الإخوة الزملاء في تركيا

علي سالم

علي سالم
أوجه رسالتي إلى الكتاب الزملاء في تركيا، وبكلمة زملاء أقصد كل هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم حراسا للحضارة الإنسانية. ولا تعني كلمة الزملاء كل من يحمل قلما، بل تتسع لتشمل كل الفنانين والمبدعين الذين يشكلون بحق الوعي العام في تركيا.. تحية طيبة، أما بعد..

استبدت بي الحيرة فترة طويلة بحثا عن إجابة لسؤال يتعلق بسلوك الحكومة التركية، وأقصد مساندتها القوية لجماعة الإخوان المصرية، وهو ذلك الموقف غير المفهوم والذي لا تشاركها فيه حكومة أخرى على وجه الأرض. لقد علمتنا الدنيا أن الناس يعملون وفقا لما يعتقدون أنه يحقق لهم الخير والمصلحة والسلامة، فما هو يا ترى ذلك الخير الذي سيعود على الشعب التركي بمساندة حكومته لجماعة دينية متطرفة تمارس في مصر القتل والتخريب بمشاركة زميلاتها من التشكيلات المسلحة المتطرفة؟

هذا هو السؤال الذي فشلت في العثور على إجابة عنه، لذلك قررت اللجوء لكم بوصفكم أكثر مني فهما لما يدور في بلادكم، وأكثر وعيا بما تفعله حكومتكم. هذا هو بالضبط ما أطلب منكم الإجابة عنه.. لماذا تساند الحكومة التركية جماعة متطرفة مضحية بعلاقات كان من الممكن أن تكون طبيعية ومثمرة مع أهم وأقوى الدول العربية وأكثرها استقرارا؟

لا مستقبل للتطرف في منطقتنا. لن تنجح جماعة الإخوان المصرية بكل روافدها الدولية وزعانفها في المنطقة في حكم مصر مرة أخرى. هي فقط ستنجح في شيء واحد هو الإساءة لسمعة حكومتكم في العالم كله.

من تجربة حكم الجماعة لمصر أثبت التاريخ أن الجماعة الدينية المتطرفة عندما تعمل بالسياسة وتصل إلى الحكم، انقلابا كما حدث في غزة أو من خلال صناديق الاقتراع كما حدث في مصر، فهي لا تعمل عند الشعب لتحقيق مصلحته، بل تظل تعمل عند الجماعة، وبذلك تصب كل إنجازاتها في ما ترى فيه مصلحة للجماعة، حتى لو كان تحقيق هذه المصلحة يشكل للشعب نفسه خسائر فادحة.

القانون الأوحد الذي تلتزم به الجماعة الدينية المتطرفة هو مصلحة الجماعة ومصلحة أعضاء الجماعة، هذا هو ما اكتشفه المصريون في فترة حكمهم، وهو أيضا ما شاهده العالم أجمع في حكم جماعة حماس لقطاع غزة.. وأعود فأذكر أن حماس هي الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المصرية التي تساندها الآن بكل قوة الحكومة التركية.

الحرب الدائرة الآن في المنطقة العربية هي حرب الهجوم على حضارة البشر والدفاع عنها، أو على الأقل ذلك الجزء الذي تمكنا من إنجازه بعد آلاف السنين.

ولا أعتقد أن عاقلا في تركيا أو في أي مكان آخر على وجه الأرض يرى أن جماعة الإخوان المصرية هي جبهة مدافعة عن حضارة الإنسان بأي مقياس من المقاييس، فلماذا تقف حكومتكم مساندة لهم في حرب حتما سيخسرونها، أم هو الحنين إلى الماضي بغير أدوات لتحقيقه في غير عصره؟
يا زملائي في تركيا، يا إخوتي، يا حراس العقل والعلم والحضارة، ما هو المكسب الذي سيعود على الشعب التركي من مساندة حكومته لجماعة إرهابية؟
ali.salemplaywright@yahoo.com
نقلآ عن الشرق الأوسط

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع