نادية كاظم
بقلم: نادية كاظم
كفيت ووفيت وقلت للرجل جهارًا ما ينبغي أن تقوله كل نساء الأرض اللواتي كن ومازلن تحت نير ظلمه. لن تزيدي شيئًا من عندك على الإطلاق، كل ما فعلته أنني وضعت مرآة أمام الرجل تعكس صورتك بدلاً عنه، لتريه حقيقة لم يرها ولم يدر في خلده حجم عهرها، فثار وهاج وماج، ليس وحده فحسب، وإنما بعض البغبغاوات ممن ينتمين إلى الجنس (الناعم) لا إيمانًا بقانون التعدد الظالم وإنما جبنًا من سياط الرجل، وأقسى ذلك السياط هو وصمك بما أنتِ بريئة منه تمامًا، كالإباحية, الانحلال الخلقي، الإلحاد ومسميات كثيرة من ابتكار الرجل تكون في مجتمعاتنا الرجعية أحدَّ من سيف عنترة.
لقد آلمك سيدتي؛ أن تنال المرأة كل هذا الجور ـ قانون تعدد الزوجات ـ وتقابله بالخضوع والرضا خوفًا أو حياءً من حق تتجنب الإفصاح عنه، لأن تقاليدنا الشرقية البالية تُحرِّم ذلك، فهو حق إلهي وضع لحكمة إلهية لا يعلمها البشر، بل عليهم تقبلها عن طيب خاطر فغيرة المرأة كفر وغيرة الرجل شيمة. هكذا قالوا وصدقنا علنًا نحن النساء وكفرنا سرًا.
لم يرضى النبي بزواج علي على فاطمة الزهراء، لأن الضرة من الضرار، ولم يتزوج على خديجة طيلة حياتها، لأنها حبيبته ورفيقة نضاله، ولكن بعد موتها تزوج العديد، لمصاهرة القبائل العربية ونشر الإسلام، حبذا لو أن قانون التعدد حُرِّم بعد ذلك أسوة ببقية القوانين التي كانت جائزة وحرمت فيما بعد، لأسباب أكثر شمولية وانسيابية وإنسانية.
تعدد الزوجات يعني وجود أخوة أعداء، يعني وجود صراعات ونزاعات بين الزوجات، بما فيه اتهام بالأعراض، يعني وجود نقص في عواطف الزوجة والأبناء لعدم تفرغ الأب التام لعائلته، يعني تزعزع ثقة الزوجة والأطفال برب الأسرة, يعني الجوع المادي والمعنوي، يعني الأمراض النفسيه التي تؤدي إلى تناول المخدرات والقتل، بالمختصر يعني دمار المجتمع. عشت في الشرق والغرب، وعرفت حقيقة كانت غائبة عن بالي سابقًا؛ وهي أن شرقنا مريض جنسيًا ويحتاج إلى علاج طويل، فما أن تخرج المرأة من باب بيتها ألا وتلاحقها نظرات الرجل التي تعريها عن ملابسها، فتطرق إلى الارض حياءًا وخجلاً وكلما تمادت في تجاهله تمادى هو في مضايقتها بالتراوح بين كلمات الغزل الرقيقة إلى الفاحشة إلى محاولة اللمس في الاماكن المكتظة، أو الإساءة إلى سمعتها إن صدته أمام الملأ بخشونة وما إلى ذلك من الأساليب التي لا تمت إلى الرجولة بصلة (لا أعني بذلك كل الرجال بطبيعة الحال) فهنالك الرجل الذي يدفع المرأة للكتابة والإفصاح عما يدور بخلدها، وهنالك من يكتب دفاعًا عن المرأة كونها الأم والأخت والزوجة والحبيبة. لكني أعني الرجل السادي الذي يتلذذ بعذاب المرأة بحجة إطاعة الله، إله مثل هذا لا يمكنني عبادته على الإطلاق، لأنني أريد إلهًا عادلاً ينصفني كإنسانة لها مشاعر إنسانية راقية... اعطني قلبًا ودودًا صافيًا اعطيك حياة نقية هانئة.
الجنس في حياة المرأة لا يعني التلذذ الحيواني، بل العاطفة الإنسانية الرائعة، التي يدخل في مضمونها الحب والرحمه والمودة. لن تطالبي سيدتي بأربعة أزواج ـ كما فهم وعاظ السلاطين ـ وإنما كشفتي المستور وأعلنت أن قانون ردة الفعل لا يشمل الرجل فقط بل المرأة أيضًا إن لم نقل أكثر وهو الأصح، لأنها أعطت أكثر، حملها ومرارة الحمل لا تعرفها إلا المرأة الولود، المخاض وهو قبر المرأة كما يقول المثل، عدا حالات النزف وظهور بعض الامراض التي تلازم الحمل في أحيان عديدة، وصبرها على نزواته وتحملها الفقر والعناء وشرقنا يعج بالمشاكل الاقتصادية فلا ضمان اجتماعي يعوض العاطلين عن العمل ولا عدالة اجتماعية توفر العيش للجميع بكرامة، ولا قانون ينصف المرأة ويحميها، بل الشاة أغلى من المرأة في بعض الاحيان (وخاصة في الريف) حيث تُذبح المرأة لأتفه الأسباب حتى ولو كان السبب وشاية من حاقد لم ينل المراد.
أما في الغرب ـ الذي نال الكثير من الجور والظلم والتشهير هو الآخر ـ فلم تكن للمرأة أي معاناة أو خوف من اعتداء أو ملاحقة أو تلصص، تسير الحسناوات في ثقة ما بعدها ثقة، كاسيات عارات دون أن يغمزهن فلان أو يلامسهن علان أو يسمعهن كلمة غزل واحدة تسئ إلى كرامتهن، بل تستطيع المرأة سجن العاشق إن حاول اهداؤها زهورًا جميلة تعبيرًا عن حبه هذا إن لم تكن لها استجابة لعواطفه.
يدخل العامل الغربي إلى الشقه دون أن يرفع عينه لينظر إلى السيدة الشرقية أمامه، يلقي تحية مقتضبة وهو مطرق ويتم عمله دون كلمة أو نظرة أو إشارة، لأنه يحمل إلهه في قلبه وليس لعق على لسانه. نعم ربما يقول لا أؤمن ولكنه يعمل عمل المؤمن، أما ملحدنا الحقيقي فيلبس جلباب الدين ويلون جبهته باللون النيلي كي يقال عنه مؤمن وهو عار عن الإيمان، يخمس ويزكي ويحج بيت الله الحرام، ويعود بقلب عامر بالمودة وما هي إلا أيام قلائل حتى تعود حليمة إلى عادتها القديمة.
حتى العاهرة في الغرب يحميها القانون العادل وسأروي لكم هذه الحكاية: قدمت إحدى العاهرات شكوى ضد زبون ادعت في افادتها إنه اغتصبها، وعندما حضر المتهم قال مستغربًا للقاضي: "ولكنني دفعت أجرها مضاعفًا سيدي القاضي"، فقال له القاضي ولكنها رفضتك منذ البداية لأنك لم ترق لها، إذًا أنت اغتصبتها وحكم لصالح المرأة وسجن المتهم مع دفع تعويض للمرأة.
حسنًا فعلتِ سيدتي عندما رفضت إجراء اللقاء مع (النواعم) لأن المفترض أن يحترمن المرأة الجريئة ويقدمنها بالطريقة المنصفة إن لم تكن اللائقة، ولي رأي شخصي في مقدمة البرنامج كتبته في مقال سابق عنوانه (رفقًا بالنواعم يا نواعم). نعم كان تحديًا منك أن ترفضي هذا اللقاء الذي أُعد للتشهير أكثر منه للتنوير.
أضُم صوتي إلى صوتك سيدتي الفاضلة وأقول لا لتعدد الزوجات، لا للزواج الإجباري، لا لزواج المصلحة، لا للزواج المبكر، لا لزواج الشيخ من الطفلة، لا لإرضاع الكبير، لا وألف لا للظلم باسم الله.
http://www.copts-united.com/article.php?A=15775&I=393