زهير دعيم
بقلم: زهير دعيم
" فأرى الدمَ وأعبر عنكم..."
جملة صغيرة، ولكنّها أزلية، مُطمئِنة، صادقة، تُريح النَّفْس البشريّة، وتهدم أركان الخوف، فيغفو المرء وهو لا يخشى شيئًا؛ يغفو وفي فمه ترنيمة جديدة.
جملة قديمة حملتها السّماء إلى الارض قبل آلاف السنين، فردّدها النيل العظيم، وما زال صداها يرنّ في كلّ الأرجاء.
جملة زادها الصّليب وقعًا وتأكيدًا وجمالاً، بل حقيقة لوّنها الصليب بالدم القاني، فاغتسلت النفوس وانتشت ورفعت الهام تتحدّى.. ومازالت تركض خلف الموت وهو يعدو أمامها مذعورًا، مُذلا ومهانًا.
ما أجمل يسوع وهو مُعلّقٌ بين الأرض والسّماء !!
إنه الأحلى والأجمل من كلّ ملوك الأرض.
إنّه الأعظم والأكثر حنانًا وحبًّا للبشرية من كل العظماء والحكماء والقادة....
ففي ألمه منجاتنا !
وفي جَلدته شفاؤنا !
وبدمه خلاصنا!
وبقيامته حياتنا وعزنا، وبإكليل الشوك الذي لبسه ارتفعت قيمة التيجان، فتاجه الشوكيّ الذي انغرست شوكاته في رأسه لهو أجمل وأعظم من تيجان القياصرة والأباطرة والملوك على مدى العصور والأزمان.
عندما أزور قبرك الفارغ يا سيّدي في أورشليم أرتعش، وأحاول أن أتلمّس المكان الذي قدّسته بجسدك الطّاهر، ولكن سرعان ما أن أرفع رأسي إلى فوق وأضحك...
إنّه السيّد في الأعالي، إنّه يُنير أورشليم الجديدة.... فالسيّد حقًّا ليس هنا.. من تطلبون؟ يأتيني الصوت... ليس هنا.. لقد قام.. إنّه فوقكم ومعكم... إنّه ليس هنا، فما استطاع الموت أن يُمسك به... لقد قهره في عقر داره وجرّه مُهانًا بين أتباعه.
إنّه ليس هنا !!...إنه في السّماء.
إنه في قلبك وفي كل القلوب المُحبّة، التائبة والمؤمنة .
إنّه في الكلمة المكتوبة والشريعة الرائعة.. إنّه يملأ الأرض والسماء والأكوان ..التمسه هناك.
نحبّكَ يا مَن أحببتنا حتى الموت، ونفتخر بكَ يا من تدخل والأبواب مُغلقة .
نحبّكَ يا من تُطل من سمائك في كلّ لحظة قائلاً: "تعالوا إليّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم " .
نحبّك ونفتخر بك يا من أخرست العاصفة وأفحمت الشيطان، ونثرت دُررَك فوق تلالنا وجبالنا وأوديتنا، فأزهرت زنبقًاً يملأ أريجه العالم.
يسوع الغالي؛ المقام من بين الأموات؛ جبل الزيتون ينتظر عودتك... ونحن أيضًا ننتظر أن تعود، ففي عودتك مسرّة ما فوقها مسرّة.
يسوع!! إكليلك الشوكيّ أعظم من كلّ التيجان !!!
http://www.copts-united.com/article.php?A=15987&I=398