جرجس وهيب
بقلم: جرجس وهيب
نجح عدد كبير من رجال الأعمال في الوصول لعضوية مجلس الشعب، وخاصة خلال انتخابات عام 2005، بعد أن أصبح الإنفاق على الانتخابات له عامل الحسم، بل تعدى ذلك إلى شراء الأصوات؛ فعدد كبير من المواطنين يدركون ـ ولديهم قناعة ـ أنهم لن يستفيدوا من هؤلاء النواب بشيء إلا المبلغ الذي سيحصلون عليه يوم الانتخاب، فلماذا ينفق هؤلاء النواب بهذا الشكل المبالغ فيه؟ هل يسعون لخدمة الوطن كما يزعمون؟ أم يلهثون وراء الحصانة البرلمانية للتغطية على تجاوزاتهم؟
ي محافظة بني سويف، بدا الإعداد بشكل كبير لانتخابات مجلسي الشعب والشورى، وأعلن حوالي 34 مرشحًا رغبتهم في خوض انتخابات الشورى والشعب، بل البعض سيخوض الإثنين في حالة عدم توفيقه في الشورى سيترشح في الشعب.
بينهم عدد كبير من رجال الأعمال، وهم أشرف عبد الراضي، مجدي بيومي، عزت همام، وحاتم مهدي قناوي صاحب قنوات بانوراما دراما، وفتح هؤلاء خزانهم للإنفاق ببذخ حتى أن أحد المتطلعين تبرع بمليون جنية للمحافظة لشراء كمامات وصابون ومطهرات للمدارس في بداية العام الدراسي لمواجهة مرض أنفلونوا الخنازير.
بالإضافة إلى المئات من لافتات التهاني سواء بالأعياد الإسلامية أو المسيحية أو الوطنية؛ مما دفع المحافظ السابق الدكتور عزت عبد الله إلى إزالة هذه اللافتات من الشوارع وإجبار أصحابها على دفع رسوم للسماح بوجودها بالشوارع، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار لافتات التهاني بشكل مبالغ فيه.
بل تخطى الأمر ذلك، حيث يتم إصدر 12 صحيفة إقليمة تحمل اسم بني سويف مثل وطني بني سويف، صحيفة الحزب الوطني، صوت بني سويف، وأخبار بني سويف، وأنباء بني سويف و … وكل هذه الصحف باستثناء صحيفة الحزب حاصلة على تراخيص من قبرص. وهذه الصحف مثال سييء للصحافة؛ فهذه الصحف ترفع من شأن من يدفع لها علنًا وتهاجم من يمتنع عن الدفع، ويستغل المتطلعين هذه الصحف لإبراز ناشطهم وجولاتهم وتحركاتهم حتى أن البعض إنشاء عدد من الصحف لموسم الانتخابات فقط.
فهل هؤلاء المتطلعين يرغبون في خوض الانتخابات حبًا في خدمة الناس؟ لو كانوا حريصين على الناس لتبراعوا بمبالغ الحملات الانتخابية والتي تصل إلى عدة ملايين لأحد المستشفيات أو دور الأيتام أو إنشاء مستوصف خيري أو دفع الرسوم الدراسية للطلاب الأيتام، كما أن وجود رجال الأعمال بمجلس الشعب, والذي من المفترض أنه يسن القوانين للتخفيف عن الناس وحل مشاكلهم وتنظيم معاملاتهم بشكل قانوني، أدى إلى أن يصبح مجلس لرجال الأعمال يسن القوانين التي تدافع عن مصالحهم.
هذا بالإضافة إلى أن اهتمامات رجال الأعمال تختلف تمامًا عن اهتمامات الإنسان العادي. كيف لرجال الأعمال أن يدركوا مشاكل ومتاعب الإنسان البسيط، وهم يعيشون داخل القصور الفخمة ويركبون السيارات الفارهة التي تقدر بمئات الآلاف. وسيكون هناك تباعد بين النواب من رجال الأعمال وبين مواطني الدائرة، وأين لرجال الأعمال الوقت لبحث مشاكل أبناء الدائرة والإلتقاء بهم كل فترة وهم دائمًا دائمي التحرك والسفر؛ فاختراع مكاتب خدمة المواطنين والتي تتلقى شكاوي أبناء دائرة أعضاء مجلس الشعب فكرة رجال الأعمال، فكان من المتعارف عليه أن يخصص النائب يوم الجمعة من كل إسبوع للقاء أبناء الدائرة ويبحث مشاكلهم حتى دخل رجال الأعمال المجلس الموقر، فهدف رجال الأعمال من دخول مجلس الشعب هو الحصول على الحصانة لقيامهم بأعمال وتجاوزات غير قانونية، وأن هناك مصالح خاصة يرغبون في إنهائها عن طريق حصانة مجلس الشعب.
فلابد أن يكون أعضاء مجلس الشعب من عامة الناس ومن الشخصيات المعروفة في محيطها وتتصف بالأمانة، طهارة اليد، السمعة الطيبة، حب الخير، الرغبة الحقيقية في خدمة الناس، وإدراك مشاكل الناس الحقيقية.
http://www.copts-united.com/article.php?A=15874&I=395