جرجس وهيب
بقلم: جرجس وهيب
كان أحد أهداف البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك توفير شقق سكنية وقطع أراضي بناء للمقبلين على الزواج، وبالفعل تم توفير قطع أراضٍ لجميع المتقدمين فيما يعرف بمشروع "ابنى بيتك" أو كما أطلق عليه البعض "اخرب بيتك أو ابني بيتهم"، فالفكرة في حدة ذاتها رائعة ويُشكر عليها الرئيس مبارك، ولكن للأسف الشديد تم إفشال مبادرة الرئيس من قِبل مسئولي وزارة الإسكان بكافة الطرق، فمنذ تسلم الأرض، اكتشف عدد كبير من المنتفعين بُعد هذه الأراضي عن الأماكن المأهولة بالسكان، والتي قد تصل إلى 30 كيلو مترًا، وعدم وجود وسائل مواصلات، ووقوعها في مناطق صخرية يصعب التعامل معها خلال أعمال الحفر والبناء، وكان هناك عدد من الشروط غير المبررة.. فتم طلب عدد من الأوراق لإصدار الترخيص لم يستفِد منها المنتفع بشيء؛ مثل شهادة إشراف المهندس، شهادة المقاول، وتقرير الجسة، وتكلفة هذه الأوراق تصل إلى حوالي 3 آلاف جنيه..
ثم جاء بعد ذلك دور حفر هذه القطع، ويسيطر على مواقع "ابني بيتك" بمختلف المحافظات مجموعة من العرب يتاجرون في كل شيء من حفر وتوريد مواد البناء ومقاولي خرسانات، فالقطعة الواحدة تتكلف حفر من 1000 جنيه إلى 5000 جنيه، حسب نوع التربة إن كانت رملية أو صخرية في حين أن تلك المساحة تتكلف في الأماكن المأهولة بالسكان حوالي من 200 جنيه إلى 1000 جنيه على أقصى تقدير، ويضطر المستفيد من مشروع "ابني بيتك" إلى شراء المياه من نفس المجموعة بحوالي 200 جنيه للجرار الواحد، وتركت وزارة الإسكان شباب "ابني بيتك" فريسة لمافيا "الخفر"، فهم من يدرون كل شيء داخل الموقع والويل كل الويل لمن يجرأ على تحديهم ومخالفتخم..
وكان لابد لكل مرحلة من مراحل البناء الثلاث أن تنتهي في ثلاثة شهور حتى يحصل المنتفع على الدعم الذي قررته الدولة بواقع 5 آلاف جنيه عن كل مرحلة، فوقع الشاب فريسة لمافيا تجار الأوراق الخاصة بالتراخيص، ثم مافيا الخفر، ثم مافيا مقاولي الخرسانات الذين بالغوا مبالغة كبيرة في أسعار التكلفة والتي وصلت إلى 7 آلاف جنيه لأعمال الخرسانة الخاصة بالسمل والعمدان في حين أن تكلفتها في الأماكن المأهولة تقل عن النصف، ومافيا البناء حيث وصل سعر الـ 1000 طوبة 120 جنيهًا، في حين أن تكلفتها داخل الأماكن الماهولة حوالي 80 جنيهًا فقط، بالإضافة إلى مافيا توريد الأسمنت والرمال والزلط، ومافيا النجارين والحدادين.
كما أُجبر الحاصلون على أراضي "ابني بيتك" على تشطيب الجزء الخارجي من المبنى دون الداخل بتلكفة تصل إلى 17 ألف جنيهًا، على سبيل "الضحك على الذقون" والتباهى بتنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي وخلق مجتمعات عمرانية وسط الصحراء، وعلى الرغم من إجبار مستفيدي "ابني بيتك" على تنفيذ المرحلة الثالثة، إلا أن جهاز مدينة بني سويف على سبيل المثال لم ينفذ المطلوب منه من إنهاء شبكات المياه والصرف والرصف، فلماذا إذن يُنهي المستفيد المرحلة الثالثة في حين أنه لا يستطيع العيش فيها قبل 10 سنوات على الأقل؟!
ونستخلض من كل ذلك أن فكرة المشروع جيدة، ولكن التنفيذ سيء، فكان لابد قبل تسليم هذه الأراضي أن يتم توصيل المرافق من مياه وكهرباء وصرف صحي، ومنح المشروع لإحدى شركات البناء الكبرى لإنهاء المشروع، ويتم تقسيط تكاليف البناء على عدة سنوات، إلا أن هذا لم يحدث مما خلق صراعًا من أجل الاستخواذ على المقاولين مما أدى إلى مضاعفة تكاليف البناء عدة مرات.
لقد تساءل عدد كبير من مستفيدي "ابني بيتك"، كيف تترك الدولة الشركات التي حصلت على الآلاف من الأفدنة منذ أكثر من 10 سنوات بغرض الاستصلاح والبناء ولم تشرع في أعمال الزراعة والبناء حتى الآن مثل شركات الوليد بن طلال وتمارس شروطًا تعسفية على الشباب "الغلابة" الذين استدانوا من أجل توفير سكن لهم ولأبنائهم؟ كما أن تحديد مساحة البناء على 67 مترًا فقط من مساحة القطعة البالغة 150 مترًا كان أحد سلبيات المشروع، بالإضافة إلى تأخر صرف الدعم المخصص بواقع 5 آلاف جنيه فور الانتهاء من كل مرحلة من مراحل البناء الثلاث، وعلى الرغم من ذلك تم إجبار مستفيدي "ابني بيتك" على الالتزام بمواعيد التسليم بغض النظر عن صرف الدعم، وإجبار المستفدين أيضًا على كل شيء، بدءًا من تخطيط المبنى وصولاً لألوان الطلاء..
للأسف أوشك المشروع على الانتهاء ولم يتم تلاشي هذه السلبيات على الرغم من شكاوي المستفدين المستمرة.. فلكم الله يا شباب "اخرب بيتك".
http://www.copts-united.com/article.php?A=16165&I=403