سيمفونية الألم إشراقة أمل لمصر!!

نسيم عبيد عوض

بقلم : نسيم عبيد عوض
شجرة الحرية لأي أمة أو وطن ترويها عصارات غذائية تأتي من آلام الكفاح والجهاد المستمر مهما كلف البشر من معاناة وآلام جسدية وأخرى نفسية وأخرى روحية, والآلام الجسدية تصيب الجسد من قتل وضرب مع اختلاف أنواعه وأساليبه, وشجرة حرية أي وطن في العالم ترتوي من هذه الآلام وتنتعش وتثمر لمزيد من الحريات أو تحافظ على بقاء حرياتها ضد انتهاكات السياسيين ورجال الدولة من حكومة أو من إداراتها التنفيذية والتشريعية والقضائية وضد رئاسة الدولة نفسها، يعيش فيها المواطن في كرامة وحرية دفع ثمنها غيره من المجاهدين وأبطال الكفاح.

ونحن جميعًا نشاهد الأبطال التيلانديين الآن في كفاحهم يسقط منهم القتلى والجرحى ولكنهم لم يتوقفوا, هذه هي سيمفونية الألم التي أقصدها والتي هي رحيق الحرية لأي شعب في العالم, وفي أعرق الدول المتمتعة بديمقراطية وحرية سياسية مازالت شجرة حريتها ترتوي من سيمفونية آلام مواطنيها المستمر بالكفاح من أجل إبقاء نسيم الحرية نقيا لا يفسده أي غبار يلوث حريتها. وترتوي شجرة الحرية لأي أمة وتتغذى على الآلام والمعاناة بكافة أنواعها:

أولاً: ضربات الجسد وهى التي تستهدف جسد الموطنين, ففي كفاحهم لحرية بلادهم أو من أجل حرية عقيدتهم الدينية أو حرية التعبير وحرية إبداء الرأي من أجل انتخابات حرة أو ضد الفساد أو العبودية ضد دكتاتورية الحاكم, أو ضد ممارسة المواطنين لعبادتهم يهلكون جسدهم في سبيل تلك الأهداف, فسقوط أولادنا في شوارع نجع حمادي وديروط وبهجورة وفرشوط وبمعنى أوضح على كل شوارع مصر خلال العقود الماضية مصرع هؤلاء القتلى برصاص غادر سواء يقف خلفه إمام ديني متخلف أو سياسي مجرم أو خفافيش الظلام التي تعمل تحت قيادات الدولة وتختفي وراءها إهلاك أجساد شهدائنا هذا يروى بدمه شجرة الحرية ومستقبل الوطن, والصحوة التي تعيشها الأمة المصرية بكل طوائف شعبها حاليًا سببها الرئيسي دماء شهدائنا في نجع حمادي.
ومن أجل ذلك خرج الشعب مسلميه وأقباطه في شوارع مصر يطالبون بحرية وطنهم وموطنيهم وأعتقد أنهم مستمرون حتى يتحقق التغيير المطلوب, وأصبح شبابنا لا يهاب آلام الجسد, لقد كسروا حاجز الخوف والرعب من جلاديهم وخصوصًا أنهم يعيشون في معاناة وجوع, حياة رفاهية لأقلية لا تتعدى 1% من الشعب والباقي لا يجد ما يسد فمه بلقمة خبز نظيفة, آلام جسده أصبحت عنده سيمفونية يعزفها من أجل  حرية بلده.
وعندي لكم مشهدين على مسمع ومرأى شعب مصر كله ورجال الشرطة يقهرون ويضربون ويهينون أفراد الشعب ولا مغيث, ولحسن الحظ كان هناك

شهود من دول أجنبية وقع عليهم ما للشعب المصري:
1-  سيمفونية أربعة شبان يوم 6 أبريل الماضي:
اتفقت جانيت وفتحي ومايكل وسارة يوم 6 أبريل الماضي أن يشاركوا في المظاهرة التي ستبدأ من ميدان التحرير وتنتهي عند مجلس الشورى, وبعد لف ودوران استطاعوا أن يتحاشوا بوليس العاصمة ويبدءوا المظاهرة والهتاف أمام مجلس الشورى و(فجأة حاصرونا بمئات العساكر وبدءوا فينا ضرب –هذا ما تقوله ابنتنا الشجاعة جانيت عبد العليم– وبدءوا في خطفنا واحد بعد الآخر ويتم سحلنا وضربنا قدام أعين المتظاهرين الذين استمروا في الهتاف ( يا أبو دبورة ونسر وكاب.. غاوي ليه ضرب الشباب).. ولقيتنى بأتشد من جوه كردون المتظاهرين ولقتنى بتضرب وبتسحل وأخدونى داخل جراج ومعى شبان كتير وهات فينا يا ضرب –منهم محمد عواد وعبد الرحمن فارس- وكانت إصاباتنا في العين والأذرع والأضلاع وطبعًا كله هدهمة اتقطعت عليه من الضرب.
وتنتهي رحلة العذاب والضرب أنهم رموهم من عربة الترحيل في الشوارع وتركوهم يعانون آلام وكسور وجراحات لا طاقة عليهم باستحمالها (وهذا طبعًا بخلاف الذين قبضوا عليهم وأودعوهم السجون) ومع رحلة الشباب في بوكس البوليس أخذوا أوراق وأقلام وكتبوا شعارات (يسقط مبارك- لا للغلاء- عاوزين تغيير الدستور) وعلقوا الشعارات على البوكس من خلف رجال الشرطة ورآها الشعب في الشوارع قبل أن يكشفها رجال الشرطة, رحلة هلاك جسدي يوم كامل – 6أبريل- لم تستطع أن تحبط هؤلاء الشباب , الذين بعد رميهم في الشارع وقفوا على أرجلهم وذهبوا مستمرين في كفاحهم.
أليست هذه سيمفونية؟؟.. صدقوني لقد بهرت بعد أن قرأت هذه العذابات وسميتها سيمفونية, وهى حقًا  رحيق وغذاء لشجرة حرية مصر بأكملها. ألستم معي فخورين بشباب مصر، وللعلم كتبت عنهم كل وكالات الأنباء بل وكبريات الصحف مثل الديلى نيوز والواشنطن بوست وأذاعت الـ  "بي بي سى" مقاطع من المظاهرة.

2- تظاهر واعتصام المصريين في الكويت: وكما نقلت لنا وكالات الأنباء أن جموع من المصريين العاملين بدولة الكويت قاموا مساء يوم الجمعة الماضي بالتجمع والاعتصام أمام مركز سلطان الواقع على شارع الخليج العربي وكان هؤلاء المتظاهرين يعلنون تأييدهم للمعارضة المصرية التي تكافح من أجل التغيير في الشارع السياسي المصري, وفي المقابل تعامل البوليس الكويتي الذي لا يفهم بطولية هؤلاء المصريين في كفاحهم والوقوف مع إخوانهم في بلدهم بتقرير ترحيلهم عن أعمالهم المتعاقدين عليها وعودتهم لبلدهم مصر عقابًا لهم.
وهكذا سيدفع المواطن المصري مقابل مساندة المعارضة المصرية الثمن غاليا وهو ترحيله وقطع عيشه, وهذه ضربة جسدانية شديدة الألم تصيب عائلات هؤلاء الأبطال الذين يؤمنون بحرية بلدهم مصر ولا يهمهم ما سيحدث لهم من عوز واحتياج. وهذه لغة لا يفهمها الكوايتة البلهاء.أولاد البادية من أولاد الحضارة المصرية.

ثانيًا: ضربات تصيب النفس والروح:
 
 1- وهذا النوع من الضربات يكون أحيانا أقصى من ضربات الجسد, ومستمر بصفة يومية ولكنني أعلق على ضربة وجهت للمسيحيين في عقيدتهم والذي دافع عنها مسلمون أكثر من الأقباط, وكان ذلك على قناة الفراعين وضيوف الحلقة أثنين من المشايخ أو العلماء المسلمين وجه أحدهم الضربة بغباء شديد وبلهجة شيطانية هوجاء (لا أعرف من اسمه إلا رسلان) عندما قال أن المسيحيين يعبدون الأوثان وأن المسيحية عبادة وثنية, طلب الرد علية أحد المسيحيين ورد عليه, لكن كان الرد القوى جاء من زميله الذي معه على الهواء وأنكر إدعائه هذا, لكن الرد الأقوى جاء من اتصال تليفوني من مسلم آخر قال له أنت لست مسلمًا ولا تفهم في الإسلام شيئًا بل أنك تدعو للفتنة الطائفية ووو .. وأبكم الرجل ولم يستطيع الرد..
وهذه طبعًا ضربة تصيبنا نفسيًا وروحيًا لأنها تمس عقيدتنا المسيحية, مع العلم بأن هذا الجاهل والعالم كله يعلم بأن المسيحية جائت لتحطم الأوثان وضد عبودية الأصنام, الله الظاهر في الجسد وهو طفل صغير ابن سنتين يدخل مصر فتتحطم التماثيل والأصنام , بل يقول الله على لسان أشعياء النبي عن دخول السيد المسيح  مصر وصراحة( وحى من جهة مصر. هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها. أش19: 1) والقديس يوحنا في ختام رسالته الأولى يوصى أولاده المؤمنين بـ ( أيها الأولاد أحفظوا أنفسكم من الأصنام. 1يو5: 21) وغيره الكثير في تعاليم المسيحيين.

نحن يا سادة لا نعبد مبنى حجريًا أو حجرًا أسوديًا نحن نعبد الله الواحد.. وطبعًا ليس هذا دفاع عن مسيحيتنا فالله وحده المدافع عن إيماننا الأقدس وهو الماشي وسط المنابر الذهبية ومعنا إلى نهاية الأيام والى انقضاء الدهر.
ولكن أقصد بأن ضربات النفس والروح آلامها تفوق القتل والرجم لأنها هدفها عقيدتي وإيماني, ولكن من صحوة نجع حمادي يقف المسلم اليوم قبل القبطي بالمرصاد لمثل هؤلاء الرعاع الذين يعبثون في الأرض فسادًا باسم الدين والدين منهم براء.

2- إعلام يوجه ضرباته للوقيعة بين نفوس المصريين: بنشر أخبار تشعل البيت نارًا, ومثال ذلك ما حدث من جريدة الدستور وما نشرته يوم السبت 10 أبريل, بخبر مثير (الأمن يمنع تجديد كنيسة سنورس بالفيوم  بالسيراميك ويفرض حراسة عليها وكذلك أشارت الصحيفة إلى أزمة عنيفة بين الكنيسة وأجهزة الأمن على خلفية قيام الأمن بمنع الكنيسة من استكمال أعمال تغيير 180 مترًا لأرضية الكنيسة بالسيراميك.. مع التهديد بإطلاق النار حال استئناف الكنيسة لأعمال التشطيب, وكتب هذا الخبر الصحفي أحمد سيف النصر في صفحة الحوادث والمحاكم) ولأن اللعبة أصبحت مكشوفة, فقد قام الأقباط على الفور وفي نفس اليوم وقبل الاشتعال بالاتصال بالكنيسة التي أكدت إن الخبر كاذب من أساسه ولا صحة أبدًا لأزمة بين الكنيسة والأمن وهكذا انطفأت في الحال بداية حريق ضخم بسبب وعى شبابنا القبطي الذي يعيش في مرحلة الصحوة وفي يديه رياح التغيير المرتقب.

3- تصاريح كنسية مفزعة نفسيًا: خرجت من كنيستنا التي دائمًا تصرح بأنها لا تعمل بالسياسة ولا عمل لها إلا خدمة العقيدة وافتقاد الشعب روحيًا, خرجت تصاريح تقول (إن الحزب الوطني هو الحزب الوطني الحقيقي, وتصريح يقول إن الرئيس مبارك قدير ولديه الكثير من المميزات وإن الكتاب المقدس يعلمنا الخضوع للسلاطين لذلك دعت الكنيسة لتأييده, وآخر يكتب رسالة للسيد الرئيس يحلفه بحفيدته أن يفعل كذا وكذا .. (لا والنبي يا عبده) آباؤنا الأجلاء لو سمحتم أوقفوا مثل هذه التصريحات واتركوا هذا لرأيكم الشخصي ولا تفرضوه على أحد لأن شعبنا في مرحلة الصحوة وعودة الوعي, ولا نريد تحطيمًا لمعابد قد تأخذ معها الأخضر واليابس, فنحن نحارب التهميش وأنتم تدعون إليه.