BBC Arabic
مزرعة موشاف التعاونية في نيتيف حسارا جنوبي إسرائيل على الحدود مع قطاع غزة خضراء.. فيها يفوح عبق الياسمين وأزهار البرتقال.
هنا في الصوبات الزراعية الضخمة يزرع كل شيئ.. من خضار وفواكه.
الأصوات والروائح معهودة في إسرائيل في فصل الربيع، إلا أن هناك حديثا يجري بلغة غير مألوفة ـ التايلندية.
تقول روني كايدر التي تدير قسما لإنتاج البذور في المزرعة "كل العمال هنا تقريبا من تايلندة".
وتضيف "حاولنا دفع الإسرائيليين للعمل هنا، لكنه صعب بالنسبة إليهم، فالحرارة في الصوبات الزراعية عالية جدا".
أسالها "هم أرقى من ذلك؟" تجيب ضاحكة "ربما".
تقول الحكومة الإسرائيلية إن هناك نحو 28 ألف عامل تايلندي يعملون بشكل قانوني في إسرائيل.
ومع قرب المزارع من الحدود مع غزة هناك خطر إطلاق المسلحين الفلسطينيين صواريخ داخل إسرائيل.
الشهر الماضي شهدت المنطقة مقتل مزارع تايلندي كان أول شخص يقتل في إسرائيل خلال أكثر من عام بواسطة صاروخ أطلقه مسلحون فلسطينيون في غزة.
عمالة زهيدة الثمن
لكن المزايا بالنسبة لكثيرين تستحق المجازفة.
" أقبض هنا نحو ألف دولار شهريا"، يقول كاي الذي يصر على إعطاء اسمه الأول فقط. "وهذا ضعف ما يمكن أن أحصله في بلدي".
عمل كاي هنا منذ أربعة أعوام ونصف، ويتبقى له ستة أشهر حتى تنقضي صلاحية التأشيرة التي منحت له.
وهو يقوم بأعمال كان يؤديها أفراد قوة عاملة رخيصة أخرى لا تبعد كثيرا.
فمزرعة نيتيف حسارا تقع على الحدود مع غزة، وحين تقف قرب الصوبات الزراعية يمكنك فعليا لمس الجدار الذي يفصل إسرائيل عن قطاع غزة.
فالمسافة بين نيتيف حسارا ومعبر إيريتز ـ نقطة التفتيش بين غزة وإسرائيل ـ أقل من كيلومتر.
ولا يسمح هذه الأيام إلا لعدد ضئيل بالعبور.
العاطلون عن العمل
إلا أنه حتى بداية الانتفاضة الثانية عام 2000 وتشديد إسرائيل قبضتها على الحدود كان الآلاف من أهالي غزة يمرون عبر المعبر للعمل في المزارع الإسرائيلية.
أقابل أحدهم بالقرب من منزله الصغير في بيت حانون.
على الجدران آثار الرصاص من الهجوم الإسرائيلي على غزة قبل عام ونصف.
خليل زينة عاطل عن العمل مثل 40% من سكان غزة.
عمل على مدى 17 عاما في تربية النحل وقطف الأزهار في التعاونية حيث توجد مزرعة روني كايدر الآن.
يقول لي "بعد الانتفاضة بدأ الإسرائيليون في استخدام العمالة الأجنبية وكان علينا المكوث في منازلنا.
"هذا يشعرني بالحزن. فالعمال الفلسطينيون ماهرون جدا".
ويضيف أنه لا يزال يتصل هاتفيا بأصدقاء له ممن تعرف عليهم في إسرائيل.
روني كيدر تقول إنهم يعتبرون العمال الغزاويين "جزءا من الأسرة".
وتضيف "كنا نحضر حفلات الزفاف وأعياد الميلاد في غزة، وكانوا يأتون ويتناولون الطعام عندنا".
ورغم إقرارها أن "من الجنون" استقدام عمال من النصف الآخر للكرة الأرضية فيما توجد هناك قوة ضخمة عاطلة عن العمل قريبة منها، إلا أنها تتفهم عدم السماح للفلسطينيين بدخول إسرائيل.
وتضيف "إنه الإرهاب"، مضيفة أنه عندما كانت الحدود مفتوحة كانت هناك عمليات انتحارية في مدن مثل تل أبيب".
وتضيف "كان الوضع أفضل بكثير حين كان يسمح للفلسطينيين بالعبور. أتمنى أن يتبدل الوضع".
http://www.copts-united.com/article.php?A=16115&I=401