لماذا لا يبالي النظام المصري بمطالب الأقباط العادلة؟؟

صبحي فؤاد

بقلم: صبحي فؤاد
زوجة مسيحية طلقها زوجها بعد أن اعتنق الإسلام.. وبسرعة البرق ذهب الزوج إلى الجهات المعنية في دولة مصر العادلة، وقام بتغير ديانة أولاده الاثنين الصغار لكي يصبحوا رُغمًا عن أنفهم ومعارضة أمهم مسلمين!! قامت الأم منذ سنوات بالاعتراض إلى الجهات المختصة، فأصدرت جهة قضائية حكمها بأحقية الأم في حضانة الطفلين طبقا للقانون على شريطة أن تعطي الفرصة لهما عند بلوغهم السن القانونية باختيار البقاء مع الأم أو العيش مع الأب .
وعند بلوغ الأطفال السن القانونية قرروا البقاء مع أمهم والاستمرار في ممارسة ديانتهم المسيحية وعدم تغييرها.. بعدها حاولت الأم إقناع القضاء المصري بإثبات ديانة أولادها المسيحية في الأوارق الرسمية إلا أن المحكمة والقضاء المصري رفضوا وأصروا على أن الأولاد مسلمين ضاربين عرض الحائط بالنص الدستوري الذي يقر بحق المواطن المصري في اختيار ديانته، وفتوى من أحد شيوخ الأزهر تؤيد مطلب الأم العادل !!!

الأم المسكينة حائرة.. تعيش في عذاب بدأ منذ سنوات عديدة بسبب هذا الوضع الشاذ العجيب الذي وجدت نفسها فيه بعد دخول زوجها الإسلام وتعنت بعض رجال القضاء وإصرارهم على تطبيق نصوص الشريعة الإسلامية على غير المسلمين وتجاهل بقية نصوص الدستور والقوانين الدولية بما فيها قوانين حقوق الإنسان وهو ما يعد قمة الظلم وضربًا بحرية العبادة والمواطنة.
إن القاضي الذي حكم مؤخرًا برفض طلب الأم بإثبات ديانة أولادها المسيحيين في الأوراق الرسمية لا شك أنه استند إلى النص الدستوري الذي ينص على أن ديانة الدولة الإسلام.. ولولا وجود هذا النص لما تجرأ هذا القاضي غير العادل على تجاهل النص الآخر الموجود في الدستور والذي يعطي حرية الاختيار للمواطن المصري في اختيار ديانته.. وقوانين المواطنة التي "صدعنا" بها كبار المسئولين في الدولة .

ومنذ سنوات والأقباط داخل مصر وخارجها يطالبون النظام بإلغاء هذا النص الموجود في الدستور الذي أدخله الرئيس الراحل محمد أنور السادات لإرضاء المتطرفين وتمزيق وحدة الشعب المصري ولكن المسئولين لا يبالون.. ولا يهتمون.. ليس خوفا من جماعة الإخوان المسلمين أو الجماعات الإسلامية الأخرى أو المتطرفين، وإنما لمواصلة لُعبتهم ألا وهي الخلط بين الدين والسياسة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية والاستمرار في إلهاء الشعب بلعبة الطائفية الملعونة ومن ثم لا يجدون وقتا كافيًا لمحاسبة النظام والمسئولين في الدولة على فشلهم المخزي في توفير لقمة العيش لملايين الغلابة ووظائف للعاطلين وخدمات صحية وتعليمية وإسكانية وغيرها للشعب.

أريد أن اعرف ما شأن الدولة بديانتك أو ديانتي.. أعبد حمارًا أو جاموسة أو صنمًا ألست أنا حرًا طبقا للدستور المصري والقوانين الدولية التي وقعت عليها مصر؟ ..أليس هذا هو كلام الدستور المصري؟ لماذا يطبق القاضي نصًا بعينه ويتجاهل وجود النص العادل الآخر؟؟ وهل لو كان الأب مسلمًا ودخل المسيحية كان سيتم تطبيق القانون بنفس الطريقة أم أن الحكم كان سيكون مختلفا تمامًا؟؟ إن جميع القضاة العادلين في جميع دول العالم يأخذون بعين الاعتبار أن الرحمة والعدل والاعتبارات الإنسانية فوق جميع نصوص القانون، أما في مصر؛ فللأسف كل شيء أصبح يدخل فيه الإسلام ونصوص الشريعة الإسلامية وكل ما يخدم الإسلام ويزيد من تعداد المسلمين داخل مصر حتى لو كان بإجبارهم بقوة القانون بالدخول إليه رغمًا عن أنفهم وأنف "أبوهم" والقانون المدني والدولي!!!
إنني أدعو الأقباط في الداخل والخارج بالتمسك بمطالبهم العادلة والتي يأتي في مقدمتها إلغاء نص الدين والشريعة من الدستور وعدم التنازل أو الاستسلام للضغوط أو الوعود الكاذبة التي يسمعونها من بعض صغارالمسئولين لإسكاتهم وامتصاص غضبهم ..

وأدعوهم لتوحيد أنفسهم وجهودهم على كافة المستويات لأن في الوحدة قوة كما علمونا ونحن أطفال صغار.. وأطالبهم أيضًا بالإسراع بالانضمام للأحزاب السياسية سواء داخل مصر أو في بلاد المهجر، لأنه بدون المشاركة السياسية لن يصل صوتهم إلى كبار المسئولين ولن يكترث بمطالبهم العادلة أحد.. كما أني أدعوهم للعمل بجدية وجهد أكبر لكسب المزيد من دعم وتعضيد إخوتهم المسلمين المعتدلين في مصر والعمل معهم من أجل الدفاع عن قضاياهم العادلة التي في نهاية المطاف تخدم الصالح العام في مصر والسلام الاجتماعي ووحدة أبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين .
أما بخصوص مطلب الأم المسيحية المسكينة - الذي رفضه القضاء المصري - إثبات ديانة أولادها المسيحيين في الأوراق الرسمية، فإنني أدعو كبار رجال الدولة وبصفة خاصة وزير العدل، لإعادة النظر في قضيتها ورفع الظلم الواقع عليها وعلى أولادها وتحقيق مطلبها الإنساني العادل.

Sobhy@iprimus.com.au