القس. أيمن لويس
بقلم: القس أيمن لويس
شكرًا لجريدة المصري اليوم على نشرها حديث د. سمير فرج، محافظ الأقصر في ندوة نادي "ليونز سيدات هليوبوليس"، منذ عدة أيام، وقد كانت قرأتنا لجريدة "المصري اليوم" يوم الخميس 25 مارس بمثابة "اسطباحة بطعم الشاي المر"، تُعمق ما لدينا من شعور بالضيق بسبب الحديث المنشور نقلاً عن سيادة المسئول الكبير، كما شعرنا بالأسف الشديد لأن يصدر حديث بهذا الأسلوب، وبه هذا الكم من عدم الشفافية، ولًيً الحقائق مستغلاً انفراده بالحديث لهذه النخبة التي تحدث لها، وعليه؛ فإننا نُحَمِّله مسئولية ما تحدث به وما سوف يترتب عليه من أضرار تجاه المجتمع عامة، المسيحيين خاصة، كما أننا نناشد قادة الطائفة الإنجيلية اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي تحفظ سلام المجتمع وحقوق الطائفة.. حيث إن حديث المسئول يحمل تحريضًا صريحًا على المسيحيين ويدعو لتكريس الطائفية.. وإليكم ملاحظتنا على حديث محافظ الأقصر كما نشرته الجريدة.
أولاً: عنوان الخبر: "محدش هيرهبني أو يهددني، ومحدش هيلوي دراع الحكومة":
- أن يتحدث مسئول كبير في موقع مسئولية لبلد بحجم مصر بهذا الأسلوب وهذه اللغة، أمر لايليق ومرفوض من جهة الذوق الاجتماعي العام، فمن خلال العبارة المنشورة يتضح حجم الغطرسة والاستعلاء والأسلوب العدائي الذي يتبعه المسئول في معالجة مشكلة رأي عام.. وإننا نعتبر حديثه هذا مجرد محاولة لمُدراة الأسلوب غير الإنساني وغير المتحضر وغير القانوني الذي تم ممارسته في الاعتداء على الكنيسة وراعيها وممتلكاتها.. فهل أنين التوجع لمن كُسرت عظامه وأغتُصبت أرضه وتم سحله وإهدار كرامته وانتهاك حرمة بيته وكشف عورته يعتبر تهديدًا؟.. إننا حتى هذه اللحظة لم نستطع أن نستوعب الأسلوب الذى انتُهج بالسطو على الكنيسة بهذا الشكل والأدلة موجود على أرض الواقع.
ثانيًا: تضليل للرأى العام:
- حيث ذكر "أنا أزلت 4 جوامع محدش اتكلم ومحدش فتح بقه، آجى أزيل منزل خلف كنيسة صاحبة كاهن في الكنيسة تقوم الدنيا وما تقعدش والبعض يدعي كذبًا أن المنزل تابع للكنيسة".. إننا نشعر بخجل.. إن المسئول لا يقدم الحقيقة كاملة كما تتطلبها مقتضيات المسؤلية، ولاستجلاء الحقيقة نقول :
(أ) مساحة حرم أرض الكنيسة وبالمستندات التي تتملكها الكنيسة 4000 متر مربع. وتحتوي على مبنى كنيسة كدور عبادة ومدرسة (كان اسمها النصر للبنين) ومبنى خدمات ونادي اجتماعي وجميع هذه المباني محاطة بسور واحد يضم كل هذه المباني والأنشطة.
(ب) ما تم الاعتداء عليه بالهدم والتكسير والإزالة والاغتصاب مبنى الخدمات بمساحة 350 متر مربع عبارة عن طابقين أرضي وأول يحتويان على شقق سكنية للراعي وللخدمة وخدمة رعاية الطفل الصغير، وهي جميعها ملك سنودس النيل الذي تتبعه الكنيسة المنكوبة وليس كما قال المسئول إن البعض يدعي كذبًا أن المنزل تابع للكنيسة وسكن الراعي بإحدى الشقق بالمبنى هو سكن العمل باعتباره الراعي المقيم المسئول.. والمدرسة بالكامل ومساحتها 1500 متر مربع بها مبنى من دورين على مساحة تزيد عن 500 متر أمامها حديقة وخلفها فناء وفضاء يستخدم كنادٍ اجتماعي لأعضاء الكنيسة مساحته 520 متر أذًا ما تم أغتصابه من الأرض وقف الكنيسة مساحته 2400 متر مربع تقريبًا وما تم إزالته من مبانى 850 متر مربع.
(ج) وبحسب الجريدة قال سيادته "شدد فرج على أنه لايتخذ قرارات فردية إطلاقًا، وأنه يتم تعويض كل من تشملهم قرارات الإزالة أضعاف ما يمكن أن يحصلوا عليه، موضحًا أن جميع أعمال التطوير التي تتم داخل محافظة الأقصر تتم بموافقة لجنة يرأسها الدكتور أحمد نظيف، وتضم عضويتها وزارة الثقافة والإسكان والاستثمار والزراعة والري والتنمية المحلية والسياحية.. وتساءل المحافظ: "هاتوا واحد بس من الذين هدمت منازلهم يقول إنه ما أخدش حقه." ونحن نتساءل: "لماذا لم يكمل سيادته الحديث ليؤكد صدق ما يقول ليعلن على الأشهاد بأنه قدم للكنيسة تعويضات كذا وكذا وأن الكنيسة تبترت على العرض أو امتلكها الطمع وتاجرت وغالت في مطالبها؟".. وفي محادثة مع الكنيسة؛ تأكدنا أن الجهات الرسمية أخبرت الكنيسة قبل أحداث نجع حمادي أن هناك أجزاء داخل حيز التطوير وأنه سوف يتم تعويضهم عنها ولم يرفض راعي الكنيسة بل قال "لانريد مالاً.. فقط أعطونا أرضًا ومبانٍ أينما شئتم"، "ثم لا حس ولا خبر"، حتى تم مداهمة الكنيسة في حشود المعارك بمئات المشاة والعتاد!! واللافت للنظر أن المسئول يقدم شهادة أن النظام بمجمله متورط في الأسلوب الذى انتهجه، وفي الأحداث التي تمت بأرض الكنيسة وملحقاتها.
ولاستكمال توضيح الصورة؛ تجدر الإشارة أن سعر الأرض في المنطقة الواقع بها حرم الكنيسة يتعدى 10000 جنيهًا للمتر الواحد علمًا بأن مساحة الأرض المغتصبة 2400 متر تقريبًا أي أن قيمة الأرض بخلاف المباني التي تم إزالتها تعادل 24000000 أربعة وعشرين مليون جنيهًا مصريًا، هذا بمناسبة تصريح سيادة المحافظ لا فض فوه "أنه يتم تعويض كل من تشملهم قرارات الإزالة أضعاف ما يمكن أن يحصلوا عليه".. ونحن بدورنا نطالبه بتنفيذ ما يتحدث به ليس طمعًا في المال بل تأكيدًا للمصداقية.. كما ذكر أيضًا "أنا أزلت 4 جوامع محدش اتكلم ومحدش فتح بقه" والذى لم يقله سيادته إنه قد تم بناء أربعة مساجد بديلة قبل الشروع في الإزالة وعلى أكمل ما يكون وهذا لا يضايقنا بل العكس صحيح يسعدنا دائمًا أن يأخذ كل ذي حق حقه.
ثالثًا: تحريض طائفي:
- فمن ضمن ما قاله "ويقولون كيف تهدمون كنيسة، طيب اشمعنى المسلمين ما اعترضوش على هدم أربعة مساجد؟".. إن هذا الكلام في منتهى الخطورة لأنه كفيل بإثارة البسطاء والجهلاء، فعندما يتحدث مسئول رسمي بمثل هذا الكلام، فهو يعتبر دعوه للاعتداءات الطائفية لمجتمع يعاني بالفعل من مشاكل طائفية ومن حساسية مفرطة في الأمور المتعلقة بالدين ومن تدني ثقافة قبول الآخر، لذا نُهيب بالمسئولين الذين ذكرهم في معرض حديثه مراجعته فيما تحدث به.
وأخيرًا.. نشعر أنه كان من الواجب ذكر هذه الأمور حتى لا ينجح المسئول الكبير فى شحن وإثارة الرأي العام وإحداث عداوة اجتماعية ضد الكنيسة الإنجيلية خاصة والمسيحيين عامة وما يترتب عليه من مخاطر تهدد سلام المجتمع.
إن هذه الأحداث الجارية إنما تذكرنا بالعبرة التي قدمها لنا الكتاب المقدس من خلال قصة نبوخذ نصر والتى وردت في (2مل24 ،25 & 2أخ 36 & إر21 – 25 & دا 1 : 4). وقد كان نبوخذ نصر قائدًا عالميًا قرر أن يحصل على معاونة الشعوب التي غزاها بأن تركهم يعبدون آلهتهم لكنه في نفس الوقت كان يستولي على أرضهم وسطى على ثرواتهم وتحكم في حياتهم وأراد تكييف عبادتهم بحسب هواه.
كنت قد حرصت على عدم الكتابة منذ بداية المشكلة حتى لا يُفهم الأمر على أنه دفاع من قس انجيلي لقضية تتعلق بانتمائه، كما أود أن أعلن للقارئ أن دفاعي من مبدأ الدفاع عن القضايا الحقوقية ولكن لمزيد من الشفافية أقول إن اعتزازي بإيماني المسيحي يمثل جزءًا من أسباب كتابتي، أي إن كان الطائفة المسيحية التي تواجه المشكلة، فألمنا لما كان يحدث في كنيسة مرسى مطروح وغيرها هو نفس شعورنا بالألم لما يحدث في كنيسة الأقصر.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=15769&I=393