رهينة للمساومة على التنازل عن حقوق الأقباط.
والأعجب من ذلك ما جاء بجريدة الجمهورية بتاريخ 17/03/2010 الآتي:
«أمر عبد الجليل حماد رئيس النيابة بضبط وإحضار مفرح إبراهيم ويصا وشقيقه بندي صاحبي العقار الذي قام ببناء السور لسد الشارع وتسبب في حدوث المشاجرات بين المسلمين والأقباط بالمنطقة الريفية.... وجهت النيابة تهمة الضرب وإتلاف ممتلكات الغير والبناء بدون ترخيص وأمرت بحبسهما 15 يوما علي ذمة التحقيق». يا للهول!!!
ألهذه الدرجة من الإسفاف والفجر بلغ الإجرام الحكومي حتى يقوموا بالقبض على مسيحيين هما صاحبي العقار الذي تم الاعتداء عليه؟!!! وتوجيه لهما تهمة الضرب وإتلاف ممتلكات الغير؟!!! بينما المجرم الحقيقي لم بمس، وهو الشيخ الذي استخدمته الحكومة باعتراف صريح من المحافظ على الهواء لتحريك الدهماء للقيام بهذا العمل المروِّع!!!
وتأتي المرحلة الأخيرة في سيناريو الإرهاب وهي جلسة الصلح التي عقدها المحافظ بسرعة حتى يقفل الموضوع ويضيع كل حق للمسيحيين. هل كانت هناك خصومة حتى تحتاج لجلسة صلح؟!! أم هناك جريمة ومجرمين وعدوان صارخ وحرائق ودم يصرخ مطالبا يحقه؟!!!
وصفت جريدة الجمهورية الصلح كالآني «أعدت قبيلة العبيدي خيمة بدوية في مكان الأحداث بالمنطقة الريفية وحضر جلسة الصلح اللواء عبد المجيد سليم واللواء حسين فكري والأنبا باخوميوس والقس بيجمي والشيخ أحمد عبد المؤمن مدير أوقاف مطروح وأعضاء مجلسي الشعب والشوري بالمحافظة ورئيس المجلس الشعبي المحلي للمحافظة وأمين الحزب الوطني بمطروح حيث تأجل نحر الذبائح لصيام الأخوة الأقباط واقتصرت الجلسة علي تناول الفاكهة والشاي البدوي» يا حلاوة يا ولاد!!!!
إنها مصر يا سادة تحت الحكم الإرهابي والاستعمار الوهابي العروبي الجديد!!!!!
ثالثا: تصريحات المسئولين غير المسئولة
بعد أن عرضت لسيناريو الأحداث كما تابعته بكل دقة من وسائل الإعلام المختلفة والتي نشر بها أيضا تعليقات المسئولين التي «تفور الدم» وتثير الاشمئزاز ومنها الآتي:
«أكد اللواء حسين فكرى مدير أمن محافظة مطروح أن الهدوء عاد إلى منطقة الريفية بمركز مرسى مطروح بعد أن شهدت أمس أعمال شغب بين مجموعة من الأقباط والمسلمين بسبب اعتراض أهالى المنطقة من المسلمين على بناء سور أدى إلى إغلاق شارع عمومى ، ومحاولة ضمه إلى مبنى الخدمات الطبية والاجتماعية الذي يتبع الكنيسة» هل شارع عمومي أم أرض ملك الكنيسة؟!!! وهل الكذب يمكن أن يبرر ما ارتكب من جرم أو يهون من حجم الجريمة؟!!!
«أمر عبد الجليل حماد رئيس النيابة بضبط وإحضار مفرح إبراهيم ويصا وشقيقه بندي صاحبي العقار الذي قام ببناء السور لسد الشارع وتسبب في حدوث المشاجرات بين المسلمين والأقباط بالمنطقة الريفية. » أين المجرم الحقيقي يا نيابة؟!!! إن ذلك يوضح التدبير الحكومي الإرهابي ضد المسيحيين، فالأمر ليس سورا أو تلك الترهات لكنها خطة حكومية إرهابية!!!
«أكد مدير أمن محافظة مطروح اللواء حسين فكري أن الهدوء عاد إلى منطقة الريفية بعد ما وصفه بـأعمال شغب بين مجموعة من الأقباط والمسلمين.» هل هي مجرد أعمال شغب بين مسيحيين ومسلمين أم أنها عدوان على المسيحيين وجريمة أمنية روعت الآمنين الذين تكبدوا خسائر جسيمة!!!
«وأضاف المصدر الأمنى أنه عند تدخل الشرطة لمنع المواجهات تعرض أفراد الشرطة للرشق بالأحجار من عشرات الأقباط من فوق سطح المبنى الذى تجمعوا فيه وأصابوا 7 جنود ربما لمحاولة توريط الأمن وإظهاره أنه فى مواجهة معهم» هل ممكن للأقباط أن يقوموا بذلك العمل بعد أن كانوا تحت التهديد والحصار لمدة عشرة ساعات منتظرين من الأمن أن ينقذهم؟!!! وهل ممكن لأقباط أن يظهروا فوق السطوح وهم تحت ذلك التهديد المخيف والمروع أم أن ذلك التصريح هدفه التمهيد للقبض على الأقباط وإلقاء التهم ضدهم جزافا بحسب خطة مسبقة ؟!!! إن ذلك التصريح يؤكد مسؤولية الحكومة عن تدبير العمل الإرهابي بكل السيناريو الذي حدث لكن من يستطيع أن يحاسب المسئولين الحكوميين الذين بلغوا لهذا الحد من التجبر؟!!!
دور العبادة تذكر روزة اليوسف على لسان القس شنودة جبرة راعي كنيسة الشهيدين بمدينة مرسي مطروح أنه قال «إن هذه المشكلة كان يجب أن تحل بالطرق الشرعية المتخصصة سواء كانت إدارة الأملاك أو مجلس المدينة أو النيابة بغض النظر عن كون المخطئ مسلماً أو مسيحياً لأن حدوث مثل هذه المشاجرات تعمل علي حدوث فتنة طائفية . مشيداً بالتجاوب الأمني السريع في التعامل مع هذه الاشتباكات الذي حال ضد وقوع العديد من الخسائر في الأرواح . » طبع أشك تماما في أن يشيد القس شنودة بالتجاوب الأمني السريع بعد أن ظل الأقباط بأطفالهم الرضع وشيوخهم تحت حصار الإرهابيين لمدة تجاوزت العشر ساعات في انتظار الأمن السريع حسب متابعة السيد محمود سعد بنفسه الأمر مع المحافظ. كيف لا يخجلون من الأكاذيب الفاضحة !!! وعجبي
قد عرضت عينات من التصريحات الحكومية التي رددتها الجرائد كما هي دون التزام بالشرف الصحفي والذي يقضي بتحري الأمانة في نشرا لخبر بالرغم من التصريحات الحكومية التي تهدف للتعتيم والتغطية الواضحة على الجريمة. لكن بالأسف ففي حالة الجرائم التي ترتكب ضد المسيحيين فقط لا تهتم معظم الصحف بتحري الأمانة، فتقوم بنشر الخبر كما صدر عن المسئولين الحكوميين، مما يحدث تأثيرا سلبيا ضخما على الرأي العام، ويسيء جدا ليس فقط للقضية القبطية بل أيضا لحق المواطنة، وحقوق المصريين بشكل عام. لذلك سأفرد حديثا خاصا بهذا الموضوع الخطير.
وللحديث بقية
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=15723&I=392