مادلين نادر
بقلم : مادلين نادر
إلى الآن تحدث المعجزات بشفاعته، فهو قديس عاش في بلادنا في ستينيات القرن الماضي، وحتى الآن يتشفع به الكثير من المسيحيين داخل مصر وخارجها، وخاصة البسطاء منهم.. وكل عام في الأسبوع التالي لعيد القيامة تحتفل الكنيسة القبطية بعيد نياحته.. إنه القديس أبونا عبد المسيح المناهري.
وُلد القديس عبد المسيح المناهري أو سمعان عام 1892م في مركز مطاي بمحافظة المنيا من أبويين تقيين قاما بتربيته تربية مسيحية وكذا الاهتمام بحياته الروحية، كان والده يُدعى "حنين" ووالدته اسمها "إستير".. ولم يهتم والداهُ بحياته الروحية فحسب، بل لقد عمل سمعان بالزراعة وتربية المواشي مع والده، وبالرغم من أنه لم يلتحق بمدرسة في ذلك الوقت، إلا أنه تعلم القراءة والكتابة اجتهاديًا.
وعندما كان سمعان في مرحلة الشباب، اشتاقت نفسه إلى الرهبنة، لذلك ذهب إلى دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون عدة مرات، وفي كل مرة كان والده يذهب إليه كي يعيده إلى المنزل إذ كان يحتاج لمعاونته في العمل، فلقد كان هو ابنه الوحيد، وكان في كل مرة عندما يُجبره والده على العودة إلى المنزل، يموت عدد كبير من المواشي التى يملكها والده.. فعرف الأب أن هناك علاقة بين منعه لابنه من الذهاب للدير، وبين ما يحدث، فتكلم مع ابنه وقال له إنه محتاج إليه لمساعدته في العمل وفي الحياة فهو ابنه الوحيد.. ورد سمعان عليه قائلاً: "إن أعطاك الرب ولدًا غيري هل تتركني أذهب للدير؟" فأجاب والده بالإيجاب، وبالفعل بصلوات سمعان أعطى الرب أبيه ولدًا آخر ُسمي حنّا.. ثم بعد ذلك ذهب سمعان إلى دير أنبا مقار ببرية شيهيت وترهبن هناك باسم عبد المسيح المقاري، وكان ذلك سنة 1914م.
وقد سمع البابا يوأنس التاسع عشر البطريرك 113 عن سيرة وفضائل القس عبد المسيح المقاري، فأراد رسامته أسقفًا، ولم يكن القديس يريد ذلك، فادعى الجنون حتى طرده البطريرك من المقر البابوي، وقد استمر بعد ذلك في هذا الادعاء للهروب من المجد الباطل، فكان كثيرًا ما يقول إنه يريد الزواج.. وقد سكن بعد نزوله من الدير قرية المناهرة ولذلك يُلقب بالمناهري.
* حياة العطاء والبساطة:
لقد كان أبونا القديس عبد المسيح المناهري يهتم بالعطاء للمحتاجين بسخاء، وكانت حياته رمزًا للبساطة وعدم الاهتمام بالمقتنيات الأرضية، فلقد كانت قلايته مبنية من الطوب اللبن وغير مبيضة من الداخل، فكان مثالاً عاليًا لحياة الرهبنة.
** نخلة المناهري:
* كانت هناك نخلة بقرية المناهرة وهي تسمى حتى الآن بـ "نخلة أبونا عبد المسيح المناهري"، وترجع قصتها إلى أن أبينا عبد المسيح كان يجلس ذات يوم في وسط جماعة من المناهرة، وكان يكبرهم المرحوم المقدس حنا يواقيم.. وكانت هناك نخلة صغيرة لا يزيد ارتفاعها عن نصف متر ولها حوالي خمس ورقات ولصغرها لم تثمر بعد، فبدأ المقدس حنا يمازح القديس، كنوع من التسلية، فقال له: "يا أبونا عبد المسيح إيه رأيك في النخلة دي ها تطرح أحمر؟ فقال القديس عكسه أصفر، ثم عكس المقدس حنا وقال أصفر، فقال القديس أحمر، وهكذا كلما يقول المقدس حنا عن لون البلح يقول القديس عكسه، وأخيرًا قال القديس: هاتطرح أصفر وأحمر"، وقد وضع الحاضرون القول في ذاكرتهم وقد كان أن النخلة تطرح سنويًا بلحًا نصفه أحمر والنصف الثاني أصفر، وهي موجودة حتى الآن.
** شال "أبونا عبد المسيح":
* شال "أبونا عبد المسيح المناهري" سمع عنه الكثيرون بعد نياحته، وهناك عديدٌ من المعجزات تمت من خلال هذا الشال الذي ظهر في عام 1992 بعد نياحته بحوالي ثلاثين عامًا، ولهذا الشال قصة قالها الأستاذ مختار سعد الذي قدم له أبونا عبد المسيح الشال.. حيث قال أستاذ مختار صاحب أحد محلات التطريز: "إنه كان جالسًا في محله في يوم الثلاثاء 8 ديسمبر 1992، وأثناء عمله بالتطريز بالمحل وكان ذلك حوالي الساعة السادسة مساءً، نظر إلى خارج المحل وهو جالس مكانه على الماكينة، وشاهد شخصًا يرتدي جلبابًا قديمًا وفوقه "جاكتة" قديمة وعلى رأسه "طاقية"، وألقى بالسلام فرد عليه، فنظر إليه الأستاذ مختار وقال له.. "أي خدمة"، فقال له: "إنت عندك صورة أبونا عبد المسيح" فقال له: "نعم"، فقال له: "وريهالي كدة".. فأمسك الصورة وقبلها وأعطاها للرجل، وفوجىء به يضع شالاً على الماكينة التي أمامه.. كما فؤجىء أيضًا به يضع الشال ولم يخرجه من جيبه ولم يأخذه من على كتفه أو من أي جهةٍ، ثم خرج وأثناء خروجه بالصورة التفت إليه وقال له: "هو فين صاحب الصورة".. فقال الأستاذ مختار: "هو كان قاعد في المناهرة وبعد كدا اختفى".
و لقد فعل هذا الشال معجزة مع الأستاذ مختار نفسه أولاً، حيث كان مصابًا بالجلطة قبل حدوث هذا الموقف معه في شهر يوليو 1992، وكان يشعر بحالة من التعب والإعياء الشديد بسبب الجلطة، ولكنه وفي إحدى المرات وإذ كان في حالة تعب شديد وضع الشال على رأسه فزال التعب.. ومن ذلك الوقت أصبح الشال بركة شفاء العديد من الناس في جميع أنحاء العالم..
** نياحته
تنيح أبونا عبد المسيح بسلام في صباح يوم عيد القيامة 6 برمودة سنة 1679 ش، الموافق 14 إبريل سنة 1963م، وكان منذ يوم أحد الشعانين في الأحد السابق لنياحته يقول: "أنا سوف أُكلل وأفرح يوم العيد" ولم يكن أحد يصدّقه ظانين أنه يدعي الجنون كعادته.
** المراجع :
(1) أنبا مينا مطران جرجا: كتاب: سيرة قديس معاصر القس عبد المسيح المقاري.
كتاب: سيرة قديس معاصر القس عبد المسيح المقاري.
http://www.copts-united.com/article.php?A=16329&I=407