مايكل فارس
بقلم: مايكل فارس
سؤال من الصعب الإجابة عليه.. كيف يفكر المصريون..؟
أي مجتمع يتعرض لأزمة يفكر لحلها.. ولكن السؤال هو ما هي المرجعية الفكرية التي نستند إليها لحل الأزمة؟
هل مرجعيتنا الفكرية تعتمد على المشاعر والأحاسيس والعواطف والعادات والتقاليد والحلال والحرام!!!
أم أنها مرجعية فكرية منطقية عقلانية تعتمد على الأسباب والنتائج وأن لكل نتيجة أسبابها المنطقية التي أدت إليها..!!
للأسف الشديد يختلط علينا الأمر.. فعندما نتعرض لأزمة نفكر بشكل خاطئ، جزء عاطفي يعتمد على العادات والتقاليد وجزء قليل ونادراً ما نستخدمه وهو الجزء المنطقي.. لذا لا نستطيع مواجهة أي أزمة نمر بها، وللأسف نجد بُعد آخر أثناء مواجهة الأزمة وهو طريقة النظر إليها، فأي مجتمع يفشل في حل أزماته يسأل أحد السؤالين:
السؤال الأول: ما الأسباب التي أدت بنا إلى ذلك؟
السؤال الثاني: ماذا فعل بنا الآخرون لكي نصبح هكذا؟
السؤال الأول الذي يعتمد على النقد الذاتي للمجتمع للوقوف على أخطاءه وأسبابها، وما هي العيوب الذاتية في عمق المجتمع سواء من ثقافة أو تراث أو تاريخ أو عادات أومظاهر دينية جوفاء وكيفية معالجتها.
أما السؤال الثاني الذي يتبنى فكره المؤامرة من الخارج وكيف أن العدو الخارجي يفعل المستحيل لاختراقك، ولكن الواقع أن الخارج وجدك ضعيف ومنهك وسلبي لذا فجاء فقط لينتهزك ويستغلك... فلو كنت قوي لما أستطاع اختراقك!
وللأسف لا زلنا في مصر نسأل السؤال الثاني.. ماذا فعل بنا الآخر؟ وهو نفس السؤال الذي يسأله أي إنسان فاشل في حياته، ولكن كل الدول المتقدمة والتي كانت يوماً ما متخلفة سألت السؤال الأول، وخلال عشرون سنة أصبحت من كبريات الدول مثل ماليزيا والصين وسنغافورا وتايوان... ولكن نحن لنا تفكيرنا الخاص الذي يعتمد على الحلال والحرام والعادات والتقاليد ونظرية (المؤامرة).
تلك النظرة التي تُخضع أي شيء نتعرض له إلى قيمة دينية بحتة.. عندما يتقدم العالم ليقول بنظرية نقل الأعضاء نأتي نحن لنراها حلال أم حرام... فنخضع أي شيء للقيم الدينية والتي تحفظ لنا ماء وجوهنا لأنه في أعماق نفوسنا نحن أبعد ما يمكن عن جوهر الدين.
قضية دارفور ومحاكمة البشير تحولت لقضية حرب الغرب المسيحي ضد البشير المسلم، وقضية فلسطين تحولت إلى تحالف الغرب المسيحي مع إسرائيل اليهودية ضد غزة المسلمة، في قضية نشر ثقافة حقوق الانسان وترشيد المنهج الدراسي في المدارس وحذف النصوص الدينية في مواد اللغة العربية لأنها تدرس أيضاً للمسيحين تحولت إلى قضية حرب على الإسلام.
لماذا تبدو لنا كل قضايانا متعلقة بالدين بالرغم من أنه داخل نفوسنا لا نذكره إلا في أحلك الأوقات.. تلك الأوقات التي يشعر الإنسان بالضعف.. ويرى كل من حوله تركوه.
الوحدة.. ذلك الإحساس الذي يراودنا كثيراً ونحن الذين نستدعيه حينما قلبنا يضيق عن استيعاب مشاكلنا.. في تلك الأوقات يظهر الله فجأة في حياتنا فهو المنقذ وهو الملاذ.. فأين كان في وقت الفرح وأين كان وقت العيش في رغد الدنيا؟.. أم أن استدعاء (حلال المشاكل) وقت المشاكل وبعدها انتهى دوره.
منافقون... كل شخص منافق.. ينافق نفسه.. وحصيلة هذه النفاقات مجتمع الولايات المنافقة المصرية التي تتاجر بالله.. وتحيل إليه القضايا المستعصية والتي عجزوا عن حلها.
لقد حولنا كل قضايانا التي عجزنا عن حلها بلا استثناء إلى ذلك الحنّان المنّان، حولنا تقدم الغرب وتخلف الشرق إلى ابتعاد الشرق عن الله مما أدى بهم إلى الفشل.
لا زال السؤال قائم.. كيف نفكر؟
عندما نقول أن روسيا أكبر ثاني ترسانة عسكرية في العالم تستورد طائرات من غير طيارين من إسرائيل ونحن نستورد الأقلام من الصين.. فكيف نفكر؟؟
عندما تكون ميزانية إسرائيل على البحث العلمي تفوق مصر وكل الدول العربية متجمعة بمئات الملايين.. فكيف نفكر؟
عندما نكفّر ونحرق البهائيين المصريين أمثالنا لأنهم مختلفون معنا في معتقدهم الديني.. فكيف نفكر؟
عندما تزوّر الحكومة إرادة الشعب بانتخابات مزوة.. فكيف نفكر؟
متى نرى المنطق والعقل يحكمنا؟ متى نرى المساواة والعدل ثقافة تسري في دمائنا؟
لا زالت ثغرة التفكير قائمة في مجتمع يجب أن يصحح مرجعيته الفكرية أثناء التفكير ليرى الأمور بمنظار الأسباب والنتائج وليس العادات والتقاليد والقيم الدينية التي تم تأويلها خطأ.
وأن يراعى جيداً أن سبب فشل أي أمة على الأرض هي نفسها وليس ما فعله الاخرون فيها.
http://www.copts-united.com/article.php?A=1590&I=43